ومن تأمل
nindex.php?page=treesubj&link=28658_33679براهين القرآن على وحدانية الله تعالى ، وعلى قدرته ، على البعث وهما أهم القضايا العقائدية يجد أهمها وأوضحها وأكثرها ، هو هذا الدليل ، أعني دليل الخلق والتصوير .
وقد جاء هذا الدليل في القرآن جملة وتفصيلا ، فمن الإجمال ما جاء في أصل المخلوقات جميعا :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16الله خالق كل شيء [ 13 \ 16 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير [ 67 \ 1 ] ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ 36 \ 82 ] ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء [ 36 \ 83 ] ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2الذي خلق الموت والحياة [ 67 \ 1 - 2 ] أي : خالق الإيجاد والعدم ، وخلق العدم يساوي في الدلالة على القدرة خلق الإيجاد ؛ لأنه إذا لم يقدر على إعدام ما أوجد يكون الموجود مستعصيا عليه ، فيكون عجزا في الموجد له ، كمن يوجد اليوم سلاحا ولا يقدر على إعدامه ، وإبطال مفعوله ، فقد يكون سببا في إهلاكه ، ولا تكتمل القدرة حقا إلا بالخلق والإعدام معا ، وقال في خلق
[ ص: 71 ] السماوات والأرض :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور [ 6 \ 1 ] .
وقال في
nindex.php?page=treesubj&link=19786_19784خلق الأفلاك وتنظيمها :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=33وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر [ 21 \ 33 ] .
ثم في أصول الموجودات في الأرض بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا [ 2 \ 29 ] .
وفي أصول الأجناس : الماء والنار والنبات والإنسان ، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون [ 56 \ 58 - 59 ] .
وذكر معه القدرة على الإعدام :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين [ 56 \ 60 ] .
وفي أصول النبات :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=63أفرأيتم ما تحرثون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=64أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون [ 56 \ 63 ، 64 ] .
وفي أصول الماء :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=68أفرأيتم الماء الذي تشربون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=69أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون [ 56 \ 68 - 69 ] .
وفي أصول تطوير الحياة :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=71أفرأيتم النار التي تورون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=72أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون [ 56 \ 71 - 72 ] .
وفي جانب الحيوان
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت الآية [ 88 \ 17 ] .
ولهذا فقد تمدح تعالى بهذه الصفة صفة الخلق وصفة آلهة المشركين بالعجز ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=10خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم [ 31 \ 10 ] ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=11هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين [ 31 \ 11 ] .
ومعلوم أنها لم تخلق شيئا كما قال تعالى موبخا لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون [ 7 \ 191 ] ، وبين أنهما لا يستويان في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون [ 16 \ 17 ] ، ثم بين نهاية ضعفها وعجزها في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=3واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا [ 25 \ 3 ]
[ ص: 72 ] وهذا غاية العجز ، كما ضرب لذلك المثل بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب [ 22 \ 73 ] فهم حقا لا يملكون لأنفسهم نفعا ، ولا ضرا ولو بقدر الذبابة وهكذا ترى صفة الخلق المتصف بها سبحانه وتعالى أعظم دليل على وحدانية الله تعالى ، وهي متضمنة صفة التصوير والعلم لأن لكل مخلوق صورة تخصه ، ولا يكون ذلك إلا عن علم بالغيب والشهادة ، كما تقدم .
وهكذا أيضا كان هذا الدليل
nindex.php?page=treesubj&link=30340أقوى الأدلة على البعث ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم [ 36 \ 77 - 83 ] إلى آخر السورة .
وكذلك في قوله تعالى صريحا في ذلك ونصا عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج [ 22 \ 5 ] ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=6ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=7وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور [ 22 \ 6 - 7 ] .
ثم بين تعالى أن جاحد هذا الدليل إنما هو مكابر جاهل ، ضال مضل ، وذلك في قوله بعده مباشرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=8ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=9ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=10ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد [ 22 \ 8 - 10 ] .
