nindex.php?page=treesubj&link=28977_19537_28902_29692_30175_30612_31791_32438nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قل لا أقول لكم عندي خزائن الله استئناف مبني على ما أسس من السنة الإلهية في شأن إرسال الرسل وإنزال الكتب ، مسوق لإظهار تبرئه صلى الله عليه وسلم عما يدور عليه مقترحاتهم ; أي : قل للكفرة الذين يقترحون عليك تارة تنزيل الآيات وأخرى غير ذلك : لا أدعي أن خزائن مقدوراته تعالى مفوضة إلي أتصرف فيها كيفما أشاء ، استقلالا أو استدعاء ، حتى تقترحوا علي تنزيل الآيات ، أو إنزال العذاب ، أو قلب الجبال ذهبا ، أو غير ذلك مما لا يليق بشأني ، وجعل هذا تبرؤا عن دعوى الإلهية مما لا وجه له قطعا .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50ولا أعلم الغيب عطف على محل "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50عندي خزائن الله " ; أي : ولا أدعي أيضا أني أعلم الغيب من أفعاله تعالى حتى تسألوني عن وقت الساعة ، أو وقت نزول العذاب ، أو نحوهما .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50ولا أقول لكم إني ملك حتى تكلفوني من الأفاعيل الخارقة للعادات ما لا يطيق به البشر من الرقي في السماء ونحوه ، أو تعدوا عدم اتصافي بصفاتهم قادحا في أمري ، كما ينبئ عنه قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق .
والمعنى : أني لا أدعي شيئا من هذه الأشياء الثلاثة حتى تقترحوا علي ما هو من آثارها وأحكامها ، وتجعلوا عدم إجابتي إلى ذلك دليلا على عدم صحة ما أدعيه من الرسالة ، التي لا تعلق لها بشيء مما ذكر قطعا ، بل إنما هي
[ ص: 137 ] عبارة عن تلقي الوحي من جهة الله عز وجل ، والعمل بمقتضاه فحسب ، حسبما ينبئ عنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50إن أتبع إلا ما يوحى إلي لا على معنى تخصيص اتباعه صلى الله عليه وسلم بما يوحى إليه دون غيره ، بتوجيه القصر إلى المفعول بالقياس إلى مفعول آخر ، كما هو الاستعمال الشائع الوارد على توجيه القصر إلى ما يتعلق بالفعل ، باعتبار النفي في الأصل والإثبات في القيد ، بل على معنى تخصيص حاله صلى الله عليه وسلم باتباع ما يوحى إليه بتوجيه القصر إلى نفس الفعل بالقياس إلى ما يغره من الأفعال ، لكن لا باعتبار النفي والإثبات معا في خصوصية ، فإن ذلك غير ممكن قطعا ، بل باعتبار النفي فيما يتضمنه من مطلق الفعل والإثبات فيما يقارنه من المعنى المخصوص .
فإن كل فعل من الأفعال الخاصة ، كنصر مثلا ، ينحل عند التحقيق إلى معنى مطلق ، هو مدلول لفظ الفعل ، وإلى معنى خاص يقومه ، فإن معناه : فعل النصر ، يرشدك إلى ذلك قولهم : معنى فلان يعطي ويمنع : يفعل الإعطاء والمنع ; فمورد القصر في الحقيقة ما يتعلق بالفعل بتوجيه النفي إلى الأصل والإثبات إلى القيد ، كأنه قيل : ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلي من غير أن يكون لي مدخل ما في الوحي ، أو في الموحى بطريق الاستدعاء ، أو بوجه آخر من الوجوه أصلا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قل هل يستوي الأعمى والبصير مثل للضال والمهتدي على الإطلاق ، والاستفهام إنكاري ، والمراد : إنكار استواء من لا يعلم ما ذكر من الحقائق ومن يعلمها ، وفيه من الإشعار بكمال ظهورها ، ومن التنفير عن الضلال والترغيب في الاهتداء ما لا يخفى ، وتكرير الأمر لتثنية التبكيت وتأكيد الإلزام .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50أفلا تتفكرون تقريع وتوبيخ داخل تحت الأمر ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ; أي : ألا تسمعون هذا الكلام الحق فلا تتفكرون فيه ؟ أو أتسمعون فلا تتفكرون فيه ؟ فمناط التوبيخ في الأول عدم الأمرين معا ، وفي الثاني عدم التفكر مع تحقق ما يوجبه .
