nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=49وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير .
شرع سبحانه في بيان أحوال من لم تحصل له الهداية إلى الصراط المستقيم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28995ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا وهؤلاء هم
nindex.php?page=treesubj&link=28842_30563المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، فإنهم كما حكى الله عنهم هاهنا ينسبون إلى أنفسهم الإيمان بالله وبالرسول والطاعة لله ولرسوله نسبة بمجرد اللسان ، لا عن اعتقاد صحيح ، ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ثم يتولى فريق منهم أي من هؤلاء المنافقين القائلين هذه المقالة من بعد ذلك أي من بعد ما صدر عنهم ما نسبوه إلى أنفسهم من دعوى الإيمان والطاعة ، ثم حكم عليهم سبحانه وتعالى بعدم الإيمان فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وما أولئك بالمؤمنين أي ما أولئك القائلون هذه المقالة بالمؤمنين على الحقيقة ، فيشمل الحكم بنفي الإيمان جميع القائلين ، ويندرج تحتهم من تولى اندراجا أوليا .
وقيل : إن الإشارة بقوله أولئك راجع إلى من تولى ، والأول أولى .
والكلام مشتمل على حكمين : الحكم الأول على بعضهم بالتولي ، والحكم الثاني على جميعهم بعدم الإيمان .
وقيل : أراد بمن تولى : من تولى عن قبول حكمه - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وقيل : أراد بذلك رؤساء المنافقين ، وقيل : أراد بتولي هذا الفريق رجوعهم إلى الباقين ، ولا ينافي ما تحتمله هذه الآية باعتبار لفظها ورودها على سبب خاص كما سيأتي بيانه .
ثم وصف هؤلاء المنافقين بأن فريقا منهم يعرضون عن إجابة الدعوة إلى الله وإلى رسوله في خصوماتهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48nindex.php?page=treesubj&link=28995وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أي ليحكم الرسول بينهم ، فالضمير راجع إليه ؛ لأنه المباشر للحكم وإن كان الحكم في الحقيقة لله سبحانه ، ومثل ذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62والله ورسوله أحق أن يرضوه و إذا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48إذا فريق منهم معرضون هي الفجائية أي : فاجأ فريق منهم
nindex.php?page=treesubj&link=28803الإعراض عن المحاكمة إلى الله والرسول ، ثم ذكر سبحانه أن إعراضهم إنما هو إذا كان الحق عليهم . وأما إذا كان لهم فإنهم يذعنون لعلمهم بأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يحكم إلا بالحق فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=49وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين [ ص: 1022 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الإذعان الإسراع مع الطاعة ، يقال أذعن لي بحقي أي : طاوعني لما كنت ألتمس منه وصار يسرع إليه ، وبه قال
مجاهد وقال
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=12585وابن الأعرابي : مذعنين مقرين . وقال
النقاش : مذعنين : خاضعين .
ثم قسم الأمر في إعراضهم عن حكومته إذا كان الحق عليهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=28995_29563أفي قلوبهم مرض وهذه الهمزة للتوبيخ والتقريع لهم ، والمرض النفاق أي : أكان هذا الإعراض منهم بسبب النفاق الكائن في قلوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أم ارتابوا وشكوا في أمر نبوته - صلى الله عليه وآله وسلم - وعدله في الحكم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله والحيف الميل في الحكم ، يقال حاف في قضيته أي : جار فيما حكم به ، ثم أضرب عن هذه الأمور التي صدرها بالاستفهام الإنكاري فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50بل أولئك هم الظالمون أي ليس ذلك لشيء مما ذكر ، بل لظلمهم وعنادهم ، فإنه لو كان الإعراض لشيء مما ذكر لما أتوا إليه مذعنين إذا كان الحق لهم ، وفي هذه الآية دليل على وجوب الإجابة إلى القاضي العالم بحكم الله العادل في حكمه ؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء ، والحكم من قضاة الإسلام العالمين بحكم الله العارفين بالكتاب والسنة ، العادلين في القضاء هو حكم بحكم الله وحكم رسوله ، فالداعي إلى التحاكم إليهم قد دعا إلى الله وإلى رسوله أي : إلى حكمهما .
قال
ابن خويز منداد : واجب على كل من دعي إلى مجلس الحاكم أن يجيب ، ما لم يعلم أن الحاكم فاسق .
قال
القرطبي : في هذه الآية دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=28803وجوب إجابة الداعي إلى الحاكم ؛ لأن الله سبحانه ذم من دعي إلى رسوله ليحكم بينه وبين خصمه بأقبح الذم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أفي قلوبهم مرض الآية انتهى .
فإن كان القاضي مقصرا لا يعلم بأحكام الكتاب والسنة ، ولا يعقل حجج الله ومعاني كلامه وكلام رسوله ، بل كان جاهلا جهلا بسيطا ، وهو من لا علم له بشيء من ذلك ، أو جهلا مركبا ، وهو من لا علم عنده بما ذكرنا ، ولكنه قد عرف بعض اجتهادات المجتهدين ، واطلع على شيء من علم الرأي ، فهذا في الحقيقة جاهل ، وإن اعتقد أنه يعلم بشيء من العلم فاعتقاده باطل ، فمن كان من القضاة هكذا فلا تجب الإجابة إليه ؛ لأنه ليس ممن يعلم بحكم الله ورسوله حتى يحكم به بين المتخاصمين إليه ، بل هو من قضاة الطاغوت وحكام الباطل ، فإن ما عرفه من علم الرأي إنما رخص في العمل به للمجتهد الذي هو منسوب إليه عند عدم الدليل من الكتاب والسنة ولم يرخص فيه لغيره ممن يأتي بعده .
وإذا تقرر لديك هذا وفهمته حق فهمه علمت أن
nindex.php?page=treesubj&link=22311التقليد والانتساب إلى عالم من العلماء دون غيره والتقيد بجميع ما جاء به من رواية ورأي وإهمال ما عداه من أعظم ما حدث في هذه الملة الإسلامية من البدع المضلة والفواقر الموحشة فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وقد أوضحنا هذا في مؤلفنا الذي سميناه ( القول المفيد في حكم التقليد ) وفي مؤلفنا الذي سميناه ( أدب الطلب ومنتهى الأرب ) فمن أراد أن يقف على حقيقة هذه البدعة التي طبقت الأقطار الإسلامية فليرجع إليهما .
ثم لما ذكر ما كان عليه أهل النفاق أتبع بما يجب على المؤمنين أن يفعلوه إذا دعوا إلى حكم الله ورسوله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=28995إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا قرأ الجمهور بنصب ( قول ) على أنه خبر كان واسمها أن يقولوا .
وقرأ
علي والحسن وابن أبي إسحاق برفع ( قول ) على أنه الاسم وأن المصدرية وما في حيزها الخبر ، وقد رجحت القراءة الأولى بما تقرر عند النحاة من أنه إذا اجتمع معرفتان وكانت إحداهما أعرف جعلت التي هي أعرف اسما .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه فقد خير بين كل معرفتين ولم يفرق هذه التفرقة ، وقد قدمنا الكلام على الدعوة إلى الله ورسوله للحكم بين المتخاصمين وذكرنا من تجب الإجابة إليه من القضاة ومن لا تجب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51أن يقولوا سمعنا وأطعنا أي أن يقولوا هذا القول لا قولا آخر ، وهذا وإن كان على طريقة الخبر فليس المراد به ذلك ، بل المراد به تعليم الأدب الشرعي عند هذه الدعوة من أحد المتخاصمين للآخر .
والمعنى : أنه ينبغي للمؤمنين أن يكونوا هكذا بحيث إذا سمعوا الدعاء المذكور قابلوه بالطاعة والإذعان .
قال
مقاتل وغيره : يقولون سمعنا قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأطعنا أمره ، وإن كان ذلك فيما يكرهونه ويضرهم ، ثم أثنى سبحانه عليهم بقوله : وأولئك أي المؤمنون الذين قالوا هذا القول هم المفلحون أي الفائزون بخير الدنيا والآخرة .
ثم أردف الثناء عليهم بثناء آخر فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=28995ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون وهذه الجملة مقررة لما قبلها من
nindex.php?page=treesubj&link=28750_30491حسن حال المؤمنين وترغيب من عداهم إلى الدخول في عدادهم والمتابعة لهم في طاعة الله ورسوله والخشية من الله - عز وجل - والتقوى له .
قرأ
حفص ويتقه بإسكان القاف على نية الجزم . وقرأ الباقون بكسرها ؛ لأن جزم هذا الفعل بحذف آخره ، وأسكن الهاء
أبو عمرو وأبو بكر واختلس الكسرة
يعقوب وقالون عن
نافع والمثنى عن
أبي عمرو وحفص وأشبع كسرة الهاء الباقون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : وقراءة
حفص هي على لغة من قال : لم أر زيدا ، ولم أشتر طعاما يسقطون الياء للجزم ثم يسكنون الحرف الذي قبلها ، ومنه قول الشاعر :
قالت سليمى اشتر لنا دقيقا
وقول الآخر :
عجبت لمولود وليس له أب وذي ولد لم يلده أبوان
وأصله يلد بكسر اللام وسكون الدال للجزم ، فلما سكن اللام التقى ساكنان ، فلو حرك الأول لرجع إلى ما وقع الفرار منه ، فحرك ثانيهما وهو الدال .
ويمكن أن يقال إنه حرك الأول على أصل التقاء الساكنين وبقي السكون على الدال لبيان ما عليه أهل هذه اللغة ولا يضر الرجوع إلى ما وقع الفرار منه ، فهذه الحركة غير تلك الحركة ، والإشارة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52فأولئك هم الفائزون إلى الموصوفين بما ذكر من الطاعة والخشية والتقوى أي هم الفائزون بالنعيم الدنيوي
[ ص: 1023 ] والأخروي لا من عداهم .
ثم حكى سبحانه عن المنافقين أنهم لما كرهوا حكمه أقسموا بأنه لو أمرهم بالخروج إلى الغزو لخرجوا فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28995وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن أي لئن أمرتهم بالخروج إلى الجهاد ليخرجن ، و ( جهد أيمانهم ) منتصب على أنه مصدر مؤكد للفعل المحذوف الناصب له أي : أقسموا بالله يجهدون أيمانهم جهدا .
ومعنى ( جهد أيمانهم ) : طاقة ما قدروا أن يحلفوا ، مأخوذ من قولهم جهد نفسه : إذا بلغ طاقتها وأقصى وسعها .
وقيل : هو منتصب على الحال والتقدير : مجتهدين في أيمانهم ، كقولهم افعل ذلك جهدك وطاقتك ، وقد خلط
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري الوجهين فجعلهما واحدا .
وجواب القسم قوله ليخرجن ولما كانت مقالتهم هذه كاذبة وأيمانهم فاجرة رد الله عليهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53قل لا تقسموا أي رد عليهم زاجرا لهم ، وقل لهم لا تقسموا أي : لا تحلفوا على ما تزعمونه من الطاعة والخروج إلى الجهاد إن أمرتم به ، وهاهنا تم الكلام .
ثم ابتدأ فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة وارتفاع ( طاعة ) على أنها خبر مبتدأ محذوف أي : طاعتهم طاعة معروفة بأنها طاعة نفاقية لم تكن عن اعتقاد ويجوز أن تكون مبتدأ ؛ لأنها قد خصصت بالصفة ، ويكون الخبر مقدرا أي : طاعة معروفة أولى بكم من أيمانكم ، ويجوز أن ترتفع بفعل محذوف أي : لتكن منكم طاعة أو لتوجد ، وفي هذا ضعف ؛ لأن الفعل لا يحذف إلا إذا تقدم ما يشعر به .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ( طاعة ) بالنصب على المصدر لفعل محذوف أي : أطيعوا طاعة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53إن الله خبير بما تعملون من الأعمال وما تضمرونه من المخالفة لما تنطق به ألسنتكم ، وهذه الجملة تعليل لما قبلها من كون طاعتهم طاعة نفاق .
ثم أمر الله سبحانه نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يأمرهم بطاعة الله ورسوله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول طاعة ظاهرة وباطنة بخلوص اعتقاد وصحة نية ، وهذا التكرير منه تعالى لتأكيد وجوب الطاعة عليهم ، فإن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53قل لا تقسموا طاعة معروفة في حكم الأمر بالطاعة ، وقيل : إنهما مختلفان ، فالأول نهي بطريق الرد والتوبيخ ، والثاني أمر بطريق التكليف لهم والإيجاب عليهم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فإن تولوا خطاب للمأمورين ، وأصله فإن تتولوا فحذف إحدى التاءين تخفيفا ، وفيه رجوع من الخطاب مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الخطاب لهم لتأكيد الأمر عليهم والمبالغة في العناية بهدايتهم إلى الطاعة والانقياد ، وجواب الشرط قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم أي فاعلموا أنما على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما حمل مما أمر به من التبليغ وقد فعل ، وعليكم ما حملتم أي : ما أمرتم به من الطاعة ، وهو وعيد لهم ، كأنه قال لهم : فإن توليتم فقد صرتم حاملين للحمل الثقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه تهتدوا إلى الحق وترشدوا إلى الخير وتفوزوا بالأجر ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وما على الرسول إلا البلاغ المبين مقررة لما قبلها ، واللام إما للعهد فيراد بالرسول نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإما للجنس فيراد كل رسول ، والبلاغ المبين : التبليغ الواضح أو الموضح .
قيل يجوز أن يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فإن تولوا ماضيا وتكون الواو لضمير الغائبين ، وتكون هذه الجملة الشرطية مما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يقوله لهم ، ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة ، والأول أرجح . ويؤيده الخطاب في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وعليكم ما حملتم وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه تهتدوا ويؤيده أيضا قراءة
البزي ( فإن تولوا ) بتشديد التاء وإن كانت ضعيفة لما فيها من الجمع بين ساكنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28995_19877_29677_29680وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات هذه الجملة مقررة لما قبلها من أن طاعتهم لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سبب لهدايتهم ، وهذا وعد من الله سبحانه لمن آمن بالله وعمل الأعمال الصالحات بالاستخلاف لهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم من الأمم ، وهو وعد يعم جميع الأمة .
وقيل : هو خاص بالصحابة ، ولا وجه لذلك ، فإن الإيمان وعمل الصالحات لا يختص بهم ، بل ويمكن وقوع ذلك من كل واحد من هذه الأمة ، ومن عمل بكتاب الله وسنة رسوله فقد أطاع الله ورسوله ، واللام في
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم في الأرض جواب لقسم محذوف ، أو جواب للوعد بتنزيله منزلة القسم ؛ لأنه ناجز لا محالة ، ومعنى ليستخلفنهم في الأرض : ليجعلنهم فيها خلفاء يتصرفون فيها تصرف الملوك في مملوكاتهم ، وقد أبعد من قال إنها مختصة
بالخلفاء الأربعة ، أو
بالمهاجرين ، أو بأن المراد بالأرض أرض
مكة ، وقد عرفت أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وظاهر قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كما استخلف الذين من قبلهم كل من استخلفه الله في أرضه فلا يخص ذلك
ببني إسرائيل ولا أمة من الأمم دون غيرها .
قرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كما استخلف بفتح الفوقية على البناء للفاعل . وقرأ
عيسى بن عمر وأبو بكر والمفضل عن
عاصم بضمها على البناء للمفعول ، ومحل الكاف النصب على المصدرية أي : استخلافا كما استخلف ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم معطوفة على ليستخلفنهم داخلة تحت حكمه كائنة من جملة الجواب ،
nindex.php?page=treesubj&link=30478والمراد بالتمكين هنا : التثبيت والتقرير أي : يجعله الله ثابتا مقررا ويوسع لهم في البلاد ويظهر دينهم على جميع الأديان ، والمراد بالدين هنا : الإسلام ، كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3ورضيت لكم الإسلام دينا [ المائدة : 3 ] ذكر سبحانه وتعالى الاستخلاف لهم أولا ، وهو جعلهم ملوكا ، وذكر التمكين ثانيا ، فأفاد ذلك أن هذا الملك ليس على وجه العروض والطروء ، بل على وجه الاستقرار والثبات ، بحيث يكون الملك لهم ولعقبهم من بعدهم ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا معطوفة على التي قبلها .
قرأ
ابن كثير وابن محيصن ويعقوب وأبو بكر ( ليبدلنهم ) بالتخفيف من أبدل ، وهي قراءة
الحسن واختارها
أبو حاتم . وقرأ الباقون بالتشديد من بدل واختارها
أبو عبيد ، وهما لغتان ، وزيادة البناء تدل على زيادة المعنى ، فقراءة التشديد أرجح من قراءة التخفيف .
قال
النحاس : وزعم
أحمد بن [ ص: 1024 ] يحيى ثعلب أن بين التخفيف والتثقيل فرقا ، وأنه يقال بدلته أي : غيرته ، وأبدلته : أزلته وجعلت غيره . قال
النحاس ، وهذا القول صحيح .
والمعنى : أنه سبحانه يجعل لهم مكان ما كانوا فيه من الخوف من الأعداء أمنا ، ويذهب عنهم أسباب الخوف الذي كانوا فيه بحيث لا يخشون إلا الله سبحانه ولا يرجون غيره .
وقد كان المسلمون قبل الهجرة وبعدها بقليل في خوف شديد من المشركين ، لا يخرجون إلا في السلاح ولا يمسون ويصبحون إلا على ترقب لنزول المضرة بهم من الكفار ، ثم صاروا في غاية الأمن والدعة وأذل الله لهم شياطين المشركين وفتح عليهم البلاد ، ومهد لهم في الأرض ومكنهم منها ، فلله الحمد ، وجملة يعبدونني في محل نصب على الحال ويجوز أن تكون مستأنفة مسوقة للثناء عليهم ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لا يشركون بي شيئا في محل نصب على الحال من فاعل يعبدونني أي : يعبدونني ، غير مشركين بي في العبادة شيئا من الأشياء ، وقيل : معناه : لا يراءون بعبادتي أحدا ، وقيل : معناه : لا يخافون غيري ، وقيل : معناه لا يحبون غيري
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28995ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون أي من كفر هذه النعم بعد ذلك الوعد الصحيح ، أو من استمر على الكفر ، أو من كفر بعد إيمان ، فأولئك الكافرون هم الفاسقون ، أي الكاملون في الفسق . وهو الخروج عن الطاعة والطغيان في الكفر .
وجملة وأقيموا الصلاة معطوفة على مقدر يدل عليه ما تقدم ، كأنه قيل لهم فآمنوا واعملوا صالحا وأقيموا الصلاة ، وقيل : معطوف على وأطيعوا الله وقيل : التقدير : فلا تكفروا وأقيموا الصلاة .
وقد تقدم الكلام على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وكرر الأمر بطاعة الرسول للتأكيد وخصه بالطاعة ؛ لأن طاعته طاعة لله ، ولم يذكر ما يطيعونه فيه لقصد التعميم كما يشعر به الحذف على ما تقرر في علم المعاني من أن مثل هذا الحذف مشعر بالتعميم ، لعلكم ترحمون أي افعلوا ما ذكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول راجين أن يرحمكم الله سبحانه .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28995لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض قرأ
ابن عامر وحمزة وأبو حيوة ( لا تحسبن ) بالتحتية بمعنى : لا تحسبن الذين كفروا ، وقرأ الباقون بالفوقية أي : لا تحسبن يا
محمد ، والموصول المفعول الأول ، ومعجزين الثاني ؛ لأن الحسبان يتعدى إلى مفعولين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وأبو علي .
وأما على القراءة الأولى ، فيكون المفعول الأول محذوفا أي : لا يحسبن الذي كفروا أنفسهم .
قال
النحاس : وما علمت أحدا بصريا ولا كوفيا إلا وهو يخطئ قراءة
حمزة ، ومعجزين معناه : فائتين . وقد تقدم تفسيره وتفسير ما بعده .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
قتادة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ويقولون آمنا بالله وبالرسول الآية قال : أناس من المنافقين أظهروا الإيمان والطاعة ، وهم في ذلك يصدون عن سبيل الله وطاعته وجهاد مع رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - .
وأخرجوا أيضا عن
الحسن قال :
إن الرجل كان يكون بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فإذا دعي إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو محق أذعن وعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سيقضي له بالحق ، وإذا أراد أن يظلم فدعي إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أعرض وقال : أنطلق إلى فلان ، فأنزل سبحانه : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وإذا دعوا إلى الله ورسوله إلى قوله : هم الظالمون فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه إلى حكم من حكام المسلمين فلم يجب ، فهو ظالم لا حق له .
