الباب الخامس من الجملة الثالثة
وهو القول في صلاة الخوف .
اختلف العلماء في جواز صلاة الخوف بعد النبي - عليه الصلاة والسلام - وفي صفتها .
[ 1 -
nindex.php?page=treesubj&link=1818حكم صلاة الخوف ]
فأكثر العلماء على أن صلاة الخوف جائزة لعموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا ) الآية . ولما ثبت ذلك من فعله - عليه الصلاة والسلام - وعمل الأئمة والخلفاء بعده بذلك ، وشذ
أبو يوسف من أصحاب
أبي حنيفة فقال : لا تصلى صلاة الخوف بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بإمام واحد ، وإنما تصلى بعده بإمامين يصلي واحد منهما بطائفة ركعتين ، ثم يصلي الآخر بطائفة أخرى وهي الحارسة ركعتين أيضا وتحرس التي قد صلت .
والسبب في اختلافهم : هل صلاة النبي بأصحابه صلاة الخوف هي عبادة أو هي لمكان فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن رأى أنها عبادة لم ير أنها خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام ، ومن رآها لمكان فضل النبي - عليه الصلاة والسلام - رآها خاصة بالنبي - عليه الصلاة والسلام - وإلا فقد كان يمكننا أن ينقسم الناس على إمامين ، وإنما كان ضرورة اجتماعهم على إمام واحد خاصة من خواص النبي - عليه الصلاة والسلام - وتأيد عنده هذا التأويل بدليل الخطاب المفهوم من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) الآية . ومفهوم الخطاب أنه إذا لم يكن فيهم فالحكم غير هذا الحكم ، وقد ذهبت طائفة من فقهاء
الشام إلى
أن صلاة الخوف تؤخر عن وقت الخوف إلى وقت الأمن كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ، والجمهور على أن ذلك الفعل يوم
الخندق كان قبل نزول صلاة الخوف ، وأنه منسوخ بها .
[ 2 - صفة صلاة الخوف ]
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=1830صفة صلاة الخوف فإن العلماء اختلفوا فيها اختلافا كثيرا لاختلاف الآثار في هذا الباب : ( أعني : المنقولة من فعله ) - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف ، والمشهور من ذلك سبع صفات .
[ الصفة الأولى ]
فمن ذلك ما أخرجه
مالك ،
ومسلم من حديث
صالح بن خوات nindex.php?page=hadith&LINKID=1005952عمن صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه ، وصفت طائفة وجاه العدو ، فصلى بالتي معه ركعة ، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ، ثم انصرفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاتهم ، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ، ثم سلم بهم ، وبهذا الحديث قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
[ الصفة الثانية ]
وروى
مالك هذا الحديث بعينه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن
صالح بن خوات موقوفا
[ ص: 149 ] كمثل حديث
يزيد بن رومان :
أنه لما قضى الركعة بالطائفة الثانية سلم ولم ينتظرهم حتى يفرغوا من الصلاة ، واختار
مالك هذه الصفة ،
فالشافعي آثر المسند على الموقوف ،
ومالك آثر الموقوف ; لأنه أشبه بالأصول : ( أعني : أنه لا يجلس الإمام حتى تفرغ الطائفة الثانية من صلاتها ; لأن الإمام متبوع لا متبع ) وغير مختلف عليه .
والصفة الثالثة : ما ورد في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12077أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وجماعة وخرجه
أبو داود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005954صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بطائفة وطائفة مستقبلو العدو ، فصلى بالذين معه ركعة وسجدتين وانصرفوا ولم يسلموا ، فوقفوا بإزاء العدو ، ثم جاء الآخرون فقاموا معه ، فصلى بهم ركعة ، ثم سلم فقام هؤلاء ، فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلموا وذهبوا ، فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدو ، ورجع أولئك إلى مراتبهم فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلموا " وبهذه الصفة قال
أبو حنيفة وأصحابه ما خلا
أبا يوسف على ما تقدم " .
