فصل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي وغيره :
nindex.php?page=treesubj&link=28868آيات الأحكام خمسمائة آية ، وقال بعضهم : مائة وخمسون .
قيل : ولعل مرادهم المصرح به ، فإن آيات القصص والأمثال وغيرها ، يستنبط منها كثير من الأحكام .
قال الشيخ
عز الدين بن عبد السلام في كتاب " الإمام في أدلة الأحكام " : معظم آي القرآن لا تخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة ، وأخلاق جميلة ، ثم من الآيات ما صرح فيه بالأحكام ، ومنها ما يؤخذ بطريق الاستنباط ، إما بلا ضم إلى آية أخرى ، كاستنباط صحة أنكحة الكفار من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وامرأته حمالة الحطب [ المسد : 4 ] . وصحة صوم الجنب من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فالآن باشروهن إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حتى يتبين لكم الخيط [ البقرة : 187 ] . الآية .
وإما به : كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وفصاله في عامين [ لقمان : 14 ] .
قال : ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة ، وهو ظاهر ، وتارة بالإخبار مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم [ البقرة : 187 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة [ المائدة : 3 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183كتب عليكم الصيام [ البقرة : 183 ] . وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر ، أو نفع أو ضر ، وقد نوع الشارع في ذلك أنواعا كثيرة ، ترغيبا وترهيبا وتقريبا إلى أفهامهم ، فكل فعل عظمه الشرع أو مدح فاعله لأجله أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن فاعله ، أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب أو أقسم به أو
[ ص: 269 ] بفاعله كالإقسام بالشفع والوتر ، وبخيل المجاهدين ، وبالنفس اللوامة ، أو نصبه سببا لذكره لعبده ، أو لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل ، أو لشكره له ، أو لهدايته إياه ، أو لإرضاء فاعله ، أو لمغفرة ذنبه ، وتكفير سيئاته ، أو لقبوله ، أو لنصرة فاعله ، أو بشارته ، أو وصف فاعله بالطيب ، أو وصف الفعل بكونه معروفا ، أو نفى الحزن والخوف عن فاعله ، أو وعده بالأمن ، أو نصب سببا لولايته ، أو أخبر عن دعاء الرسول بحصوله ، أو وصفه بكونه قربة ، أو بصفة مدح كالحياة والنور والشفاء ، فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب .
وكل فعل طلب الشارع تركه ، أو ذمه أو ذم فاعله ، أو عتب عليه ، أو مقت فاعله أو لعنه ، أو نفى محبته أو محبة فاعله ، أو الرضى به أو عن فاعله ، أو شبه فاعله بالبهائم أو بالشياطين ، أو جعله مانعا من الهدى أو من القبول ، أو وصفه بسوء أو كراهة ، أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه ، أو جعل سببا لنفي الفلاح أو لعذاب عاجل أو آجل ، أو لذم أو لوم أو ضلالة أو معصية ، أو وصف بخبث أو رجس أو نجس ، أو بكونه فسقا أو إثما ، أو سببا لإثم أو رجس ، أو لعن أو غضب ، أو زوال نعمة ، أو حلول نقمة ، أو حد من الحدود ، أو قسوة أو خزي ، أو ارتهان نفس ، أو لعداوة الله ومحاربته ، أو لاستهزائه أو سخريته أو جعله الله سببا لنسيانه فاعله ، أو وصفه نفسه بالصبر عليه أو بالحلم أو بالصفح عنه ، أو دعا إلى التوبة منه ، أو وصف فاعله بخبث أو احتقار ، أو نسبه إلى عمل الشيطان أو تزيينه ، أو تولي الشيطان لفاعله ، أو وصفه بصفة ذم ككونه ظلما أو بغيا أو عدوانا أو إثما أو مرضا ، أو تبرأ الأنبياء منه أو من فاعله ، أو شكوا إلى الله من فاعله ، أو جاهروا فاعله بالعداوة ، أو نهوا عن الأسى والحزن عليه ، أو نصب سببا لخيبة فاعله عاجلا أو آجلا أو رتب عليه حرمان الجنة وما فيها أو وصف فاعله بأنه عدو الله ، أو بأن الله عدوه ، أو أعلم فاعله بحرب من الله ورسوله أو حمل فاعله إثم غيره ، أو قيل فيه : لا ينبغي هذا أو لا يكون ، أو أمره بالتقوى عند السؤال عنه ، أو أمر بفعل مضاده ، أو بهجر فاعله ، أو تلاعن فاعلوه في الآخرة ، أو تبرأ بعضهم من بعض ، أو دعا بعضهم على بعض أو وصف فاعله بالضلالة ، وأنه ليس من الله في شيء ، أو ليس من الرسول وأصحابه ، أو جعل اجتنابه سببا للفلاح أو جعله سببا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين ، أو قيل : هل أنت منته ؟ ، أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله أو رتب عليه إبعادا أو طردا ، أو لفظة ( قتل من فعله ) أو قاتله الله ، أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليه ولا يزكيه ، ولا يصلح عمله ولا يهدي كيده أو لا يفلح أو قيض له الشيطان ، أو جعل سببا لإزاغة قلب
[ ص: 270 ] فاعله أو صرفه عن آيات الله وسؤاله عن علة الفعل ، فهو دليل على المنع من الفعل ودلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة ، وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال ، ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤاخذة ، ومن الإذن فيه والعفو عنه ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع ، ومن السكوت عن التحريم ، ومن الإنكار على من حرم الشيء من الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا ، والإخبار عن فعل من قبلنا من غير ذم لهم عليه ، فإن اقترن بإخباره مدح دل على مشروعيته وجوبا أو استحبابا . انتهى كلام الشيخ عز الدين .
وقال غيره : قد يستنبط من السكوت ، وقد استدل جماعة على أن القرآن غير مخلوق بأن الله ذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا ، وقال : إنه مخلوق وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا ، ولم يقل إنه مخلوق ، ولما جمع بينهما غاير : فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرحمن علم القرآن خلق الإنسان [ الرحمن : 1 - 3 ] .
فَصْلٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28868آيَاتُ الْأَحْكَامِ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مِائَةٌ وَخَمْسُونَ .
قِيلَ : وَلَعَلَّ مُرَادَهُمُ الْمُصَرَّحُ بِهِ ، فَإِنَّ آيَاتِ الْقَصَصِ وَالْأَمْثَالِ وَغَيْرِهَا ، يُسْتَنْبَطُ مِنْهَا كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ .
قَالَ الشَّيْخُ
عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كِتَابِ " الْإِمَامُ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ " : مُعْظَمُ آيِ الْقُرْآنِ لَا تَخْلُو عَنْ أَحْكَامٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى آدَابٍ حَسَنَةٍ ، وَأَخْلَاقٍ جَمِيلَةٍ ، ثُمَّ مِنَ الْآيَاتِ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِالْأَحْكَامِ ، وَمِنْهَا مَا يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ ، إِمَّا بِلَا ضَمٍّ إِلَى آيَةٍ أُخْرَى ، كَاسْتِنْبَاطِ صِحَّةِ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [ الْمَسَدِ : 4 ] . وَصِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ [ الْبَقَرَةِ : 187 ] . الْآيَةَ .
وَإِمَّا بِهِ : كَاسْتِنْبَاطِ أَنَّ أَقَلَّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ [ لُقْمَانَ : 14 ] .
قَالَ : وَيُسْتَدَلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ تَارَةً بِالصِّيغَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَتَارَةً بِالْإِخْبَارِ مِثْلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 187 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [ الْمَائِدَةِ : 3 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [ الْبَقَرَةِ : 183 ] . وَتَارَةً بِمَا رُتِّبَ عَلَيْهَا فِي الْعَاجِلِ أَوِ الْآجِلِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ، أَوْ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ ، وَقَدْ نَوَّعَ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً ، تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا وَتَقْرِيبًا إِلَى أَفْهَامِهِمْ ، فَكُلُّ فِعْلٍ عَظَّمَهُ الشَّرْعُ أَوْ مَدَحَ فَاعِلَهُ لِأَجْلِهِ أَوْ أَحَبَّهُ أَوْ أَحَبَّ فَاعِلَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَوْ رَضِيَ عَنْ فَاعِلِهِ ، أَوْ وَصَفَهُ بِالِاسْتِقَامَةِ أَوِ الْبَرَكَةِ أَوِ الطَّيِّبِ أَوْ أَقْسَمَ بِهِ أَوْ
[ ص: 269 ] بِفَاعِلِهِ كَالْإِقْسَامِ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، وَبِخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ ، وَبِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ، أَوْ نَصَبَهُ سَبَبًا لِذِكْرِهِ لِعَبْدِهِ ، أَوْ لِمَحَبَّتِهِ أَوْ لِثَوَابٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ ، أَوْ لِشُكْرِهِ لَهُ ، أَوْ لِهِدَايَتِهِ إِيَّاهُ ، أَوْ لِإِرْضَاءِ فَاعِلِهِ ، أَوْ لِمَغْفِرَةِ ذَنْبِهِ ، وَتَكْفِيرِ سَيِّئَاتِهِ ، أَوْ لِقَبُولِهِ ، أَوْ لِنُصْرَةِ فَاعِلِهِ ، أَوْ بِشَارَتِهِ ، أَوْ وَصَفَ فَاعِلَهُ بِالطَّيِّبِ ، أَوْ وَصَفَ الْفِعْلَ بِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا ، أَوْ نَفَى الْحُزْنَ وَالْخَوْفَ عَنْ فَاعِلِهِ ، أَوْ وَعَدَهُ بِالْأَمْنِ ، أَوْ نَصَبَ سَبَبًا لِوِلَايَتِهِ ، أَوْ أَخْبَرَ عَنْ دُعَاءِ الرَّسُولِ بِحُصُولِهِ ، أَوْ وَصْفِهِ بِكَوْنِهِ قُرْبَةً ، أَوْ بِصِفَةِ مَدْحٍ كَالْحَيَاةِ وَالنُّورِ وَالشِّفَاءِ ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ .
وَكُلُّ فِعْلٍ طَلَبَ الشَّارِعُ تَرْكَهُ ، أَوْ ذَمَّهُ أَوْ ذَمَّ فَاعِلَهُ ، أَوْ عَتَبَ عَلَيْهِ ، أَوْ مَقَتَ فَاعِلَهُ أَوْ لَعَنَهُ ، أَوْ نَفَى مَحَبَّتَهُ أَوْ مَحَبَّةَ فَاعِلِهِ ، أَوِ الرِّضَى بِهِ أَوْ عَنْ فَاعِلِهِ ، أَوْ شَبَّهَ فَاعِلَهُ بِالْبَهَائِمِ أَوْ بِالشَّيَاطِينِ ، أَوْ جَعَلَهُ مَانِعًا مِنَ الْهُدَى أَوْ مِنَ الْقَبُولِ ، أَوْ وَصَفَهُ بِسُوءٍ أَوْ كَرَاهَةٍ ، أَوِ اسْتَعَاذَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْهُ أَوْ أَبْغَضُوهُ ، أَوْ جُعِلَ سَبَبًا لِنَفْيِ الْفَلَاحِ أَوْ لِعَذَابٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ ، أَوْ لِذَمٍّ أَوْ لَوْمٍ أَوْ ضَلَالَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ، أَوْ وُصِفَ بِخُبْثٍ أَوْ رِجْسٍ أَوْ نَجَسٍ ، أَوْ بِكَوْنِهِ فِسْقًا أَوْ إِثْمًا ، أَوْ سَبَبًا لِإِثْمٍ أَوْ رِجْسٍ ، أَوْ لَعْنٍ أَوْ غَضَبٍ ، أَوْ زَوَالِ نِعْمَةٍ ، أَوْ حُلُولِ نِقْمَةٍ ، أَوْ حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ ، أَوْ قَسْوَةٍ أَوْ خِزْيٍ ، أَوِ ارْتِهَانِ نَفْسٍ ، أَوْ لِعَدَاوَةِ اللَّهِ وَمُحَارَبَتِهِ ، أَوْ لِاسْتِهْزَائِهِ أَوْ سُخْرِيَّتِهِ أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَبًا لِنِسْيَانِهِ فَاعِلَهُ ، أَوْ وَصَفَهُ نَفْسَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْحِلْمِ أَوْ بِالصَّفْحِ عَنْهُ ، أَوْ دَعَا إِلَى التَّوْبَةِ مِنْهُ ، أَوْ وَصَفَ فَاعِلَهُ بِخُبْثٍ أَوِ احْتِقَارٍ ، أَوْ نَسَبَهُ إِلَى عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَوْ تَزْيِينِهِ ، أَوْ تَوَلِّي الشَّيْطَانِ لِفَاعِلِهِ ، أَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ ذَمٍّ كَكَوْنِهِ ظُلْمًا أَوْ بَغْيًا أَوْ عُدْوَانًا أَوْ إِثْمًا أَوْ مَرَضًا ، أَوْ تَبَرَّأَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْهُ أَوْ مِنْ فَاعِلِهِ ، أَوْ شَكَوْا إِلَى اللَّهِ مِنْ فَاعِلِهِ ، أَوْ جَاهَرُوا فَاعِلَهُ بِالْعَدَاوَةِ ، أَوْ نُهُوا عَنِ الْأَسَى وَالْحُزْنِ عَلَيْهِ ، أَوْ نُصِبَ سَبَبًا لِخَيْبَةِ فَاعِلِهِ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا أَوْ رُتِّبَ عَلَيْهِ حِرْمَانُ الْجَنَّةِ وَمَا فِيهَا أَوْ وُصِفَ فَاعِلُهُ بِأَنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ ، أَوْ بِأَنَّ اللَّهَ عَدُوُّهُ ، أَوْ أُعْلِمَ فَاعِلُهُ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ حَمَّلَ فَاعِلَهُ إِثْمَ غَيْرِهِ ، أَوْ قِيلَ فِيهِ : لَا يَنْبَغِي هَذَا أَوْ لَا يَكُونُ ، أَوْ أَمَرَهُ بِالتَّقْوَى عِنْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ ، أَوْ أَمَرَ بِفِعْلِ مُضَادِّهِ ، أَوْ بِهَجْرِ فَاعِلِهِ ، أَوْ تَلَاعَنَ فَاعِلُوهُ فِي الْآخِرَةِ ، أَوْ تَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، أَوْ دَعَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ وُصِفَ فَاعِلُهُ بِالضَّلَالَةِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ، أَوْ لَيْسَ مِنَ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ ، أَوْ جُعِلَ اجْتِنَابُهُ سَبَبًا لِلْفَلَاحِ أَوْ جَعَلَهُ سَبَبًا لِإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ قِيلَ : هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ ؟ ، أَوْ نَهَى الْأَنْبِيَاءَ عَنِ الدُّعَاءِ لِفَاعِلِهِ أَوْ رَتَّبَ عَلَيْهِ إِبْعَادًا أَوْ طَرْدًا ، أَوْ لَفْظَةُ ( قُتِلَ مَنْ فَعَلَهُ ) أَوْ قَاتَلَهُ اللَّهُ ، أَوْ أَخْبَرَ أَنَّ فَاعِلَهُ لَا يُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا يُزَكِّيهِ ، وَلَا يُصْلِحُ عَمَلَهُ وَلَا يَهْدِي كَيْدَهُ أَوْ لَا يُفْلِحُ أَوْ قَيَّضَ لَهُ الشَّيْطَانَ ، أَوْ جُعِلَ سَبَبًا لِإِزَاغَةِ قَلْبِ
[ ص: 270 ] فَاعِلِهِ أَوْ صَرْفِهُ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ وَسُؤَالِهِ عَنْ عِلَّةِ الْفِعْلِ ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْفِعْلِ وَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْكَرَاهَةِ ، وَتُسْتَفَادُ الْإِبَاحَةُ مِنْ لَفْظِ الْإِحْلَالِ ، وَنَفْيِ الْجُنَاحِ وَالْحَرَجِ وَالْإِثْمِ وَالْمُؤَاخَذَةِ ، وَمِنَ الْإِذْنِ فِيهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ وَمِنَ الِامْتِنَانِ بِمَا فِي الْأَعْيَانِ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَمِنَ السُّكُوتِ عَنِ التَّحْرِيمِ ، وَمِنَ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ الشَّيْءَ مِنَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ خُلِقَ أَوْ جُعِلَ لَنَا ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ فِعْلِ مَنْ قَبِلَنَا مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ لَهُمْ عَلَيْهِ ، فَإِنِ اقْتَرَنَ بِإِخْبَارِهِ مَدْحٌ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وُجُوبًا أَوِ اسْتِحْبَابًا . انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : قَدْ يُسْتَنْبَطُ مِنَ السُّكُوتِ ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْإِنْسَانَ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا ، وَقَالَ : إِنَّهُ مَخْلُوقٌ وَذَكَرَ الْقُرْآنَ فِي أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ مَوْضِعًا ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ ، وَلَمَّا جَمَعَ بَيْنَهُمَا غَايَرَ : فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ [ الرَّحْمَنِ : 1 - 3 ] .