قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28987_19830_19800_18043_19089إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أنه يأمر خلقه بالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، وأنه ينهاهم عن الفحشاء والمنكر والبغي ; لأجل أن يتعظوا بأوامره ونواهيه ، فيمتثلوا أمره ، ويجتنبوا نهيه . وحذف مفعول " يأمر " ، " وينهى " ; لقصد التعميم .
ومن الآيات التي أمر فيها بالعدل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا [ ص: 436 ] تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى [ 5 \ 8 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به [ 4 \ 58 ] .
ومن الآيات التي أمر فيها بالإحسان قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين [ 2 \ 195 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وبالوالدين إحسانا [ 17 \ 23 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض [ 28 \ 77 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وقولوا للناس حسنا [ 2 \ 83 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل [ 9 \ 91 ] .
ومن الآيات التي أمر فيها بإيتاء ذي القربى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=38فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون [ 30 \ 38 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا [ 17 \ 26 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وآتى المال على حبه ذوي القربى الآية [ 2 \ 177 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أو إطعام في يوم ذي مسغبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يتيما ذا مقربة [ 90 \ 14 ، 15 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
ومن الآيات التي نهى فيها عن الفحشاء والمنكر والبغي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن . . . الآية [ 6 \ 151 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق . . . الآية [ 7 \ 33 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=120وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون [ 6 \ 120 ] ، والمنكر وإن لم يصرح باسمه في هذه الآيات ، فهو داخل فيها .
ومن الآيات التي جمع فيها بين الأمر بالعدل والتفضل بالإحسان ، قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [ 16 \ 126 ] ، فهذا عدل ، ثم دعا إلى الإحسان بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126ولئن صبرتم لهو خير للصابرين [ 16 \ 126 ] ، وقوله : ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها [ 42 \ 40 ] ، فهذا عدل . ثم دعا إلى الإحسان بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40فمن عفا وأصلح فأجره على الله [ 42 \ 40 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45والجروح قصاص [ 5 \ 45 ] ، فهذا عدل . ثم دعا إلى الإحسان بقوله ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45فمن تصدق به فهو كفارة له [ 5 \ 45 ] ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=41ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما [ ص: 437 ] عليهم من سبيل . . . الآية [ 42 \ 43 ] ، فهذا عدل . ثم دعا إلى الإحسان بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=43ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [ 42 \ 43 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=148لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم [ 4 \ 148 ] ، فهذا عدل . ثم دعا إلى الإحسان بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=149إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا [ 4 \ 149 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
فإذا عرفت هذا ، فاعلم أن العدل في اللغة : القسط والإنصاف ، وعدم الجور . وأصله التوسط بين المرتبتين ; أي : الإفراط والتفريط . فمن جانب الإفراط والتفريط فقد عدل . والإحسان مصدر أحسن ، وهي تستعمل متعدية بالحرف نحو : أحسن إلى والديك ; ومنه قوله تعالى عن
يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن الآية [ 12 \ 100 ] ، وتستعمل متعدية بنفسها . كقولك : أحسن العامل عمله ، أي : أجاده وجاء به حسنا . والله - جل وعلا - يأمر بالإحسان بمعنييه المذكورين ، فهما داخلان في الآية الكريمة ; لأن الإحسان إلى عباد الله لوجه الله عمل أحسن فيه صاحبه . وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007931فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإحسان في حديث جبريل بقوله : " أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ، وقد قدمنا إيضاح ذلك في ( سورة هود ) .
فإذا عرفت هذا ، فاعلم أن أقوال المفسرين في الآية الكريمة راجعة في الجملة إلى ما ذكرنا ; كقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : العدل : لا إله إلا الله ، والإحسان : أداء الفرائض ; لأن عبادة الخالق دون المخلوق هي عين الإنصاف والقسط ، وتجنب التفريط والإفراط . ومن أدى فرائض الله على الوجه الأكمل فقد أحسن ; ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي حلف لا يزيد على الواجبات : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007932أفلح إن صدق " ، وكقول
سفيان : العدل : استواء العلانية والسريرة . والإحسان : أن تكون السريرة أفضل من العلانية . وكقول
علي - رضي الله عنه - : العدل : الإنصاف . والإحسان : التفضل . إلى غير ذلك من أقوال السلف . والعلم عند الله تعالى . وقوله ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90يعظكم لعلكم تذكرون [ 16 \ 90 ] ، الوعظ : : الكلام الذي تلين له القلوب .
تنبيه .
فإن قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=28900_20191_29568يكثر في القرآن إطلاق الوعظ على الأوامر والنواهي ; كقوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90يعظكم لعلكم تذكرون [ 16 \ 90 ] ، مع أنه ما ذكر إلا الأمر والنهي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إن الله [ ص: 438 ] يأمر بالعدل ، إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90وينهى عن الفحشاء . . . الآية [ 16 \ 90 ] ، وكقوله في ( سورة البقرة ) بعد أن ذكر أحكام الطلاق والرجعة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=232ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر [ 2 \ 232 ] ، وقوله ( في الطلاق ) في نحو ذلك أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، وقوله في النهي عن مثل قذف
عائشة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=17يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا . . . الآية [ 24 \ 17 ] ، مع أن المعروف عند الناس : أن الوعظ يكون بالترغيب والترهيب ونحو ذلك ، لا بالأمر والنهي .
فالجواب : أن ضابط الوعظ : هو الكلام الذي تلين له القلوب ، وأعظم ما تلين له قلوب العقلاء أوامر ربهم ونواهيه ; فإنهم إذا سمعوا الأمر خافوا من سخط الله في عدم امتثاله ، وطمعوا فيما عند الله من الثواب في امتثاله . وإذا سمعوا النهي خافوا من سخط الله في عدم اجتنابه ، وطمعوا فيما عنده من الثواب في اجتنابه ; فحداهم حادي الخوف والطمع إلى الامتثال ، فلانت قلوبهم للطاعة خوفا وطمعا . والفحشاء في لغة العرب : الخصلة المتناهية في القبح . ومنه قيل لشديد البخل : فاحش ; كما في قول
طرفة في معلقته :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
والمنكر اسم مفعول أنكر ; وهو في الشرع : ما أنكره الشرع ونهى عنه ، وأوعد فاعله العقاب . والبغي : الظلم .
وقد بين تعالى : أن الباغي يرجع ضرر بغيه على نفسه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23ياأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم [ 10 \ 23 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله [ 35 \ 43 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90ذي القربى [ 16 \ 90 ] ، أي : صاحب القرابة من جهة الأب أو الأم ، أو هما معا ; لأن إيتاء ذي القربى صدقة وصلة رحم . والإيتاء : الإعطاء . وأحد المفعولين محذوف ; لأن المصدر أضيف إلى المفعول الأول : وحذف الثاني . والأصل وإيتاء صاحب القرابة ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وآتى المال على حبه ذوي القربى . . . الآية [ 2 \ 177 ] ،
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28987_19830_19800_18043_19089إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّهُ يَأْمُرُ خَلْقَهُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَأَنَّهُ يَنْهَاهُمْ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ; لِأَجْلِ أَنْ يَتَّعِظُوا بِأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ ، فَيَمْتَثِلُوا أَمْرَهُ ، وَيَجْتَنِبُوا نَهْيَهُ . وَحُذِفَ مَفْعُولُ " يَأْمُرُ " ، " وَيَنْهَى " ; لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ .
وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِالْعَدْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا [ ص: 436 ] تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [ 5 \ 8 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ [ 4 \ 58 ] .
وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِالْإِحْسَانِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ 2 \ 195 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [ 17 \ 23 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ [ 28 \ 77 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [ 2 \ 83 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [ 9 \ 91 ] .
وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=38فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ 30 \ 38 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [ 17 \ 26 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى الْآيَةَ [ 2 \ 177 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ [ 90 \ 14 ، 15 ] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي نَهَى فِيهَا عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ وَالْبَغْيِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ . . . الْآيَةَ [ 6 \ 151 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ . . . الْآيَةَ [ 7 \ 33 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=120وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ [ 6 \ 120 ] ، وَالْمُنْكَرُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِيهَا .
وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْعَدْلِ وَالتَّفَضُّلِ بِالْإِحْسَانِ ، قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [ 16 \ 126 ] ، فَهَذَا عَدْلٌ ، ثُمَّ دَعَا إِلَى الْإِحْسَانِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [ 16 \ 126 ] ، وَقَوْلُهُ : ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [ 42 \ 40 ] ، فَهَذَا عَدْلٌ . ثُمَّ دَعَا إِلَى الْإِحْسَانِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [ 42 \ 40 ] .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [ 5 \ 45 ] ، فَهَذَا عَدْلٌ . ثُمَّ دَعَا إِلَى الْإِحْسَانِ بِقَوْلِهِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ [ 5 \ 45 ] ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=41وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا [ ص: 437 ] عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ . . . الْآيَةَ [ 42 \ 43 ] ، فَهَذَا عَدْلٌ . ثُمَّ دَعَا إِلَى الْإِحْسَانِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=43وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [ 42 \ 43 ] ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=148لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [ 4 \ 148 ] ، فَهَذَا عَدْلٌ . ثُمَّ دَعَا إِلَى الْإِحْسَانِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=149إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [ 4 \ 149 ] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْعَدْلَ فِي اللُّغَةِ : الْقِسْطُ وَالْإِنْصَافُ ، وَعَدَمُ الْجَوْرِ . وَأَصْلُهُ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ ; أَيْ : الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ . فَمَنْ جَانَبَ الْإِفْرَاطَ وَالتَّفْرِيطَ فَقَدْ عَدَلَ . وَالْإِحْسَانُ مَصْدَرُ أَحْسَنَ ، وَهِيَ تُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيَةً بِالْحَرْفِ نَحْوَ : أَحْسِنْ إِلَى وَالِدَيْكَ ; وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ
يُوسُفَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ الْآيَةَ [ 12 \ 100 ] ، وَتُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيَةً بِنَفْسِهَا . كَقَوْلِكَ : أَحْسَنَ الْعَامِلُ عَمَلَهُ ، أَيْ : أَجَادَهُ وَجَاءَ بِهِ حَسَنًا . وَاللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - يَأْمُرُ بِالْإِحْسَانِ بِمَعْنَيَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ ، فَهُمَا دَاخِلَانِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ; لِأَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ لِوَجْهِ اللَّهِ عَمَلٌ أَحْسَنَ فِيهِ صَاحِبُهُ . وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007931فَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِحْسَانَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ بِقَوْلِهِ : " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ . فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " ، وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَ ذَلِكَ فِي ( سُورَةِ هُودٍ ) .
فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا ، فَاعْلَمْ أَنَّ أَقْوَالَ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ رَاجِعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى مَا ذَكَرْنَا ; كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : الْعَدْلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَالْإِحْسَانُ : أَدَاءُ الْفَرَائِضِ ; لِأَنَّ عِبَادَةَ الْخَالِقِ دُونَ الْمَخْلُوقِ هِيَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ وَالْقِسْطِ ، وَتَجَنُّبُ التَّفْرِيطِ وَالْإِفْرَاطِ . وَمَنْ أَدَّى فَرَائِضَ اللَّهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَقَدْ أَحْسَنَ ; وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّجُلِ الَّذِي حَلَفَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007932أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ " ، وَكَقَوْلِ
سُفْيَانَ : الْعَدْلُ : اسْتِوَاءُ الْعَلَانِيَةِ وَالسَّرِيرَةِ . وَالْإِحْسَانُ : أَنْ تَكُونَ السَّرِيرَةُ أَفْضَلَ مِنَ الْعَلَانِيَةِ . وَكَقَوْلِ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : الْعَدْلُ : الْإِنْصَافُ . وَالْإِحْسَانُ : التَّفَضُّلُ . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ . وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَوْلُهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ 16 \ 90 ] ، الْوَعْظُ : : الْكَلَامُ الَّذِي تَلِينُ لَهُ الْقُلُوبُ .
تَنْبِيهٌ .
فَإِنْ قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28900_20191_29568يَكْثُرُ فِي الْقُرْآنِ إِطْلَاقُ الْوَعْظِ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي ; كَقَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ 16 \ 90 ] ، مَعَ أَنَّهُ مَا ذَكَرَ إِلَّا الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إِنَّ اللَّهَ [ ص: 438 ] يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ، إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ . . . الْآيَةَ [ 16 \ 90 ] ، وَكَقَوْلِهِ فِي ( سُورَةِ الْبَقَرَةِ ) بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=232ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [ 2 \ 232 ] ، وَقَوْلِهِ ( فِي الطَّلَاقِ ) فِي نَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَقَوْلِهِ فِي النَّهْيِ عَنْ مِثْلِ قَذْفِ
عَائِشَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=17يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا . . . الْآيَةَ [ 24 \ 17 ] ، مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ النَّاسِ : أَنَّ الْوَعْظَ يَكُونُ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ ، لَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ .
فَالْجَوَابُ : أَنَّ ضَابِطَ الْوَعْظِ : هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي تَلِينُ لَهُ الْقُلُوبُ ، وَأَعْظَمُ مَا تَلِينُ لَهُ قُلُوبُ الْعُقَلَاءِ أَوَامِرُ رَبِّهِمْ وَنَوَاهِيهِ ; فَإِنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا الْأَمْرَ خَافُوا مِنْ سُخْطِ اللَّهِ فِي عَدَمِ امْتِثَالِهِ ، وَطَمِعُوا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ فِي امْتِثَالِهِ . وَإِذَا سَمِعُوا النَّهْيَ خَافُوا مِنْ سُخْطِ اللَّهِ فِي عَدَمِ اجْتِنَابِهِ ، وَطَمِعُوا فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الثَّوَابِ فِي اجْتِنَابِهِ ; فَحَدَاهُمْ حَادِي الْخَوْفِ وَالطَّمَعِ إِلَى الِامْتِثَالِ ، فَلَانَتْ قُلُوبُهُمْ لِلطَّاعَةِ خَوْفًا وَطَمَعًا . وَالْفَحْشَاءُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ : الْخَصْلَةُ الْمُتَنَاهِيَةُ فِي الْقُبْحِ . وَمِنْهُ قِيلَ لِشَدِيدِ الْبُخْلِ : فَاحِشٌ ; كَمَا فِي قَوْلِ
طُرْفَةَ فِي مُعَلَّقَتِهِ :
أَرَى الْمَوْتَ يَعْتَامُ الْكِرَامَ وَيَصْطَفِي عَقِيلَةَ مَالِ الْفَاحِشِ الْمُتَشَدِّدِ
وَالْمُنْكَرُ اسْمُ مَفْعُولِ أَنْكَرَ ; وَهُوَ فِي الشَّرْعِ : مَا أَنْكَرَهُ الشَّرْعُ وَنَهَى عَنْهُ ، وَأَوْعَدَ فَاعِلَهُ الْعِقَابَ . وَالْبَغْيُ : الظُّلْمُ .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى : أَنَّ الْبَاغِيَ يَرْجِعُ ضَرَرُ بَغْيِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [ 10 \ 23 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [ 35 \ 43 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90ذِي الْقُرْبَى [ 16 \ 90 ] ، أَيْ : صَاحِبُ الْقَرَابَةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوِ الْأُمِّ ، أَوْ هُمَا مَعًا ; لِأَنَّ إِيتَاءَ ذِي الْقُرْبَى صَدَقَةٌ وَصِلَةُ رَحِمٍ . وَالْإِيتَاءُ : الْإِعْطَاءُ . وَأَحَدُ الْمَفْعُولَيْنِ مَحْذُوفٌ ; لِأَنَّ الْمَصْدَرَ أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ : وَحُذِفَ الثَّانِي . وَالْأَصْلُ وَإِيتَاءُ صَاحِبِ الْقَرَابَةِ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى . . . الْآيَةَ [ 2 \ 177 ] ،