قال
ابن كثير بعد أن ساق هذا المتن ما لفظه : وهذا حديث غريب وهو مرسل . وقال
ابن العربي : هذا حديث باطل ، فأما قوله : فهو ظالم ، فكلام صحيح . وأما قوله : فلا حق له ، فلا يصح . ويحتمل أن يريد أنه على غير الحق انتهى .
وأقول : أما كون الحديث مرسلا فظاهر . وأما دعوى كونه باطلا فمحتاجة إلى برهان ، فقد أخرجه ثلاثة من أئمة الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم كما ذكرنا ، ويبعد كل البعد أن يتفق عليهم ما هو باطل ، وإسناده عند
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم هكذا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل ، حدثنا
مبارك ، حدثنا
الحسن فذكره . وليس في هؤلاء كذاب ولا وضاع .
ويشهد له ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
الحسن عن
سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020947من دعي إلى سلطان فلم يجب ، فهو ظالم لا حق له انتهى .
ولا يخفاك أن قضاة العدل وحكام الشرع الذين هم على الصفة التي قدمنا لك قريبا هم سلاطين الدين المترجمون عن الكتاب والسنة ، المبينون للناس ما نزل إليهم .
وأخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : أتى قوم للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالوا : يا رسول الله لو أمرتنا أن نخرج من أموالنا لخرجنا ، فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
مقاتل في الآية قال : ذلك شأن الجهاد ، قال يأمرهم أن لا يحلفوا على شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة قال أمرهم أن يكون منهم طاعة معروفة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من غير أن يقسموا .
وأخرج
ابن المنذر عن
مجاهد nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة يقول : قد عرفت طاعتهم أي : إنكم تكذبون به .
وأخرج
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما عن
علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020948قدم nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : أرأيت إن كان علينا أمراء يأخذون منا الحق ولا يعطونا ؟ قال : فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13433وابن قانع nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
علقمة بن وائل الحضرمي عن
سلمة بن يزيد الجعفي قال : قلت يا رسول ، فذكر نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
ابن الزبير عن
جابر أنه سأل : إن كان علي إمام فاجر فلقيت معه أهل ضلالة أقاتل أم لا ؟ قال : قاتل أهل الضلالة أينما وجدتهم ، وعلى الإمام ما حمل وعليكم ما حملتم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وابن مردويه عن
البراء في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم الآية . قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
أبي العالية قال :
كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين [ ص: 1025 ] يدعون إلى الله وحده ، وعبادته وحده لا شريك له سرا ، وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال ، حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموا المدينة ، فأمرهم الله بالقتال ، وكانوا بها خائفين ، يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح ، فغبروا بذلك ما شاء الله ، ثم إن رجلا من أصحابه قال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبد الدهر نحن خائفون هكذا ؟ ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع فيه السلاح ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم : لن تغبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليست فيهم حديدة ، فأنزل الله nindex.php?page=treesubj&link=32286 : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض إلى آخر الآية ، فأظهر الله نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - على
جزيرة العرب ، فأمنوا ووضعوا السلاح .
ثم إن الله قبض نبيه فكانوا كذلك آمنين في إمارة
أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا وكفروا النعمة ، فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفع عنهم ، واتخذوا الحجر والشرط ، وغيروا فغير ما بهم .
وأخرج
ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط
والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ،
والضياء في المختارة عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
المدينة وآوتهم
الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحد ، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه ، فقالوا : أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله ، فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني لا يشركون بي شيئا قال : لا يخافون أحدا غيري .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد وابن المنذر عن
مجاهد مثله ، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون العاصون . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
أبي العالية قال : كفر بهذه النعمة ، ليس الكفر بالله . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
قتادة nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57معجزين في الأرض قال : سابقين في الأرض .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=49وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ .
شَرَعَ سُبْحَانَهُ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ مَنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْهِدَايَةُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28995وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا وَهَؤُلَاءِ هُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28842_30563الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ وَيَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ هَاهُنَا يَنْسُبُونَ إِلَى أَنْفُسِهِمِ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَالطَّاعَةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ نِسْبَةً بِمُجَرَّدِ اللِّسَانِ ، لَا عَنِ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ ، وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ أَيْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الْقَائِلِينَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا صَدَرَ عَنْهُمْ مَا نَسَبُوهُ إِلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ دَعْوَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ ، ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعَدَمِ الْإِيمَانِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ أَيْ مَا أُولَئِكَ الْقَائِلُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، فَيَشْمَلُ الْحُكْمُ بِنَفْيِ الْإِيمَانِ جَمِيعَ الْقَائِلِينَ ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُمْ مِنْ تَوَلَّى انْدِرَاجًا أَوَّلِيًّا .
وَقِيلَ : إِنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ أُولَئِكَ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ تَوَلَّى ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
وَالْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى حُكْمَيْنِ : الْحُكْمُ الْأَوَّلُ عَلَى بَعْضِهِمْ بِالتَّوَلِّي ، وَالْحُكْمُ الثَّانِي عَلَى جَمِيعِهِمْ بِعَدَمِ الْإِيمَانِ .
وَقِيلَ : أَرَادَ بِمَنْ تَوَلَّى : مَنْ تَوَلَّى عَنْ قَبُولِ حُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ، وَقِيلَ : أَرَادَ بِذَلِكَ رُؤَسَاءَ الْمُنَافِقِينَ ، وَقِيلَ : أَرَادَ بِتَوَلِّي هَذَا الْفَرِيقِ رُجُوعَهُمْ إِلَى الْبَاقِينَ ، وَلَا يُنَافِي مَا تَحْتَمِلُهُ هَذِهِ الْآيَةُ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهَا وُرُودِهَا عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .
ثُمَّ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ يُعْرِضُونَ عَنْ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فِي خُصُومَاتِهِمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48nindex.php?page=treesubj&link=28995وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَيْ لِيَحْكُمَ الرَّسُولُ بَيْنَهُمْ ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ وَ إِذَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ هِيَ الْفُجَائِيَّةُ أَيْ : فَاجَأَ فَرِيقٌ مِنْهُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=28803الْإِعْرَاضَ عَنِ الْمُحَاكَمَةِ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ إِعْرَاضَهُمْ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ . وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُذْعِنُونَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِالْحَقِّ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=49وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [ ص: 1022 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الْإِذْعَانُ الْإِسْرَاعُ مَعَ الطَّاعَةِ ، يُقَالُ أَذْعَنَ لِي بِحَقِّي أَيْ : طَاوَعَنِي لِمَا كُنْتُ أَلْتَمِسُ مِنْهُ وَصَارَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ ، وَبِهِ قَالَ
مُجَاهِدٌ وَقَالَ
الْأَخْفَشُ nindex.php?page=showalam&ids=12585وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : مُذْعِنِينَ مُقِرِّينَ . وَقَالَ
النَّقَّاشُ : مُذْعِنِينَ : خَاضِعِينَ .
ثُمَّ قَسَّمَ الْأَمْرَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْ حُكُومَتِهِ إِذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=28995_29563أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَهَذِهِ الْهَمْزَةُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ لَهُمْ ، وَالْمَرَضُ النِّفَاقُ أَيْ : أَكَانَ هَذَا الْإِعْرَاضُ مِنْهُمْ بِسَبَبِ النِّفَاقِ الْكَائِنِ فِي قُلُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَمِ ارْتَابُوا وَشَكُّوا فِي أَمْرِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَعَدْلِهِ فِي الْحُكْمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ وَالْحَيْفُ الْمَيْلُ فِي الْحُكْمِ ، يُقَالُ حَافَ فِي قَضِيَّتِهِ أَيْ : جَارَ فِيمَا حَكَمَ بِهِ ، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي صَدَّرَهَا بِالِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ ، بَلْ لِظُلْمِهِمْ وَعِنَادِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِعْرَاضُ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لَمَا أَتَوْا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ إِذَا كَانَ الْحَقُّ لَهُمْ ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبٍ الْإِجَابَةِ إِلَى الْقَاضِي الْعَالِمِ بِحُكْمِ اللَّهِ الْعَادِلِ فِي حُكْمِهِ ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْحُكْمُ مِنْ قُضَاةٍ الْإِسْلَامِ الْعَالِمِينَ بِحُكْمِ اللَّهِ الْعَارِفِينَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، الْعَادِلِينَ فِي الْقَضَاءِ هُوَ حُكْمٌ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ ، فَالدَّاعِي إِلَى التَّحَاكُمِ إِلَيْهِمْ قَدْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ أَيْ : إِلَى حُكْمِهِمَا .
قَالَ
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ : وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ دُعِيَ إِلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ أَنْ يُجِيبَ ، مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْحَاكِمَ فَاسِقٌ .
قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28803وُجُوبِ إِجَابَةِ الدَّاعِي إِلَى الْحَاكِمِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَمَّ مَنْ دُعِيَ إِلَى رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ بِأَقْبَحِ الذَّمِّ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=50أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ الْآيَةَ انْتَهَى .
فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مُقَصِّرًا لَا يَعْلَمُ بِأَحْكَامِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَلَا يَعْقِلُ حُجَجَ اللَّهِ وَمَعَانِيَ كَلَامِهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ ، بَلْ كَانَ جَاهِلًا جَهْلًا بَسِيطًا ، وَهُوَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ جَهْلًا مُرَكَّبًا ، وَهُوَ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ بِمَا ذَكَرْنَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ عَرَفَ بَعْضَ اجْتِهَادَاتِ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَاطَّلَعَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الرَّأْيِ ، فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ جَاهِلٌ ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ فَاعْتِقَادُهُ بَاطِلٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنَ الْقُضَاةِ هَكَذَا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَعْلَمُ بِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ إِلَيْهِ ، بَلْ هُوَ مِنْ قُضَاةِ الطَّاغُوتِ وَحُكَّامِ الْبَاطِلِ ، فَإِنَّ مَا عَرَفَهُ مِنْ عِلْمِ الرَّأْيِ إِنَّمَا رُخِّصَ فِي الْعَمَلِ بِهِ لِلْمُجْتَهِدِ الَّذِي هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الدَّلِيلِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُرَخَّصْ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدَهُ .
وَإِذَا تَقَرَّرَ لَدَيْكَ هَذَا وَفَهِمْتَهُ حَقَّ فَهْمِهِ عَلِمْتَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22311التَّقْلِيدَ وَالِانْتِسَابَ إِلَى عَالِمٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ وَالتَّقَيُّدُ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ رِوَايَةِ وَرَأْيِ وَإِهْمَالِ مَا عَدَاهُ مِنْ أَعْظَمِ مَا حَدَثَ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مِنَ الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ وَالْفَوَاقِرِ الْمُوحِشَةِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي مُؤَلَّفِنَا الَّذِي سَمَّيْنَاهُ ( الْقَوْلَ الْمُفِيدَ فِي حُكْمِ التَّقْلِيدِ ) وَفِي مُؤَلَّفِنَا الَّذِي سَمَّيْنَاهُ ( أَدَبَ الطَّلَبِ وَمُنْتَهَى الْأَرَبِ ) فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي طَبَّقَتِ الْأَقْطَارَ الْإِسْلَامِيَّةَ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِمَا .
ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ النِّفَاقِ أَتْبَعَ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَفْعَلُوهُ إِذَا دُعُوا إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=28995إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ ( قَوْلَ ) عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَاسْمُهَا أَنْ يَقُولُوا .
وَقَرَأَ
عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ بِرَفْعِ ( قَوْلُ ) عَلَى أَنَّهُ الِاسْمُ وَأَنَّ الْمَصْدَرِيَّةَ وَمَا فِي حَيِّزِهَا الْخَبَرُ ، وَقَدْ رَجَّحْتُ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى بِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ النُّحَاةِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ مَعْرِفَتَانِ وَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا أَعْرَفَ جُعِلَتِ الَّتِي هِيَ أَعْرَفُ اسْمًا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فَقَدْ خَيَّرَ بَيْنَ كُلِّ مَعْرِفَتَيْنِ وَلَمْ يُفَرِّقْ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ ، وَقَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَذَكَرْنَا مَنْ تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ مِنَ الْقُضَاةِ وَمَنْ لَا تَجِبُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=51أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا أَيْ أَنْ يَقُولُوا هَذَا الْقَوْلَ لَا قَوْلًا آخَرَ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْخَبَرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ تَعْلِيمُ الْأَدَبِ الشَّرْعِيِّ عِنْدَ هَذِهِ الدَّعْوَةِ مِنْ أَحَدِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ لِلْآخَرِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا هَكَذَا بِحَيْثُ إِذَا سَمِعُوا الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ قَابَلُوهُ بِالطَّاعَةِ وَالْإِذْعَانِ .
قَالَ
مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ : يَقُولُونَ سَمِعْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَطَعْنَا أَمْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يَكْرَهُونَهُ وَيَضُرُّهُمْ ، ثُمَّ أَثْنَى سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ : وَأُولَئِكَ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَيِ الْفَائِزُونَ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
ثُمَّ أَرْدَفَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ بِثَنَاءٍ آخَرَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=28995وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28750_30491حُسْنِ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرْغِيبِ مَنْ عَدَاهُمْ إِلَى الدُّخُولِ فِي عِدَادِهِمْ وَالْمُتَابَعَةِ لَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْخَشْيَةِ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَالتَّقْوَى لَهُ .
قَرَأَ
حَفْصٌ وَيَتَّقْهِ بِإِسْكَانِ الْقَافِ عَلَى نِيَّةِ الْجَزْمِ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا ؛ لِأَنَّ جَزْمَ هَذَا الْفِعْلِ بِحَذْفِ آخِرِهِ ، وَأَسْكَنَ الْهَاءَ
أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ وَاخْتَلَسَ الْكَسْرَةَ
يَعْقُوبُ وَقَالُونُ عَنْ
نَافِعٍ وَالْمُثَنَّى عَنْ
أَبِي عَمْرٍو وَحَفْصٍ وَأَشْبَعَ كَسْرَةَ الْهَاءِ الْبَاقُونَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : وَقِرَاءَةُ
حَفْصٍ هِيَ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ : لَمْ أَرْ زَيْدًا ، وَلَمْ أَشْتَرْ طَعَامًا يُسْقِطُونَ الْيَاءَ لِلْجَزْمِ ثُمَّ يُسَكِّنُونَ الْحَرْفَ الَّذِي قَبْلَهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا دَقِيقًا
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
عَجِبْتُ لِمَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ وَذِي وَلَدٍ لَمْ يَلْدَهُ أَبَوَانِ
وَأَصْلُهُ يَلِدْ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ لِلْجَزْمِ ، فَلَمَّا سَكَّنَ اللَّامَ الْتَقَى سَاكِنَانِ ، فَلَوْ حَرَّكَ الْأَوَّلُ لَرَجَعَ إِلَى مَا وَقَعَ الْفِرَارُ مِنْهُ ، فَحَرَّكَ ثَانِيهِمَا وَهُوَ الدَّالُّ .
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ حَرَّكَ الْأَوَّلَ عَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَبَقِيَ السُّكُونُ عَلَى الدَّالِ لِبَيَانِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ هَذِهِ اللُّغَةِ وَلَا يَضُرُّ الرُّجُوعُ إِلَى مَا وَقَعَ الْفِرَارُ مِنْهُ ، فَهَذِهِ الْحَرَكَةُ غَيْرُ تِلْكَ الْحَرَكَةِ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِمَا ذَكَرَ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْخَشْيَةِ وَالتَّقْوَى أَيْ هُمُ الْفَائِزُونَ بِالنَّعِيمِ الدُّنْيَوِيِّ
[ ص: 1023 ] وَالْأُخْرَوِيِّ لَا مَنْ عَدَاهُمْ .
ثُمَّ حَكَى سُبْحَانَهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَمَّا كَرِهُوا حُكْمَهُ أَقْسَمُوا بِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْغَزْوِ لَخَرَجُوا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28995وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ أَيْ لَئِنْ أَمَرَتْهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ لَيَخْرُجُنَّ ، وَ ( جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ) مُنْتَصِبٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِلْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ النَّاصِبِ لَهُ أَيْ : أَقْسَمُوا بِاللَّهِ يَجْهَدُونَ أَيْمَانَهُمْ جَهْدًا .
وَمَعْنَى ( جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ) : طَاقَةُ مَا قَدَرُوا أَنْ يَحْلِفُوا ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ جَهَدَ نَفْسَهُ : إِذَا بَلَغَ طَاقَتَهَا وَأَقْصَى وُسْعِهَا .
وَقِيلَ : هُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ : مُجْتَهِدِينَ فِي أَيْمَانِهِمْ ، كَقَوْلِهِمُ افْعَلْ ذَلِكَ جَهْدَكَ وَطَاقَتَكَ ، وَقَدْ خَلَطَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ الْوَجْهَيْنِ فَجَعَلَهُمَا وَاحِدًا .
وَجَوَابُ الْقَسَمِ قَوْلُهُ لَيَخْرُجُنَّ وَلَمَّا كَانَتْ مَقَالَتُهُمْ هَذِهِ كَاذِبَةً وَأَيْمَانُهُمْ فَاجِرَةً رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53قُلْ لَا تُقْسِمُوا أَيْ رُدَّ عَلَيْهِمْ زَاجِرًا لَهُمْ ، وَقُلْ لَهُمْ لَا تُقْسِمُوا أَيْ : لَا تَحْلِفُوا عَلَى مَا تَزْعُمُونَهُ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ إِنْ أَمُرْتُمْ بِهِ ، وَهَاهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ .
ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَارْتِفَاعُ ( طَاعَةٌ ) عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : طَاعَتُهُمْ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِأَنَّهَا طَاعَةٌ نِفَاقِيَّةٌ لَمْ تَكُنْ عَنِ اعْتِقَادٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأً ؛ لِأَنَّهَا قَدْ خُصِّصَتْ بِالصِّفَةِ ، وَيَكُونُ الْخَبَرُ مُقَدَّرًا أَيْ : طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَيْمَانِكُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَرْتَفِعَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : لِتَكُنْ مِنْكُمْ طَاعَةٌ أَوْ لِتُوجَدْ ، وَفِي هَذَا ضَعْفٌ ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُحْذَفُ إِلَّا إِذَا تَقَدَّمَ مَا يُشْعِرُ بِهِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ( طَاعَةً ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : أَطِيعُوا طَاعَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَمَا تُضْمِرُونَهُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِمَا تَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُكُمْ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ كَوْنِ طَاعَتِهِمْ طَاعَةَ نِفَاقٍ .
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ طَاعَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً بِخُلُوصِ اعْتِقَادٍ وَصِحَّةِ نِيَّةٍ ، وَهَذَا التَّكْرِيرُ مِنْهُ تَعَالَى لِتَأْكِيدِ وُجُوبِ الطَّاعَةِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي حُكْمِ الْأَمْرِ بِالطَّاعَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ ، فَالْأَوَّلُ نَهْيٌ بِطْرِيقِ الرَّدِّ وَالتَّوْبِيخِ ، وَالثَّانِي أَمْرٌ بِطَرِيقِ التَّكْلِيفِ لَهُمْ وَالْإِيجَابِ عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَإِنْ تَوَلَّوْا خِطَابٌ لِلْمَأْمُورِينَ ، وَأَصْلُهُ فَإِنْ تَتَوَلَّوْا فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا ، وَفِيهِ رُجُوعٌ مِنَ الْخِطَابِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْخِطَابِ لَهُمْ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْعِنَايَةِ بِهِدَايَتِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ أَيْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَا حُمِّلَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّبْلِيغِ وَقَدْ فَعَلَ ، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ أَيْ : مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَهُوَ وَعِيدٌ لَهُمْ ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ : فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَقَدْ صِرْتُمْ حَامِلِينَ لِلْحِمْلِ الثَّقِيلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ تَهْتَدُوا إِلَى الْحَقِّ وَتَرْشُدُوا إِلَى الْخَيْرِ وَتَفُوزُوا بِالْأَجْرِ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا ، وَاللَّامُ إِمَّا لِلْعَهْدِ فَيُرَادُ بِالرَّسُولِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِمَّا لِلْجِنْسِ فَيُرَادُ كُلُّ رَسُولٍ ، وَالْبَلَاغُ الْمُبِينُ : التَّبْلِيغُ الْوَاضِحُ أَوِ الْمُوَضَّحُ .
قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَإِنْ تَوَلَّوْا مَاضِيًا وَتَكُونُ الْوَاوُ لِضَمِيرِ الْغَائِبِينَ ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مِمَّا أُمِرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ ، وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ الْتِفَاتٌ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ . وَيُؤَيِّدُهُ الْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قِرَاءَةُ
الْبَزِّيِّ ( فَإِنْ تَّوَلَّوْا ) بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لِمَا فِيهَا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ سَاكِنِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28995_19877_29677_29680وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ أَنَّ طَاعَتَهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سَبَبٌ لِهِدَايَتِهِمْ ، وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَعَمِلَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَاتِ بِالِاسْتِخْلَافِ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ ، وَهُوَ وَعْدٌ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأُمَّةِ .
وَقِيلَ : هُوَ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ ، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ وَعَمَلَ الصَّالِحَاتِ لَا يَخْتَصُّ بِهِمْ ، بَلْ وَيُمْكِنُ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَمَنْ عَمِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَاللَّامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ جَوَابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ ، أَوْ جَوَابٌ لِلْوَعْدِ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْقَسَمِ ؛ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ لَا مَحَالَةَ ، وَمَعْنَى لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ : لَيَجْعَلَنَّهُمْ فِيهَا خُلَفَاءَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلُوكِ فِي مَمْلُوكَاتِهِمْ ، وَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ
بِالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، أَوْ
بِالْمُهَاجِرِينَ ، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ أَرْضُ
مَكَّةَ ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كُلُّ مَنِ اسْتَخْلَفَهُ اللَّهُ فِي أَرْضِهِ فَلَا يُخَصُّ ذَلِكَ
بِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ دُونَ غَيْرِهَا .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كَمَا اسْتَخْلَفَ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ . وَقَرَأَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ
عَاصِمٍ بِضَمِّهَا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ، وَمَحَلُّ الْكَافِ النَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ : اسْتِخْلَافًا كَمَا اسْتَخْلَفَ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ دَاخِلَةٌ تَحْتَ حُكْمِهِ كَائِنَةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْجَوَابِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30478وَالْمُرَادُ بِالتَّمْكِينِ هُنَا : التَّثْبِيتُ وَالتَّقْرِيرُ أَيْ : يَجْعَلُهُ اللَّهُ ثَابِتًا مُقَرَّرًا وَيُوَسِّعُ لَهُمْ فِي الْبِلَادِ وَيُظْهِرُ دِينَهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ ، وَالْمُرَادُ بِالدِّينِ هُنَا : الْإِسْلَامُ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [ الْمَائِدَةِ : 3 ] ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الِاسْتِخْلَافَ لَهُمْ أَوَّلًا ، وَهُوَ جَعْلُهُمْ مُلُوكًا ، وَذَكَرَ التَّمْكِينَ ثَانِيًا ، فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمُلْكَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْعُرُوضِ وَالطُّرُوءِ ، بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْرَارِ وَالثَّبَاتِ ، بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُلْكُ لَهُمْ وَلِعَقِبِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا .
قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَيَعْقُوبُ وَأَبُو بَكْرٍ ( لَيُبْدِلْنَهُمْ ) بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَبْدَلَ ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ
الْحَسَنِ وَاخْتَارَهَا
أَبُو حَاتِمٍ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ مَنْ بَدَّلَ وَاخْتَارَهَا
أَبُو عُبَيْدٍ ، وَهُمَا لُغَتَانِ ، وَزِيَادَةُ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى ، فَقِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ أَرْجَحُ مِنْ قِرَاءَةِ التَّخْفِيفِ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : وَزَعَمَ
أَحْمَدُ بْنُ [ ص: 1024 ] يَحْيَى ثَعْلَبٌ أَنَّ بَيْنَ التَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ فَرْقًا ، وَأَنَّهُ يُقَالُ بَدَّلْتُهُ أَيْ : غَيَّرْتَهُ ، وَأَبْدَلْتُهُ : أَزَلْتُهُ وَجَعَلْتُ غَيْرَهُ . قَالَ
النَّحَّاسُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَجْعَلُ لَهُمْ مَكَانَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ مِنَ الْأَعْدَاءِ أَمْنًا ، وَيُذْهِبُ عَنْهُمْ أَسْبَابَ الْخَوْفِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَخْشَوْنَ إِلَّا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَلَا يَرْجُونَ غَيْرَهُ .
وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَهَا بِقَلِيلٍ فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، لَا يَخْرُجُونَ إِلَّا فِي السِّلَاحِ وَلَا يُمْسُونَ وَيُصْبِحُونَ إِلَّا عَلَى تَرَقُّبٍ لِنُزُولِ الْمَضَرَّةِ بِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ ، ثُمَّ صَارُوا فِي غَايَةِ الْأَمْنِ وَالدَّعَةِ وَأَذَلَّ اللَّهُ لَهُمْ شَيَاطِينَ الْمُشْرِكِينَ وَفَتَحَ عَلَيْهِمِ الْبِلَادَ ، وَمَهَّدَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَمَكَّنَهُمْ مِنْهَا ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، وَجُمْلَةُ يَعْبُدُونَنِي فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً مَسُوَقَةً لِلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَعْبُدُونَنِي أَيْ : يَعْبُدُونَنِي ، غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِي فِي الْعِبَادَةِ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : لَا يُرَاءُونَ بِعِبَادَتِي أَحَدًا ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : لَا يَخَافُونَ غَيْرِي ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ لَا يُحِبُّونَ غَيْرِي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28995وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ أَيْ مَنْ كَفَرَ هَذِهِ النِّعَمَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَعْدِ الصَّحِيحِ ، أَوْ مَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكُفْرِ ، أَوْ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانٍ ، فَأُولَئِكَ الْكَافِرُونَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، أَيِ الْكَامِلُونَ فِي الْفِسْقِ . وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ وَالطُّغْيَانِ فِي الْكُفْرِ .
وَجُمْلَةُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ فَآمِنُوا وَاعْمَلُوا صَالِحًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَقِيلَ : مَعْطُوفٌ عَلَى وَأُطِيعُوا اللَّهَ وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ : فَلَا تَكْفُرُوا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَكَرَّرَ الْأَمْرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ لِلتَّأْكِيدِ وَخَصَّهُ بِالطَّاعَةِ ؛ لِأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُطِيعُونَهُ فِيهِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ الْحَذْفُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي مِنْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْحَذْفِ مُشْعِرٌ بِالتَّعْمِيمِ ، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَيِ افْعَلُوا مَا ذَكَرَ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَطَاعَةِ الرَّسُولِ رَاجِينَ أَنْ يَرْحَمَكُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28995لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو حَيْوَةَ ( لَا تَحْسَبَنَّ ) بِالتَّحْتِيَّةِ بِمَعْنَى : لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ أَيْ : لَا تَحْسَبَنَّ يَا
مُحَمَّدُ ، وَالْمَوْصُولُ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ، وَمُعْجِزِينَ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الْحُسْبَانَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ وَأَبُو عَلِيٍّ .
وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ، فَيَكُونُ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَحْذُوفًا أَيْ : لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِي كَفَرُوا أَنْفُسَهُمْ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا بَصْرِيًّا وَلَا كُوفِيًّا إِلَّا وَهُوَ يُخَطِّئُ قِرَاءَةَ
حَمْزَةَ ، وَمُعْجِزِينَ مَعْنَاهُ : فَائِتِينَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ وَتَفْسِيرُ مَا بَعْدَهُ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ الْآيَةَ قَالَ : أُنَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَالطَّاعَةَ ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَجِهَادٍ مَعَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - .
وَأَخْرَجُوا أَيْضًا عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ :
إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ خُصُومَةً أَوْ مُنَازَعَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ، فَإِذَا دُعِيَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحِقٌّ أَذْعَنَ وَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سَيَقْضِي لَهُ بِالْحَقِّ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَظْلِمَ فَدُعِيَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَعْرَضَ وَقَالَ : أَنْطَلِقُ إِلَى فُلَانٍ ، فَأَنْزَلَ سُبْحَانَهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=48وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى قَوْلِهِ : هُمُ الظَّالِمُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَيْءٌ فَدَعَاهُ إِلَى حَكَمٍ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْ ، فَهُوَ ظَالِمٌ لَا حَقَّ لَهُ .
قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْمَتْنَ مَا لَفْظُهُ : وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَهُوَ مُرْسَلٌ . وَقَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ : فَهُوَ ظَالِمٌ ، فَكَلَامٌ صَحِيحٌ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : فَلَا حَقَّ لَهُ ، فَلَا يَصِحُّ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ انْتَهَى .
وَأَقُولُ : أَمَّا كَوْنُ الْحَدِيثِ مُرْسَلًا فَظَاهِرٌ . وَأَمَّا دَعْوَى كَوْنِهِ بَاطِلًا فَمُحْتَاجَةٌ إِلَى بُرْهَانٍ ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَتَّفِقَ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ بَاطِلٌ ، وَإِسْنَادُهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ هَكَذَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17173مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
مُبَارَكٌ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ فَذَكَرَهُ . وَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ كَذَّابٌ وَلَا وَضَّاعٌ .
وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ عَنْ
سَمُرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020947مَنْ دُعِيَ إِلَى سُلْطَانٍ فَلَمْ يُجِبْ ، فَهُوَ ظَالِمٌ لَا حَقَّ لَهُ انْتَهَى .
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ قُضَاةَ الْعَدْلِ وَحُكَّامَ الشَّرْعِ الَّذِينَ هُمْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي قَدَّمَنَا لَكَ قَرِيبًا هُمْ سَلَاطِينُ الدِّينِ الْمُتَرْجِمُونَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، الْمَبِينُونَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَتَى قَوْمٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنْ أَمْوَالِنَا لَخَرَجْنَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
مُقَاتِلٍ فِي الْآيَةِ قَالَ : ذَلِكَ شَأْنُ الْجِهَادِ ، قَالَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ لَا يَحْلِفُوا عَلَى شَيْءٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَالَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْسِمُوا .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ يَقُولُ : قَدْ عَرَفْتُ طَاعَتَهُمْ أَيْ : إِنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بِهِ .
وَأَخْرَجَ
مُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020948قَدِمَ nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَأْخُذُونَ مِنَّا الْحَقَّ وَلَا يُعْطُونَا ؟ قَالَ : فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13433وَابْنُ قَانِعٍ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ قَالَ : قَلَتْ يَا رَسُولَ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّهُ سَأَلَ : إِنْ كَانَ عَلَيَّ إِمَامٌ فَاجْرٌ فَلَقِيتُ مَعَهُ أَهْلَ ضَلَالَةٍ أُقَاتِلُ أَمْ لَا ؟ قَالَ : قَاتِلْ أَهْلَ الضَّلَالَةِ أَيْنَمَا وَجَدْتَهُمْ ، وَعَلَى الْإِمَامِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ الْآيَةَ . قَالَ : فِينَا نَزَلَتْ وَنَحْنُ فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ :
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ [ ص: 1025 ] يَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سِرًّا ، وَهُمْ خَائِفُونَ لَا يُؤْمَرُونَ بِالْقِتَالِ ، حَتَّى أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالْقِتَالِ ، وَكَانُوا بِهَا خَائِفِينَ ، يُمْسُونَ فِي السِّلَاحِ وَيُصْبِحُونَ فِي السِّلَاحِ ، فَغَبَرُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَدَ الدَّهْرِ نَحْنُ خَائِفُونَ هَكَذَا ؟ مَا يَأْتِي عَلَيْنَا يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ وَنَضَعُ فِيهِ السِّلَاحَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : لَنْ تَغْبُرُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الْمَلَأِ الْعَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَتْ فِيهِمْ حَدِيدَةٌ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=treesubj&link=32286 : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، فَأَمِنُوا وَوَضَعُوا السِّلَاحَ .
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ نَبِيَّهُ فَكَانُوا كَذَلِكَ آمِنِينَ فِي إِمَارَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ حَتَّى وَقَعُوا وَكَفَرُوا النِّعْمَةَ ، فَأَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ الَّذِي كَانَ رُفِعَ عَنْهُمْ ، وَاتَّخَذُوا الْحَجْرَ وَالشُّرَطَ ، وَغَيَّرُوا فَغُيِّرَ مَا بِهِمْ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ ،
وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
الْمَدِينَةَ وَآوَتْهُمُ
الْأَنْصَارُ رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدٍ ، فَكَانُوا لَا يَبِيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاحِ وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا فِيهِ ، فَقَالُوا : أَتَرَوْنَ أَنَّا نَعِيشُ حَتَّى نَبِيتَ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ لَا نَخَافُ إِلَّا اللَّهَ ، فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا قَالَ : لَا يَخَافُونَ أَحَدًا غَيْرِي .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14906الْفِرْيَابِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ الْعَاصُونَ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : كُفْرٌ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ ، لَيْسَ الْكُفْرَ بِاللَّهِ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
قَتَادَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=57مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ قَالَ : سَابِقِينَ فِي الْأَرْضِ .