(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28978_33954ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا ) قلنا : إنه عليه السلام قد بدأ بدعوتهم إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28663توحيد العبادة لأنه ركن الدين الأعظم الذي هدمته الوثنية ، وثنى بالأوامر والنواهي المتعلقة بحالهم الغالبة عليهم . وأما هذا النهي عن قطعهم الطرق على من يغشى مجلسه عليه السلام ويسمع دعوته ويؤمن به فلم يؤخره لأن اقترافه دون اقتراف التطفيف في الكيل والميزان وبخس الحقوق ؛ بل لأنه متأخر عنها في الزمن ، فالدعوة قد وجهت أولا إلى أقرب الناس إليه في بلده ثم إلى الأقرب فالأقرب منهم وممن يزور أرضهم ، وقد كان الأقربون دارا هم الأبعدين استجابة له في الأكثر ، وتلك سنة الله في الخلق . فلما رأوا غيرهم يقبل دعوته ويعقلها ويهتدي بها شرعوا يصدون الناس عنه ، فلا يدعون طريقا توصل إليه إلا قعد بها من يتوعد سالكيها إليه ويصدونهم عن سبيل الله التي يدعوهم إليها ، يطلبون بالتمويه والتضليل أن يجعلوا استقامتها عوجا وهداها ضلالا ، وتقدم مثل هذه الجملة ( في الآية ) 45 من هذه السورة في ص 427 فليراجع ) .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) قال : كانوا يجلسون في الطريق فيقولون لمن أتى عليهم : إن
شعيبا كذاب فلا يفتننكم عن دينكم . وفي رواية عنه ، بكل صراط : طريق - توعدون ، قال : تخوفون الناس أن يأتوا شعيبا .
وهذا تفسير للصراط بالطريق الحسي الحقيقي ، وروي عن
مجاهد تفسيره بالسبيل المجازي
[ ص: 475 ] قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86بكل صراط ) بكل سبيل حق إلخ . وروي أنهم كانوا يخوفون الناس بالقتل إذا آمنوا به .
والحاصل : أنه نهاهم هنا عن ثلاثة أشياء : ( أولها ) قعودهم على الطرقات التي توصل إليه يخوفون من يجيئه ليرجع عنه قبل أن يراه ويسمع دعوته . ( ثانيها ) صدهم من وصل إليه وآمن به بصرفه عن الثبات على الإيمان والإسلام والاستقامة على سبيل الله تعالى الموصلة إلى سعادة الدارين . ( ثالثها ) ابتغاؤهم جعل سبيل الله المستقيمة ذات عوج بالطعن وإلقاء الشبهات المشككة فيها أو المشوهة لها ، كقولهم له عليه السلام الذي حكاه الله تعالى عنهم في سورة هود : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=87قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ( 11 : 87 ) .
فهاهنا ضلالتان - ضلالة التقليد والعصبية للآباء والأجداد ، ولا تزال تكأة أكثر الضالين في أصل الدين وفي فهمه وفي الاهتداء به - وضلالة الغلو في الحرية الشخصية التي لم تكن فتنتها في زمن ما أشد وأعم منها في هذا الزمن بما بث الإفرنج الفاتنون المفتونون لدعوتها في كل الأمم ، حتى إن حكومة كالحكومة المصرية تبيح الزنا لشعب يدين أكثر أهله بالإسلام وأقله بالنصرانية واليهودية وكلهم يحرمون الزنا ، وإنما أباحته بإغواء أساتذتها وسادتها من الإفرنج ، وقد خنع الشعب المستذل المستضعف لها ، وسكت علماؤه ومرشدوه الدينيون فلا ينكرون عليها أفرادا ولا جماعات ، ولا يتظاهرون على الاحتجاج على عملها بالخطب الدينية والاجتماعية ، ولا بالنشر في الصحف العامة ، وقد أدى السكوت عن هذا وما أشبهه إلى أن صار المنكر معروفا يكثر أنصاره والمستحسنون له ، ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن
nindex.php?page=treesubj&link=10279استحلال الزنا وإباحته كفر وردة . وعلماء الدين يتحدثون فيما بينهم بكفر واضعي أمثال هذه الأحكام في القوانين والمستبيحين لها من سواهم ، ولكنهم قلما يتجاوزون التناجي في ذلك بينهم ، إما لضعفهم أو لأن أرزاقهم من الأوقات ومنصب القضاء في أيدي هؤلاء الحكام ، كما بيناه في مواضع . ومن مفاسد هذا
nindex.php?page=treesubj&link=24661_20202السكوت عن إنكار المنكر أن بعض المسلمين يحتجون به على شرعية كل ما يسكت عنه علماء الدين .
