nindex.php?page=treesubj&link=29209إبدال الرسول بالنبي وعكسه .
(
676 ) وإن رسول بنبي أبدلا فالظاهر المنع كعكس فعلا ( 677 ) وقد رجا جوازه ابن حنبل
والنووي صوبه وهو جلي
.
الفصل الثاني عشر : ( إبدال الرسول بالنبي وعكسه ) .
( وإن رسول ) وقع في الرواية بأن قيل : رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بنبي ) أي : بلفظ النبي ( أبدلا ) وقت التحمل أو الأداء أو الكتابة ، ( فالظاهر المنع ) منه ، والتقيد بما في الرواية ( كعكس فعلا ) بأن يبدل ما الرواية فيه بلفظ النبي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن جازت الرواية بالمعنى ; لأن المعنى هنا مختلف . يعني بناء على القول بعدم تساوي مفهوميهما .
وقد كان الإمام
أحمد بن [ ص: 204 ] حنبل فيما رواه عنه ابنه
عبد الله إذا سمع من لفظ المحدث " رسول الله " ضرب من كتابه " نبي الله " ، وكتب ذلك بدله ، لكن قال
الخطيب : إن ذلك ليس على وجه اللزوم ، بل على الاستحباب في اتباع المحدث في لفظه .
( وقد رجا جوازه
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل ) نفسه حيث قال - إذ سأله ابنه
صالح أنه يكون في الحديث " رسول الله " فيجعل الإنسان بدله " النبي " - : أرجو ألا يكون به بأس . وكذا جوزه
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، بل قال
لعفان وبهز لما جعلا يغيران " النبي " - يعني الواقع في الكتاب - بـ " رسول الله " - يعني الواقع من المحدث - : أما أنتما فلا تفقهان أبدا .
والإمام (
النووي ) بالسكون ، أيضا ( صوبه ) أي الجواز ( وهو جلي ) واضح ، بل قال بعض المتأخرين : إنه لا ينبغي أن يختلف فيه . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : إن المعنى فيهما مختلف . لا يمنعه ، فإن المقصود إسناد الحديث إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو حاصل بكل واحد من الصفتين ، وليس الباب باب تعبد باللفظ لا سيما إذا قلنا : إن الرسالة والنبوة بمعنى واحد .
وعن
البدر بن جماعة أنه لو قيل بالجواز في إبدال النبي بالرسول خاصة لما بعد ; لأن في الرسول معنى زائدا على النبي وهو الرسالة ، إذ كل رسول نبي ولا عكس ، وبيانه أن النبوة من النبأ ، وهو الخبر ، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا ، فإن
[ ص: 205 ] أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول ، وإلا فهو نبي غير رسول .
وحينئذ فالنبي والرسول اشتركا في أمر عام وهو النبأ ، وافترقا في الرسالة ، فإذا قلت : فلان رسول . تضمن أنه نبي رسول ، وإذا قلت : فلان نبي . لم يستلزم أنه رسول .
ولكن قد نازع
ابن الجزري في قولهم : كل رسول نبي . حيث قال : هو كلام يطلقه من لا تحقيق عنده ، فإن
جبريل عليه السلام وغيره من الملائكة المكرمين بالرسالة رسل لا أنبياء . قلت : ولذا قيد
nindex.php?page=treesubj&link=29634الفرق بين الرسول والنبي بالرسول البشري .
وحديث
البراء في تعلم ما يقال عند النوم ، إذ رد النبي صلى الله عليه وسلم عليه إبداله لفظ " النبي " بـ " الرسول " ، فقال : ( لا ، ونبيك الذي أرسلت ) يمنع القول بجواز تغيير " النبي " خاصة ، بل الاستدلال به لمجرد المنع ممنوع بأن ألفاظ الأذكار توقيفية ، فلا يدخلها القياس ، بل تجب المحافظة على اللفظ الذي جاءت به الرواية ، إذ ربما كان فيه خاصية وسر لا يحصل بغيره ، أو لعله أراد أن يجمع بين الوصفين في موضع واحد .
ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم نبي مرسل ، فهو إذن أكمل فائدة ، وذلك يفوت بقوله : ( وبرسولك الذي أرسلت ) . وأيضا فالبلاغة مقتضية لذلك لعدم تكرير اللفظ لوصف واحد فيه . زاد بعضهم : أو لاختلاف المعنى ; لأن ( برسولك ) يدخل
جبريل وغيره من الملائكة الذين ليسوا بأنبياء .
nindex.php?page=treesubj&link=29209إِبْدَالُ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسُهُ .
(
676 ) وَإِنْ رَسُولٌ بِنَبِيٍّ أُبْدِلَا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ كَعَكْسٍ فُعِلَا ( 677 ) وَقَدْ رَجَا جَوَازَهُ ابْنُ حَنْبَلِ
وَالنَّوَوِي صَوَّبَهُ وَهْوَ جَلِي
.
الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ : ( إِبْدَالُ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسُهُ ) .
( وَإِنْ رَسُولٌ ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ بِأَنْ قِيلَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بِنَبِيٍّ ) أَيْ : بِلَفْظِ النَّبِيِّ ( أُبْدِلَا ) وَقْتَ التَّحَمُّلِ أَوِ الْأَدَاءِ أَوِ الْكِتَابَةِ ، ( فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ ) مِنْهُ ، وَالتَّقَيُّدُ بِمَا فِي الرِّوَايَةِ ( كَعَكْسٍ فُعِلَا ) بِأَنْ يُبْدَلَ مَا الرِّوَايَةُ فِيهِ بِلَفْظِ النَّبِيِّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ جَازَتِ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُخْتَلِفٌ . يَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَسَاوِي مَفْهُومَيْهِمَا .
وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ بْنُ [ ص: 204 ] حَنْبَلٍ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ
عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سَمِعَ مِنْ لَفْظِ الْمُحَدِّثِ " رَسُولَ اللَّهِ " ضَرَبَ مِنْ كِتَابِهِ " نَبِيَّ اللَّهِ " ، وَكَتَبَ ذَلِكَ بَدَلَهُ ، لَكِنْ قَالَ
الْخَطِيبُ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ ، بَلْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فِي اتِّبَاعِ الْمُحَدِّثِ فِي لَفْظِهِ .
( وَقَدْ رَجَا جَوَازَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلِ ) نَفْسُهُ حَيْثُ قَالَ - إِذْ سَأَلَهُ ابْنُهُ
صَالِحٌ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْحَدِيثِ " رَسُولُ اللَّهِ " فَيَجْعَلُ الْإِنْسَانُ بَدَلَهُ " النَّبِيَّ " - : أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ . وَكَذَا جَوَّزَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، بَلْ قَالَ
لِعَفَّانَ وَبَهْزٍ لَمَّا جَعَلَا يُغَيِّرَانِ " النَّبِيَّ " - يَعْنِي الْوَاقِعَ فِي الْكِتَابِ - بِـ " رَسُولِ اللَّهِ " - يَعْنِي الْوَاقِعَ مِنَ الْمُحَدِّثِ - : أَمَّا أَنْتُمَا فَلَا تَفْقَهَانِ أَبَدًا .
وَالْإِمَامُ (
النَّوَوِي ) بِالسُّكُونِ ، أَيْضًا ( صَوَّبَهُ ) أَيِ الْجَوَازَ ( وَهْوَ جَلِي ) وَاضِحٌ ، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ : إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ . وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ : إِنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ . لَا يَمْنَعُهُ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ إِلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّفَتَيْنِ ، وَلَيْسَ الْبَابُ بَابَ تَعَبُّدٍ بِاللَّفْظِ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا : إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .
وَعَنِ
الْبَدْرِ بْنِ جَمَاعَةَ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ فِي إِبْدَالِ النَّبِيِّ بِالرَّسُولِ خَاصَّةً لَمَا بَعُدَ ; لَأَنَّ فِي الرَّسُولِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ الرِّسَالَةُ ، إِذْ كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلَا عَكْسَ ، وَبَيَانُهُ أَنَّ النُّبُوَّةَ مِنَ النَّبَأِ ، وَهُوَ الْخَبَرُ ، فَالنَّبِيُّ فِي الْعُرْفِ هُوَ الْمُنَبَّأُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ بِأَمْرٍ يَقْتَضِي تَكْلِيفًا ، فَإِنْ
[ ص: 205 ] أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ رَسُولٌ ، وَإِلَّا فَهُوَ نَبِيٌّ غَيْرُ رَسُولٍ .
وَحِينَئِذٍ فَالنَّبِيُّ وَالرَّسُولُ اشْتَرَكَا فِي أَمْرٍ عَامٍّ وَهُوَ النَّبَأُ ، وَافْتَرَقَا فِي الرِّسَالَةِ ، فَإِذَا قُلْتَ : فُلَانٌ رَسُولٌ . تَضَمَّنَ أَنَّهُ نَبِيٌّ رَسُولٌ ، وَإِذَا قُلْتَ : فُلَانٌ نَبِيٌّ . لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَنَّهُ رَسُولٌ .
وَلَكِنْ قَدْ نَازَعَ
ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي قَوْلِهِمْ : كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ . حَيْثُ قَالَ : هُوَ كَلَامٌ يُطْلِقُهُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ ، فَإِنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُكْرَمِينَ بِالرِّسَالَةِ رُسُلٌ لَا أَنْبِيَاءُ . قُلْتُ : وَلِذَا قَيَّدَ
nindex.php?page=treesubj&link=29634الْفَرْقَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ بِالرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ .
وَحَدِيثُ
الْبَرَاءِ فِي تَعَلُّمِ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ ، إِذْ رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ إِبْدَالَهُ لَفْظَ " النَّبِيِّ " بِـ " الرَّسُولِ " ، فَقَالَ : ( لَا ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) يَمْنَعُ الْقَوْلَ بِجَوَازِ تَغْيِيرِ " النَّبِيِّ " خَاصَّةً ، بَلِ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ مَمْنُوعٌ بِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ ، فَلَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ ، بَلْ تَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ ، إِذْ رُبَّمَا كَانَ فِيهِ خَاصِّيَّةٌ وَسِرٌّ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ ، أَوْ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ .
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، فَهُوَ إِذَنْ أَكْمَلُ فَائِدَةً ، وَذَلِكَ يَفُوتُ بِقَوْلِهِ : ( وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) . وَأَيْضًا فَالْبَلَاغَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِذَلِكَ لِعَدَمِ تَكْرِيرِ اللَّفْظِ لِوَصْفٍ وَاحِدٍ فِيهِ . زَادَ بَعْضُهُمْ : أَوْ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ ( بِرَسُولِكَ ) يُدْخِلُ
جِبْرِيلَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ .