الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب بالزواج من فتاة أحبها ولكني ما زلت أدرس، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا أحب فتاة تجمع كل الصفات التي كنت أحلم بها، من أخلاق وغير ذلك من التفاصيل، ونحن مرتبطان ونحب بعضنا كثيرًا، ومتمسكان ببعضنا البعض، أنا بعمر 21 عامًا، وهي بعمر 19 عامًا، وتدرس معي في الكلية.

أنا ما زلت أدرس، ولا أستطيع التقدّم لخطبتها الآن، إذ تبقّت لي سنتان في الجامعة، ثم سنة للخدمة العسكرية، كما أنني لا أملك مبلغًا ماديًّا يُمكّنني حتى من خطوة التقدّم.

أخبرت والدتي عن العلاقة، وهي تعلم بالأمر، وكذلك أخبرنا والدتها، لكن والدتها تحدثت معنا بأن هذه العلاقة حرام، وقالت أيضًا إنه ما زال الوقت مبكرًا بالنسبة لي، وترغب في أن ننفصل الآن، ونعود لبعضنا إذا صرت قادرًا على التقدّم، بمعنى آخر: تريد أن نبتعد عن بعضنا لعامين أو أكثر، بحسب قدرتي لاحقًا على التقدّم الرسمي.

أنا لا أستطيع الابتعاد عنها، وأشعر بأنني لو اتخذت قرار الابتعاد، قد تُنتزع مني، أو قد تتغير مشاعرها تجاهي، وأنا كذلك، لأنه كما يُقال: "البعيد عن العين بعيد عن القلب".

أنا بحاجة إلى حلّ، لا أعلم ماذا أفعل، وأشعر أن حالتي النفسية متعبة جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نتفهم موقفك جيدًا، وهو موقف ليس بالسهل، أنت مرتبط عاطفيًا بشخصية تحبها، وتشعر بأنها تحتوي كل ما كنت تبحث عنه، لكن هناك تحديات كبيرة أمامك، سواء من ناحية الدراسة أو الوضع المادي، مما يجعل التقدم لها بشكل رسمي صعبًا في الوقت الحالي.

من الطبيعي أن تشعر بالقلق والضيق، خاصة عندما تفكر في فكرة الابتعاد عنها لفترة قد تكون طويلة، ومن الناحية الشرعية، العلاقة بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج في الإسلام تعتبر محرمة، ولذلك يجب أن نأخذ هذا في الاعتبار.

والدتها قد تكون قلقة من هذا المنطلق، خاصة أنكما لا تزالان في مرحلة عمرية قد تكون غير مهيأة لالتزامات الزواج ومسؤولياته، لذلك لا بد من قطع التواصل بينكما لحين الترتيب لموضوع الزواج بشكل فعلي.

الحل هنا يحتاج إلى الحكمة والاتزان، أولاً: يجب أن تتحدث مع نفسك بصراحة عن مدى جاهزيتك للزواج من كل النواحي، ليس فقط من ناحية الحب، ولكن من ناحية القدرة على تحمل المسؤولية.

إليك بعض الخطوات العملية:

1. إذا كنت جادًا بشأن هذه العلاقة وتعتقد أنها الشخص المناسب لك، يمكن أن تحدد مع هذه الفتاة هدفًا واضحًا للمستقبل، مثل الاتفاق على الانتظار حتى تكون جاهزًا للتقدم بعد التخرج من الدراسة والخدمة العسكرية.
2. إذا كنت مرتاحًا مع هذا الخيار، يمكنك أن تطلب من والدتك أو أحد أفراد عائلتك التواصل مع والدتها لطمأنتها بأنك جاد، وتنوي التقدم لها بعد انتهاء التزاماتك.

3. إذا قررتما الاستمرار في العلاقة بشكل غير رسمي (بدون خطبة)، يمكن أن تتفقا على عدم التواصل، والتفرغ لتحقيق أهدافكما في هذه الفترة، مع حفظ النية والوفاء بالعهد.

4. لا تنسَ الدعاء والاستخارة في هذه الأمور المهمة، فقد يساعدك الله في اتخاذ القرار الصحيح، وفتح الأبواب لكما بطريقة لم تتوقعها.

