السابع قال القاضي : فإن قيل
nindex.php?page=treesubj&link=28899_29568_28741هل تقولون إن غير القرآن من كلام الله معجزا كالتوراة والإنجيل ؟ قلنا : ليس شيء من ذلك بمعجز في النظم والتأليف ، وإن كان معجزا كالقرآن فيما يتضمن من الإخبار بالغيوب وإن لم يكن معجزا لأن الله تعالى لم يصفه بما وصف به القرآن ، ولأنا قد علمنا أنه لم يقع التحدي إليه كما وقع في القرآن ، ولأن ذلك اللسان لا يتأتى فيه من وجوه الفصاحة ما يقع به التفاضل الذي ينتهي إلى حد الإعجاز ، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني في الخاطريات في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=65قالوا ياموسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى [ طه : 65 ] . أن العدول عن قوله وإما أن نلقي لغرضين : أحدهما لفظي وهو المزاوجة لرءوس الآي ، والآخر معنوي وهو أنه تعالى أراد أن يخبر عن قوة أنفس السحرة واستطالتهم على
موسى ، فجاء عنهم باللفظ أتم وأوفى منه في إسنادهم الفعل إليه .
ثم أورد سؤالا وهو : أنا لا نعلم أن السحرة لم يكونوا أهل لسان ، فنذهب بهم هذا المذهب من صنعة الكلام ؟ وأجاب بأن جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون
[ ص: 256 ] الخالية إنما هو معرب عن معانيهم ، وليس بحقيقة ألفاظهم ولهذا لا يشك في أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=63قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى [ طه : 63 ] . أن هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم .
السَّابِعُ قَالَ الْقَاضِي : فَإِنْ قِيلَ
nindex.php?page=treesubj&link=28899_29568_28741هَلْ تَقُولُونَ إِنَّ غَيْرَ الْقُرْآنِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ مُعْجِزًا كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ؟ قُلْنَا : لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمُعْجِزٍ فِي النَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ ، وَإِنْ كَانَ مُعْجِزًا كَالْقُرْآنِ فِيمَا يَتَضَمَّنُ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْغُيُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْجِزًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَصِفْهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْقُرْآنَ ، وَلِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعِ التَّحَدِّي إِلَيْهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ اللِّسَانَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ مِنْ وُجُوهِ الْفَصَاحَةِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاضُلُ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ ، وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ فِي الْخَاطِرِيَّاتِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=65قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى [ طه : 65 ] . أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِهِ وَإِمَّا أَنْ نُلْقِي لِغَرَضَيْنِ : أَحَدُهُمَا لَفْظِيٌّ وَهُوَ الْمُزَاوَجَةُ لِرُءُوسِ الْآيِ ، وَالْآخَرُ مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ قُوَّةِ أَنْفُسِ السَّحَرَةِ وَاسْتِطَالَتِهِمْ عَلَى
مُوسَى ، فَجَاءَ عَنْهُمْ بِاللَّفْظِ أَتَمَّ وَأَوْفَى مِنْهُ فِي إِسْنَادِهِمُ الْفِعْلَ إِلَيْهِ .
ثُمَّ أَوْرَدَ سُؤَالًا وَهُوَ : أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ السَّحَرَةَ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ لِسَانٍ ، فَنَذْهَبُ بِهِمْ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ صَنْعَةِ الْكَلَامِ ؟ وَأَجَابَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ حِكَايَةً عَنْ غَيْرِ أَهْلِ اللِّسَانِ مِنَ الْقُرُونِ
[ ص: 256 ] الْخَالِيَةِ إِنَّمَا هُوَ مُعْرِبٌ عَنْ مَعَانِيهِمْ ، وَلَيْسَ بِحَقِيقَةِ أَلْفَاظِهِمْ وَلِهَذَا لَا يُشَكُّ فِي أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=63قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى [ طه : 63 ] . أَنَّ هَذِهِ الْفَصَاحَةَ لَمْ تَجْرِ عَلَى لُغَةِ الْعَجَمِ .