بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
nindex.php?page=treesubj&link=13648كتاب الفرائض
والنظر في هذا الكتاب ، فيمن يرث ، وفيمن لا يرث . ومن يرث هل يرث دائما ، أو مع وارث دون وارث ،
[ ص: 671 ] وإذا ورث مع غيره فكم يرث وكذلك إذا ورث وحده كم يرث ؟ وإذا ورث مع وارث ، فهل يختلف ذلك بحسب وارث وارث أو لا يختلف ؟
والتعليم في هذا يمكن على وجوه كثيرة قد سلك أكثرها أهل الفرائض ، والسبيل الحاضرة في ذلك بأن يذكر حكم جنس جنس من أجناس الورثة إذا انفرد ذلك الجنس ، وحكمه مع سائر الأجناس الباقية ، مثال ذلك أن ينظر إلى الولد إذا انفرد كم ميراثه ، ثم ينظر حاله مع سائر الأجناس الباقية من الوارثين .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=13659الأجناس الوارثة فهي ثلاثة : ذو نسب ، وأصهار ، وموالي .
فأما ذوو النسب ، فمنها متفق عليها ، ومنها مختلف فيها .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=13662المتفق عليها فهي الفروع ( أعني : الأولاد ) ، والأصول ( أعني : الآباء والأجداد ) ذكورا كانوا أو إناثا ، وكذلك الفروع المشاركة للميت في الأصل الأدنى : ( أعني : الإخوة ذكورا أو إناثا ، أو المشاركة الأدنى أو الأبعد في أصل واحد وهم الأعمام وبنو الأعمام ) ، وذلك الذكور من هؤلاء خاصة فقط ، وهؤلاء إذا فصلوا كانوا من الرجال عشرة ومن النساء سبعة .
أما الرجال : فالابن وابن الابن وإن سفل ، والأب والجد أبو الأب وإن علا ، والأخ من أي جهة كان ( أعني : للأم والأب أو لأحدهما ) ، وابن الأخ وإن سفل ، والعم وابن العم وإن سفل ، والزوج ، ومولى النعمة .
وأما النساء : فالابنة وابنة الابن وإن سفلت ، والأم والجدة وإن علت ، والأخت ، والزوجة ، والمولاة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=13662_13853_13855المختلف فيهم فهم ذوو الأرحام ، ( وهم من لا فرض لهم في كتاب الله ولا هم عصبة ) ، وهم بالجملة بنو البنات ، وبنات الإخوة ، وبنو الأخوات ، وبنات الأعمام ، والعم أخو الأب للأم فقط ، وبنو الإخوة للأم ، والعمات ، والخالات ، والأخوال .
فذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأكثر فقهاء الأمصار
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت من الصحابة إلى أنه لا ميراث لهم . وذهب سائر الصحابة ، وفقهاء
العراق والكوفة والبصرة وجماعة العلماء من سائر الآفاق إلى توريثهم .
والذين قالوا بتوريثهم اختلفوا في صفة توريثهم ، فذهب
أبو حنيفة وأصحابه إلى توريثهم على ترتيب العصبات ، وذهب سائر من ورثهم إلى التنزيل ( وهو أن ينزل كل من أدلى منهم بذي سهم أو عصبة بمنزلة السبب الذي أدلى به ) .
وعمدة
مالك ومن قال بقوله أن الفرائض لما كانت لا مجال للقياس فيها كان الأصل أن لا يثبت فيها شيء إلا بكتاب أو سنة ثابتة أو إجماع ، وجميع ذلك معدوم في هذه المسألة .
وأما الفرقة الثانية ، فزعموا أن دليلهم على ذلك من الكتاب والسنة والقياس .
أما الكتاب فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ) ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) واسم القرابة ينطلق على ذوي الأرحام ، ويرى المخالف أن هذه مخصوصة بآيات المواريث .
وأما السنة فاحتجوا بما خرجه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه كتب إلى
أبي عبيدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 672 ] قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006761الله ورسوله مولى من لا مولى له ، والخال وارث من لا وارث له " .
وأما من طريق المعنى فإن القدماء من أصحاب
أبي حنيفة قالوا : إن ذوي الأرحام أولى من المسلمين ; لأنهم قد اجتمع لهم سببان : القرابة والإسلام ، فأشبهوا تقديم الأخ الشقيق على الأخ للأب ( أعني : أن من اجتمع له سببان أولى ممن له سبب واحد ) . وأما
أبو زيد ومتأخرو أصحابه فشبهوا الإرث بالولاية وقالوا : لما كانت ولاية التجهيز والصلاة والدفن للميت عند فقد أصحاب الفروض والعصبات لذوي الأرحام وجب أن يكون لهم ولاية الإرث ، وللفريق الأول اعتراضات - في هذه المقاييس - فيها ضعف . وإذ قد تقرر هذا فلنشرع في ذكر جنس جنس من أجناس الوارثين ، ونذكر من ذلك ما يجري مجرى الأصول من المسائل المشهورة المتفق عليها والمختلف فيها .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
nindex.php?page=treesubj&link=13648كِتَابُ الْفَرَائِضِ
وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، فِيمَنْ يَرِثُ ، وَفِيمَنْ لَا يَرِثُ . وَمَنْ يَرِثُ هَلْ يَرِثُ دَائِمًا ، أَوْ مَعَ وَارِثٍ دُونَ وَارِثٍ ،
[ ص: 671 ] وَإِذَا وَرِثَ مَعَ غَيْرِهِ فَكَمْ يَرِثُ وَكَذَلِكَ إِذَا وَرِثَ وَحْدَهُ كَمْ يَرِثُ ؟ وَإِذَا وَرِثَ مَعَ وَارِثٍ ، فَهَلْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ وَارِثٍ وَارِثٍ أَوْ لَا يَخْتَلِفُ ؟
وَالتَّعْلِيمُ فِي هَذَا يُمْكِنُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ سَلَكَ أَكْثَرَهَا أَهْلُ الْفَرَائِضِ ، وَالسَّبِيلُ الْحَاضِرَةُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يُذْكَرَ حُكْمُ جِنْسٍ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْوَرَثَةِ إِذَا انْفَرَدَ ذَلِكَ الْجِنْسُ ، وَحُكْمُهُ مَعَ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ الْبَاقِيَةِ ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى الْوَلَدِ إِذَا انْفَرَدَ كَمْ مِيرَاثُهُ ، ثُمَّ يُنْظَرَ حَالُهُ مَعَ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ الْبَاقِيَةِ مِنَ الْوَارِثِينَ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=13659الْأَجْنَاسُ الْوَارِثَةُ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ : ذُو نَسَبٍ ، وَأَصْهَارٌ ، وَمَوَالِي .
فَأَمَّا ذَوُو النَّسَبِ ، فَمِنْهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا ، وَمِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=13662الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَهِيَ الْفُرُوعُ ( أَعْنِي : الْأَوْلَادَ ) ، وَالْأُصُولُ ( أَعْنِي : الْآبَاءَ وَالْأَجْدَادَ ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا ، وَكَذَلِكَ الْفُرُوعُ الْمُشَارِكَةُ لِلْمَيِّتِ فِي الْأَصْلِ الْأَدْنَى : ( أَعْنِي : الْإِخْوَةَ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا ، أَوِ الْمُشَارِكَةَ الْأَدْنَى أَوِ الْأَبْعَدَ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُمُ الْأَعْمَامُ وَبَنُو الْأَعْمَامِ ) ، وَذَلِكَ الذُّكُورُ مِنْ هَؤُلَاءِ خَاصَّةً فَقَطْ ، وَهَؤُلَاءِ إِذَا فُصِّلُوا كَانُوا مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَةً وَمِنَ النِّسَاءِ سَبْعَةً .
أَمَّا الرِّجَالُ : فَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا ، وَالْأَخُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ ( أَعْنِي : لِلْأُمِّ وَالْأَبِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا ) ، وَابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفُلَ ، وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَإِنْ سَفُلَ ، وَالزَّوْجُ ، وَمَوْلَى النِّعْمَةِ .
وَأَمَّا النِّسَاءُ : فَالِابْنَةُ وَابْنَةُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَتْ ، وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَتْ ، وَالْأُخْتُ ، وَالزَّوْجَةُ ، وَالْمَوْلَاةُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=13662_13853_13855الْمُخْتَلَفُ فِيهِمْ فَهُمْ ذَوُو الْأَرْحَامِ ، ( وَهُمْ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا هُمْ عُصْبَةٌ ) ، وَهُمْ بِالْجُمْلَةِ بَنُو الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ ، وَبَنُو الْأَخَوَاتِ ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ ، وَالْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِلْأُمِّ فَقَطْ ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ، وَالْعَمَّاتُ ، وَالْخَالَاتُ ، وَالْأَخْوَالُ .
فَذَهَبَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ . وَذَهَبَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ ، وَفُقَهَاءُ
الْعِرَاقِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ سَائِرِ الْآفَاقِ إِلَى تَوْرِيثِهِمْ .
وَالَّذِينَ قَالُوا بِتَوْرِيثِهِمُ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ تَوْرِيثِهِمْ ، فَذَهَبَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى تَوْرِيثِهِمْ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ ، وَذَهَبَ سَائِرُ مَنْ وَرَّثَهُمْ إِلَى التَّنْزِيلِ ( وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ مَنْ أَدْلَى مِنْهُمْ بِذِي سَهْمٍ أَوْ عَصَبَةٍ بِمَنْزِلَةِ السَّبَبِ الَّذِي أَدْلَى بِهِ ) .
وَعُمْدَةُ
مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَمَّا كَانَتْ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهَا كَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
وَأَمَّا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ ، فَزَعَمُوا أَنَّ دَلِيلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ .
أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ) ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) وَاسْمُ الْقَرَابَةِ يَنْطَلِقُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَيَرَى الْمُخَالِفُ أَنَّ هَذِهِ مَخْصُوصَةٌ بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَاحْتَجُّوا بِمَا خَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى
أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 672 ] قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006761اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ " .
وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى فَإِنَّ الْقُدَمَاءَ مِنْ أَصْحَابِ
أَبِي حَنِيفَةَ قَالُوا : إِنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُمْ قَدِ اجْتَمَعَ لَهُمْ سَبَبَانِ : الْقَرَابَةُ وَالْإِسْلَامُ ، فَأَشْبَهُوا تَقْدِيمَ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ ( أَعْنِي : أَنَّ مَنِ اجْتَمَعَ لَهُ سَبَبَانِ أَوْلَى مِمَّنْ لَهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ ) . وَأَمَّا
أَبُو زَيْدٍ وَمُتَأَخِّرُو أَصْحَابِهِ فَشَبَّهُوا الْإِرْثَ بِالْوِلَايَةِ وَقَالُوا : لَمَّا كَانَتْ وِلَايَةُ التَّجْهِيزِ وَالصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ فَقْدِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ وِلَايَةُ الْإِرْثِ ، وَلِلْفَرِيقِ الْأَوَّلِ اعْتِرَاضَاتٌ - فِي هَذِهِ الْمَقَايِيسِ - فِيهَا ضَعْفٌ . وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ هَذَا فَلْنَشْرَعْ فِي ذِكْرِ جِنْسٍ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْوَارِثِينَ ، وَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْأُصُولِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمَشْهُورَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَالْمُخْتَلَفِ فِيهَا .