[ ص: 476 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم ) أي وتذكروا ذلك الزمن الذي كنتم فيه قليلي العدد فكثركم الله تعالى بما بارك في نسلكم فاشكروا له ذلك بعبادته وحده واتباع وصاياه في الحق والعدل وترك الفساد في الأرض .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ) من الشعوب المجاورة لكم
كقوم لوط وقوم صالح وغيرهم ، وكيف أهلكهم الله تعالى بفسادهم ، فيجب أن يكون لكم عبرة في ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=87وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ) أي إن كان بعضكم قد آمن بما أرسلني الله به إليكم من التوحيد والعبادة والأحكام المقررة للإصلاح المانعة من الإفساد ، وبعضكم لم يؤمن به بل أصروا على شركهم وإفسادهم ، فستكون عاقبتكم كعاقبة من قبلكم ، فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وبينكم بالفعل ، وهو خير الحاكمين ؛ لأنه يحكم بالحق والعدل ، لتنزهه عن الباطل والجور ، فإن لم يعتبر كفاركم بعاقبة من قبلهم ، فسيرون ما يحل بهم ، فالأمر بالصبر تهديد ووعيد .
حكم الله بين عباده نوعان : حكم شرعي يوحيه إلى رسله ، وحكم فعلي يفصل فيه بين الخلق بمقتضى عدله وسننه ، فمن الأول قوله تعالى في أول سورة المائدة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إن الله يحكم ما يريد ) ( 5 : 1 ) فإنه جاء بعد الأمر بالوفاء بالعقود وإحلال بهيمة الأنعام إلا ما استثني منها بعد تلك الآية . ومن الثاني ما حكاه الله تعالى هنا عن رسوله شعيب عليه السلام . ومثله قوله تعالى في آخر سورة يونس خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ) ( 10 : 109 ) وفي معناه ما ختمت به سورة الأنبياء وهو في موضوع تبليغ دعوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=108قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=109فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=110إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=111وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) ( 21 : 108 - 112 ) وإنما حكمه تعالى بين الأمم بنصر أقربها إلى العدل والإصلاح في الأرض ، وحكمه هو الحق ، ولا معقب لحكمه ، فليعتبر المسلمون بهذا قبل كل أحد ، وليعرضوا حالهم وحال دولهم على القرآن
[ ص: 477 ] وعلى أحكام الله لهم وعليهم ، لعلهم يثوبون إلى رشدهم ، ويتوبون إلى ربهم ، فيعيد إليهم ما سلب منهم ، ويرفع مقته وغضبه عنهم . اللهم تب علينا ، وعافنا واعف عنا ، واحكم لنا لا علينا .
إنك على كل شيء قدير
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28978_33954وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ) قُلْنَا : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ بَدَأَ بِدَعْوَتِهِمْ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28663تَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ رُكْنُ الدِّينِ الْأَعْظَمُ الَّذِي هَدَمَتْهُ الْوَثَنِيَّةُ ، وَثَنَّى بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الْمُتَعَلِّقَةِ بِحَالِهِمُ الْغَالِبَةِ عَلَيْهِمْ . وَأَمَّا هَذَا النَّهْيُ عَنْ قَطْعِهِمُ الطُّرُقَ عَلَى مَنْ يَغْشَى مَجْلِسَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَسْمَعُ دَعْوَتَهُ وَيُؤْمِنُ بِهِ فَلَمْ يُؤَخِّرْهُ لِأَنَّ اقْتِرَافَهُ دُونَ اقْتِرَافِ التَّطْفِيفِ فِي الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ وَبَخْسِ الْحُقُوقِ ؛ بَلْ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فِي الزَّمَنِ ، فَالدَّعْوَةُ قَدْ وُجِّهَتْ أَوَّلًا إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ فِي بَلَدِهِ ثُمَّ إِلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ يَزُورُ أَرْضَهُمْ ، وَقَدْ كَانَ الْأَقْرَبُونَ دَارًا هُمُ الْأَبْعَدِينَ اسْتِجَابَةً لَهُ فِي الْأَكْثَرِ ، وَتِلْكَ سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ . فَلَمَّا رَأَوْا غَيْرَهُمْ يَقْبَلُ دَعْوَتَهُ وَيَعْقِلُهَا وَيَهْتَدِي بِهَا شَرَعُوا يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْهُ ، فَلَا يَدَعُونَ طَرِيقًا تُوَصِّلُ إِلَيْهِ إِلَّا قَعَدَ بِهَا مَنْ يَتَوَعَّدُ سَالِكِيهَا إِلَيْهِ وَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الَّتِي يَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا ، يَطْلُبُونَ بِالتَّمْوِيهِ وَالتَّضْلِيلِ أَنْ يَجْعَلُوا اسْتِقَامَتَهَا عِوَجًا وَهُدَاهَا ضَلَالًا ، وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ( فِي الْآيَةِ ) 45 مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ فِي ص 427 فَلْيُرَاجَعْ ) .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ ) قَالَ : كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي الطَّرِيقِ فَيَقُولُونَ لِمَنْ أَتَى عَلَيْهِمْ : إِنَّ
شُعَيْبًا كَذَّابٌ فَلَا يَفْتِنَنَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ ، بِكُلِّ صِرَاطٍ : طَرِيقٍ - تُوعِدُونَ ، قَالَ : تُخَوِّفُونَ النَّاسَ أَنْ يَأْتُوا شُعَيْبًا .
وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلصِّرَاطِ بِالطَّرِيقِ الْحِسِّيِّ الْحَقِيقِيِّ ، وَرُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ تَفْسِيرُهُ بِالسَّبِيلِ الْمَجَازِيِّ
[ ص: 475 ] قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86بِكُلِّ صِرَاطٍ ) بِكُلِّ سَبِيلِ حَقٍّ إِلَخْ . وَرُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخَوِّفُونَ النَّاسَ بِالْقَتْلِ إِذَا آمَنُوا بِهِ .
وَالْحَاصِلُ : أَنَّهُ نَهَاهُمْ هُنَا عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : ( أَوَّلُهَا ) قُعُودُهُمْ عَلَى الطُّرُقَاتِ الَّتِي تُوصِّلُ إِلَيْهِ يُخَوِّفُونَ مَنْ يَجِيئُهُ لِيَرْجِعَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ وَيَسْمَعَ دَعْوَتَهُ . ( ثَانِيهَا ) صَدُّهُمْ مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ وَآمَنَ بِهِ بِصَرْفِهِ عَنِ الثَّبَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُوَصِّلَةِ إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ . ( ثَالِثُهَا ) ابْتِغَاؤُهُمْ جَعْلَ سَبِيلِ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمَةِ ذَاتَ عِوَجٍ بِالطَّعْنِ وَإِلْقَاءِ الشُّبُهَاتِ الْمُشَكِّكَةِ فِيهَا أَوِ الْمُشَوِّهَةِ لَهَا ، كَقَوْلِهِمْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=87قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصْلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ) ( 11 : 87 ) .
فَهَاهُنَا ضَلَالَتَانِ - ضَلَالَةُ التَّقْلِيدِ وَالْعَصَبِيَّةِ لِلْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ، وَلَا تَزَالُ تَكْأَةَ أَكْثَرِ الضَّالِّينَ فِي أَصْلِ الدِّينِ وَفِي فَهْمِهِ وَفِي الِاهْتِدَاءِ بِهِ - وَضَلَالَةُ الْغُلُوِّ فِي الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهَا فِي زَمَنٍ مَا أَشَدَّ وَأَعَمَّ مِنْهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ بِمَا بَثَّ الْإِفْرِنْجُ الْفَاتِنُونَ الْمُفْتِونُونَ لِدَعْوَتِهَا فِي كُلِّ الْأُمَمِ ، حَتَّى إِنَّ حُكُومَةً كَالْحُكُومَةِ الْمِصْرِيَّةِ تُبِيحُ الزِّنَا لِشَعْبٍ يَدِينُ أَكْثَرُ أَهْلِهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَقَلُّهُ بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَكُلُّهُمْ يُحَرِّمُونَ الزِّنَا ، وَإِنَّمَا أَبَاحَتْهُ بِإِغْوَاءِ أَسَاتِذَتِهَا وَسَادَتِهَا مِنَ الْإِفْرِنْجِ ، وَقَدْ خَنَعَ الشَّعْبُ الْمُسْتَذَلُّ الْمُسْتَضْعَفُ لَهَا ، وَسَكَتَ عُلَمَاؤُهُ وَمُرْشِدُوهُ الدِّينِيُّونَ فَلَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهَا أَفْرَادًا وَلَا جَمَاعَاتٍ ، وَلَا يَتَظَاهَرُونَ عَلَى الِاحْتِجَاجِ عَلَى عَمَلِهَا بِالْخُطَبِ الدِّينِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ ، وَلَا بِالنَّشْرِ فِي الصُّحُفِ الْعَامَّةِ ، وَقَدْ أَدَّى السُّكُوتُ عَنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ إِلَى أَنْ صَارَ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا يَكْثُرُ أَنْصَارُهُ وَالْمُسْتَحْسِنُونَ لَهُ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10279اسْتِحْلَالَ الزِّنَا وَإِبَاحَتَهُ كُفْرٌ وَرِدَّةٌ . وَعُلَمَاءُ الدِّينِ يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِكُفْرِ وَاضِعِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي الْقَوَانِينِ وَالْمُسْتَبِيحِينَ لَهَا مِنْ سِوَاهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ قَلَّمَا يَتَجَاوَزُونَ التَّنَاجِي فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ، إِمَّا لِضَعْفِهِمْ أَوْ لِأَنَّ أَرْزَاقَهُمْ مِنَ الْأَوْقَاتِ وَمَنْصِبَ الْقَضَاءِ فِي أَيْدِي هَؤُلَاءِ الْحُكَّامِ ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ . وَمِنْ مَفَاسِدِ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24661_20202السُّكُوتِ عَنْ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى شَرْعِيَّةِ كُلِّ مَا يَسْكُتُ عَنْهُ عُلَمَاءُ الدِّينِ .