ومن هنا كان أول نداء في المصحف يوجه إلى الناس جميعا بعبادة الله كان لاستحقاقه عبادته وحده ، لأنه متصف بصفة الخلق كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون [ ص: 73 ] [ 2 \ 21 - 22 ] أي : لأنهم ليسوا له بأنداد فيما اتصف به سبحانه فلا تشركوهم مع الله في عبادته .
فكانت هذه الصفات لله تعالى في آخر هذه السورة حقا أدلة على إثبات وحدانية الله تعالى في ذاته وأسمائه وصفاته ، وأنه المستحق لأن يعبد وحده لا إله إلا هو .
والواجب على الخلق
nindex.php?page=treesubj&link=18267تنزيهه عما لا يليق بجلاله سبحانه وتعالى عما يشركون ، يسبح له ما في السماوات والأرض ؛ لأنها من مخلوقاته وهو العزيز الحكيم ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=8له الأسماء الحسنى [ 20 \ 8 ] لم يبين هنا المراد من أنه سبحانه له الأسماء الحسنى ، وقد بين في سورة الأعراف المراد بذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [ 7 \ 180 ] .
قال
القرطبي :
nindex.php?page=treesubj&link=28723سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى ؛ لأنها حسنة في الأسماع والقلوب ، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده وإفضاله ، ومجيء قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=8له الأسماء الحسنى بعد تعداد أربعة عشر اسما من أسمائه سبحانه يدل على أن له أكثر من ذلك ، ولم يأت حصرها ولا عدها في آية من كتاب الله .
وقد جاء في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008282إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر " .
وسرد
ابن كثير عدد المائة مع اختلاف في الروايات .
وذكر عن آية " الأعراف " أنها ليست محصورة في هذا العدد لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في مسند
أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009508ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي إلا أذهب الله حزنه وهمه " الحديث ا هـ .
ومحل الشاهد منه ظاهر في أن لله أسماء أنزلها في كتبه ، وأسماء خص بها بعض خلقه كما خص
الخضر بعلم من لدنه ، وأسماء استأثر بها في علم الغيب عنده ، كما يدل
[ ص: 74 ] حديث الشفاعة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009509فيلهمني ربي بمحامد لم أكن أعرفها من قبل " ، والواقع أنه لا تعارض بين الحديثين .
لأن الأول : يتعلق بعدد معين ، وبما يترتب عليها من الجزاء .
والحديث الثاني : يتعلق ببيان أقسام أسمائه تعالى ، من حيث العلم بها وتعليمها وما أنزل منها .
وقد ذكر هذا الجمع
ابن حجر في الفتح في كتاب الدعوات عند باب : لله مائة اسم غير واحد .
وقد حاول بعض العلماء استخراج المائة اسم من القرآن فزادوا ونقصوا ؛ لاعتبارات مختلفة ، وقد أطال في الفتح بحث هذا الموضوع في أربع عشرة صحيفة مما لا غنى عنه ولا يمكن نقله ، ولا يصلح تلخيصه .
وقد ذكر من أفردها بالتأليف .
كما أن
القرطبي ذكر أنه ألف فيها ، وأساس البحث يدور على نقطتين :
الأولى : تعيين المائة اسم المرادة .
والثانية : معنى أحصاها ، وفي رواية حفظها .
وقد حضرت مجلسا للشيخ - رحمة الله تعالى عليه - في بيته مع الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز وسأله عن الصحيح في ذلك ، فكان حاصل ما ذكر في ذلك المجلس أن التعيين لم يأت فيه نص صحيح ، وأن الإحصاء أو الحفظ لا ينبغي حمله على مجرد الحفظ للألفاظ غيبا ، ولكن يحمل على أحصى معانيها وحفظها من التحريف فيها والتبديل والتعطيل ، وحاول التخلق بحسن صفاتها كالحلم والعفو والرأفة والرحمة والكرم ، ونحو ذلك ، والحذر من مثل الجبار والقهار ، ومراقبة مثل : الحسيب الرقيب ، وكذلك التعرض لمثل التواب والغفور بالتوبة وطلب المغفرة ، والهادي والرزاق بطلب الهداية والرزق ونحو ذلك .