والصفة الرابعة الواردة في حديث
أبي عياش الزرقي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005955 " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان ، وعلى المشركين nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، فصلينا الظهر ، فقال المشركون : لقد أصبنا غفلة لو كنا حملنا عليهم ، وهم في الصلاة ، فأنزل الله آية القصر بين الظهر والعصر ، فلما حضرت العصر قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة والمشركون أمامه ، فصلى خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صف واحد ، وصف بعد ذلك صف آخر ، فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركعوا جميعا ، ثم سجد ، وسجد الصف الذي يليه ، وقام الآخر يحرسونهم فلما صلى هؤلاء سجدتين ، وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفه ، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين ، وتقدم الصف الآخر إلى مقام الصف الأول ، ثم ركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركعوا جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه ، وقام الآخرون يحرسونهم ، فلما جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصف الذي يليه سجد الآخرون ، ثم جلسوا جميعا ، فسلم بهم جميعا " وهذه الصلاة صلاها
بعسفان وصلاها يوم
بني سليم . قال
أبو داود : وروي هذا عن
جابر وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعن
مجاهد ، وعن
أبي موسى وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وهو أحوطها يريد أنه ليس في هذه الصفة كبير عمل مخالف لأفعال الصلاة المعروفة ، وقال بهذه الصفة جملة من أصحاب
مالك وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وخرجها
مسلم عن
جابر ، وقال
جابر : كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائكم .
والصفة الخامسة : الواردة في حديث
حذيفة قال
ثعلبة بن زهدم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005956كنا مع nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاصي بطبرستان ، فقام فقال : أيكم صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ؟ قال حذيفة : أنا ، فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا شيئا " وهذا مخالف للأصل مخالفة كثيرة . وخرج أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في معناه أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005957الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع وفي السفر ركعتان وفي الخوف ركعة واحدة " وأجاز هذه الصفة
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . )
والصفة السادسة : الواردة في حديث
أبي بكرة وحديث
جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه صلى بكل طائفة من الطائفتين ركعتين ركعتين ، وبه كان يفتي
الحسن ، وفيه دليل على اختلاف نية الإمام والمأموم لكونه متما ، وهم مقصرون ، خرجه
مسلم عن
جابر .
[ ص: 150 ] والصفة السابعة : الواردة في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي - عليه الصلاة والسلام -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005959أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال : يتقدم الإمام ، وطائفة من الناس ، فيصلي بهم ركعة . وتكون طائفة منهم بينه ، وبين العدو لم يصلوا ، فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا معه ولا يسلمون ، ويتقدم الذين لم يصلوا ، فيصلون معه ركعة ، ثم ينصرف الإمام ، وقد صلى ركعتين تتقدم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة بعد أن ينصرف الإمام فتكون كل واحدة من الطائفتين قد صلت ركعتين ، فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم ، أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها ، وممن قال بهذه الصفة
أشهب عن
مالك وجماعة .
وقال
أبو عمر : الحجة لمن قال بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا أنه ورد بنقل الأئمة أهل
المدينة وهم الحجة في النقل على من خالفهم ، وهي أيضا مع هذا أشبه بالأصول لأن الطائفة الأولى والثانية لم يقضوا الركعة إلا بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة وهو المعروف من سنة القضاء المجتمع عليها في سائر الصلوات ، وأكثر العلماء على ما جاء في هذا الحديث من أنه إذا اشتد الخوف جاز أن يصلوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها ، وإيماء من غير ركوع ولا سجود ، وخالف في ذلك
أبو حنيفة فقال : لا يصلي الخائف إلا إلى القبلة ، ولا يصلي أحد في حال المسايفة .
وسبب الخلاف في ذلك مخالفة هذا الفعل للأصول ، وقد رأى قوم أن هذه الصفات كلها جائزة ، وأن للمكلف أن يصلي أيتها أحب ، وقد قيل : إن هذا الاختلاف إنما كان بحسب اختلاف المواطن .
