nindex.php?page=treesubj&link=28977_19860_29690_29785_30347_32026_34131_34513nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم بعد ما حكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن من الكفرة قوما لا يتعظون بتصريف الآيات الباهرة ، ولا يتأثرون بمشاهدة المعجزات القاهرة ، قد إيفت مشاعرهم بالكلية والتحقوا بالأموات ، وقرر ذلك بأن كرر عليهم من فنون التبكيت والإلزام ما يلقمهم الحجر أي إلقام ، فأبوا إلا الإباء والنكير ، وما نجع فيهم عظة ولا تذكير ، وما أفادهم الإنذار إلا الإصرار على الإنكار ، أمر عليه الصلاة والسلام بتوجيه الإنذار إلى من يتوقع منهم التأثر في الجملة ، وهم المجوزون منهم للحشر على الوجه الآتي ، سواء كانوا جازمين بأصله ، كأهل الكتاب وبعض المشركين المعترفين بالبعث ، المترددين في شفاعة آبائهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كالأولين ، أو في شفاعة الأصنام كالآخرين ، أو مترددين فيهما معا ، كبعض الكفرة الذين يعلم من حالهم أنهم إذا سمعوا بحديث البعث يخافون أن يكون حقا ، وأما المنكرون للحشر رأسا ، والقائلون به ، القاطعون بشفاعة آبائهم ، أو بشفاعة الأصنام ، فهم خارجون ممن أمر بإنذارهم .
وقد قيل : هم المفرطون في الأعمال من المؤمنين ، ولا يساعده سباق النظم الكريم ولا سياقه ، بل فيه ما يقضي باستحالة صحته كما ستقف عليه .
[ ص: 138 ]
والضمير المجرور لما يوحى ، أو لما دل هو عليه من القرآن ، والمفعول الثاني للإنذار ; إما العذاب الأخروي المدلول عليه بما في حيز الصلة ، وإما مطلق العذاب الذي ورد به الوعيد ، والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية المطلقة والتصرف الكلي ; لتربية المهابة وتحقيق المخافة .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع في حيز النصب على الحالية من ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51 "يحشروا " . و"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51من " متعلقة بمحذوف وقع حالا من اسم ليس ; لأنه في الأصل صفة له ، فلما قدم عليه انتصب حالا ، خلا أن الحال الأولى لإخراج الحشر الذي لم يقيد بها عن حيز الخوف ، وتحقيق أن ما نيط به الخوف هو الحشر على تلك الحالة ، لا الحشر كيفما كان ضرورة أن المعترفين به الجازمين بنصرة غيره تعالى بمنزلة المنكرين له في عدم الخوف الذي عليه يدور أمر الإنذار .
وأما الحال الثانية فليست لإخراج الولي الذي لم يقيد بها عن حيز الانتفاء لفساد المعنى ، لاستلزام ثبوت ولايته تعالى لهم ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ، بل لتحقيق مدار خوفهم ، وهو فقدان ما علقوا به رجاءهم ، وذلك إنما هو ولاية غيره سبحانه وتعالى في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=32ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء .
والمعنى : أنذر به الذين يخافون أن يحشروا غير منصورين من جهة أنصارهم على زعمهم ، ومن هذا اتضح أن لا سبيل إلى كون المراد بالخائفين المفرطين من المؤمنين ; إذ ليس لهم ولي سواه تعالى ليخافوا الحشر بدون نصرته ، وإنما الذي يخافونه الحشر بدون نصرته عز وجل .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51لعلهم يتقون تعليل للأمر ; أي : أنذرهم لكي يتقوا الكفر والمعاصي ، أو حال من ضمير الأمر ; أي : أنذرهم راجيا تقواهم ، أو من الموصول ; أي : أنذرهم مرجوا منهم التقوى .