nindex.php?page=treesubj&link=28977_19537_28902_29692_30175_30612_31791_32438nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ اسْتِئْنَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أُسِّسَ مِنَ السُّنَّةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي شَأْنِ إِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ ، مَسُوقٌ لِإِظْهَارِ تَبَرُّئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَدُورُ عَلَيْهِ مُقْتَرَحَاتُهُمْ ; أَيْ : قُلْ لِلْكَفَرَةِ الَّذِينَ يَقْتَرِحُونَ عَلَيْكَ تَارَةً تَنْزِيلَ الْآيَاتِ وَأُخْرَى غَيْرَ ذَلِكَ : لَا أَدَّعِي أَنَّ خَزَائِنَ مَقْدُورَاتِهِ تَعَالَى مُفَوَّضَةٌ إِلَيَّ أَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَمَا أَشَاءُ ، اسْتِقْلَالًا أَوِ اسْتِدْعَاءً ، حَتَّى تَقْتَرِحُوا عَلَيَّ تَنْزِيلَ الْآيَاتِ ، أَوْ إِنْزَالَ الْعَذَابِ ، أَوْ قَلْبَ الْجِبَالِ ذَهَبًا ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِشَأْنِي ، وَجَعْلُ هَذَا تَبَرُّؤًا عَنْ دَعْوَى الْإِلَهِيَّةِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ قَطْعًا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ " ; أَيْ : وَلَا أَدَّعِي أَيْضًا أَنِّي أَعْلَمُ الْغَيْبَ مِنْ أَفْعَالِهِ تَعَالَى حَتَّى تَسْأَلُونِي عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ ، أَوْ وَقْتِ نُزُولِ الْعَذَابِ ، أَوْ نَحْوِهِمَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ حَتَّى تُكَلِّفُونِي مِنَ الْأَفَاعِيلِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَاتِ مَا لَا يُطِيقُ بِهِ الْبَشَرُ مِنَ الرُّقِيِّ فِي السَّمَاءِ وَنَحْوِهِ ، أَوْ تَعُدُّوا عَدَمَ اتِّصَافِي بِصِفَاتِهِمْ قَادِحًا فِي أَمْرِي ، كَمَا يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ .
وَالْمَعْنَى : أَنِّي لَا أَدَّعِي شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى تَقْتَرِحُوا عَلَيَّ مَا هُوَ مِنْ آثَارِهَا وَأَحْكَامِهَا ، وَتَجْعَلُوا عَدَمَ إِجَابَتِي إِلَى ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا أَدَّعِيهِ مِنَ الرِّسَالَةِ ، الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ قَطْعًا ، بَلْ إِنَّمَا هِيَ
[ ص: 137 ] عِبَارَةٌ عَنْ تَلَقِّي الْوَحْيِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ فَحَسْبُ ، حَسْبَمَا يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ لَا عَلَى مَعْنَى تَخْصِيصِ اتِّبَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ ، بِتَوْجِيهِ الْقَصْرِ إِلَى الْمَفْعُولِ بِالْقِيَاسِ إِلَى مَفْعُولٍ آخَرَ ، كَمَا هُوَ الِاسْتِعْمَالُ الشَّائِعُ الْوَارِدُ عَلَى تَوْجِيهِ الْقَصْرِ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ ، بِاعْتِبَارِ النَّفْيِ فِي الْأَصْلِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْقَيْدِ ، بَلْ عَلَى مَعْنَى تَخْصِيصِ حَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّبَاعِ مَا يُوحَى إِلَيْهِ بِتَوْجِيهِ الْقَصْرِ إِلَى نَفْسِ الْفِعْلِ بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا يَغُرُّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ ، لَكِنْ لَا بِاعْتِبَارِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَعًا فِي خُصُوصِيَّةٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ قَطْعًا ، بَلْ بِاعْتِبَارِ النَّفْيِ فِيمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ مُطْلَقِ الْفِعْلِ وَالْإِثْبَاتِ فِيمَا يُقَارِنُهُ مِنَ الْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ .
فَإِنَّ كُلَّ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَاصَّةِ ، كَنَصَرَ مَثَلًا ، يَنْحَلُّ عِنْدَ التَّحْقِيقِ إِلَى مَعْنًى مُطْلَقٍ ، هُوَ مَدْلُولُ لَفْظِ الْفِعْلِ ، وَإِلَى مَعْنًى خَاصٍّ يَقُومُهُ ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَعَلَ النَّصْرَ ، يُرْشِدُكَ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : مَعْنَى فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ : يَفْعَلُ الْإِعْطَاءَ وَالْمَنْعَ ; فَمَوْرِدُ الْقَصْرِ فِي الْحَقِيقَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ بِتَوْجِيهِ النَّفْيِ إِلَى الْأَصْلِ وَالْإِثْبَاتِ إِلَى الْقَيْدِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : مَا أَفْعَلُ إِلَّا اتِّبَاعَ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِي مُدْخَلٌ مَا فِي الْوَحْيِ ، أَوْ فِي الْمُوحَى بِطَرِيقِ الِاسْتِدْعَاءِ ، أَوْ بِوَجْهٍ آخَرَ مِنَ الْوُجُوهِ أَصْلًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ مَثَلٌ لِلضَّالِّ وَالْمُهْتَدِي عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ ، وَالْمُرَادُ : إِنْكَارُ اسْتِوَاءِ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْحَقَائِقِ وَمَنْ يَعْلَمُهَا ، وَفِيهِ مِنَ الْإِشْعَارِ بِكَمَالِ ظُهُورِهَا ، وَمِنَ التَّنْفِيرِ عَنِ الضَّلَالِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الِاهْتِدَاءِ مَا لَا يَخْفَى ، وَتَكْرِيرُ الْأَمْرِ لِتَثْنِيَةِ التَّبْكِيتِ وَتَأْكِيدِ الْإِلْزَامِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ دَاخِلٌ تَحْتَ الْأَمْرِ ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ ; أَيْ : أَلَا تَسْمَعُونَ هَذَا الْكَلَامَ الْحَقَّ فَلَا تَتَفَكَّرُونَ فِيهِ ؟ أَوْ أَتَسْمَعُونَ فَلَا تَتَفَكَّرُونَ فِيهِ ؟ فَمَنَاطُ التَّوْبِيخِ فِي الْأَوَّلِ عَدَمُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا ، وَفِي الثَّانِي عَدَمُ التَّفَكُّرِ مَعَ تَحَقُّقِ مَا يُوجِبُهُ .