ونقل
القرطبي عن
ابن العربي عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180فادعوه بها [ 7 \ 180 ] أي : اطلبوا منه بأسمائه ، فيطلب بكل اسم ما يليق به تقول : يا رحمان ارحمني ، يا رزاق
[ ص: 75 ] ارزقني ، يا هادي اهدني ، يا تواب تب علي ، وهكذا رتب دعاءك تكن من المخلصين ا هـ .
وَمَنْ تَأَمَّلَ
nindex.php?page=treesubj&link=28658_33679بَرَاهِينَ الْقُرْآنِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَعَلَى قُدْرَتِهِ ، عَلَى الْبَعْثِ وَهُمَا أَهَمُّ الْقَضَايَا الْعَقَائِدِيَّةِ يَجِدُ أَهَمَّهَا وَأَوْضَحَهَا وَأَكْثَرَهَا ، هُوَ هَذَا الدَّلِيلَ ، أَعْنِي دَلِيلَ الْخَلْقِ وَالتَّصْوِيرِ .
وَقَدْ جَاءَ هَذَا الدَّلِيلُ فِي الْقُرْآنِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا ، فَمِنَ الْإِجْمَالِ مَا جَاءَ فِي أَصْلِ الْمَخْلُوقَاتِ جَمِيعًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [ 13 \ 16 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ 67 \ 1 ] ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [ 36 \ 82 ] ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [ 36 \ 83 ] ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ [ 67 \ 1 - 2 ] أَيْ : خَالِقُ الْإِيجَادِ وَالْعَدَمِ ، وَخَلْقُ الْعَدَمِ يُسَاوِي فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقُدْرَةِ خَلْقَ الْإِيجَادِ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِعْدَامِ مَا أَوْجَدَ يَكُونُ الْمَوْجُودُ مُسْتَعْصِيًا عَلَيْهِ ، فَيَكُونُ عَجْزًا فِي الْمُوجِدِ لَهُ ، كَمَنْ يُوجِدُ الْيَوْمَ سِلَاحًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِعْدَامِهِ ، وَإِبْطَالِ مَفْعُولِهِ ، فَقَدْ يَكُونُ سَبَبًا فِي إِهْلَاكِهِ ، وَلَا تَكْتَمِلُ الْقُدْرَةُ حَقًّا إِلَّا بِالْخَلْقِ وَالْإِعْدَامِ مَعًا ، وَقَالَ فِي خَلْقِ
[ ص: 71 ] السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ [ 6 \ 1 ] .
وَقَالَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19786_19784خَلْقِ الْأَفْلَاكِ وَتَنْظِيمِهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=33وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [ 21 \ 33 ] .
ثُمَّ فِي أُصُولِ الْمَوْجُودَاتِ فِي الْأَرْضِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [ 2 \ 29 ] .
وَفِي أُصُولِ الْأَجْنَاسِ : الْمَاءُ وَالنَّارُ وَالنَّبَاتُ وَالْإِنْسَانُ ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [ 56 \ 58 - 59 ] .
وَذَكَرَ مَعَهُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْإِعْدَامِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ [ 56 \ 60 ] .
وَفِي أُصُولِ النَّبَاتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=63أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=64أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ [ 56 \ 63 ، 64 ] .
وَفِي أُصُولِ الْمَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=68أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=69أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ [ 56 \ 68 - 69 ] .
وَفِي أُصُولِ تَطْوِيرِ الْحَيَاةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=71أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=72أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ [ 56 \ 71 - 72 ] .
وَفِي جَانِبِ الْحَيَوَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ الْآيَةَ [ 88 \ 17 ] .
وَلِهَذَا فَقَدْ تَمَدَّحَ تَعَالَى بِهَذِهِ الصِّفَةِ صِفَةِ الْخَلْقِ وَصِفَةِ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ بِالْعَجْزِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=10خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [ 31 \ 10 ] ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=11هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [ 31 \ 11 ] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَخْلُقْ شَيْئًا كَمَا قَالَ تَعَالَى مُوَبِّخًا لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [ 7 \ 191 ] ، وَبَيَّنَ أَنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [ 16 \ 17 ] ، ثُمَّ بَيَّنَ نِهَايَةَ ضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=3وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا [ 25 \ 3 ]
[ ص: 72 ] وَهَذَا غَايَةُ الْعَجْزِ ، كَمَا ضَرَبَ لِذَلِكَ الْمَثَلَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [ 22 \ 73 ] فَهُمْ حَقًّا لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا ، وَلَا ضَرًّا وَلَوْ بِقَدْرِ الذُّبَابَةِ وَهَكَذَا تَرَى صِفَةَ الْخَلْقِ الْمُتَّصِفِ بِهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْظَمَ دَلِيلٍ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ صِفَةَ التَّصْوِيرِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ صُورَةً تَخُصُّهُ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
وَهَكَذَا أَيْضًا كَانَ هَذَا الدَّلِيلُ
nindex.php?page=treesubj&link=30340أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى الْبَعْثِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [ 36 \ 77 - 83 ] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .
وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى صَرِيحًا فِي ذَلِكَ وَنَصًّا عَلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ 22 \ 5 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=6ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=7وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [ 22 \ 6 - 7 ] .
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ جَاحِدَ هَذَا الدَّلِيلِ إِنَّمَا هُوَ مُكَابِرٌ جَاهِلٌ ، ضَالٌّ مُضِلٌّ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ مُبَاشَرَةً :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=8وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=9ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=10ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ 22 \ 8 - 10 ] .
وَمِنْ هُنَا كَانَ أَوَّلُ نِدَاءٍ فِي الْمُصْحَفِ يُوَجَّهُ إِلَى النَّاسِ جَمِيعًا بِعِبَادَةِ اللَّهِ كَانَ لِاسْتِحْقَاقِهِ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ ، لِأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَةِ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [ ص: 73 ] [ 2 \ 21 - 22 ] أَيْ : لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا لَهُ بِأَنْدَادٍ فِيمَا اتَّصَفَ بِهِ سُبْحَانَهُ فَلَا تُشْرِكُوهُمْ مَعَ اللَّهِ فِي عِبَادَتِهِ .
فَكَانَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ حَقًّا أَدِلَّةً عَلَى إِثْبَاتِ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ لِأَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ .
وَالْوَاجِبُ عَلَى الْخَلْقِ
nindex.php?page=treesubj&link=18267تَنْزِيهُهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ، يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=8لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [ 20 \ 8 ] لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا الْمُرَادَ مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ الْمُرَادَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [ 7 \ 180 ] .
قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=28723سَمَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَسْمَاءَهُ بِالْحُسْنَى ؛ لِأَنَّهَا حَسَنَةٌ فِي الْأَسْمَاعِ وَالْقُلُوبِ ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ وَإِفْضَالِهِ ، وَمَجِيءُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=8لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى بَعْدَ تَعْدَادِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَأْتِ حَصْرُهَا وَلَا عَدُّهَا فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ .
وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008282إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ " .
وَسَرَدَ
ابْنُ كَثِيرٍ عَدَدَ الْمِائَةِ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الرِّوَايَاتِ .
وَذَكَرَ عَنْ آيَةِ " الْأَعْرَافِ " أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي هَذَا الْعَدَدِ لِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مُسْنَدِ
أَحْمَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009508مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، ابْنُ عَبْدِكَ ، ابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجَلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ حُزْنَهُ وَهَمَّهُ " الْحَدِيثَ ا هـ .
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً أَنْزَلَهَا فِي كُتُبِهِ ، وَأَسْمَاءً خَصَّ بِهَا بَعْضَ خَلْقِهِ كَمَا خَصَّ
الْخِضْرَ بِعِلْمٍ مِنْ لَدُنْهُ ، وَأَسْمَاءً اسْتَأْثَرَ بِهَا فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ ، كَمَا يَدُلُّ
[ ص: 74 ] حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009509فَيُلْهِمُنِي رَبِّي بِمَحَامِدَ لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهَا مِنْ قَبْلُ " ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ .
لِأَنَّ الْأَوَّلَ : يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ ، وَبِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْجَزَاءِ .
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي : يَتَعَلَّقُ بِبَيَانِ أَقْسَامِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى ، مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ بِهَا وَتَعْلِيمُهَا وَمَا أُنْزِلُ مِنْهَا .
وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْجَمْعَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ عِنْدَ بَابِ : لِلَّهِ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ .
وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ اسْتِخْرَاجَ الْمِائَةِ اسْمٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَزَادُوا وَنَقَصُوا ؛ لِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَقَدْ أَطَالَ فِي الْفَتْحِ بَحْثَ هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ صَحِيفَةً مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ وَلَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ ، وَلَا يَصْلُحُ تَلْخِيصُهُ .
وَقَدْ ذَكَرَ مَنْ أَفْرَدَهَا بِالتَّأْلِيفِ .
كَمَا أَنَّ
الْقُرْطُبِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَلَّفَ فِيهَا ، وَأَسَاسُ الْبَحْثِ يَدُورُ عَلَى نُقْطَتَيْنِ :
الْأُولَى : تَعْيِينُ الْمِائَةِ اسْمٍ الْمُرَادَةِ .
وَالثَّانِيَةُ : مَعْنَى أَحْصَاهَا ، وَفِي رِوَايَةٍ حَفِظَهَا .
وَقَدْ حَضَرْتُ مَجْلِسًا لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - فِي بَيْتِهِ مَعَ الشَّيْخِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَازٍ وَسَأَلَهُ عَنِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ ، فَكَانَ حَاصِلُ مَا ذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَنَّ التَّعْيِينَ لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ صَحِيحٌ ، وَأَنَّ الْإِحْصَاءَ أَوِ الْحِفْظَ لَا يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِفْظِ لِلْأَلْفَاظِ غَيْبًا ، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى أَحْصَى مَعَانِيهَا وَحَفِظَهَا مِنَ التَّحْرِيفِ فِيهَا وَالتَّبْدِيلِ وَالتَّعْطِيلِ ، وَحَاوَلَ التَّخَلُّقَ بِحُسْنِ صِفَاتِهَا كَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْكَرَمِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَالْحَذَرِ مِنْ مِثْلِ الْجَبَّارِ وَالْقَهَّارِ ، وَمُرَاقَبَةِ مِثْلِ : الْحَسِيبِ الرَّقِيبِ ، وَكَذَلِكَ التَّعَرُّضُ لِمِثْلِ التَّوَّابِ وَالْغَفُورِ بِالتَّوْبَةِ وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ ، وَالْهَادِي وَالرَّزَّاقِ بِطَلَبِ الْهِدَايَةِ وَالرِّزْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَنَقَلَ
الْقُرْطُبِيُّ عَنِ
ابْنِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180فَادْعُوهُ بِهَا [ 7 \ 180 ] أَيْ : اطْلُبُوا مِنْهُ بِأَسْمَائِهِ ، فَيُطْلَبُ بِكُلِّ اسْمٍ مَا يَلِيقُ بِهِ تَقُولُ : يَا رَحْمَانُ ارْحَمْنِي ، يَا رَزَّاقُ
[ ص: 75 ] ارْزُقْنِي ، يَا هَادِي اهْدِنِي ، يَا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ ، وَهَكَذَا رَتِّبْ دُعَاءَكَ تَكُنْ مِنَ الْمُخْلِصِينَ ا هـ .