وقد أطنب
الرازي في تقرير دلالة الآية على الحصر وكونها محكمة باقية على عمومها ودفع ما أوردوه عليها ، وزاد على ما بيناه من كون
nindex.php?page=treesubj&link=20550التحريم لا يعرف إلا من الوحي ، وكون الوحي قرر هذا الحصر ، وأكد آية الأنعام فيه بآيتي النحل والبقرة - أن جعل آية أول المائدة مؤكدة لتقريره في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) مع
[ ص: 143 ] إجماع المفسرين على المراد بهذا الاستثناء قوله بعد آية أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) إلخ . ( قال ) : فثبت أن الشريعة من أولها إلى آخرها كانت مستقرة على هذا الحكم وعلى هذا الحصر .
وأقول : إننا ما تركنا ذكر آية المائدة فيما كتبنا قبل مراجعة كلامه نسيانا لها ، بل لأنه لم يخطر في بالنا حينئذ من معناها إلا المشهور في تفسير بهيمة الأنعام وهو أن المراد بها نفس الأنعام ; لأن الإضافة فيها من قبيل شجر الأراك أو بمعنى البهيمة المشابهة للأنعام ، قالوا : أي في الاجترار وعدم الأنياب كالظباء وبقر الوحش وهو لم يزد على هذا في تفسير الإضافة ، وبعد مراجعة كلامه تذكرنا أننا قد اخترنا في تفسيرها أن المراد بالتشبيه كونها من الطيبات ، أي ما يستطيبه الناس في مجموعهم وإن عافه أفراد أو طوائف منهم ، فقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003325عاف النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=33200أكل الضب ولم يحرمه كما ثبت في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد المتفق عليه وغيره ; وبهذا تكون آية المائدة مؤيدة للحصر في الآيات الثلاث ، ومن المعلوم الذي لا خلاف فيه أن
nindex.php?page=treesubj&link=32268سورة المائدة آخر السور نزولا ، وأنه ليس فيها منسوخ ، فكل ما خالف حكما من أحكامها فهو المنسوخ بما فيها ; إذ كان نزولها في حجة الوداع من السنة العاشرة ، والنهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=33216_33213الحمر الأهلية والسباع كان في غزوة
خيبر سنة سبع كما تقدم ، فإن جاز أن يكون مخصصا لعموم آية البقرة - إن صح أنه بعدها وأن المقام مقام التخصيص لا النسخ - تكون آية المائدة ناسخة له لأنها متأخرة حتما .
والأرجح المختار عندنا : أن كل ما صح من الأحاديث في النهي عن طعام غير الأنواع الأربعة التي حصرت الآيات محرمات الطعام فيها ، فهو إما للكراهة وإما مؤقت لعلة عارضة كما تقدم في الحمير ، وما ورد منه بلفظ التحريم فهو مروي بالمعنى لا بلفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . وليس مراد من رد تلك الأحاديث بآية الأنعام من الصحابة وغيرهم أنه لا يقبل تحريم ما حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن منصوصا في القرآن ، بل معناه أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20550_22219لا يمكن أن يحرم صلى الله عليه وسلم شيئا جاء نص القرآن المؤكد بحله . واعتبر هذا بما أخرجه
أحمد وأبو داود nindex.php?page=hadith&LINKID=919810عن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه قال : كنت عند nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فسئل عن nindex.php?page=treesubj&link=27360أكل القنفذ فتلا هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ) . . . . . فقال شيخ عنده : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " خبيثة من الخبائث " فقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله فهو كما قال اهـ . فقوله : " إن كان " مشعر بشكه فيه ، وأنه إن فرض أنه قاله وجب قبوله لأن الله أمر باتباعه ، ولكن بمعنى أنه خبيث غير محرم كالثوم والبصل . على أن الحديث ضعيف كما قال
الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام . ويكثر في أحاديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الرواية بالمعنى والإرسال ، لأن الكثير
[ ص: 144 ] منها قد سمعه من الصحابة وكذا من بعض التابعين لا من النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا تكثر فيها العنعنة .
وذهب بعض أئمة الفقه إلى تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=17095_17096_16859_16861_26237ما ثبت في الأحاديث الأمر بقتله لضرره كالحية والعقرب والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور وهن الفواسق الخمس ، وكذا الحدأة والوزغ ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=17097_26239النهي عن قتله كالنمل والنحل والهدهد والصرد والضفدع والصواب ما عليه الجمهور من عدم دلالة الأمر بالنهي في هذا المقام على تحريم الأكل ; إذ الأمر
nindex.php?page=treesubj&link=17095بقتل الحيوان الضار لاتقاء ضرره لا ينافي جواز قتله لأجل الانتفاع به بالأكل ولا بغيره ولو لم تدل الدلائل العامة القطعية على إباحة ذلك ، فكيف وقد دلت ! وكذلك النهي عن قتله عبثا أو لغرض غير شرعي لا ينافي جواز قتله للانتفاع به بالأكل وغيره ، ومن أصول الشريعة القطعية المجمع عليها حظر
nindex.php?page=treesubj&link=26237_32666_19974تعذيب الحيوان والتمثيل به ، ففي حديث الصحيحين وغيرهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=919811أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا أو دجاجة يترامونها وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر تفرقوا فقال : من فعل هذا ؟ لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=20074لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا . والغرض بالتحريك ما ينصبه الرماة ويرمون إليه للتمرن على الإصابة بالسهام والرصاص ونحوه . وفي صحيح
مسلم من حديث
جابر nindex.php?page=hadith&LINKID=919812أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الضرب في الوجه وعن الوسم فيه ، وأنه مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال : " لعن الله الذي وسمه " وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وصحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919813 " من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول : يارب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة " وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا
والحاكم وصححه مرفوعا
nindex.php?page=hadith&LINKID=919669 " ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها يوم القيامة " قيل : يا رسول الله وما حقها ؟ قال " يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي بها " والأحاديث في
nindex.php?page=treesubj&link=19825_20071الرفق بالحيوان ودفع الأذى عنه - دع ترك إيقاعه به - كثيرة في الصحاح والسنن ، ومنها في الصحيحين حديث المرأة التي عذبها الله في النار بحبس الهرة حتى ماتت ، وحديث البغي ( المومس ) التي غفر الله لها إذ رحمت كلبا عطشان بإخراج الماء من البئر بنعلها حتى سقته . ولا بد لكل نهي خاص عن قتل حيوان معين من سبب خاص أو عام ، فالعام كتعود الناس قتل بعض الحشرات احتقارا لها بأدنى سبب كقتل النحل إذا وقع على العسل أو السكر وكذا النمل ، والخاص كالذي قاله
[ ص: 145 ] nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي وغيره في سبب النهي عن قتل الصرد وهو أن العرب كانت تتشاءم به فنهي عن قتله ليزول ما في قلوبهم من اعتقاد التشاؤم .
وأقول : إن الهدهد - وهو معروف - يأكل الحشرات الضارة بالزرع والشجر فالظاهر أن هذا هو سبب النهي عن قتله ، كما تنهى الحكومة المصرية عن قتله وصيده لأجل ذلك . وحديث حظر
nindex.php?page=treesubj&link=17431_17058قتل الضفدع لجعله دواء معارض بالقاعدة العامة القطعية في إباحة المنافع وبمفهوم حديث
جابر في قتل العصفور عبثا وهو أصح منه .
وجعل الأمر بقتل الحيوان والنهي عنه واستخباث العرب إياه دلائل على تحريم أكله هو مذهب الشافعية
والزيدية قال
المهدي ( من أئمة
الزيدية في كتابه البحر ) : أصول التحريم إما بنص الكتاب أو السنة أو الأمر بقتله كالخمسة ( أي الفواسق الخمس التي ورد إباحة قتلها في الحل والحرم ) أو النهي عن قتله كالهدهد والخطاف والنحلة والنملة والصرد - أو استخباث العرب إياه كالخنفساء والضفدع . . . لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157ويحرم عليهم الخبائث ) ( 7 : 157 ) وهي مستخبثة عندهم ، والقرآن نزل بلغتهم فكان استخباثهم طريق تحريم فإن استخبثه البعض اعتبر الأكثر
nindex.php?page=treesubj&link=16844والعبرة باستطابة أهل السعة لا ذوي الفاقة اهـ . ونحوه قول
النووي في المنهاج : وما لا نص فيه إن استطابه أهل يسار وطباع سليمة من العرب في حال رفاهية حل وإن استخبثوه فلا . . . . واشترط شراحه أن يكونوا حضرا لا بدوا .
ونقول : أما الأمر بالقتل والنهي عنه فقد علمت ما فيه . وأما استخباث العرب إياه فقد رده المخالفون له من الحنفية وكذا بعض الشافعية ، قال
أبو بكر الرازي في أحكام القرآن ما ملخصه : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتبر استخباث العرب في
nindex.php?page=treesubj&link=33213تحريم ذي الناب من السباع والمخلب من الطير بل كونها كذلك ، وإن الخطاب بتحريم الخبائث لم يختص بالعرب ، فاعتبار ما تستقذره لا دليل عليه . ثم إنه إن اعتبر استقذار جميع العرب فجميعهم لم يستقذروا الحيات والعقارب والأسد والذئب والفأر ، بل الأعراب يستطيبون هذه الأشياء ، وإن اعتبر بعضهم ففيه أمران ( أحدهما ) أن الخطاب لجميعهم فكيف يعتبر بعضهم . ( وثانيهما ) لم كان البعض المستقذر أولى من اعتبار البعض المستطيب ؟
وَقَدْ أَطْنَبَ
الرَّازِيُّ فِي تَقْرِيرِ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى الْحَصْرِ وَكَوْنِهَا مُحَكَمَةً بَاقِيَةً عَلَى عُمُومِهَا وَدَفَعَ مَا أَوْرَدُوهُ عَلَيْهَا ، وَزَادَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ كَوْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=20550التَّحْرِيمِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنَ الْوَحْيِ ، وَكَوْنُ الْوَحْيِ قَرَّرَ هَذَا الْحَصْرَ ، وَأَكَّدَ آيَةَ الْأَنْعَامِ فِيهِ بِآيَتَيِ النَّحْلِ وَالْبَقَرَةِ - أَنْ جَعَلَ آيَةَ أَوَّلِ الْمَائِدَةِ مُؤَكِّدَةً لِتَقْرِيرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) مَعَ
[ ص: 143 ] إِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى الْمُرَادِ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ قَوْلُهُ بَعْدَ آيَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ) إِلَخْ . ( قَالَ ) : فَثَبَتَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا كَانَتْ مُسْتَقِرَّةً عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَعَلَى هَذَا الْحَصْرِ .
وَأَقُولُ : إِنَّنَا مَا تَرَكْنَا ذِكْرَ آيَةِ الْمَائِدَةِ فِيمَا كَتَبْنَا قَبْلَ مُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ نِسْيَانًا لَهَا ، بَلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِنَا حِينَئِذٍ مِنْ مَعْنَاهَا إِلَّا الْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا نَفْسُ الْأَنْعَامِ ; لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهَا مِنْ قَبِيلِ شَجَرِ الْأَرَاكِ أَوْ بِمَعْنَى الْبَهِيمَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلْأَنْعَامِ ، قَالُوا : أَيْ فِي الِاجْتِرَارِ وَعَدَمِ الْأَنْيَابِ كَالظِّبَاءِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَهُوَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فِي تَفْسِيرِ الْإِضَافَةِ ، وَبَعْدَ مُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ تَذَكَّرْنَا أَنَّنَا قَدِ اخْتَرْنَا فِي تَفْسِيرِهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشْبِيهِ كَوْنُهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ، أَيْ مَا يَسْتَطِيبُهُ النَّاسُ فِي مَجْمُوعِهِمْ وَإِنْ عَافَهُ أَفْرَادٌ أَوْ طَوَائِفُ مِنْهُمْ ، فَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003325عَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=treesubj&link=33200أَكْلَ الضَّبِّ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ ; وَبِهَذَا تَكُونُ آيَةُ الْمَائِدَةِ مُؤَيِّدَةً لِلْحَصْرِ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32268سُورَةَ الْمَائِدَةِ آخِرُ السُّورِ نُزُولًا ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ ، فَكُلُّ مَا خَالَفَ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِهَا فَهُوَ الْمَنْسُوخُ بِمَا فِيهَا ; إِذْ كَانَ نُزُولُهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنَ السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=33216_33213الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَالسُّبَاعِ كَانَ فِي غَزْوَةِ
خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ آيَةِ الْبَقَرَةِ - إِنْ صَحَّ أَنَّهُ بَعْدَهَا وَأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ التَّخْصِيصِ لَا النَّسَخِ - تَكُونُ آيَةُ الْمَائِدَةِ نَاسِخَةً لَهُ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ حَتْمًا .
وَالْأَرْجَحُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ طَعَامٍ غَيْرِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي حَصَرَتِ الْآيَاتُ مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ فِيهَا ، فَهُوَ إِمَّا لِلْكَرَاهَةِ وَإِمَّا مُؤَقَّتٌ لِعِلَّةٍ عَارِضَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَمِيرِ ، وَمَا وَرَدَ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّحْرِيمِ فَهُوَ مَرْوِيٌّ بِالْمَعْنَى لَا بِلَفْظِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . وَلَيْسَ مُرَادُ مَنْ رَدَّ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ بِآيَةِ الْأَنْعَامِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ تَحْرِيمَ مَا حَرَّمَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فِي الْقُرْآنِ ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20550_22219لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَرِّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا جَاءَ نَصُّ الْقُرْآنِ الْمُؤَكِّدُ بِحِلِّهِ . وَاعْتُبِرَ هَذَا بِمَا أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=hadith&LINKID=919810عَنْ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنْ nindex.php?page=treesubj&link=27360أَكْلِ الْقُنْفُذِ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ) . . . . . فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ : سَمِعْتُ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " خَبِيثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ " فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ . فَقَوْلُهُ : " إِنْ كَانَ " مُشْعِرٌ بِشَكِّهِ فِيهِ ، وَأَنَّهُ إِنْ فُرِضَ أَنَّهُ قَالَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِاتِّبَاعِهِ ، وَلَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهُ خَبِيثٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ . عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ . وَيَكْثُرُ فِي أَحَادِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى وَالْإِرْسَالِ ، لِأَنَّ الْكَثِيرَ
[ ص: 144 ] مِنْهَا قَدْ سَمِعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكَذَا مِنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ لَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا تَكْثُرُ فِيهَا الْعَنْعَنَةُ .
وَذَهَبَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ إِلَى تَحْرِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=17095_17096_16859_16861_26237مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ لِضَرَرِهِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَهُنَّ الْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ ، وَكَذَا الْحِدَأَةُ وَالْوَزَغُ ، أَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=17097_26239النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهِ كَالنَّمْلِ وَالنَّحْلِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ وَالضُّفْدَعِ وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ الْأَمْرِ بِالنَّهْيِ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ ; إِذِ الْأَمْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=17095بِقَتْلِ الْحَيَوَانِ الضَّارِّ لِاتِّقَاءِ ضَرَرِهِ لَا يُنَافِي جَوَازَ قَتْلِهِ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالْأَكْلِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ تَدُلَّ الدَّلَائِلُ الْعَامَّةُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ ، فَكَيْفَ وَقَدْ دَلَّتْ ! وَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهِ عَبَثًا أَوْ لِغَرَضٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ لَا يُنَافِي جَوَازَ قَتْلِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِالْأَكْلِ وَغَيْرِهِ ، وَمِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ الْقَطْعِيَّةِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهَا حَظْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=26237_32666_19974تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ ، فَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=919811أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا أَوْ دَجَاجَةً يَتَرَامُونَهَا وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ فَلَّمَا رَأَوُا nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا فَقَالَ : مَنْ فَعَلَ هَذَا ؟ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=treesubj&link=20074لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا . وَالْغَرَضُ بِالتَّحْرِيكِ مَا يَنْصِبُهُ الرُّمَاةُ وَيَرْمُونَ إِلَيْهِ لِلتَّمَرُّنِ عَلَى الْإِصَابَةِ بِالسِّهَامِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ . وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=919812أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ وَعَنِ الْوَسْمِ فِيهِ ، وَأَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ " وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ وَصَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919813 " مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ : يَارَبِّ إِنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي عَبَثًا وَلَمْ يَقْتُلْنِي مَنْفَعَةً " وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ أَيْضًا
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا
nindex.php?page=hadith&LINKID=919669 " مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا ؟ قَالَ " يَذْبَحُهَا فَيَأْكُلُهَا وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا فَيَرْمِي بِهَا " وَالْأَحَادِيثُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19825_20071الرِّفْقِ بِالْحَيَوَانِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُ - دَعْ تَرْكَ إِيقَاعِهِ بِهِ - كَثِيرَةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ ، وَمِنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَذَّبَهَا اللَّهُ فِي النَّارِ بِحَبْسِ الْهِرَّةِ حَتَّى مَاتَتْ ، وَحَدِيثُ الْبَغِيِّ ( الْمُومِسِ ) الَّتِي غَفَرَ اللَّهُ لَهَا إِذْ رَحِمَتْ كَلْبًا عَطْشَانَ بِإِخْرَاجِ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ بِنَعْلِهَا حَتَّى سَقَتْهُ . وَلَا بُدَّ لِكُلِّ نَهْيٍ خَاصٍّ عَنْ قَتْلِ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ مِنْ سَبَبٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ ، فَالْعَامُّ كَتَعَوُّدِ النَّاسِ قَتْلَ بَعْضِ الْحَشَرَاتِ احْتِقَارًا لَهَا بِأَدْنَى سَبَبٍ كَقَتْلِ النَّحْلِ إِذَا وَقَعَ عَلَى الْعَسَلِ أَوِ السُّكَّرِ وَكَذَا النَّمْلُ ، وَالْخَاصُّ كَالَّذِي قَالَهُ
[ ص: 145 ] nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ فِي سَبَبِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ وَهُوَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَتَشَاءَمُ بِهِ فَنُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ لِيَزُولَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنِ اعْتِقَادِ التَّشَاؤُمِ .
وَأَقُولُ : إِنَّ الْهُدْهُدَ - وَهُوَ مَعْرُوفٌ - يَأْكُلُ الْحَشَرَاتِ الضَّارَّةَ بِالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ سَبَبُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ ، كَمَا تَنْهَى الْحُكُومَةُ الْمِصْرِيَّةُ عَنْ قَتْلِهِ وَصَيْدِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ . وَحَدِيثُ حَظْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=17431_17058قَتْلِ الضُّفْدَعِ لِجَعْلِهِ دَوَاءً مَعَارِضٌ بِالْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ الْقَطْعِيَّةِ فِي إِبَاحَةِ الْمَنَافِعِ وَبِمَفْهُومِ حَدِيثِ
جَابِرٍ فِي قَتْلِ الْعُصْفُورِ عَبَثًا وَهُوَ أَصَحُّ مِنْهُ .
وَجَعْلُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْحَيَوَانِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ وَاسْتِخْبَاثِ الْعَرَبِ إِيَّاهُ دَلَائِلَ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهِ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ
وَالزَّيْدِيَّةِ قَالَ
الْمَهْدِيُّ ( مِنْ أَئِمَّةِ
الزَّيْدِيَّةِ فِي كِتَابِهِ الْبَحْرِ ) : أُصُولُ التَّحْرِيمِ إِمَّا بِنَصِّ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْأَمْرِ بِقَتْلِهِ كَالْخَمْسَةِ ( أَيِ الْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ الَّتِي وَرَدَ إِبَاحَةُ قَتْلِهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ) أَوِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ كَالْهُدْهُدِ وَالْخُطَّافِ وَالنَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ وَالصُّرَدِ - أَوِ اسْتِخْبَاثِ الْعَرَبِ إِيَّاهُ كَالْخُنْفُسَاءِ وَالضُّفْدَعِ . . . لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) ( 7 : 157 ) وَهِيَ مُسْتَخْبَثَةٌ عِنْدَهُمْ ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ فَكَانَ اسْتِخْبَاثُهُمْ طَرِيقَ تَحْرِيمٍ فَإِنِ اسْتَخْبَثَهُ الْبَعْضُ اعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ
nindex.php?page=treesubj&link=16844وَالْعِبْرَةُ بِاسْتِطَابَةِ أَهْلِ السَّعَةِ لَا ذَوِي الْفَاقَةِ اهـ . وَنَحْوُهُ قَوْلُ
النَّوَوِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ : وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ إِنِ اسْتَطَابَهُ أَهْلُ يَسَارٍ وَطِبَاعٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعَرَبِ فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ حَلَّ وَإِنِ اسْتَخْبِثُوهُ فَلَا . . . . وَاشْتَرَطَ شُرَّاحُهُ أَنْ يَكُونُوا حَضَرًا لَا بَدْوًا .
وَنَقُولُ : أَمَّا الْأَمْرُ بِالْقَتْلِ وَالنَّهْيُ عَنْهُ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ . وَأَمَّا اسْتِخْبَاثُ الْعَرَبِ إِيَّاهُ فَقَدْ رَدَّهُ الْمُخَالِفُونَ لَهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَكَذَا بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ، قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مَا مُلَخَّصُهُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَبِرِ اسْتِخْبَاثَ الْعَرَبِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33213تَحْرِيمِ ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ وَالْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ بَلْ كَوْنُهَا كَذَلِكَ ، وَإِنَّ الْخِطَابَ بِتَحْرِيمِ الْخَبَائِثِ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْعَرَبِ ، فَاعْتِبَارُ مَا تَسْتَقْذِرُهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ . ثُمَّ إِنَّهُ إِنِ اعْتُبِرَ اسْتِقْذَارُ جَمِيعِ الْعَرَبِ فَجَمِيعُهُمْ لَمْ يَسْتَقْذِرُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَالْأَسَدَ وَالذِّئْبَ وَالْفَأْرَ ، بَلِ الْأَعْرَابُ يَسْتَطِيبُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ، وَإِنِ اعْتُبِرَ بَعْضُهُمْ فَفِيهِ أَمْرَانِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّ الْخِطَابَ لِجَمِيعِهِمْ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ بَعْضُهُمْ . ( وَثَانِيهِمَا ) لِمَ كَانَ الْبَعْضُ الْمُسْتَقْذِرُ أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِ الْبَعْضِ الْمُسْتَطِيبِ ؟