nindex.php?page=treesubj&link=28977_19860_29690_29785_30347_32026_34131_34513nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ بَعْدَ مَا حُكِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنَ الْكَفَرَةِ قَوْمًا لَا يَتَّعِظُونَ بِتَصْرِيفِ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ ، وَلَا يَتَأَثَّرُونَ بِمُشَاهَدَةِ الْمُعْجِزَاتِ الْقَاهِرَةِ ، قَدْ إِيفَتْ مَشَاعِرُهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْتَحَقُوا بِالْأَمْوَاتِ ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِأَنْ كَرَّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ فُنُونِ التَّبْكِيتِ وَالْإِلْزَامِ مَا يُلْقِمُهُمُ الْحَجَرَ أَيَّ إِلْقَامٍ ، فَأَبَوْا إِلَّا الْإِبَاءَ وَالنَّكِيرَ ، وَمَا نَجَعَ فِيهِمْ عِظَةٌ وَلَا تَذْكِيرٌ ، وَمَا أَفَادَهُمُ الْإِنْذَارُ إِلَّا الْإِصْرَارَ عَلَى الْإِنْكَارِ ، أُمِرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِتَوْجِيهِ الْإِنْذَارِ إِلَى مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُمُ التَّأَثُّرُ فِي الْجُمْلَةِ ، وَهُمُ الْمُجَوَّزُونَ مِنْهُمْ لِلْحَشْرِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي ، سَوَاءً كَانُوا جَازِمِينَ بِأَصْلِهِ ، كَأَهْلِ الْكِتَابِ وَبَعْضِ الْمُشْرِكِينَ الْمُعْتَرِفِينَ بِالْبَعْثِ ، الْمُتَرَدِّدِينَ فِي شَفَاعَةِ آبَائِهِمُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَالْأَوَّلِينَ ، أَوْ فِي شَفَاعَةِ الْأَصْنَامِ كَالْآخِرِينَ ، أَوْ مُتَرَدِّدِينَ فِيهِمَا مَعًا ، كَبَعْضِ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا بِحَدِيثِ الْبَعْثِ يَخَافُونَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا ، وَأَمَّا الْمُنْكِرُونَ لِلْحَشْرِ رَأْسًا ، وَالْقَائِلُونَ بِهِ ، الْقَاطِعُونَ بِشَفَاعَةِ آبَائِهِمْ ، أَوْ بِشَفَاعَةِ الْأَصْنَامِ ، فَهُمْ خَارِجُونَ مِمَّنْ أُمِرَ بِإِنْذَارِهِمْ .
وَقَدْ قِيلَ : هُمُ الْمُفَرِّطُونَ فِي الْأَعْمَالِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَا يُسَاعِدُهُ سِبَاقُ النَّظْمِ الْكَرِيمِ وَلَا سِيَاقُهُ ، بَلْ فِيهِ مَا يَقْضِي بِاسْتِحَالَةِ صِحَّتِهِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ .
[ ص: 138 ]
وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لِمَا يُوحَى ، أَوْ لِمَا دَلَّ هُوَ عَلَيْهِ مِنَ القرآن ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي لِلْإِنْذَارِ ; إِمَّا الْعَذَابُ الْأُخْرَوِيُّ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِمَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ ، وَإِمَّا مُطْلَقُ الْعَذَابِ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْوَعِيدُ ، وَالتَّعَرُّضُ لِعُنْوَانِ الربوبية الْمُنْبِئَةِ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَالتَّصَرُّفِ الْكُلِّيِّ ; لِتَرْبِيَةِ الْمَهَابَةِ وَتَحْقِيقِ الْمَخَافَةِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ فِي حَيِّزِ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ ضَمِيرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51 "يُحْشَرُوا " . وَ"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51مِنْ " مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا مِنِ اسْمِ لَيْسَ ; لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ لَهُ ، فَلَمَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ انْتَصَبَ حَالًا ، خَلَا أَنَّ الْحَالَ الْأُولَى لِإِخْرَاجِ الْحَشْرِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِهَا عَنْ حَيِّزِ الْخَوْفِ ، وَتَحْقِيقِ أَنَّ مَا نِيطَ بِهِ الْخَوْفُ هُوَ الْحَشْرُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ ، لَا الْحَشْرُ كَيْفَمَا كَانَ ضَرُورَةَ أَنَّ الْمُعْتَرِفِينَ بِهِ الْجَازِمِينَ بِنُصْرَةِ غَيْرِهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ الْمُنْكِرِينَ لَهُ فِي عَدَمِ الْخَوْفِ الَّذِي عَلَيْهِ يَدُورُ أَمْرُ الْإِنْذَارِ .
وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ فَلَيْسَتْ لِإِخْرَاجِ الْوَلِيِّ الَّذِي لَمَّ يُقَيَّدْ بِهَا عَنْ حَيِّزِ الِانْتِفَاءِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى ، لِاسْتِلْزَامِ ثُبُوتِ وِلَايَتِهِ تَعَالَى لَهُمْ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=107وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ، بَلْ لِتَحْقِيقِ مَدَارِ خَوْفِهِمْ ، وَهُوَ فُقْدَانُ مَا عَلَّقُوا بِهِ رَجَاءَهُمْ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ وِلَايَةُ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=32وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ .
وَالْمَعْنَى : أَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا غَيْرَ مَنْصُورِينَ مِنْ جِهَةِ أَنْصَارِهِمْ عَلَى زَعْمِهِمْ ، وَمِنْ هَذَا اتَّضَحَ أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْخَائِفِينَ الْمُفَرِّطِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ; إِذْ لَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ سِوَاهُ تَعَالَى لِيَخَافُوا الْحَشْرَ بِدُونِ نُصْرَتِهِ ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَخَافُونَهُ الْحَشْرَ بِدُونِ نُصْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ ; أَيْ : أَنْذِرْهُمْ لِكَيْ يَتَّقُوا الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْأَمْرِ ; أَيْ : أَنْذِرْهُمْ رَاجِيًا تَقْوَاهُمْ ، أَوْ مِنَ الْمَوْصُولِ ; أَيْ : أَنْذِرْهُمْ مَرْجُوًّا مِنْهُمُ التَّقْوَى .