الْبَابُ الْخَامِسُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ
وَهُوَ الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ .
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي صِفَتِهَا .
[ 1 -
nindex.php?page=treesubj&link=1818حُكْمُ صَلَاةِ الْخَوْفِ ]
فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَائِزَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا ) الْآيَةَ . وَلِمَا ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَمَلِ الْأَئِمَّةِ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ بِذَلِكَ ، وَشَذَّ
أَبُو يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ
أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ : لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِمَامٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا تُصَلَّى بَعْدَهُ بِإِمَامَيْنِ يُصَلِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يُصَلِّي الْآخَرُ بِطَائِفَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْحَارِسَةُ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا وَتَحْرُسُ الَّتِي قَدْ صَلَّتْ .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ : هَلْ صَلَاةُ النَّبِيِّ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ هِيَ عِبَادَةٌ أَوْ هِيَ لِمَكَانِ فَضْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا عِبَادَةٌ لَمْ يَرَ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَمَنْ رَآهَا لِمَكَانِ فَضْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَآهَا خَاصَّةً بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَإِلَّا فَقَدَ كَانَ يُمْكِنُنَا أَنْ يَنْقَسِمَ النَّاسُ عَلَى إِمَامَيْنِ ، وَإِنَّمَا كَانَ ضَرُورَةُ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ خَاصَّةً مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَأَيَّدَ عِنْدَهُ هَذَا التَّأْوِيلُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ ) الْآيَةَ . وَمَفْهُومُ الْخِطَابِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَالْحُكْمُ غَيْرُ هَذَا الْحُكْمِ ، وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ
الشَّامِ إِلَى
أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ تُؤَخَّرُ عَنْ وَقْتِ الْخَوْفِ إِلَى وَقْتِ الْأَمْنِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَوْمَ
الْخَنْدَقِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ ، وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِهَا .
[ 2 - صِفَةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ ]
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=1830صِفَةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ : ( أَعْنِي : الْمَنْقُولَةَ مِنْ فِعْلِهِ ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعُ صِفَاتٍ .
[ الصِّفَةُ الْأُولَى ]
فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ
مَالِكٌ ،
وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=1005952عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ ، وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِمْ ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ ، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ .
[ الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ ]
وَرَوَى
مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مَوْقُوفًا
[ ص: 149 ] كَمِثْلِ حَدِيثِ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ :
أَنَّهُ لَمَّا قَضَى الرَّكْعَةَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَلَّمَ وَلَمْ يَنْتَظِرْهُمْ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنَ الصَّلَاةِ ، وَاخْتَارَ
مَالِكٌ هَذِهِ الصِّفَةَ ،
فَالشَّافِعِيُّ آثَرَ الْمُسْنَدَ عَلَى الْمَوْقُوفِ ،
وَمَالِكٌ آثَرَ الْمَوْقُوفَ ; لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْأُصُولِ : ( أَعْنِي : أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ الْإِمَامُ حَتَّى تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاتِهَا ; لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ لَا مُتَّبِعٌ ) وَغَيْرُ مُخْتَلَفٍ عَلَيْهِ .
وَالصِّفَةُ الثَّالِثَةُ : مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12077أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَخَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُدَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005954صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ وَطَائِفَةٌ مُسْتَقْبِلُو الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِالَّذِينِ مَعَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وَانْصَرَفُوا وَلَمْ يُسَلِّمُوا ، فَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا مَعَهُ ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ هَؤُلَاءِ ، فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمُوا وَذَهَبُوا ، فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوِّ ، وَرَجَعَ أُولَئِكَ إِلَى مَرَاتِبِهِمْ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمُوا " وَبِهَذِهِ الصِّفَةِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَا خَلَا
أَبَا يُوسُفَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ " .
وَالصِّفَةُ الرَّابِعَةُ الْوَارِدَةُ فِي حَدِيثِ
أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005955 " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَسَفَانَ ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَصَلَّيْنَا الظُّهْرَ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَقَدْ أَصَبْنَا غَفْلَةً لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْقَصْرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْمُشْرِكُونَ أَمَامَهُ ، فَصَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفٌّ وَاحِدٌ ، وَصَفَّ بَعْدَ ذَلِكَ صَفٌّ آخَرُ ، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَكَعُوا جَمِيعًا ، ثُمَّ سَجَدَ ، وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ ، وَقَامَ الْآخَرُ يَحْرُسُونَهُمْ فَلَمَّا صَلَّى هَؤُلَاءِ سَجْدَتَيْنِ ، وَقَامُوا سَجَدَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُ ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى مَقَامِ الْآخَرِينَ ، وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْآخَرُ إِلَى مَقَامِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَكَعُوا جَمِيعًا ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ ، فَلَمَّا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ سَجَدَ الْآخَرُونَ ، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا ، فَسَلَّمَ بِهِمْ جَمِيعًا " وَهَذِهِ الصَّلَاةُ صَلَّاهَا
بِعَسَفَانَ وَصَلَّاهَا يَوْمَ
بَنِي سُلَيْمٍ . قَالَ
أَبُو دَاوُدَ : وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
جَابِرٍ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ
مُجَاهِدٍ ، وَعَنْ
أَبِي مُوسَى وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ وَهُوَ أَحْوَطُهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ كَبِيرُ عَمَلٍ مُخَالِفٍ لِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ الْمَعْرُوفَةِ ، وَقَالَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ جُمْلَةٌ مِنْ أَصْحَابِ
مَالِكٍ وَأَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَخَرَّجَهَا
مُسْلِمٌ عَنْ
جَابِرٍ ، وَقَالَ
جَابِرٌ : كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلَاءِ بِأُمَرَائِكُمْ .
وَالصِّفَةُ الْخَامِسَةُ : الْوَارِدَةُ فِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ قَالَ
ثَعْلَبَةُ بْنُ زَهْدَمٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005956كُنَّا مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=74سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بِطَبَرِسْتَانَ ، فَقَامَ فَقَالَ : أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ : أَنَا ، فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا شَيْئًا " وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ مُخَالَفَةً كَثِيرَةً . وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005957الصَّلَاةُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعٌ وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ " وَأَجَازَ هَذِهِ الصِّفَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ . )
وَالصِّفَةُ السَّادِسَةُ : الْوَارِدَةُ فِي حَدِيثِ
أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثِ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي
الْحَسَنُ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِكَوْنِهِ مُتِمًّا ، وَهُمْ مُقْصِرُونَ ، خَرَّجَهُ
مُسْلِمٌ عَنْ
جَابِرٍ .
[ ص: 150 ] وَالصِّفَةُ السَّابِعَةُ : الْوَارِدَةُ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005959أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ : يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ ، وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ ، فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً . وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا ، فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا مَعَهُ وَلَا يُسَلِّمُونَ ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا ، فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ ، وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَتَقَدَّمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ
أَشْهَبُ عَنْ
مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ .
وَقَالَ
أَبُو عُمَرَ : الْحُجَّةُ لِمَنْ قَالَ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ هَذَا أَنَّهُ وَرَدَ بِنَقْلِ الْأَئِمَّةِ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَهُمُ الْحُجَّةُ فِي النَّقْلِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ ، وَهِيَ أَيْضًا مَعَ هَذَا أَشْبَهُ بِالْأُصُولِ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ لَمْ يَقْضُوا الرَّكْعَةَ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ سُنَّةِ الْقَضَاءِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ جَازَ أَنْ يُصَلُّوا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا ، وَإِيمَاءً مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ
أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ : لَا يُصَلِّي الْخَائِفُ إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ ، وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ .
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ هَذَا الْفِعْلِ لِلْأُصُولِ ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا جَائِزَةٌ ، وَأَنَّ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يُصَلِّيَ أَيَّتَهَا أَحَبَّ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا كَانَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ .