[ ص: 1018 ] nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39nindex.php?page=treesubj&link=28995_30551_28902والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=42ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
لما ذكر سبحانه حال المؤمنين وما يؤول إليه أمرهم ذكر مثلا للكافرين فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة المراد بالأعمال هنا : هي الأعمال التي من أعمال الخير كالصدقة والصلة وفك العاني وعمارة
البيت وسقاية الحاج ، والسراب : ما يرى في المفاوز من لمعان الشمس عند اشتداد حر النهار على صورة الماء في ظن من يراه ، وسمي سرابا ؛ لأنه يسرب أي : يجري كالماء ، إلا أنه يرتفع عن الأرض حتى يصير كأنه بين السماء والأرض ، قال
امرؤ القيس :
ألم أنض المطي بكل خرق طويل الطول لماع السراب
وقال آخر :
فلما كففنا الحرب كانت عهودهم كلمع سراب بالفلا متألق
والقيعة جمع قاع : وهو الموضع المنخفض الذي يستقر فيه الماء ، مثل جيرة وجار ، قاله
الهروي .
وقال
أبو عبيد : قيعة وقاع واحد .
قال
الجوهري : القاع المستوي من الأرض ، والجمع : أقوع وأقواع وقيعان ، صارت الواو ياء لكسر ما قبلها ، والقيعة مثل القاع .
قال : وبعضهم يقول هو جمع
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39يحسبه الظمآن ماء هذه صفة ثانية لسراب ، والظمآن العطشان ، وتخصيص الحسبان بالظمآن مع كون الريان يراه كذلك ؛ لتحقيق التشبيه المبني على الطمع
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39حتى إذا جاءه لم يجده شيئا أي إذا جاء العطشان ذلك الذي حسبه ماء لم يجده شيئا مما قدره وحسبه ولا من غيره ، والمعنى : أن الكفار يعولون على أعمالهم التي يظنونها من الخير ويطمعون في ثوابها ، فإذا قدموا على الله سبحانه لم يجدوا منها شيئا ؛ لأن الكفر أحبطها ومحا أثرها ، والمراد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39حتى إذا جاءه مع أنه ليس بشيء أنه جاء الموضع الذي كان يحبسه فيه .
ثم ذكر سبحانه ما يدل على زيادة حسرة الكفرة ، وأنه لم يكن قصارى أمرهم مجرد الخيبة كصاحب السراب فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أي وجد الله بالمرصاد فوفاه حسابه أي : جزاء عمله ، كما قال
امرؤ القيس :
فولى مدبرا يهوى حثيثا وأيقن أنه لاقى الحسابا
وقيل : وجد وعد الله بالجزاء على عمله ، وقيل : وجد أمر الله عند حشره ، وقيل : وجد حكمه وقضاءه عند المجيء ، وقيل : عند العمل والمعنى متقارب .
وقرأ
مسلمة بن محارب ( بقيعاه ) بهاء مدورة كما يقال رجل عزهاه . وروي عنه أنه قرأ ( بقيعات ) بتاء مبسوطة .
قيل يجوز أن تكون الألف متولدة من إشباع العين على الأول ، وجمع قيعة على الثاني . وروي عن
نافع وأبي جعفر وشيبة أنهم قرءوا ( الظمآن ) بغير همز ، والمشهور عنهم الهمز .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات معطوف على كسراب ، ضرب الله مثلا آخر لأعمال الكفار كما أنها تشبه السراب الموصوف بتلك الصفات ، فهي أيضا تشبه الظلمات .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أعلم الله سبحانه أن
nindex.php?page=treesubj&link=30551أعمال الكفار إن مثلت بما يوجد فمثلها كمثل السراب ، وإن مثلت بما يرى فهي كهذه الظلمات التي وصف .
قال أيضا : إن شئت مثل بالسراب ، وإن شئت مثل بهذه الظلمات ، فأو للإباحة حسبما تقدم من القول في
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب [ البقرة : 19 ] قال
الجرجاني الآية الأولى في ذكر أعمال الكفار ، والثانية في ذكر كفرهم ، ونسق الكفر على أعمالهم ؛ لأنه أيضا من أعمالهم .
قال
القشيري : فعند
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج التمثيل وقع لأعمال الكفار ، وعند
الجرجاني لكفر الكفار
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40في بحر لجي اللجة معظم الماء ، والجمع لجج وهو الذي لا يدرك لعمقه .
ثم وصف سبحانه هذا البحر بصفة أخرى فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يغشاه موج أي يعلو هذا البحر موج فيستره ويغطيه بالكلية ، ثم وصف هذا الموج بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40من فوقه سحاب أي من فوق ذلك الموج الثاني سحاب ، فيجتمع حينئذ عليهم خوف البحر وأمواجه والسحاب المرتفعة فوقه .
وقيل : إن المعنى : يغشاه موج من بعده موج ، فيكون الموج يتبع بعضه بعضا حتى كأن بعضه فوق بعض ، والبحر أخوف ما يكون إذا توالت أمواجه ، فإذا انضم إلى ذلك وجود السحاب من فوقه زاد الخوف شدة ؛ لأنها تستر النجوم التي يهتدي بها من في البحر ، ثم إذا أمطرت تلك السحاب وهبت الريح المعتادة في الغالب عند نزول المطر تكاثفت الهموم وترادفت الغموم ، وبلغ الأمر إلى الغاية التي ليس وراءها غاية ، ولهذا قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظلمات بعضها فوق بعض أي هي ظلمات ، أو هذه ظلمات متكاتفة مترادفة ، ففي هذه الجملة بيان لشدة الأمر وتعاظمه وقرأ
ابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=13869والبزي nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40سحاب ظلمات بإضافة سحاب إلى ظلمات ، ووجه الإضافة أن السحاب يرتفع وقت هذه الظلمات ، فأضيف إليها لهذه الملابسة . وقرأ الباقون بالقطع والتنوين .
ومن غرائب التفاسير أنه سبحانه أراد بالظلمات : أعمال الكافر ، وبالبحر اللجي : قلبه : وبالموج فوق الموج : ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة . والسحاب الرين والختم والطبع على قلبه ، وهذا تفسير هو عن لغة العرب بمكان بعيد .
ثم بالغ سبحانه في هذه الظلمات المذكورة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج يده لم يكد يراها وفاعل أخرج ضمير يعود على
[ ص: 1019 ] مقدر دل عليه المقام أي : إذا أخرج الحاضر في هذه الظلمات أو من ابتلي بها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وأبو عبيدة : المعنى لم يرها ولم يكد . وقال
الفراء : إن كاد زائدة .
والمعنى : إذا أخرج يده لم يرها ، كما تقول ما كدت أعرفه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : يعني لم يرها إلا من بعد الجهد .
قال
النحاس ، أصح الأقوال في هذا أن المعنى لم يقارب رؤيتها ، فإذن لم يرها رؤية بعيدة ولا قريبة ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور مقررة لما قبلها من كون أعمال الكفرة على تلك الصفة ، والمعنى : ومن لم يجعل الله له هداية فما له من هداية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ذلك في الدنيا ، والمعنى : من لم يهده الله لم يهتد ، وقيل : المعنى من لم يجعل له نورا يمشي به يوم القيامة فما له من نور يهتدي به إلى الجنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض قد تقدم تفسير مثل هذه الآية في سورة سبحان ، والخطاب لكل من له أهلية النظر ، أو للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد علمه من جهة الاستدلال ، ومعنى ألم تر ألم تعلم ، والهمزة للتقرير أي : قد علمت علما يقينيا شبيها بالمشاهدة ، والتسبيح التنزيه في ذاته وأفعاله وصفاته عن كل ما يليق به ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41من في السماوات والأرض من هو مستقر فيهما من العقلاء وغيرهم ، وتسبيح غير العقلاء ما يسمع من أصواتها ويشاهد من أثر الصنعة البديعة فيها .
وقيل : إن التسبيح هنا هو الصلاة من العقلاء والتنزيه من غيرهم .
قد قيل : إن هذه الآية تشمل الحيوانات والجمادات ، وأن آثار الصنعة الإلهية في الجمادات ناطق ومخبر باتصافه سبحانه بصفات الجلال والكمال وتنزهه عن صفات النقص ، وفي ذلك تقريع للكفار وتوبيخ لهم حيث جعلوا الجمادات التي من شأنها التسبيح لله سبحانه شركاء له يعبدونها كعبادته عز وجل .
وبالجملة فإنه ينبغي حمل التسبيح على ما يليق بكل نوع من أنواع المخلوقات على طريقة عموم المجاز .
قرأ الجمهور ( والطير صافات ) بالرفع للطير والنصب لصافات على أن الطير معطوفة على من ، وصافات منتصب على الحال .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ( والطير ) بالنصب على المفعول معه ، وصافات حال أيضا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وهي أجود من الرفع .
وقرأ
الحسن وخارجة عن
نافع ( والطير صافات ) برفعهما على الابتداء والخبر ، ومفعول صافات محذوف أي : أجنحتها ، وخص الطير بالذكر مع دخولها تحت من في السماوات والأرض لعدم استمرار استقرارها في الأرض وكثرة لبثها وهو ليس من السماء ولا من الأرض ، ولما فيها من الصنعة البديعة التي تقدر بها تارة على الطيران ، وتارة على المشي بخلاف غيرها من الحيوانات ، وذكر حالة من حالات الطير ، وهي كون صدور التسبيح منها حال كونها صافات لأجنحتها ؛ لأن هذه الحالة هي أغرب أحوالها ، فإن استقرارها في الهواء مسبحة من دون تحريك لأجنحتها ولا استقرار على الأرض من أعظم صنع الله الذي أتقن كل شيء .
ثم زاد في البيان فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كل قد علم صلاته وتسبيحه أي كل واحد مما ذكر ، والضمير في علم يرجع إلى كل . والمعنى : أن كل واحد من هذه المسبحات لله قد علم صلاة المصلي وتسبيح المسبح . وقيل : المعنى : أن كل مصل ومسبح قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه .
قيل والصلاة هنا بمعنى التسبيح ، وكرر للتأكيد ، والصلاة قد تسمى تسبيحا . وقيل : المراد بالصلاة هنا الدعاء أي : كل واحد قد علم دعاءه وتسبيحه .
وفائدة الإخبار بأن كل واحد قد علم ذلك أن صدوره منها على طريقة الاتفاق بلا روية ، وفي ذلك زيادة دلالة على بديع صنع الله سبحانه وعظيم شأنه ، كونه جعلها مسبحة له عالمة بما يصدر منها غير جاهلة له
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41والله عليم بما يفعلون هذه الجملة مقررة لما قبلها أي : لا تخفى عليه طاعتهم ولا تسبيحهم ، ويجوز أن يكون الضمير في علم لله سبحانه أي : كل واحد من هذه المسبحة قد علم الله صلاته وتسبيحه إياه والأول أرجح لاتفاق القراء على رفع ( كل ) ، ولو كان الضمير في علم لله لكان نصب ( كل ) أولى . وذكر بعض المفسرين أنها قراءة طائفة من القراء ( علم ) على البناء للمفعول .
ثم بين سبحانه أن المبدأ منه والمعاد إليه فقال ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=42ولله ملك السماوات والأرض أي له لا لغيره وإليه المصير لا إلى غيره ، والمصير : الرجوع بعد الموت . وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية في غير موضع .
ثم ذكر سبحانه دليلا آخر من الآثار العلوية فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا الإزجاء : السوق قليلا قليلا ، ومنه قول
النابغة :
إني أتيتك من أهلي ومن وطني أزجي حشاشة نفس ما بها رمق
وقوله أيضا :
أسرت عليه من الجوزاء سارية يزجي السماك عليه جامد البرد
والمعنى : أنه سبحانه يسوق السحاب سوقا رقيقا إلى حيث يشاء
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثم يؤلف بينه أي بين أجزائه ، فيضم بعضه إلى بعض ويجمعه بعد تفرقه ليقوى ويتصل ويكثف ، والأصل في التأليف الهمز .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وقالون عن
نافع ( يولف ) بالواو تخفيفا ، والسحاب واحد في اللفظ ، ولكن معناه جمع ، ولهذا دخلت ( بين ) عليه ؛ لأن أجزاءه في حكم المفردات له .
قال
الفراء : إن الضمير في ( بينه ) راجع إلى جملة السحاب ، كما تقول الشجر قد جلست بينه ؛ لأنه جمع وأفرد الضمير باعتبار اللفظ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثم يجعله ركاما أي متراكما يركب بعضه بعضا . والركم : جمع الشيء ، يقال ركم الشيء يركمه ركما أي : جمعه وألقى بعضه على بعض وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع ، والركمة : الطين المجموع ، والركام : الرمل المتراكب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فترى الودق يخرج من خلاله الودق : المطر عند جمهور المفسرين ، ومنه قول الشاعر :
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
وقال
امرؤ القيس :
فدمعهما ودق وسح وديمة وسكب وتوكاف وتنهملان
يقال ودقت السحاب فهي وادقة ، ودق المطر يدق أي :
[ ص: 1020 ] قطر يقطر ، وقيل : إن الودق البرق ، ومنه قول الشاعر :
أثرن عجاجة وخرجن منها خروج الودق من خلل السحاب
والأول أولى . ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43من خلاله من فتوقه التي هي مخارج القطر ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يخرج من خلاله في محل نصب على الحال ؛ لأن الرؤية هنا هي البصرية .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود و الضحاك وأبو العالية من ( خلله ) على الإفراد . وقد وقع الخلاف في خلال ، هل هو مفرد كحجاب ؟ أو جمع كجبال ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وينزل من السماء من جبال فيها من برد المراد بقوله من سماء : من عال ؛ لأن السماء قد تطلق على جهة العلو ، ومعنى من برد للتبعيض ، وهو مفعول ينزل . وقيل : إن المفعول محذوف ، والتقدير : ينزل من جبال فيها من برد بردا . وقيل : إن من في من برد زائدة ، والتقدير : ينزل من السماء من جبال فيها برد . وقيل : إن في الكلام مضافا محذوفا أي : ينزل من السماء قدر الجبال ، أو مثل جبال من برد إلى الأرض .
قال
الأخفش : إن من في ( من جبال وفي ( من برد ) زائدة في الموضعين والجبال والبرد في موضع نصب أي : ينزل من السماء بردا يكون كالجبال .
والحاصل أن من في ( من السماء ) لابتداء الغاية بلا خلاف و من في ( من جبال ) فيها ثلاثة أوجه : الأول لابتداء الغاية فتكون هي ومجرورها بدلا من الأولى بإعادة الخافض بدل اشتمال .
الثاني أنها للتبعيض فتكون على هذا هي ومجرورها في محل نصب على أنها مفعول الإنزال ، كأنه قال : وينزل بعض جبال .
الثالث أنها زائدة أي : ينزل من السماء جبالا .
وأما من في ( من برد ) ففيها أربعة أوجه : الثلاثة المتقدمة . والرابع أنها لبيان الجنس ، فيكون التقدير على هذا الوجه : وينزل من السماء بعض جبال التي هي البرد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معنى الآية : وينزل من السماء من جبال برد فيها ، كما تقول : هذا خاتم في يدي من حديد أي : خاتم حديد في يدي ؛ لأنك إذا قلت هذا خاتم من حديد وخاتم حديد كان المعنى واحدا انتهى .
وعلى هذا يكون من برد في موضع جر صفة لجبال كما كان من حديد صفة لخاتم ويكون مفعول ينزل من جبال ، ويلزم من كون الجبال بردا أن يكون المنزل بردا .
وذكر
أبو البقاء أن التقدير : شيئا من جبال ، فحذف الموصوف واكتفى بالصفة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فيصيب به من يشاء أي يصيب بما ينزل من البرد من يشاء أن يصيبه من عباده
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ويصرفه عن من يشاء منهم ، أو يصيب به مال من يشاء ويصرفه عن مال من يشاء ، وقد تقدم الكلام عن مثل هذا في البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار السنا الضوء أي : يكاد ضوء البرق الذي في السحاب يذهب بالأبصار من شدة بريقه وزيادة لمعانه ، وهو كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم [ البقرة : 20 ] قال
الشماخ :
وما كادت إذا رفعت سناها ليبصر ضوءها إلا البصير
وقال
امرؤ القيس :
يضيء سناه أو مصابيح راهب أهان السليط في الذبال المفتل
فالسنا بالقصر ضوء البرق وبالمد الرفعة ، كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد وغيره .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف nindex.php?page=showalam&ids=17340ويحيى بن وثاب ( سناء برقه ) بالمد على المبالغة في شدة الضوء والصفاء ، فأطلق عليه اسم الرفعة والشرف .
وقرأ
طلحة ويحيى أيضا بضم الباء من ( برقه ) وفتح الراء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15611أحمد بن يحيى ثعلب : وهي على هذه القراءة جمع برق .
وقال
النحاس : البرقة المقدار من البرق والبرقة الواحدة .
وقرأ
الجحدري وابن القعقاع ( يذهب ) بضم الياء وكسر الهاء من الإذهاب .
وقرأ الباقون سنا بالقصر وبرقه بفتح الباء وسكون الراء و يذهب بفتح الياء والهاء من الذهاب ، وخطأ قراءة
الجحدري وابن القعقاع الأخفش وأبو حاتم . ومعنى ذهاب البرق بالأبصار : خطفه إياها من شدة الإضاءة وزيادة البريق ، والباء في الأبصار على قراءة الجمهور للإلصاق ، وعلى قراءة غيرهم زائدة .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يقلب الله الليل والنهار أي يعاقب بينهما ، وقيل : يزيد في أحدهما وينقص الآخر ، وقيل : يقلبهما باختلاف ما يقدره فيهما من خير وشر ونفع وضر ، وقيل : بالحر والبرد ، وقيل : المراد بذلك تغيير النهار بظلمة السحاب مرة وبضوء الشمس أخرى ، وتغيير الليل بظلمة السحاب تارة وبضوء القمر أخرى ، والإشارة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار إلى ما تقدم ، ومعنى العبرة : الدلالة الواضحة التي يكون بها الاعتبار ، والمراد بـ أولي الأبصار كل من له بصر يبصر به .
ثم ذكر سبحانه دليلا ثالثا من عجائب خلق الحيوان وبديع صنعته فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة من ماء قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يحيى بن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( والله خالق كل دابة ) وقرأ الباقون خلق والمعنيان صحيحان ، والدابة : كل ما دب على الأرض من الحيوان ، يقال دب يدب فهو داب ، والهاء للمبالغة ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45من ماء من نطفة ، وهي المني ، كذا قال الجمهور .
وقال جماعة : إن المراد الماء المعروف ؛ لأن
آدم خلق من الماء والطين .
وقيل : في الآية تنزيل الغالب منزلة الكل على القول الأول ؛ لأن في الحيوانات ما يتولد لا عن نطفة ، ويخرج من هذا العموم الملائكة فإنهم خلقوا من نور ، والجان فإنهم خلقوا من نار .
ثم فصل سبحانه أحوال كل دابة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45فمنهم من يمشي على بطنه وهي الحيات والحوت والدود ونحو ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45ومنهم من يمشي على رجلين الإنسان والطير
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45ومنهم من يمشي على أربع سائر الحيوانات ، ولم يتعرض لما يمشي على أكثر من أربع لقلته ، وقيل : لأن المشي على أربع فقط وإن كانت القوائم كثيرة ، وقيل : لعدم الاعتداد بما يمشي على أكثر من أربع ؟ وقيل : ليس في القرآن ما يدل على عدم المشي على أكثر من أربع ؛ لأنه لم ينف ذلك ولا جاء بما يقتضي الحصر ، وفي
[ ص: 1021 ] مصحف
أبي ( ومنهم من يمشي على أكثر ) فعم بهذه الزيادة جميع ما يمشي على أكثر من أربع كالسرطان والعناكب وكثير من خشاش الأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يخلق الله ما يشاء مما ذكره هاهنا ومما لم يذكره كالجمادات مركبها وبسيطها ناميها وغير ناميها
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45إن الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء بل الكل من مخلوقاته داخل تحت قدرته سبحانه .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46لقد أنزلنا آيات مبينات أي القرآن ، فإنه قد اشتمل على بيان كل شيء وما فرطنا في الكتاب من شيء ، وقد تقدم بيان مثل هذا في غير موضع
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46والله يهدي من يشاء بتوفيقه للنظر الصحيح وإرشاده إلى التأمل الصادق
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=25إلى صراط مستقيم إلى طريق مستو لا عوج فيه ، فيتوصل بذلك إلى الخير التام وهو نعيم الجنة .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب قال : هو مثل ضربه الله كرجل عطش فاشتد عطشه فرأى سرابا فحسبه ماء ، فطلبه فظن أنه قدر عليه حتى أتى ، فلما أتاه لم يجده شيئا ، وقبض عند ذلك ، يقول : الكافر كذلك السراب إذا أتاه الموت لم يجد عمله يغني عنه شيئا ، ولا ينفعه إلا كما نفع السراب العطشان
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات في بحر لجي قال : يعني بالظلمات الأعمال ، وبالبحر اللجي قلب الإنسان
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يغشاه موج يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عنه بقيعة : بأرض مستوية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أبيه عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال إن الكفار يبعثون يوم القيامة وردا عطاشا فيقولون أين الماء ؟ فيتمثل لهم السراب فيحسبونه ماء ، فينطلقون إليه فيجدون الله عنده فيوفيهم حسابه والله سريع الحساب وفي إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أبيه ، وفيه مقال معروف .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كل قد علم صلاته وتسبيحه قال : الصلاة للإنسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عنه في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41والطير صافات قال : بسط أجنحتهن . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
قتادة نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يكاد سنا برقه يقول : ضوء برقه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كل شيء يمشي على أربع إلا الإنسان . وأقول : هذه الطيور على اختلاف أنواعها تمشي على رجلين ، وهكذا غيرها ، كالنعامة فإنها تمشي على رجلين ، وليست من الطير ، فهذه الكلية المروية عنه - رضي الله عنه - لا تصح .
[ ص: 1018 ] nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39nindex.php?page=treesubj&link=28995_30551_28902وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=42وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ ذَكَرَ مَثَلًا لِلْكَافِرِينَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ الْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ هُنَا : هِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ كَالصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَفَكِّ الْعَانِي وَعِمَارَةِ
الْبَيْتِ وَسِقَايَةِ الْحَاجِّ ، وَالسَّرَابُ : مَا يُرَى فِي الْمَفَاوِزِ مِنْ لَمَعَانِ الشَّمْسِ عِنْدَ اشْتِدَادِ حَرِّ النَّهَارِ عَلَى صُورَةِ الْمَاءِ فِي ظَنِّ مَنْ يَرَاهُ ، وَسُمِّيَ سَرَابًا ؛ لِأَنَّهُ يَسْرُبُ أَيْ : يَجْرِي كَالْمَاءِ ، إِلَّا أَنَّهُ يَرْتَفِعُ عَنِ الْأَرْضِ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
أَلَمْ أَنْضِ الْمَطِيَّ بِكُلِّ خَرْقٍ طَوِيلِ الطُّولِ لَمَّاعِ السَّرَابِ
وَقَالَ آخَرُ :
فَلَمَّا كَفَفْنَا الْحَرْبَ كَانَتْ عُهُودُهُمْ كَلَمْعِ سَرَابٍ بِالْفَلَا مُتَأَلِّقِ
وَالْقِيعَةُ جَمْعُ قَاعٍ : وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُنْخَفِضُ الَّذِي يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمَاءُ ، مِثْلُ جِيرَةٍ وَجَارٍ ، قَالَهُ
الْهَرَوِيُّ .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : قِيعَةٌ وَقَاعٌ وَاحِدٌ .
قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الْقَاعُ الْمُسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ ، وَالْجَمْعُ : أُقُوعٌ وَأَقْوَاعٌ وَقِيعَانٌ ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا ، وَالْقِيعَةُ مِثْلُ الْقَاعِ .
قَالَ : وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هُوَ جَمْعٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً هَذِهِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِسَرَابٍ ، وَالظَّمْآنُ الْعَطْشَانُ ، وَتَخْصِيصُ الْحُسْبَانِ بِالظَّمْآنِ مَعَ كَوْنِ الرَّيَّانِ يَرَاهُ كَذَلِكَ ؛ لِتَحْقِيقِ التَّشْبِيهِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الطَّمَعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا أَيْ إِذَا جَاءَ الْعَطْشَانُ ذَلِكَ الَّذِي حَسِبَهُ مَاءً لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا مِمَّا قَدَّرَهُ وَحَسِبَهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْكُفَّارَ يُعَوِّلُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَظُنُّونَهَا مِنَ الْخَيْرِ وَيَطْمَعُونَ فِي ثَوَابِهَا ، فَإِذَا قَدِمُوا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَمْ يَجِدُوا مِنْهَا شَيْئًا ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ أَحْبَطَهَا وَمَحَا أَثَرَهَا ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39حَتَّى إِذَا جَاءَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَنَّهُ جَاءَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ يَحْبِسُهُ فِيهِ .
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ حَسْرَةِ الْكَفَرَةِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قُصَارَى أَمْرِهِمْ مُجَرَّدُ الْخَيْبَةِ كَصَاحِبِ السَّرَابِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ أَيْ وَجَدَ اللَّهَ بِالْمِرْصَادِ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ أَيْ : جَزَاءَ عَمَلِهِ ، كَمَا قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
فَوَلَّى مُدْبِرًا يَهْوَى حَثِيثًا وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لَاقَى الْحِسَابَا
وَقِيلَ : وَجَدَ وَعْدَ اللَّهِ بِالْجَزَاءِ عَلَى عَمَلِهِ ، وَقِيلَ : وَجَدَ أَمْرَ اللَّهَ عِنْدَ حَشْرِهِ ، وَقِيلَ : وَجَدَ حُكْمَهُ وَقَضَاءَهُ عِنْدَ الْمَجِيءِ ، وَقِيلَ : عِنْدَ الْعَمَلِ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ .
وَقَرَأَ
مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ ( بَقِيعَاهِ ) بَهَاءٍ مُدَوَّرَةٍ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ عَزْهَاهُ . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ ( بِقِيعَاتٍ ) بِتَاءٍ مَبْسُوطَةٍ .
قِيلَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مُتَوَلِّدَةً مِنْ إِشْبَاعِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَجَمْعُ قِيعَةٍ عَلَى الثَّانِي . وَرُوِيَ عَنْ
نَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ( الظَّمْآنُ ) بِغَيْرِ هَمْزٍ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمُ الْهَمْزُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ مَعْطُوفٌ عَلَى كَسَرَابٍ ، ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا آخَرَ لِأَعْمَالِ الْكُفَّارِ كَمَا أَنَّهَا تُشْبِهُ السَّرَابَ الْمَوْصُوفَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ ، فَهِيَ أَيْضًا تُشْبِهُ الظُّلُمَاتِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : أَعْلَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30551أَعْمَالَ الْكُفَّارِ إِنْ مُثِّلَتْ بِمَا يُوجَدُ فَمَثَلُهَا كَمَثَلِ السَّرَابِ ، وَإِنْ مُثِّلَتْ بِمَا يُرَى فَهِيَ كَهَذِهِ الظُّلُمَاتِ الَّتِي وَصَفَ .
قَالَ أَيْضًا : إِنْ شِئْتَ مَثِّلْ بِالسَّرَابِ ، وَإِنْ شِئْتَ مَثِّلْ بِهَذِهِ الظُّلُمَاتِ ، فَأَوْ لِلْإِبَاحَةِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ [ الْبَقَرَةِ : 19 ] قَالَ
الْجُرْجَانِيُّ الْآيَةُ الْأُولَى فِي ذِكْرِ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ ، وَالثَّانِيَةُ فِي ذِكْرِ كَفْرِهِمْ ، وَنَسَقُ الْكُفْرِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ .
قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : فَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ التَّمْثِيلُ وَقَعَ لِأَعْمَالِ الْكُفَّارِ ، وَعِنْدَ
الْجُرْجَانِيِّ لِكُفْرِ الْكُفَّارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ اللُّجَّةُ مُعْظَمُ الْمَاءِ ، وَالْجَمْعُ لُجَجٌ وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرَكُ لِعُمْقِهِ .
ثُمَّ وَصَفَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْبَحْرَ بِصِفَةٍ أُخْرَى فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يَغْشَاهُ مَوْجٌ أَيْ يَعْلُو هَذَا الْبَحْرَ مَوْجٌ فَيَسْتُرُهُ وَيُغَطِّيهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، ثُمَّ وَصَفَ هَذَا الْمَوْجَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ أَيْ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ الْمَوْجِ الثَّانِي سَحَابٌ ، فَيَجْتَمِعُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِمْ خَوْفُ الْبَحْرِ وَأَمْوَاجُهُ وَالسَّحَابُ الْمُرْتَفِعَةُ فَوْقَهُ .
وَقِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى : يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ بَعْدِهِ مَوْجٌ ، فَيَكُونُ الْمَوْجُ يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا حَتَّى كَأَنَّ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ ، وَالْبَحْرُ أَخْوَفُ مَا يَكُونُ إِذَا تَوَالَتْ أَمْوَاجُهُ ، فَإِذَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ وُجُودُ السَّحَابِ مِنْ فَوْقِهِ زَادَ الْخَوْفُ شِدَّةً ؛ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ النُّجُومَ الَّتِي يَهْتَدِي بِهَا مَنْ فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ إِذَا أَمْطَرَتْ تِلْكَ السَّحَابُ وَهَبَّتِ الرِّيحُ الْمُعْتَادَةُ فِي الْغَالِبِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ تَكَاثَفَتِ الْهُمُومُ وَتَرَادَفَتِ الْغُمُومُ ، وَبَلَغَ الْأَمْرُ إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي لَيْسَ وَرَاءَهَا غَايَةٌ ، وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَيْ هِيَ ظُلُمَاتٌ ، أَوْ هَذِهِ ظُلُمَاتٌ مُتَكَاتِفَةٌ مُتَرَادِفَةٌ ، فَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَيَانٌ لِشِدَّةِ الْأَمْرِ وَتَعَاظُمِهِ وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ nindex.php?page=showalam&ids=13869وَالْبَزِّيُّ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بِإِضَافَةِ سَحَابٍ إِلَى ظُلُمَاتٍ ، وَوَجْهُ الْإِضَافَةِ أَنَّ السَّحَابَ يَرْتَفِعُ وَقْتَ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ ، فَأُضِيفَ إِلَيْهَا لِهَذِهِ الْمُلَابَسَةِ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْقَطْعِ وَالتَّنْوِينِ .
وَمِنْ غَرَائِبِ التَّفَاسِيرِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَرَادَ بِالظُّلُمَاتِ : أَعْمَالَ الْكَافِرِ ، وَبِالْبَحْرِ اللُّجِّيِّ : قَلَبَهُ : وَبِالْمَوْجِ فَوْقَ الْمَوْجِ : مَا يَغْشَى قَلْبَهُ مِنَ الْجَهْلِ وَالشَّكِّ وَالْحَيْرَةِ . وَالسَّحَابُ الرَّيْنُ وَالْخَتْمُ وَالطَّبْعُ عَلَى قَلْبِهِ ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ هُوَ عَنْ لُغَةِ الْعَرَبِ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ .
ثُمَّ بَالَغَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الظُّلُمَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَفَاعِلُ أَخْرَجَ ضَمِيرٌ يُعُودُ عَلَى
[ ص: 1019 ] مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ أَيْ : إِذَا أَخْرَجَ الْحَاضِرُ فِي هَذِهِ الظُّلُمَاتِ أَوْ مَنِ ابْتُلِيَ بِهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ : الْمَعْنَى لَمْ يَرَهَا وَلَمْ يَكَدْ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : إِنْ كَادَ زَائِدَةٌ .
وَالْمَعْنَى : إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَرَهَا ، كَمَا تَقُولُ مَا كِدْتُ أَعْرِفُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : يَعْنِي لَمْ يَرَهَا إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْجَهْدِ .
قَالَ
النَّحَّاسُ ، أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يُقَارِبْ رُؤْيَتَهَا ، فَإِذَنْ لَمْ يَرَهَا رُؤْيَةً بَعِيدَةً وَلَا قَرِيبَةً ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ كَوْنِ أَعْمَالِ الْكَفَرَةِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ ، وَالْمَعْنَى : وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ هِدَايَةً فَمَا لَهُ مِنْ هِدَايَةٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا ، وَالْمَعْنَى : مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ لَمْ يَهْتَدِ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ سُبْحَانَ ، وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ ، أَوْ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ عَلِمَهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ ، وَمَعْنَى أَلَمْ تَرَ أَلَمْ تَعْلَمْ ، وَالْهَمْزَةُ لِلتَّقْرِيرِ أَيْ : قَدْ عَلِمْتَ عِلْمًا يَقِينِيًّا شَبِيهًا بِالْمُشَاهَدَةِ ، وَالتَّسْبِيحُ التَّنْزِيهُ فِي ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَصِفَاتِهِ عَنْ كُلِّ مَا يَلِيقُ بِهِ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَنْ هُوَ مُسْتَقِرٌّ فِيهِمَا مِنَ الْعُقَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ ، وَتَسْبِيحُ غَيْرِ الْعُقَلَاءِ مَا يُسْمَعُ مِنْ أَصْوَاتِهَا وَيُشَاهَدُ مِنْ أَثَرِ الصَّنْعَةِ الْبَدِيعَةِ فِيهَا .
وَقِيلَ : إِنَّ التَّسْبِيحَ هُنَا هُوَ الصَّلَاةُ مِنَ الْعُقَلَاءِ وَالتَّنْزِيهُ مِنْ غَيْرِهِمْ .
قَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ ، وَأَنَّ آثَارَ الصَّنْعَةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي الْجَمَادَاتِ نَاطِقٌ وَمُخْبِرٌ بِاتِّصَافِهِ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْكَمَالِ وَتَنَزُّهِهِ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ ، وَفِي ذَلِكَ تَقْرِيعٌ لِلْكُفَّارِ وَتَوْبِيخٌ لَهُمْ حَيْثُ جَعَلُوا الْجَمَادَاتِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّسْبِيحُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ شُرَكَاءَ لَهُ يَعْبُدُونَهَا كَعِبَادَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ التَّسْبِيحِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى طَرِيقَةِ عُمُومِ الْمَجَازِ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ) بِالرَّفْعِ لِلطَّيْرِ وَالنُّصْبِ لِصَافَّاتٍ عَلَى أَنَّ الطَّيْرَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَنْ ، وَصَافَّاتٌ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ ( وَالطَّيْرَ ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ ، وَصَافَّاتٍ حَالٌ أَيْضًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَهِيَ أَجْوَدُ مِنَ الرَّفْعِ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَخَارِجَةُ عَنْ
نَافِعٍ ( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٌ ) بِرَفْعِهِمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ ، وَمَفْعُولُ صَافَّاتٍ مَحْذُوفٌ أَيْ : أَجْنِحَتُهَا ، وَخَصَّ الطَّيْرَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ اسْتِقْرَارِهَا فِي الْأَرْضِ وَكَثْرَةِ لُبْثِهَا وَهُوَ لَيْسَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَا مِنَ الْأَرْضِ ، وَلِمَا فِيهَا مِنَ الصَّنْعَةِ الْبَدِيعَةِ الَّتِي تَقْدِرُ بِهَا تَارَةً عَلَى الطَّيَرَانِ ، وَتَارَةً عَلَى الْمَشْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ ، وَذَكَرَ حَالَةً مِنْ حَالَاتِ الطَّيْرِ ، وَهِيَ كَوْنُ صُدُورِ التَّسْبِيحِ مِنْهَا حَالَ كَوْنِهَا صَافَّاتٍ لِأَجْنِحَتِهَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ هِيَ أَغْرَبُ أَحْوَالِهَا ، فَإِنَّ اسْتِقْرَارَهَا فِي الْهَوَاءِ مُسَبِّحَةً مِنْ دُونِ تَحْرِيكٍ لِأَجْنِحَتِهَا وَلَا اسْتِقْرَارٍ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَعْظَمِ صُنْعِ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ .
ثُمَّ زَادَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ ، وَالضَّمِيرُ فِي عَلِمَ يَرْجِعُ إِلَى كُلٍّ . وَالْمَعْنَى : أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمُسَبِّحَاتِ لِلَّهِ قَدْ عَلِمَ صَلَاةَ الْمُصَلِّي وَتَسْبِيحَ الْمُسَبِّحِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى : أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ وَمُسَبِّحٍ قَدْ عَلِمَ صَلَاةَ نَفْسِهِ وَتَسْبِيحَ نَفْسِهِ .
قِيلَ وَالصَّلَاةُ هُنَا بِمَعْنَى التَّسْبِيحِ ، وَكُرِّرَ لِلتَّأْكِيدِ ، وَالصَّلَاةُ قَدْ تُسَمَّى تَسْبِيحًا . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاءُ أَيْ : كُلُّ وَاحِدٍ قَدْ عَلِمَ دُعَاءَهُ وَتَسْبِيحَهُ .
وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنَّ صُدُورَهُ مِنْهَا عَلَى طَرِيقَةِ الِاتِّفَاقِ بِلَا رَوِيَّةٍ ، وَفِي ذَلِكَ زِيَادَةُ دَلَالَةٍ عَلَى بَدِيعِ صُنْعِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَعَظِيمِ شَأْنِهِ ، كَوْنُهُ جَعَلَهَا مُسَبِّحَةً لَهُ عَالِمَةً بِمَا يَصْدُرُ مِنْهَا غَيْرَ جَاهِلَةٍ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا أَيْ : لَا تَخْفَى عَلَيْهِ طَاعَتُهُمْ وَلَا تَسْبِيحُهُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي عَلِمَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَيْ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمُسَبِّحَةِ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ إِيَّاهُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِاتِّفَاقِ الْقُرَّاءِ عَلَى رَفْعِ ( كُلٌّ ) ، وَلَوْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي عَلِمَ لِلَّهِ لَكَانَ نَصْبُ ( كُلٌّ ) أَوْلَى . وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا قِرَاءَةُ طَائِفَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ ( عُلِمَ ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ .
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمَبْدَأَ مِنْهُ وَالْمَعَادَ إِلَيْهِ فَقَالَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=42وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ لَا إِلَى غَيْرِهِ ، وَالْمَصِيرُ : الرُّجُوعُ بَعْدَ الْمَوْتِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ دَلِيلًا آخَرَ مِنَ الْآثَارِ الْعُلْوِيَّةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا الْإِزْجَاءُ : السَّوْقُ قَلِيلًا قَلِيلًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّابِغَةِ :
إِنِّي أَتَيْتُكِ مِنْ أَهْلِي وَمِنْ وَطَنِي أُزْجِي حُشَاشَةَ نَفْسٍ مَا بِهَا رَمَقُ
وَقَوْلُهُ أَيْضًا :
أَسَرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ يُزْجِي السِّمَاكُ عَلَيْهِ جَامِدَ الْبَرَدِ
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسُوقُ السَّحَابَ سَوْقًا رَقِيقًا إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ أَجْزَائِهِ ، فَيَضُمُّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَيَجْمَعُهُ بَعْدَ تَفَرُّقِهِ لِيَقْوَى وَيَتَّصِلَ وَيَكْثُفَ ، وَالْأَصْلُ فِي التَّأْلِيفِ الْهَمْزُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17274وَرْشٌ وَقَالُونُ عَنْ
نَافِعٍ ( يُوَلِّفُ ) بِالْوَاوِ تَخْفِيفًا ، وَالسَّحَابُ وَاحِدٌ فِي اللَّفْظِ ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ جَمْعٌ ، وَلِهَذَا دَخَلَتْ ( بَيْنَ ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ فِي حُكْمِ الْمُفْرَدَاتِ لَهُ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : إِنَّ الضَّمِيرَ فِي ( بَيْنَهُ ) رَاجِعٌ إِلَى جُمْلَةِ السَّحَابِ ، كَمَا تَقُولُ الشَّجَرُ قَدْ جَلَسْتُ بَيْنَهُ ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ وَأُفْرِدَ الضَّمِيرُ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا أَيْ مُتَرَاكِمًا يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا . وَالرَّكْمُ : جَمْعُ الشَّيْءِ ، يُقَالُ رَكَمَ الشَّيْءَ يَرْكُمُهُ رَكْمًا أَيْ : جَمَعَهُ وَأَلْقَى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ وَارْتَكَمَ الشَّيْءُ وَتَرَاكَمَ إِذَا اجْتَمَعَ ، وَالرُّكَمَةُ : الطِّينُ الْمَجْمُوعُ ، وَالرُّكَامُ : الرَّمْلُ الْمُتَرَاكِبُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ الْوَدْقُ : الْمَطَرُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَلَا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا وَلَا أَرْضٌ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا
وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
فَدَمْعُهُمَا وَدَقٌّ وَسَحٌّ وَدَيْمَةٌ وَسَكَبٌ وَتَوْكَافٌ وَتَنْهَمِلَانِ
يُقَالُ وَدَقَتِ السَّحَابُ فَهِيَ وَادِقَةٌ ، وَدَقَ الْمَطَرُ يَدِقُ أَيْ :
[ ص: 1020 ] قَطَرَ يَقْطُرُ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْوَدْقَ الْبَرْقُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَثَرْنَ عَجَاجَةً وَخَرَجْنَ مِنْهَا خُرُوجَ الْوَدْقِ مِنْ خَلَلِ السَّحَابِ
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى . وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43مِنْ خِلَالِهِ مِنْ فُتُوقِهِ الَّتِي هِيَ مَخَارِجُ الْقَطْرِ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ هُنَا هِيَ الْبَصَرِيَّةُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَ الضَّحَّاكُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ مَنْ ( خَلَلِهِ ) عَلَى الْإِفْرَادِ . وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي خِلَالِ ، هَلْ هُوَ مُفْرَدٌ كَحِجَابٍ ؟ أَوْ جَمْعٌ كَجِبَالٍ ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ سَمَاءٍ : مِنْ عَالٍ ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ ، وَمَعْنَى مِنْ بَرَدٍ لِلتَّبْعِيضِ ، وَهُوَ مَفْعُولُ يُنَزِّلُ . وَقِيلَ : إِنَّ الْمَفْعُولَ مَحْذُوفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : يُنَزِّلُ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ بَرَدًا . وَقِيلَ : إِنَّ مِنْ فِي مِنْ بَرَدٍ زَائِدَةٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا بَرَدٌ . وَقِيلَ : إِنَّ فِي الْكَلَامِ مُضَافًا مَحْذُوفًا أَيْ : يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ قَدْرَ الْجِبَالِ ، أَوْ مِثْلَ جِبَالٍ مِنْ بَرَدٍ إِلَى الْأَرْضِ .
قَالَ
الْأَخْفَشُ : إِنَّ مَنْ فِي ( مِنْ جِبَالٍ وَفِي ( مِنْ بَرَدٍ ) زَائِدَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْجِبَالُ وَالْبَرَدُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَيْ : يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ بَرَدًا يَكُونُ كَالْجِبَالِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنْ فِي ( مِنَ السَّمَاءِ ) لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ بِلَا خِلَافٍ وَ مِنْ فِي ( مِنْ جِبَالٍ ) فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَتَكُونُ هِيَ وَمَجْرُورِهَا بَدَلًا مِنَ الْأُولَى بِإِعَادَةِ الْخَافِضِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ .
الثَّانِي أَنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ فَتَكُونُ عَلَى هَذَا هِيَ وَمَجْرُورِهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولُ الْإِنْزَالِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَيُنَزِّلُ بَعْضَ جِبَالٍ .
الثَّالِثُ أَنَّهَا زَائِدَةٌ أَيْ : يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ جِبَالًا .
وَأَمَّا مِنْ فِي ( مِنْ بَرَدٍ ) فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ : الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ . وَالرَّابِعُ أَنَّهَا لِبَيَانِ الْجِنْسِ ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ : وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ بَعْضَ جِبَالٍ الَّتِي هِيَ الْبَرَدُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : مَعْنَى الْآيَةِ : وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ بَرَدٌ فِيهَا ، كَمَا تَقُولُ : هَذَا خَاتَمٌ فِي يَدِي مِنْ حَدِيدٍ أَيْ : خَاتَمُ حَدِيدٍ فِي يَدِي ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ هَذَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ وَخَاتَمُ حَدِيدٍ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا انْتَهَى .
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ بَرَدٍ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةً لِجِبَالٍ كَمَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ صِفَةً لِخَاتَمٍ وَيَكُونُ مَفْعُولُ يُنَزِّلُ مِنْ جِبَالٍ ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْجِبَالِ بَرَدًا أَنْ يَكُونَ الْمُنَزَّلُ بَرَدًا .
وَذَكَرَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّ التَّقْدِيرَ : شَيْئًا مِنْ جِبَالٍ ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وَاكْتَفَى بِالصِّفَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ أَيْ يُصِيبُ بِمَا يُنَزِّلُ مِنَ الْبَرَدِ مَنْ يَشَاءُ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْ عِبَادِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ ، أَوْ يُصِيبُ بِهِ مَالَ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَالِ مَنْ يَشَاءُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنْ مَثْلِ هَذَا فِي الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ السَّنَا الضَّوْءُ أَيْ : يَكَادُ ضَوْءُ الْبَرْقِ الَّذِي فِي السَّحَابِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ مِنْ شِدَّةِ بَرِيقِهِ وَزِيَادَةِ لَمَعَانِهِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ [ الْبَقَرَةِ : 20 ] قَالَ
الشَّمَّاخُ :
وَمَا كَادَتْ إِذَا رَفَعَتْ سَنَاهَا لِيُبْصِرَ ضَوْءَهَا إِلَّا الْبَصِيرُ
وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيحَ رَاهِبٍ أَهَانَ السَّلِيطَ فِي الذَّبَالِ الْمُفَتَّلِ
فَالسَّنَا بِالْقَصْرِ ضَوْءُ الْبَرْقِ وَبِالْمَدِّ الرِّفْعَةُ ، كَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ وَغَيْرُهُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ nindex.php?page=showalam&ids=17340وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ ( سَنَاءُ بَرْقِهِ ) بِالْمَدِّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي شِدَّةِ الضَّوْءِ وَالصَّفَاءِ ، فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الرِّفْعَةِ وَالشَّرَفِ .
وَقَرَأَ
طَلْحَةُ وَيَحْيَى أَيْضًا بِضَمِّ الْبَاءِ مِنْ ( بُرَقِهِ ) وَفَتْحِ الرَّاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15611أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ : وَهِيَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ جَمْعُ بَرْقٍ .
وَقَالَ
النَّحَّاسُ : الْبُرَقَةُ الْمِقْدَارُ مِنَ الْبَرْقِ وَالْبَرْقَةُ الْوَاحِدَةُ .
وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ وَابْنُ الْقَعْقَاعِ ( يُذْهِبُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مِنَ الْإِذْهَابِ .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ سَنَا بِالْقَصْرِ وَبَرْقِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَ يَذْهَبُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ مِنَ الذَّهَابِ ، وَخَطَّأَ قِرَاءَةَ
الْجَحْدَرِيِّ وَابْنِ الْقَعْقَاعِ الْأَخْفَشُ وَأَبُو حَاتِمٍ . وَمَعْنَى ذَهَابِ الْبَرْقِ بِالْأَبْصَارِ : خَطْفُهُ إِيَّاهَا مِنْ شِدَّةِ الْإِضَاءَةِ وَزِيَادَةِ الْبَرِيقِ ، وَالْبَاءُ فِي الْأَبْصَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ لِلْإِلْصَاقِ ، وَعَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِمْ زَائِدَةٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَيْ يُعَاقِبُ بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ : يُزِيدُ فِي أَحَدِهِمَا وَيُنْقِصُ الْآخَرَ ، وَقِيلَ : يُقَلِّبُهُمَا بِاخْتِلَافِ مَا يُقَدِّرُهُ فِيهِمَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَنَفْعٍ وَضُرٍّ ، وَقِيلَ : بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِذَلِكَ تَغْيِيرُ النَّهَارِ بِظُلْمَةِ السَّحَابِ مَرَّةً وَبِضَوْءِ الشَّمْسِ أُخْرَى ، وَتَغْيِيرُ اللَّيْلِ بِظُلْمَةِ السَّحَابِ تَارَةً وَبِضَوْءِ الْقَمَرِ أُخْرَى ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَمَعْنَى الْعِبْرَةِ : الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الِاعْتِبَارُ ، وَالْمُرَادُ بِـ أُولِي الْأَبْصَارِ كُلُّ مَنْ لَهُ بَصَرٌ يُبْصِرُ بِهِ .
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ دَلِيلًا ثَالِثًا مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ الْحَيَوَانِ وَبَدِيعِ صَنْعَتِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( وَاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ دَابَّةٍ ) وَقَرَأَ الْبَاقُونَ خَلَقَ وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ ، وَالدَّابَّةُ : كُلُّ مَا دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانِ ، يُقَالُ دَبَّ يَدِبُّ فَهُوَ دَابٌّ ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45مِنْ مَاءٍ مِنْ نُطْفَةٍ ، وَهِيَ الْمَنِيُّ ، كَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : إِنَّ الْمُرَادَ الْمَاءُ الْمَعْرُوفُ ؛ لِأَنَّ
آدَمَ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ .
وَقِيلَ : فِي الْآيَةِ تَنْزِيلُ الْغَالِبِ مَنْزِلَةِ الْكُلِّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ فِي الْحَيَوَانَاتِ مَا يَتَوَلَّدُ لَا عَنْ نُطْفَةٍ ، وَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ الْمَلَائِكَةُ فَإِنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ نُورٍ ، وَالْجَانُّ فَإِنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ نَارٍ .
ثُمَّ فَصَّلَ سُبْحَانَهُ أَحْوَالَ كُلِّ دَابَّةٍ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَهِيَ الْحَيَّاتُ وَالْحُوتُ وَالدُّودُ وَنَحْوُ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ الْإِنْسَانُ وَالطَّيْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يَمْشِي عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ لِقِلَّتِهِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الْمَشْيَ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ وَإِنْ كَانَتِ الْقَوَائِمُ كَثِيرَةً ، وَقِيلَ : لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمَا يَمْشِي عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ ؟ وَقِيلَ : لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمَشْيِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِ ذَلِكَ وَلَا جَاءَ بِمَا يَقْتَضِي الْحَصْرَ ، وَفِي
[ ص: 1021 ] مُصْحَفِ
أُبَيٍّ ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ ) فَعَمَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ جَمِيعَ مَا يَمْشِي عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ كَالسَّرَطَانِ وَالْعَنَاكِبِ وَكَثِيرٍ مِنْ خِشَاشِ الْأَرْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِمَّا ذَكَرَهُ هَاهُنَا وَمِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ كَالْجَمَادَاتِ مُرَكَّبِهَا وَبَسِيطِهَا نَامِيهَا وَغَيْرِ نَامِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ بَلِ الْكُلُّ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ دَاخِلٌ تَحْتِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ أَيِ الْقُرْآنَ ، فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى بَيَانِ كُلِّ شَيْءٍ وَمَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مِثْلِ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ بِتَوْفِيقِهِ لِلنَّظَرِ الصَّحِيحِ وَإِرْشَادِهِ إِلَى التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=25إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ إِلَى طَرِيقٍ مُسْتَوٍ لَا عِوَجَ فِيهِ ، فَيُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إِلَى الْخَيْرِ التَّامِّ وَهُوَ نُعَيْمُ الْجَنَّةِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ قَالَ : هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ كَرَجُلٍ عَطِشَ فَاشْتَدَّ عَطَشُهُ فَرَأَى سَرَابًا فَحَسِبَهُ مَاءً ، فَطَلَبَهُ فَظَنَّ أَنَّهُ قَدَرَ عَلَيْهِ حَتَّى أَتَى ، فَلَمَّا أَتَاهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ، وَقُبِضَ عِنْدَ ذَلِكَ ، يَقُولُ : الْكَافِرُ كَذَلِكَ السَّرَابُ إِذَا أَتَاهُ الْمَوْتُ لَمْ يَجِدْ عَمَلَهُ يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا ، وَلَا يَنْفَعُهُ إِلَّا كَمَا نَفَعَ السَّرَابُ الْعَطْشَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ قَالَ : يَعْنِي بِالظُّلُمَاتِ الْأَعْمَالَ ، وَبِالْبَحْرِ اللُّجِّيِّ قَلْبَ الْإِنْسَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40يَغْشَاهُ مَوْجٌ يَعْنِي بِذَلِكَ الْغِشَاوَةَ الَّتِي عَلَى الْقَلْبِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ بِقِيعَةٍ : بِأَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقٍ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إِنَّ الْكُفَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِرْدًا عِطَاشًا فَيَقُولُونَ أَيْنَ الْمَاءُ ؟ فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ السَّرَابُ فَيَحْسَبُونَهُ مَاءً ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَيْهِ فَيَجِدُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَيُوَفِّيهِمْ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَفِي إِسْنَادِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ عَنْ أَبِيهِ ، وَفِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ قَالَ : الصَّلَاةُ لِلْإِنْسَانِ وَالتَّسْبِيحُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ خَلْقِهِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ قَالَ : بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
قَتَادَةَ نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَقُولُ : ضَوْءُ بَرْقِهِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُلُّ شَيْءٍ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ . وَأَقُولُ : هَذِهِ الطُّيُورُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا تَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ ، وَهَكَذَا غَيْرُهَا ، كَالنَّعَامَةِ فَإِنَّهَا تَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ ، وَلَيْسَتْ مِنَ الطَّيْرِ ، فَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تَصِحُّ .