[ ص: 476 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ) أَيْ وَتَذَكَّرُوا ذَلِكَ الزَّمَنَ الَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ قَلِيلِي الْعَدَدِ فَكَثَّرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا بَارَكَ فِي نَسْلِكُمْ فَاشْكُرُوا لَهُ ذَلِكَ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ وَاتِّبَاعِ وَصَايَاهُ فِي الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَتَرْكِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=86وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) مِنَ الشُّعُوبِ الْمُجَاوِرَةِ لَكُمْ
كَقَوْمِ لُوطٍ وَقَوْمِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَكَيْفَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِفَسَادِهِمْ ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ عِبْرَةٌ فِي ذَلِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=87وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) أَيْ إِنْ كَانَ بَعْضُكُمْ قَدْ آمَنَ بِمَا أَرْسَلَنِي اللَّهُ بِهِ إِلَيْكُمْ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْأَحْكَامِ الْمُقَرَّرَةِ لِلْإِصْلَاحِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْإِفْسَادِ ، وَبَعْضُكُمْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ بَلْ أَصَرُّوا عَلَى شِرْكِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ ، فَسَتَكُونُ عَاقِبَتُكُمْ كَعَاقِبَةِ مَنْ قَبْلَكُمْ ، فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ بِالْفِعْلِ ، وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ؛ لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ ، لِتَنَزُّهِهِ عَنِ الْبَاطِلِ وَالْجَوْرِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَبِرْ كُفَّارُكُمْ بِعَاقِبَةِ مَنْ قَبْلَهُمْ ، فَسَيَرَوْنَ مَا يَحِلُّ بِهِمْ ، فَالْأَمْرُ بِالصَّبْرِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ .
حُكْمُ اللَّهِ بَيْنَ عِبَادِهِ نَوْعَانِ : حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُوحِيهِ إِلَى رُسُلِهِ ، وَحُكْمٌ فِعْلِيٌّ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ الْخَلْقِ بِمُقْتَضَى عَدْلِهِ وَسُنَنِهِ ، فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) ( 5 : 1 ) فَإِنَّهُ جَاءَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَإِحْلَالِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهَا بَعْدَ تِلْكَ الْآيَةِ . وَمِنَ الثَّانِي مَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا عَنْ رَسُولِهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ سُورَةِ يُونُسَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) ( 10 : 109 ) وَفِي مَعْنَاهُ مَا خُتِمَتْ بِهِ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ فِي مَوْضُوعِ تَبْلِيغِ دَعْوَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=108قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=109فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=110إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=111وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=112قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) ( 21 : 108 - 112 ) وَإِنَّمَا حُكْمُهُ تَعَالَى بَيْنَ الْأُمَمِ بِنَصْرِ أَقْرَبِهَا إِلَى الْعَدْلِ وَالْإِصْلَاحِ فِي الْأَرْضِ ، وَحُكْمُهُ هُوَ الْحَقُّ ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، فَلْيَعْتَبِرِ الْمُسْلِمُونَ بِهَذَا قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ ، وَلْيَعْرِضُوا حَالَهُمْ وَحَالَ دُوَلِهِمْ عَلَى الْقُرْآنِ
[ ص: 477 ] وَعَلَى أَحْكَامِ اللَّهِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ ، لَعَلَّهُمْ يَثُوبُونَ إِلَى رُشْدِهِمْ ، وَيَتُوبُونَ إِلَى رَبِّهِمْ ، فَيُعِيدَ إِلَيْهِمْ مَا سُلِبَ مِنْهُمْ ، وَيَرْفَعَ مَقْتَهُ وَغَضَبَهُ عَنْهُمْ . اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْنَا ، وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا ، وَاحْكُمْ لَنَا لَا عَلَيْنَا .
إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