وتسمى سورة القتال ، وسورة الذين كفروا .
وهي تسع وثلاثون آية ، وقيل : ثمان وثلاثون ، وهي مدنية . قال
الماوردي : في قول الجميع ، إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ، فإنهما قالا : إلا آية منها نزلت بعد حجة الوداع حين خرج من
مكة وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنا عليه ، فنزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك [ محمد : 13 ] وقال
الثعلبي : إنها مكية .
وحكاه
ابن هبة الله ، عن
الضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وهو غلط من القول ، فالسورة مدنية كما لا يخفى .
وقد أخرج
ابن الضريس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : نزلت سورة القتال
بالمدينة .
وأخرج
النحاس ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الدلائل عنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28889نزلت سورة محمد بالمدينة .
وأخرج
ابن مردويه ، عن
ابن الزبير قال : نزلت
بالمدينة سورة الذين كفروا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط ، عن
ابن عمران nindex.php?page=treesubj&link=889أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقرأ بهم في المغرب nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29018_30539_29468_29680_8397_8400_8401_8398الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=5سيهديهم ويصلح بالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=6ويدخلهم الجنة عرفها لهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ( 12 )
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله هم كفار
قريش كفروا بالله وصدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله ، وهو دين الإسلام بنهيهم عن الدخول فيه ، كذا قال
مجاهد ، والسدي .
وقال
الضحاك : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1عن سبيل الله : عن بيت الله بمنع قاصديه .
وقيل : هم أهل الكتاب والموصول مبتدأ . وخبره :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أضل أعمالهم أي أبطلها وجعلها ضائعة .
قال
الضحاك : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أضل أعمالهم أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وجعل الدائرة عليهم في كفرهم .
وقيل : أبطل ما عملوه في الكفر مما كانوا يسمونه مكارم أخلاق ، من صلة الأرحام ، وفك الأسارى ، وقرى الأضياف ، وهذه وإن كانت باطلة من أصلها ، لكن المعنى أنه سبحانه حكم ببطلانها .
ولما ذكر فريق الكافرين أتبعهم بذكر فريق المؤمنين قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ظاهر هذا العموم ، فيدخل تحته كل مؤمن من المؤمنين الذين يعملون الصالحات ولا يمنع من ذلك خصوص سببها ، فقد قيل إنها نزلت في
الأنصار ، وقيل في ناس من
قريش ، وقيل : في مؤمني أهل الكتاب ، ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وخص سبحانه الإيمان بما أنزل على
محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - بالذكر مع اندراجه تحت مطلق الإيمان المذكور قبله تنبيها على شرفه وعلو مكانه وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وهو الحق من ربهم معترضة بين المبتدأ ، وهو قوله : والذين آمنوا ، وبين خبره وهو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2كفر عنهم سيئاتهم ومعنى كونه الحق أنه الناسخ لما قبله ، وقوله : ( من ربهم ) في محل نصب على الحال ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2كفر عنهم سيئاتهم أي : السيئات التي عملوها فيما مضى فإنه غفرها لهم بالإيمان والعمل الصالح
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وأصلح بالهم أي : شأنهم ، وحالهم .
قال
مجاهد : شأنهم ، وقال
قتادة : حالهم ، وقيل : أمرهم ، والمعاني متقاربة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : البال الحال هاهنا .
قيل : والمعنى : أنه عصمهم عن المعاصي في حياتهم وأرشدهم إلى أعمال الخير ، وليس المراد إصلاح حال دنياهم من إعطائهم المال ، ونحو ذلك ، وقال
النقاش : إن المعنى أصلح نياتهم ، ومنه قول الشاعر :
فإن تقبلي بالود أقبل بمثله وإن تدبري أذهب إلى حال باليا
والإشارة بقوله : ( ذلك ) إشارة إلى ما مر مما أوعد به الكفار ووعد به المؤمنين ، وهو مبتدأ خبره ما بعده .
وقيل : إنه خبر مبتدأ محذوف : أي : الأمر ذلك ( بـ ) سبب
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3أن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم فالباطل الشرك ، والحق التوحيد والإيمان ، والمعنى : أن ذلك الإضلال لأعمال الكافرين بسبب اتباعهم الباطل من الشرك بالله والعمل بمعاصيه ، وذلك التكفير لسيئات المؤمنين ، وإصلاح بالهم بسبب اتباعهم للحق الذي أمر الله باتباعه من التوحيد ، والإيمان ، وعمل الطاعات
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29018_28902كذلك يضرب الله للناس أمثالهم أي : مثل ذلك الضرب يبين للناس أمثالهم : أي : أحوال الفريقين الجارية مجرى الأمثال في الغرابة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ( كذلك يضرب ) يبين الله للناس أمثال حسنات المؤمنين ، وإضلال أعمال الكافرين : يعني أن من كان كافرا أضل الله عمله ، ومن كان مؤمنا كفر الله سيئاته .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب لما بين سبحانه حال الفريقين أمر بجهاد الكفار ، والمراد بالذين كفروا المشركين ومن لم يكن صاحب عهد من أهل الكتاب ، وانتصاب ف ( ضرب ) على أنه مصدر لفعل محذوف .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي فاضربوا الرقاب ضربا . وخص الرقاب بالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بقطعها ، وقيل هو منصوب على الإغراء .
قال
أبو عبيدة : هو كقولهم : يا نفس
[ ص: 1372 ] صبرا ، وقيل التقدير : اقصدوا ضرب الرقاب .
وقيل : إنما خص ضرب الرقاب لأن في التعبير عنه من الغلظة والشدة ما ليس في نفس القتل ، وهي حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأحسن أعضائه
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى إذا أثخنتموهم أي بالغتم في قتلهم وأكثرتم القتل فيهم ، وهذه غاية للأمر بضرب الرقاب ، لا لبيان غاية القتل ، وهو مأخوذ من الشيء الثخين أي : الغليظ ، وقد مضى تحقيق معناه في سورة الأنفال
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فشدوا الوثاق الوثاق بالفتح ويجيء بالكسر : اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط .
قال
الجوهري : وأوثقه في الوثاق : أي : شده ، قال : والوثاق بكسر الواو لغة فيه .
قرأ الجمهور ( فشدوا ) بضم الشين ، وقرأ
السلمي بكسرها .
وإنما أمر سبحانه بشد الوثاق لئلا ينفلتوا ، والمعنى : إذا بالغتم في قتلهم ، فأسروهم وأحيطوهم بالوثاق
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء أي فإما أن تمنوا عليهم بعد الأسر منا ، أو تفدوا فداء ، والمن : الإطلاق بغير عوض ، والفداء : ما يفدي به الأسير نفسه من الأسر ، ولم يذكر القتل هنا اكتفاء بما تقدم .
قرأ الجمهور ( فداء ) بالمد .
وقرأ
ابن كثير ( فدى ) بالقصر ، وإنما قدم المن على الفداء ؛ لأنه من مكارم الأخلاق ، ولهذا كانت العرب تفتخر به ، كما قال شاعرهم :
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
ثم ذكر سبحانه الغاية لذلك فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى تضع الحرب أوزارها أوزار الحرب التي لا تقوم إلا بها من السلاح والكراع ، أسند الوضع إليها وهو لأهلها على طريق المجاز ، والمعنى : أن المسلمين مخيرون بين تلك الأمور إلى غاية هي أن لا يكون حرب مع الكفار .
قال
مجاهد : المعنى حتى لا يكون دين غير دين الإسلام وبه قال
الحسن ،
والكلبي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : حتى يسلم الخلق : قال
الفراء : حتى يؤمنوا ويذهب الكفر .
وقيل : المعنى : حتى يضع الأعداء المحاربون أوزارهم ، وهو سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة .
وروي عن
الحسن ،
وعطاء أنهما قالا : في الآية تقديم وتأخير ، والمعنى : فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها ، فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق .
وقد اختلف العلماء في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة ؟ فقيل إنها منسوخة في أهل الأوثان وأنه لا يجوز أن يفادوا ولا يمن عليهم ، والناسخ لها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة : 5 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم [ الأنفال : 57 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين كافة [ التوبة : 36 ] وبهذا قال
قتادة ،
والضحاك ،
والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، وكثير من الكوفيين قالوا : والمائدة آخر ما نزل ، فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان ومن تؤخذ منه الجزية ، وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة .
وقيل : إن هذه الآية ناسخة لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة : 5 ] روي ذلك عن
عطاء ، وغيره .
وقال كثير من العلماء : إن الآية محكمة والإمام مخير بين القتل والأسر ، وبعد الأسر مخير بين المن والفداء .
وبه قال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
وأبو عبيد ، وغيرهم .
وهذا هو الراجح لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والخلفاء الراشدين من بعده فعلوا ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض [ الأنفال : 67 ] فإذا أسر بعد ذلك فللإمام أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم محل ذلك الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي : الأمر ذلك ، وقيل في محل نصب على المفعولية بتقدير فعل : أي افعلوا ذلك ، ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره محذوف يدل عليه ما تقدم : أي : ذلك حكم الكفار ،
nindex.php?page=treesubj&link=29018_28783ومعنى nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4ولو يشاء الله لانتصر منهم : أي : قادر على الانتصار منهم بالانتقام منهم وإهلاكهم وتعذيبهم بما شاء من أنواع العذاب ولكن أمركم بحربهم
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4ليبلو بعضكم ببعض أي ليختبر بعضكم ببعض فيعلم
المجاهدين في سبيله والصابرين على ابتلائه ويجزل ثوابهم ويعذب الكفار بأيديهم
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4والذين قتلوا في سبيل الله قرأ الجمهور ( قاتلوا ) مبنيا للفاعل ، وقرأ
أبو عمرو ، وحفص ، ( قتلوا ) مبنيا للمفعول ، وقرأ
الحسن بالتشديد مبنيا للمفعول أيضا .
وقرأ
الجحدري ،
وعيسى بن عمر ،
وأبو حيوة ، ( قتلوا ) على البناء للفاعل مع التخفيف من غير ألف ، والمعنى على القراءة الأولى والرابعة : أن
المجاهدين في سبيل الله ثوابهم غير ضائع ، وعلى القراءة الثانية والثالثة : أن المقتولين في سبيل الله كذلك لا يضيع الله سبحانه أجرهم .
قال
قتادة : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم
أحد .
ثم ذكر سبحانه ما لهم عنده من جزيل الثواب فقال : ( سيهديهم ) أي سيهديهم الله سبحانه إلى الرشد في الدنيا ، ويعطيهم الثواب في الآخرة
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=5ويصلح بالهم أي : حالهم ، وشأنهم ، وأمرهم .
قال
أبو العالية : قد ترد الهداية ، والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطريق المفضية إليها ، وقال
ابن زياد : يهديهم إلى محاجة منكر ونكير .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=6ويدخلهم الجنة عرفها لهم أي بينها لهم حتى عرفوها من غير استدلال ، وذلك أنهم إذا دخلوا الجنة تفرقوا إلى منازلهم .
قال
الواحدي : هذا قول عامة المفسرين .
وقال
الحسن : وصف الله لهم الجنة في الدنيا ، فلما دخلوها عرفوها بصفتها .
وقيل فيه حذف : أي عرفوا طرقها ومساكنها وبيوتها .
وقيل : هذا التعريف بدليل يدلهم عليها ، وهو الملك الموكل بالعبد يسير بين يديه حتى يدخله منزله . كذا قال مقاتل .
وقيل : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=6عرفها لهم طيبها بأنواع الملاذ ، مأخوذ من العرف ، وهو الرائحة .
ثم وعدهم سبحانه على نصر دينه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29018_29677يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم أي : إن تنصروا دين الله ينصركم على الكفار ويفتح لكم ، ومثله قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40ولينصرن الله من ينصره .
قال
قطرب : إن تنصروا نبي الله ينصركم
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7ويثبت أقدامكم أي : عند القتال وتثبيت الأقدام عبارة عن النصر ،
[ ص: 1373 ] والمعونة في مواطن الحرب ، وقيل : على الإسلام ، وقيل : على الصراط .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8والذين كفروا فتعسا لهم الموصول في محل رفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره " فتعسوا " بدليل ما بعده ، ودخلت الفاء تشبيها للمبتدأ بالشرط ، وانتصاب ( تعسا ) على المصدر للفعل المقدر خبرا .
قال
الفراء : مثل " سقيا " لهم و " رعيا " ، وأصل التعس الانحطاط والعثار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : التعس أن يجر على وجهه ، والنكس أن يجر على رأسه ، قال : والتعس أيضا الهلاك .
قال
الجوهري : وأصله الكب ، وهو ضد الانتعاش ، ومنه قول
مجمع بن هلال :
تقول وقد أفردتها من حليلها تعست كما أتعستني يا مجمع
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : أي : فمكروها لهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : بعدا لهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : خزيا لهم .
وقال
ابن زيد : شقاء لهم .
وقال
الحسن : شتما لهم .
وقال
ثعلب : هلاكا لهم ، وقال
الضحاك : خيبة لهم . وقال
أبو العالية : شقوة لهم ، حكاه النقاش .
وقال
الضحاك : رغما لهم .
وقال
ثعلب أيضا : شرا لهم .
وقال
أبو العالية : شقوة لهم .
واللام في لهم للبيان كما في قوله : ( هيت لك ) [ يوسف : 23 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8وأضل أعمالهم معطوف على ما قبله داخل معه في خبرية الموصول .
والإشارة بقوله : ( ذلك ) إلى ما تقدم مما ذكره الله من التعس والإضلال : أي : الأمر ذلك ، أو ذلك الأمر
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9بأنهم كرهوا ما أنزل الله على رسوله من القرآن ، أو ما أنزل على رسله من كتبه لاشتمالها على ما في القرآن من التوحيد والبعث ، فأحبط الله أعمالهم بذلك السبب ، والمراد بالأعمال ما كانوا عملوا من أعمال الخير في الصورة ، وإن كانت باطلة من الأصل ؛ لأن عمل الكافر لا يقبل قبل إسلامه .
ثم
nindex.php?page=treesubj&link=32016خوف سبحانه الكفار وأرشدهم إلى الاعتبار بحال من قبلهم ، فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10أفلم يسيروا في الأرض أي : ألم يسيروا في أرض
عاد ، وثمود ، وقوم
لوط ، وغيرهم ليعتبروا
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم أي : آخر أمر الكافرين قبلهم ، فإن آثار العذاب في ديارهم باقية .
ثم بين سبحانه ما صنع بمن قبلهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10دمر الله عليهم والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر ، والتدمير والهلاك : أي أهلكهم واستأصلهم ، يقال : دمره ، ودمر عليه بمعنى .
ثم توعد مشركي
مكة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29018_30539وللكافرين أمثالها أي لهؤلاء الكافرين أمثال عاقبة من قبلهم من الأمم الكافرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير : الضمير في ( أمثالها ) يرجع إلى عاقبة الذين من قبلهم ، وإنما جمع لأن العواقب متعددة بحسب تعدد الأمم المعذبة ، وقيل : أمثال العقوبة ، وقيل : الهلكة ، وقيل : التدميرة ، والأول أولى لرجوع الضمير إلى ما هو مذكور قبله .
والإشارة بقوله : ( ذلك ) إلى ما ذكر من أن للكافرين أمثالها
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11بأن nindex.php?page=treesubj&link=29676_29018_29677الله مولى الذين آمنوا أي بسبب أن الله ناصرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29018_30539وأن الكافرين لا مولى لهم أي لا ناصر يدفع عنهم .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ( ذلك بأن الله ولي الذين آمنوا ) قال
قتادة : نزلت يوم
أحد .
nindex.php?page=treesubj&link=29018_29468_29680إن الله nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار قد تقدم تفسير الآية في غير موضع ، وتقدم كيفية جري الأنهار من تحت الجنات ، والجملة مسوقة لبيان ولاية الله للمؤمنين
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام أي يتمتعون بمتاع الدنيا وينتفعون به كأنهم أنعام ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم ، ساهون عن العاقبة لاهون بما هم فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12والنار مثوى لهم أي : مقام يقيمون به ، ومنزل ينزلونه ويستقرون فيه ، والجملة في محل نصب على الحال أو مستأنفة .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وصححه ،
وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قال : هم أهل
مكة ، قريش نزلت فيهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2والذين آمنوا وعملوا الصالحات قال : هم أهل
المدينة الأنصار nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وأصلح بالهم قال : أمرهم .
وأخرج
ابن المنذر عنه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أضل أعمالهم قال : كانت لهم أعمال فاضلة لا يقبل الله مع الكفر عملا .
وأخرج
النحاس عنه أيضا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء قال : فجعل الله النبي والمؤمنين بالخيار في الأسارى ، إن شاءوا قتلوهم ، وإن شاءوا استعبدوهم ، وإن شاءوا فادوهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : هذا منسوخ نسختها :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين [ التوبة : 5 ] .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن مردويه ، عن
الحسن قال : أتي
الحجاج بأسارى ، فدفع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رجلا يقتله ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ليس بهذا أمرنا إنما قال الله
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء .
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف ،
وابن المنذر ،
وابن مردويه ، عن
ليث قال : قلت
لمجاهد : بلغني أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لا يحل
nindex.php?page=treesubj&link=8397_8398قتل الأسارى ، لأن الله قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء فقال
مجاهد : لا تعبأ بهذا شيئا أدركت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وكلهم ينكر هذا ، ويقول هذه منسوخة إنما كانت في الهدنة التي كانت بين النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وبين المشركين ، فأما اليوم فلا ، يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة : 5 ] ويقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب فإن كان من مشركي العرب لم يقبل شيء منهم إلا الإسلام ، فإن لم يسلموا فالقتل ، وأما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار إن شاءوا قتلوهم ، وإن شاءوا استحيوهم ، وإن شاءوا فادوهم إذا لم يتحولوا عن دينهم ، فإن أظهروا الإسلام لم يفادوا .
ونهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن
nindex.php?page=treesubj&link=8393قتل الصغير والمرأة والشيخ الفاني .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : يوشك من عاش منكم أن يلقى
عيسى ابن مريم إماما مهديا وحكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، وتوضع الجزية ، وتضع الحرب أوزارها .
وأخرج
ابن سعد ،
وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
والبغوي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ،
وابن مردويه ، عن
سلمة بن نفيل ، عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من حديث قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021406لا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ، ومأجوج .
وأخرج
ابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 1374 ] nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10وللكافرين أمثالها قال : لكفار قومك يا
محمد مثل ما دمرت به القرى فأهلكوا بالسيف .
وَتُسَمَّى سُورَةَ الْقِتَالِ ، وَسُورَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا .
وَهِيَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ آيَةً ، وَقِيلَ : ثَمَانٌ وَثَلَاثُونَ ، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ . قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ ، إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةَ ، فَإِنَّهُمَا قَالَا : إِلَّا آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ خَرَجَ مِنْ
مَكَّةَ وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يَبْكِي حُزْنًا عَلَيْهِ ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ [ مُحَمَّدٍ : 13 ] وَقَالَ
الثَّعْلَبِيُّ : إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ .
وَحَكَاهُ
ابْنُ هِبَةِ اللَّهِ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنَ الْقَوْلِ ، فَالسُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ كَمَا لَا يَخْفَى .
وَقَدْ أَخْرَجَ
ابْنُ الضُّرَيْسِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : نَزَلَتْ سُورَةُ الْقِتَالِ
بِالْمَدِينَةِ .
وَأَخْرَجَ
النَّحَّاسُ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28889نَزَلَتْ سُورَةُ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ سُورَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، عَنِ
ابْنِ عِمْرَانَ nindex.php?page=treesubj&link=889أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ بِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29018_30539_29468_29680_8397_8400_8401_8398الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=5سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=6وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ( 12 )
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ هُمْ كُفَّارُ
قُرَيْشٍ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَصَدُّوا أَنْفُسَهُمْ وَغَيْرَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ بِنَهْيِهِمْ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ ، كَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَالسُّدِّيُّ .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ : عَنْ بَيْتِ اللَّهِ بِمَنْعِ قَاصِدِيهِ .
وَقِيلَ : هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ . وَخَبَرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ أَيْ أَبْطَلَهَا وَجَعَلَهَا ضَائِعَةً .
قَالَ
الضَّحَّاكُ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ أَبْطَلَ كَيْدَهُمْ وَمَكْرَهُمْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ فِي كُفْرِهِمْ .
وَقِيلَ : أَبْطَلَ مَا عَمِلُوهُ فِي الْكُفْرِ مِمَّا كَانُوا يُسَمُّونَهُ مَكَارِمَ أَخْلَاقٍ ، مِنْ صِلَةِ الْأَرْحَامِ ، وَفَكِّ الْأُسَارَى ، وَقِرَى الْأَضْيَافِ ، وَهَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً مِنْ أَصْلِهَا ، لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَكَمَ بِبُطْلَانِهَا .
وَلَمَّا ذَكَرَ فَرِيقَ الْكَافِرِينَ أَتْبَعَهُمْ بِذِكْرِ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ظَاهِرُ هَذَا الْعُمُومُ ، فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ خُصُوصُ سَبَبِهَا ، فَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي
الْأَنْصَارِ ، وَقِيلَ فِي نَاسٍ مِنْ
قُرَيْشٍ ، وَقِيلَ : فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَلَكِنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ ، وَخَصَّ سُبْحَانَهُ الْإِيمَانَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِالذِّكْرِ مَعَ انْدِرَاجِهِ تَحْتَ مُطْلَقِ الْإِيمَانِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَكَانِهِ وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : وَالَّذِينَ آمَنُوا ، وَبَيْنَ خَبَرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَمَعْنَى كَوْنِهِ الْحَقَّ أَنَّهُ النَّاسِخُ لِمَا قَبْلَهُ ، وَقَوْلُهُ : ( مِنْ رَبِّهِمْ ) فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ أَيِ : السَّيِّئَاتِ الَّتِي عَمِلُوهَا فِيمَا مَضَى فَإِنَّهُ غَفَرَهَا لَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ أَيْ : شَأْنَهُمْ ، وَحَالَهُمْ .
قَالَ
مُجَاهِدٌ : شَأْنَهُمْ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : حَالَهُمْ ، وَقِيلَ : أَمْرَهُمْ ، وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : الْبَالُ الْحَالُ هَاهُنَا .
قِيلَ : وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ عَصَمَهُمْ عَنِ الْمَعَاصِي فِي حَيَاتِهِمْ وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِصْلَاحَ حَالِ دُنْيَاهُمْ مِنْ إِعْطَائِهِمُ الْمَالَ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَقَالَ
النَّقَّاشُ : إِنَّ الْمَعْنَى أَصْلَحَ نِيَّاتِهِمْ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَإِنْ تُقْبِلِي بِالْوُدِّ أُقْبِلْ بِمِثْلِهِ وَإِنْ تُدْبِرِي أَذْهَبْ إِلَى حَالِ بَالِيَا
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( ذَلِكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا مَرَّ مِمَّا أَوْعَدَ بِهِ الْكُفَّارَ وَوَعَدَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ .
وَقِيلَ : إِنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ : أَيِ : الْأَمْرُ ذَلِكَ ( بِـ ) سَبَبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ فَالْبَاطِلُ الشِّرْكُ ، وَالْحَقُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ ذَلِكَ الْإِضْلَالَ لِأَعْمَالِ الْكَافِرِينَ بِسَبَبِ اتِّبَاعِهُمُ الْبَاطِلَ مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَالْعَمَلِ بِمَعَاصِيهِ ، وَذَلِكَ التَّكْفِيرُ لِسَيِّئَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِصْلَاحُ بِالِهِمْ بِسَبَبِ اتِّبَاعِهِمْ لِلْحَقِّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِاتِّبَاعِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ ، وَالْإِيمَانِ ، وَعَمَلِ الطَّاعَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29018_28902كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ أَيْ : مِثْلُ ذَلِكَ الضَّرْبِ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ : أَيْ : أَحْوَالَ الْفَرِيقَيْنِ الْجَارِيَةَ مَجْرَى الْأَمْثَالِ فِي الْغَرَابَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : ( كَذَلِكَ يَضْرِبُ ) يُبَيِّنُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَ حَسَنَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِضْلَالِ أَعْمَالِ الْكَافِرِينَ : يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ كَافِرًا أَضَلَّ اللَّهُ عَمَلَهُ ، وَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَفَّرَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ لَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ أَمَرَ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ ، وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا الْمُشْرِكِينَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ عَهْدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَانْتِصَابُ فَ ( ضَرْبَ ) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : أَيْ فَاضْرِبُوا الرِّقَابَ ضَرْبًا . وَخَصَّ الرِّقَابَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ بِقَطْعِهَا ، وَقِيلَ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ .
قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : هُوَ كَقَوْلِهِمْ : يَا نَفْسُ
[ ص: 1372 ] صَبْرًا ، وَقِيلَ التَّقْدِيرُ : اقْصِدُوا ضَرْبَ الرِّقَابِ .
وَقِيلَ : إِنَّمَا خَصَّ ضَرْبَ الرِّقَابِ لِأَنَّ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُ مِنَ الْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ مَا لَيْسَ فِي نَفْسِ الْقَتْلِ ، وَهِيَ حَزُّ الْعُنُقِ وَإِطَارَةُ الْعُضْوِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْبَدَنِ وَعُلُّوُّهُ وَأَحْسَنُ أَعْضَائِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ أَيْ بَالَغْتُمْ فِي قَتْلِهِمْ وَأَكْثَرْتُمُ الْقَتْلَ فِيهِمْ ، وَهَذِهِ غَايَةٌ لِلْأَمْرِ بِضَرْبِ الرِّقَابِ ، لَا لِبَيَانِ غَايَةِ الْقَتْلِ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّيْءِ الثَّخِينِ أَيِ : الْغَلِيظِ ، وَقَدْ مَضَى تَحْقِيقُ مَعْنَاهُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَشُدُّوا الْوَثَاقَ الْوَثَاقَ بِالْفَتْحِ وَيَجِيءُ بِالْكَسْرِ : اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي يُوثَقُ بِهِ كَالرِّبَاطِ .
قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَأَوْثَقَهُ فِي الْوَثَاقِ : أَيْ : شَدَّهُ ، قَالَ : وَالْوِثَاقُ بِكَسْرِ الْوَاوِ لُغَةٌ فِيهِ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( فَشُدُّوَا ) بِضَمِّ الشِّينِ ، وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ بِكَسْرِهَا .
وَإِنَّمَا أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِشَدِّ الْوَثَاقِ لِئَلَّا يَنْفَلِتُوا ، وَالْمَعْنَى : إِذَا بَالَغْتُمْ فِي قَتْلِهِمْ ، فَأْسِرُوهُمْ وَأَحِيطُوهُمْ بِالْوَثَاقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً أَيْ فَإِمَّا أَنْ تَمُنُّوا عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْأَسْرِ مَنًّا ، أَوْ تَفْدُوا فِدَاءً ، وَالْمَنُّ : الْإِطْلَاقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، وَالْفِدَاءُ : مَا يَفْدِي بِهِ الْأَسِيرُ نَفْسَهُ مِنَ الْأَسْرِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَتْلَ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( فِدَاءً ) بِالْمَدِّ .
وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ( فِدًى ) بِالْقَصْرِ ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمَنَّ عَلَى الْفِدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَلِهَذَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ بِهِ ، كَمَا قَالَ شَاعِرُهُمْ :
وَلَا نَقْتُلُ الْأَسْرَى وَلَكِنْ نَفُكُّهُمْ إِذَا أَثْقَلَ الْأَعْنَاقَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْغَايَةَ لِذَلِكَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَوْزَارُ الْحَرْبِ الَّتِي لَا تَقُومُ إِلَّا بِهَا مِنَ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ ، أَسْنَدَ الْوَضْعَ إِلَيْهَا وَهُوَ لِأَهْلِهَا عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ تِلْكَ الْأُمُورِ إِلَى غَايَةٍ هِيَ أَنْ لَا يَكُونَ حَرْبٌ مَعَ الْكُفَّارِ .
قَالَ
مُجَاهِدٌ : الْمَعْنَى حَتَّى لَا يَكُونَ دِينٌ غَيْرُ دِينِ الْإِسْلَامِ وَبِهِ قَالَ
الْحَسَنُ ،
وَالْكَلْبِيُّ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : حَتَّى يُسْلِمَ الْخَلْقُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ : حَتَّى يُؤْمِنُوا وَيَذْهَبَ الْكُفْرُ .
وَقِيلَ : الْمَعْنَى : حَتَّى يَضَعَ الْأَعْدَاءُ الْمُحَارِبُونَ أَوْزَارَهُمْ ، وَهُوَ سِلَاحُهُمْ بِالْهَزِيمَةِ أَوِ الْمُوَادَعَةِ .
وَرُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ ،
وَعَطَاءٍ أَنَّهُمَا قَالَا : فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَالْمَعْنَى : فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ، فَإِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ أَوْ مَنْسُوخَةٌ ؟ فَقِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فِي أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَادَوْا وَلَا يُمَنَّ عَلَيْهِمْ ، وَالنَّاسِخُ لَهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [ التَّوْبَةِ : 5 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ [ الْأَنْفَالِ : 57 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً [ التَّوْبَةِ : 36 ] وَبِهَذَا قَالَ
قَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَالسُّدِّيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ قَالُوا : وَالْمَائِدَةُ آخِرُ مَا نَزَلَ ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ مُشْرِكٍ إِلَّا مَنْ قَامَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى تَرْكِهِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [ التَّوْبَةِ : 5 ] رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
عَطَاءٍ ، وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : إِنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ ، وَبَعْدَ الْأَسْرِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ .
وَبِهِ قَالَ
مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَغَيْرُهُمْ .
وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلُوا ذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : لَا يَكُونُ فِدَاءٌ وَلَا أَسْرٌ إِلَّا بَعْدَ الْإِثْخَانِ وَالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ [ الْأَنْفَالِ : 67 ] فَإِذَا أَسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا رَآهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ مَحَلُّ ذَلِكَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ : أَيِ : الْأَمْرُ ذَلِكَ ، وَقِيلَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ : أَيِ افْعَلُوا ذَلِكَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ : أَيْ : ذَلِكَ حُكْمُ الْكُفَّارِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29018_28783وَمَعْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ : أَيْ : قَادِرٌ عَلَى الِانْتِصَارِ مِنْهُمْ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُمْ وَإِهْلَاكِهِمْ وَتَعْذِيبِهِمْ بِمَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَلَكِنْ أَمَرَكُمْ بِحَرْبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ أَيْ لِيَخْتَبِرَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ فَيَعْلَمَ
الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ وَالصَّابِرِينَ عَلَى ابْتِلَائِهِ وَيُجْزِلَ ثَوَابَهُمْ وَيُعَذِّبَ الْكُفَّارَ بِأَيْدِيهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( قَاتَلُوا ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو ، وَحَفْصٌ ، ( قُتِلُوا ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ بِالتَّشْدِيدِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْضًا .
وَقَرَأَ
الْجَحْدَرَيُّ ،
وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ، ( قَتَلُوا ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ مَعَ التَّخْفِيفِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ : أَنَّ
الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثَوَابُهُمْ غَيْرُ ضَائِعٍ ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ : أَنَّ الْمَقْتُولِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَذَلِكَ لَا يُضِيعُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَجْرَهُمْ .
قَالَ
قَتَادَةُ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ
أُحُدٍ .
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا لَهُمْ عِنْدَهُ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ فَقَالَ : ( سَيَهْدِيهِمْ ) أَيْ سَيَهْدِيهِمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَى الرُّشْدِ فِي الدُّنْيَا ، وَيُعْطِيهِمُ الثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=5وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ أَيْ : حَالَهُمْ ، وَشَأْنَهُمْ ، وَأَمْرَهُمْ .
قَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : قَدْ تَرِدُ الْهِدَايَةُ ، وَالْمُرَادُ بِهَا إِرْشَادُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَسَالِكِ الْجِنَانِ وَالطَّرِيقِ الْمُفْضِيَةِ إِلَيْهَا ، وَقَالَ
ابْنُ زِيَادٍ : يَهْدِيهِمْ إِلَى مُحَاجَّةِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=6وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ أَيْ بَيَّنَهَا لَهُمْ حَتَّى عَرَفُوهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ تَفَرَّقُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ .
قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمُفَسِّرِينَ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ : وَصَفَ اللَّهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ فِي الدُّنْيَا ، فَلَمَّا دَخَلُوهَا عَرَفُوهَا بِصِفَتِهَا .
وَقِيلَ فِيهِ حَذْفٌ : أَيْ عَرَفُوا طُرُقَهَا وَمَسَاكِنَهَا وَبُيُوتَهَا .
وَقِيلَ : هَذَا التَّعْرِيفُ بِدَلِيلٍ يَدُلُّهُمْ عَلَيْهَا ، وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْعَبْدِ يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَنْزِلَهُ . كَذَا قَالَ مُقَاتِلٌ .
وَقِيلَ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=6عَرَّفَهَا لَهُمْ طَيَّبَهَا بِأَنْوَاعِ الْمَلَاذِّ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَرْفِ ، وَهُوَ الرَّائِحَةُ .
ثُمَّ وَعَدَهُمْ سُبْحَانَهُ عَلَى نَصْرِ دِينِهِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29018_29677يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ أَيْ : إِنْ تَنْصُرُوا دِينَ اللَّهِ يَنْصُرْكُمْ عَلَى الْكُفَّارِ وَيَفْتَحْ لَكُمْ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ .
قَالَ
قُطْرُبٌ : إِنْ تَنْصُرُوا نَبِيَّ اللَّهِ يَنْصُرْكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=7وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ أَيْ : عِنْدَ الْقِتَالِ وَتَثْبِيتِ الْأَقْدَامِ عِبَارَةٌ عَنِ النَّصْرِ ،
[ ص: 1373 ] وَالْمَعُونَةِ فِي مُوَاطِنِ الْحَرْبِ ، وَقِيلَ : عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَقِيلَ : عَلَى الصِّرَاطِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ الْمَوْصُولُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " فَتَعِسُوا " بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ ، وَدَخَلَتِ الْفَاءُ تَشْبِيهًا لِلْمُبْتَدَأِ بِالشَّرْطِ ، وَانْتِصَابُ ( تَعْسًا ) عَلَى الْمَصْدَرِ لِلْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ خَبَرًا .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : مِثْلُ " سُقْيًا " لَهُمْ وَ " رَعْيًا " ، وَأَصْلُ التَّعْسِ الِانْحِطَاطُ وَالْعِثَارُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ : التَّعْسُ أَنْ يُجَرَّ عَلَى وَجْهِهِ ، وَالنَّكْسُ أَنْ يُجَرَّ عَلَى رَأْسِهِ ، قَالَ : وَالتَّعْسُ أَيْضًا الْهَلَاكُ .
قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَأَصْلُهُ الْكَبُّ ، وَهُوَ ضِدُّ الِانْتِعَاشِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
مُجَمِّعِ بْنِ هِلَالٍ :
تَقُولُ وَقَدْ أَفْرَدْتُهَا مِنْ حَلِيلِهَا تَعِسْتَ كَمَا أَتْعَسْتَنِي يَا مُجَمِّعُ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : أَيْ : فَمَكْرُوهًا لَهُمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : بُعْدًا لَهُمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : خِزْيًا لَهُمْ .
وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : شَقَاءً لَهُمْ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ : شَتْمًا لَهُمْ .
وَقَالَ
ثَعْلَبٌ : هَلَاكًا لَهُمْ ، وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : خَيْبَةً لَهُمْ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : شِقْوَةً لَهُمْ ، حَكَاهُ النَّقَّاشُ .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : رَغْمًا لَهُمْ .
وَقَالَ
ثَعْلَبٌ أَيْضًا : شَرًّا لَهُمْ .
وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : شِقْوَةً لَهُمْ .
وَاللَّامُ فِي لَهُمْ لِلْبَيَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : ( هَيْتَ لَكَ ) [ يُوسُفَ : 23 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=8وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ دَاخِلٌ مَعَهُ فِي خَبَرِيَّةِ الْمَوْصُولِ .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( ذَلِكَ ) إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنَ التَّعْسِ وَالْإِضْلَالِ : أَيِ : الْأَمْرُ ذَلِكَ ، أَوْ ذَلِكَ الْأَمْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=9بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، أَوْ مَا أَنْزَلَ عَلَى رُسُلِهِ مِنْ كُتُبِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ ، فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ بِذَلِكَ السَّبَبِ ، وَالْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ مَا كَانُوا عَمِلُوا مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ فِي الصُّورَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً مِنَ الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْكَافِرِ لَا يُقْبَلُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ .
ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32016خَوَّفَ سُبْحَانَهُ الْكُفَّارَ وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى الِاعْتِبَارِ بِحَالِ مَنْ قَبْلَهُمْ ، فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أَيْ : أَلَمْ يَسِيرُوا فِي أَرْضِ
عَادٍ ، وَثَمُودَ ، وَقَوْمِ
لُوطٍ ، وَغَيْرِهِمْ لِيَعْتَبِرُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ : آخِرُ أَمْرِ الْكَافِرِينَ قَبْلَهُمْ ، فَإِنَّ آثَارَ الْعَذَابِ فِي دِيَارِهِمْ بَاقِيَةٌ .
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَا صَنَعَ بِمَنْ قَبْلَهُمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ ، وَالتَّدْمِيرُ وَالْهَلَاكُ : أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَاسْتَأْصَلَهُمْ ، يُقَالُ : دَمَّرَهُ ، وَدَمَّرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى .
ثُمَّ تَوَعَّدَ مُشْرِكِي
مَكَّةَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29018_30539وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا أَيْ لِهَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ أَمْثَالُ عَاقِبَةِ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ : الضَّمِيرُ فِي ( أَمْثَالِهَا ) يَرْجِعُ إِلَى عَاقِبَةِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَإِنَّمَا جُمِعَ لِأَنَّ الْعَوَاقِبَ مُتَعَدِّدَةٌ بِحَسَبِ تَعَدُّدِ الْأُمَمِ الْمُعَذَّبَةِ ، وَقِيلَ : أَمْثَالُ الْعُقُوبَةِ ، وَقِيلَ : الْهَلْكَةُ ، وَقِيلَ : التَّدْمِيرَةُ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إِلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ قَبْلَهُ .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( ذَلِكَ ) إِلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ لِلْكَافِرِينَ أَمْثَالَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11بِأَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=29676_29018_29677اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29018_30539وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ أَيْ لَا نَاصِرَ يَدْفَعُ عَنْهُمْ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) قَالَ
قَتَادَةُ : نَزَلَتْ يَوْمَ
أُحُدٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=29018_29468_29680إِنَّ اللَّهَ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ جَرْيِ الْأَنْهَارِ مِنْ تَحْتِ الْجَنَّاتِ ، وَالْجُمْلَةُ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ وِلَايَةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ أَيْ يَتَمَتَّعُونَ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ كَأَنَّهُمْ أَنْعَامٌ لَيْسَ لَهُمْ هِمَّةٌ إِلَّا بُطُونُهُمْ وَفُرُوجُهُمْ ، سَاهُونَ عَنِ الْعَاقِبَةِ لَاهُونَ بِمَا هُمْ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=12وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ أَيْ : مُقَامٌ يُقِيمُونَ بِهِ ، وَمَنْزِلٌ يَنْزِلُونَهُ وَيَسْتَقِرُّونَ فِيهِ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14906الْفِرْيَابِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَالْحَاكِمُ ، وَصَحَّحَهُ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ : هُمْ أَهْلُ
مَكَّةَ ، قُرَيْشٌ نَزَلَتْ فِيهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قَالَ : هُمْ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ الْأَنْصَارُ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ قَالَ : أَمْرَهُمْ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ قَالَ : كَانَتْ لَهُمْ أَعْمَالٌ فَاضِلَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مَعَ الْكُفْرِ عَمَلًا .
وَأَخْرَجَ
النَّحَّاسُ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً قَالَ : فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْخِيَارِ فِي الْأُسَارَى ، إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ ، وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْهُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ : هَذَا مَنْسُوخٌ نَسَخَتْهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [ التَّوْبَةِ : 5 ] .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ : أُتِيَ
الْحَجَّاجُ بِأُسَارَى ، فَدَفَعَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَجُلًا يَقْتُلُهُ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : لَيْسَ بِهَذَا أُمِرْنَا إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً .
وَأَخْرَجَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنْ
لَيْثٍ قَالَ : قُلْتُ
لِمُجَاهِدٍ : بَلَغَنِي أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : لَا يَحِلُّ
nindex.php?page=treesubj&link=8397_8398قَتْلُ الْأُسَارَى ، لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً فَقَالَ
مُجَاهِدٌ : لَا تَعْبَأْ بِهَذَا شَيْئًا أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُ هَذَا ، وَيَقُولُ هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ إِنَّمَا كَانَتْ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا ، يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [ التَّوْبَةِ : 5 ] وَيَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَمْ يُقْبَلْ شَيْءٌ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا فَالْقَتْلُ ، وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ فَإِنَّهُمْ إِذَا أُسِرُوا فَالْمُسْلِمُونَ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَحْيَوْهُمْ ، وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْهُمْ إِذَا لَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ دِينِهِمْ ، فَإِنْ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ لَمْ يُفَادَوْا .
وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8393قَتْلِ الصَّغِيرِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا وَحَكَمًا عَدْلًا ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ سَعْدٍ ،
وَأَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
وَالْبَغَوِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021406لَا تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتَّى يَخْرُجَ يَأْجُوجُ ، وَمَأْجُوجُ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ [ ص: 1374 ] nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=10وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا قَالَ : لِكُفَّارِ قَوْمِكَ يَا
مُحَمَّدُ مِثْلُ مَا دُمِّرَتْ بِهِ الْقُرَى فَأُهْلِكُوا بِالسَّيْفِ .