5. حاول أن تتخيل كيف ستكون حياتكما بعد سنتين أو ثلاث؟ وهل سيكون الانتظار مناسبًا لكما؟ إذا كانت العلاقة مبنية على الحب الصادق والتفاهم، فالانتظار لن يؤثر عليها بشكل كبير.

6. من الطبيعي أن تشعر بالتوتر والقلق، لكن يجب أن تحافظ على صحتك النفسية، يمكن أن تلجأ إلى النشاطات التي تحبها وتفرغ فيها طاقتك، مثل الرياضة أو الهوايات الأخرى.

هناك عدة نصائح نفسية يمكن أن تساعدك في التعامل مع هذه الفترة الصعبة، وللتخفيف من التوتر والقلق عليك:

- التحدث عن مشاعرك مع شخص تثق به يمكن أن يكون له أثر إيجابي كبير، إذا كنت تشعر بالقلق أو الحزن، حاول أن تتحدث مع صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة، قد يساعدك ذلك في تنظيم أفكارك والتخفيف من الضغط.

- ممارسة التنفس العميق، يمكن أن يساعد ذلك في تهدئة ذهنك وتخفيف التوتر.
- بدلاً من التفكير في المدى الطويل فقط، حاول أن تركز على أهداف قصيرة المدى يمكن أن تساعدك في تحسين وضعك الحالي، على سبيل المثال، تحسين أدائك الأكاديمي أو توفير بعض المال يمكن أن يجعلك تشعر بالتقدم والتحسن.

- الصحة الجسدية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصحة النفسية، حاول أن تهتم بنظامك الغذائي، وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم، هذه العوامل يمكن أن تؤثر إيجابيًا على مزاجك وحالتك النفسية.

- قد يكون لديك الكثير من المسؤوليات، مثل الدراسة والتحضير للمستقبل، حاول أن تدير وقتك بشكل فعّال لتجنب الشعور بالإرهاق. وضع جدولاً زمنياً يمكن أن يساعدك في تنظيم يومك، وتحقيق التوازن بين الالتزامات.

- البقاء على الاتصال إيمانيا يكون مصدرًا كبيرًا للقوة، وقراءة القرآن، والصلاة، والدعاء يمنحك الاستقرار الداخلي ويوجهك في اتخاذ القرارات الصعبة، قراءة سورة "الشرح" مثلاً، أو الاستماع إلى القرآن يمكن أن يكون له أثر مهدئ في مثل هذه الأوقات.

- الكتابة عن مشاعرك أو تدوين يومياتك يمكن أن تكون وسيلة فعّالة للتفريغ النفسي، اكتب ما تشعر به، وما يقلقك، وما تتطلع إليه، قد يساعدك ذلك في رؤية الأمور من زاوية مختلفة والشعور بالارتياح.

- عندما نمر بفترات صعبة، قد يكون من المغري الانعزال، لكن البقاء على اتصال مع الآخرين يمكن أن يوفر لك الدعم الذي تحتاجه، حاول أن تبقى اجتماعيًا، حتى لو كان ذلك من خلال التواصل عبر الإنترنت أو الهاتف.

- من المهم أن تتقبل مشاعرك سواء كانت إيجابية أو سلبية، لا تحاول قمع أو تجاهل المشاعر السلبية مثل القلق أو الحزن، بل تعامل معها بشكل صحي من خلال الحديث عنها أو مواجهتها بطريقة إيجابية.

- حافظ على إيمانك بأن الله يريد لك الخير، وأن الأمور ستتحسن مع الوقت، حاول أن تكون متفائلًا، وركز على النعم التي لديك، حتى في الأوقات الصعبة.

اتباع هذه النصائح يمكن أن يساعدك على التعامل مع مشاعرك بشكل أفضل، ويجعل هذه الفترة أقل توترًا، وتأكد أن الله تعالى يعلم نيتك، وأن كل تأخير قد يحمل في طياته خيرًا لا نعلمه، اجتهد في دراستك، واستعد لمستقبلك، وثق بأن الأمور ستسير كما أراد الله لها أن تكون.

يسر الله أموركما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً