وقال
الشوكاني في " نيل الأوطار " : ومن حجج القائلين بأن الشفق الحمرة ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007348أنه صلى العشاء لسقوط القمر لثالثة الشهر " أخرجه
أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
قال
ابن العربي : وهو صحيح وصلى قبل غيبوبة الشفق .
قال
ابن سيد الناس في " شرح
الترمذي " : وقد علم كل من له علم بالمطالع والمغارب أن البياض لا يغيب إلا عند ثلث الليل الأول ، وهو الذي حد - صلى الله عليه وسلم - خروج أكثر الوقت به فصح يقينا أن وقتها داخل قبل ثلث الليل الأول بيقين ، فقد ثبت بالنص أنه داخل قبل مغيب الشفق الذي هو البياض فتبين بذلك يقينا أن الوقت دخل يقينا بالشفق الذي هو الحمرة . اهـ .
nindex.php?page=treesubj&link=32779وابتداء وقت العشاء مغيب الشفق إجماعا لما تقدم في حديث
جبريل وحديث التعليم ، وهذا الحديث وغير ذلك انتهى منه بلفظه ، وهو دليل واضح على أن الشفق الحمرة لا البياض ، وفي " القاموس " الشفق الحمرة ولم يذكر البياض .
وقال
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وغيرهما من أئمة اللغة : الشفق الحمرة وما روي عن الإمام
أحمد رحمه الله من أن الشفق في السفر هو الحمرة وفي الحضر هو البياض الذي بعد الحمرة لا يخالف ما ذكرنا ; لأنه من تحقيق المناط لغيبوبة الحمرة التي هي الشفق عند
أحمد وإيضاحه أن الإمام
أحمد رحمه الله يقول : " الشفق هو الحمرة " والمسافر لأنه في الفلاة والمكان المتسع يعلم سقوط الحمرة ، أما الذي في الحضر فالأفق يستتر عنه بالجدران فيستظهر حتى يغيب البياض ليستدل بغيبوبته على مغيب
[ ص: 303 ] الحمرة ، فاعتباره لغيبة البياض لدلالته على مغيب الحمرة لا لنفسه . اهـ . من " المغني "
nindex.php?page=showalam&ids=13439لابن قدامة .
وقال
أبو حنيفة رحمه الله ومن وافقه : الشفق البياض الذي بعد الحمرة ، وقد علمت أن التحقيق أنه الحمرة ، وأما آخر وقت العشاء فقد جاء في بعض الروايات الصحيحة انتهاؤه عند ثلث الليل الأول ، وفي بعض الروايات الصحيحة نصف الليل ، وفي بعض الروايات الصحيحة ما يدل على امتداده إلى طلوع الفجر .
فمن الروايات بانتهائه إلى ثلث الليل ، ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " عن
عائشة رضي الله عنها : " كانوا يصلون العشاء فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول " .
وفي حديث
أبي موسى ،
وبريدة المتقدمين في تعليم من سأل عن مواقيت الصلاة عند
مسلم وغيره : " أنه - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الأولى أقام العشاء حين غاب الشفق ، وفي الليلة الثانية أخره حتى كان ثلث الليل الأول ، ثم قال : الوقت فيما بين هذين " .
وفي حديث
جابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس المتقدمين في إمامة
جبريل : " أنه في الليلة الأولى صلى العشاء حين مغيب الشفق ، وفي الليلة الثانية صلاها حين ذهب ثلث الليل الأول وقال : الوقت فيما بين هذين الوقتين " ، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على انتهاء وقت العشاء عند ذهاب ثلث الليل الأول .
ومن الروايات الدالة على امتداده إلى نصف الليل ، ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن
أنس رضي الله عنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007349أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء إلى نصف الليل ، ثم صلى ، ثم قال : قد صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها " . قال
أنس : كأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذ .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو المتقدم عند
أحمد ،
ومسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
وأبي داود : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007350ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل " وفي بعض رواياته : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007351فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل " .
ومن الروايات الدالة على امتداده إلى طلوع الفجر ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007352ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى " ، رواه
مسلم في " صحيحه " .
واعلم أن عموم هذا الحديث مخصوص بإجماع المسلمين على أن وقت الصبح
[ ص: 304 ] لا يمتد بعد طلوع الشمس إلى صلاة الظهر ، فلا وقت للصبح بعد طلوع الشمس إجماعا ، فإن قيل يمكن تخصيص حديث
أبي قتادة هذا بالأحاديث الدالة على
nindex.php?page=treesubj&link=32780انتهاء وقت العشاء إلى نصف الليل .
فالجواب : أن الجمع ممكن ، وهو واجب إذا أمكن وإعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ، ووجه الجمع أن التحديد بنصف الليل للوقت الاختياري والامتداد إلى الفجر للوقت الضروري .
ويدل لهذا : إطباق من ذكرنا سابقا من العلماء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=1415الحائض إذا طهرت قبل الصبح بركعة صلت المغرب ، والعشاء ، ومن خالف من العلماء فيما ذكرنا سابقا ، إنما خالف في المغرب لا في العشاء ، مع أن الأثر الذي قدمنا في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس لا يبعد أن يكون في حكم المرفوع ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=29125الموقوف الذي لا مجال للرأي فيه له حكم الرفع ، كما تقرر في علوم الحديث ، ومعلوم أن انتهاء أوقات العبادات كابتدائها لا مجال للرأي فيه ; لأنه تعبدي محض .
وبهذا تعرف وجه الجمع بين ما دل على انتهائه بنصف الليل ، وما دل على امتداده إلى الفجر ، ولكن يبقى الإشكال بين روايات الثلث وروايات النصف ، والظاهر في الجمع والله تعالى أعلم أنه جعل كل ما بين الثلث والنصف وهو السدس ظرفا لآخر وقت العشاء الاختياري .
وإذن فلآخره أول وآخر وإليه ذهب
ابن سريج من الشافعية ، وعلى أن الجمع بهذا الوجه ليس بمقنع فليس هناك طريق إلا الترجيح بين الروايات . فبعض العلماء رجح روايات الثلث بأنها أحوط في المحافظة على الوقت المختار وبأنها محل وفاق لاتفاق الروايات على أن من صلى العشاء قبل الثلث فهو مؤد صلاته في وقتها الاختياري ، وبعضهم رجح روايات النصف بأنها زيادة صحيحة ، وزيادة العدل مقبولة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=851_855_1380أول وقت صلاة الصبح فهو عند طلوع الفجر الصادق بإجماع المسلمين وهو الفجر الذي يحرم الطعام والشراب على الصائم .
وفي حديث
أبي موسى ،
وبريدة المتقدمين عند
مسلم وغيره : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007353وأمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر ، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا " الحديث .
وفي حديث
جابر المتقدم ، في إمامة
جبريل أيضا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007354ثم صلى الفجر حين برق [ ص: 305 ] الفجر ، وحرم الطعام على الصائم " ، ومعلوم أن الفجر فجران كاذب وصادق ، فالكاذب لا يحرم الطعام على الصائم ، ولا تجوز به صلاة الصبح ، والصادق بخلاف ذلك فيهما ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=851_856آخر وقت صلاة الصبح فقد جاء في بعض الروايات تحديده بالإسفار ، وجاء في بعضها امتداده إلى طلوع الشمس ، فمن الروايات الدالة على انتهائه بالإسفار ما في حديث
جابر المذكور آنفا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007355ثم جاءه حين أسفر جدا فقال : قم فصله فصلى الفجر " .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم آنفا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007356ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض " الحديث . وهذا في بيانه لآخر وقت الصبح المختار في اليوم الثاني .
وفي حديث
أبي موسى وبريدة المتقدمين عند
مسلم وغيره : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007357ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول : طلعت الشمس أو كادت " .
ومن الروايات الدالة على امتداده إلى طلوع الشمس ما أخرجه
مسلم في " صحيحه " وغيره من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007358ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس " .
وفي رواية
لمسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007359ووقت الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول " ، والظاهر في وجه الجمع بين هذه الروايات أن الوقت المنتهي إلى الإسفار هو وقت الصبح الاختياري ، والممتد إلى طلوع الشمس وقتها الضروري ، وهذا هو مشهور مذهب
مالك .
وقال بعض المالكية : لا ضروري للصبح فوقتها كله إلى طلوع الشمس وقت اختيار ، وعليه فوجه الجمع هو ما قدمنا عن
ابن سريج في الكلام على آخر وقت العشاء ، والعلم عند الله تعالى .
فهذا الذي ذكرنا هو تفصيل الأوقات الذي أجمل في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [ 4 ] ، وبين بعض البيان في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس الآية [ 17 \ 78 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وأقم الصلاة طرفي النهار الآية [ 11 \ 114 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فسبحان الله حين تمسون الآية [ 30 \ 17 ] ، والعلم عند الله تعالى .
وَقَالَ
الشَّوْكَانِيُّ فِي " نَيْلِ الْأَوْطَارِ " : وَمِنْ حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الشَّفَقَ الْحُمْرَةُ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007348أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةِ الشَّهْرِ " أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ .
قَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهُوَ صَحِيحٌ وَصَلَّى قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ .
قَالَ
ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي " شَرْحِ
التِّرْمِذِيِّ " : وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالْمَطَالِعِ وَالْمَغَارِبِ أَنَّ الْبَيَاضَ لَا يَغِيبُ إِلَّا عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ الَّذِي حَدَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُرُوجَ أَكْثَرِ الْوَقْتِ بِهِ فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ وَقْتَهَا دَاخِلٌ قَبْلِ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ بِيَقِينٍ ، فَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَنَّهُ دَاخِلٌ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ الَّذِي هُوَ الْبَيَاضُ فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ يَقِينًا أَنَّ الْوَقْتَ دَخَلَ يَقِينًا بِالشَّفَقِ الَّذِي هُوَ الْحُمْرَةُ . اهـ .
nindex.php?page=treesubj&link=32779وَابْتِدَاءُ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَغِيبُ الشَّفَقِ إِجْمَاعًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ
جِبْرِيلَ وَحَدِيثِ التَّعْلِيمِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ ، وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ الْحُمْرَةُ لَا الْبَيَاضُ ، وَفِي " الْقَامُوسِ " الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ وَلَمْ يُذْكَرِ الْبَيَاضَ .
وَقَالَ
الْخَلِيلُ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ : الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ وَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ
أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَنَّ الشَّفَقَ فِي السَّفَرِ هُوَ الْحُمْرَةُ وَفِي الْحَضَرِ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا ; لِأَنَّهُ مِنْ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ لِغَيْبُوبَةِ الْحُمْرَةِ الَّتِي هِيَ الشَّفَقُ عِنْدَ
أَحْمَدَ وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ
أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ : " الشَّفَقُ هُوَ الْحُمْرَةُ " وَالْمُسَافِرُ لِأَنَّهُ فِي الْفَلَاةِ وَالْمَكَانِ الْمُتَّسِعِ يَعْلَمُ سُقُوطَ الْحُمْرَةِ ، أَمَّا الَّذِي فِي الْحَضَرِ فَالْأُفُقُ يَسْتَتِرُ عَنْهُ بِالْجُدْرَانِ فَيَسْتَظْهِرُ حَتَّى يَغِيبَ الْبَيَاضُ لِيَسْتَدِلَّ بِغَيْبُوبَتِهِ عَلَى مَغِيبِ
[ ص: 303 ] الْحُمْرَةِ ، فَاعْتِبَارُهُ لِغَيْبَةِ الْبَيَاضِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ لَا لِنَفْسِهِ . اهـ . مِنَ " الْمُغْنِي "
nindex.php?page=showalam&ids=13439لِابْنِ قُدَامَةَ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ وَافَقَهُ : الشَّفَقُ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ الْحُمْرَةُ ، وَأَمَا آخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ انْتِهَاؤُهُ عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ نِصْفُ اللَّيْلِ ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ .
فَمِنَ الرِّوَايَاتِ بِانْتِهَائِهِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ، مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ " .
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى ،
وَبُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي تَعْلِيمِ مَنْ سَأَلَ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ عِنْدَ
مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ : " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى أَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ، وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَخَّرَهُ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ قَالَ : الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ " .
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي إِمَامَةِ
جِبْرِيلَ : " أَنَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ مَغِيبِ الشَّفَقِ ، وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ صَلَّاهَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ : الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ " ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ الْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ .
وَمِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ
أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007349أَخَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ صَلَّى ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا " . قَالَ
أَنَسٌ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ
أَحْمَدَ ،
وَمُسْلِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ ،
وَأَبِي دَاوُدَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007350وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ " وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007351فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ " .
وَمِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007352لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى " ، رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " .
وَاعْلَمْ أَنَّ عُمُومَ هَذَا الْحَدِيثِ مَخْصُوصٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ
[ ص: 304 ] لَا يَمْتَدُّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ ، فَلَا وَقْتَ لِلصُّبْحِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِجْمَاعًا ، فَإِنْ قِيلَ يُمْكِنُ تَخْصِيصُ حَدِيثِ
أَبِي قَتَادَةَ هَذَا بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32780انْتِهَاءِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ .
فَالْجَوَابُ : أَنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ ، وَهُوَ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ وَإِعْمَالُ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِنِصْفِ اللَّيْلِ لِلْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالِامْتِدَادَ إِلَى الْفَجْرِ لِلْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ .
وَيَدُلُّ لِهَذَا : إِطْبَاقُ مَنْ ذَكَرْنَا سَابِقًا مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1415الْحَائِضَ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الصُّبْحِ بِرَكْعَةٍ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ ، وَالْعِشَاءَ ، وَمَنْ خَالَفَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا ذَكَرْنَا سَابِقًا ، إِنَّمَا خَالَفَ فِي الْمَغْرِبِ لَا فِي الْعِشَاءِ ، مَعَ أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي قَدَّمْنَا فِي ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29125الْمَوْقُوفَ الَّذِي لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ انْتِهَاءَ أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ كَابْتِدَائِهَا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ ; لِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ مَحْضٌ .
وَبِهَذَا تَعْرِفُ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ مَا دَلَّ عَلَى انْتِهَائِهِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ ، وَمَا دَلَّ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى الْفَجْرِ ، وَلَكِنْ يَبْقَى الْإِشْكَالُ بَيْنَ رِوَايَاتِ الثُّلُثِ وَرِوَايَاتِ النِّصْفِ ، وَالظَّاهِرُ فِي الْجَمْعِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَهُوَ السُّدُسُ ظَرْفًا لِآخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ الِاخْتِيَارِيِّ .
وَإِذَنْ فَلِآخِرِهِ أَوَّلٌ وَآخِرٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
ابْنُ سُرَيْجٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَعَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بِهَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ بِمُقْنِعٍ فَلَيْسَ هُنَاكَ طَرِيقٌ إِلَّا التَّرْجِيحُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ . فَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ رَجَّحَ رِوَايَاتِ الثُّلُثِ بِأَنَّهَا أَحْوَطُ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَبِأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ لِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ الثُّلُثِ فَهُوَ مُؤَدٍّ صَلَاتَهُ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ ، وَبَعْضُهُمْ رَجَّحَ رِوَايَاتِ النِّصْفِ بِأَنَّهَا زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=851_855_1380أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَهُوَ عِنْدُ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الْفَجْرُ الَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَلَى الصَّائِمِ .
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى ،
وَبُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عِنْدَ
مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007353وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ ، وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا " الْحَدِيثَ .
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ ، فِي إِمَامَةِ
جِبْرِيلَ أَيْضًا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007354ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرَقَ [ ص: 305 ] الْفَجْرُ ، وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ " ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَجْرَ فَجْرَانِ كَاذِبٌ وَصَادِقٌ ، فَالْكَاذِبُ لَا يُحَرِّمُ الطَّعَامَ عَلَى الصَّائِمِ ، وَلَا تَجُوزُ بِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ ، وَالصَّادِقُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِيهِمَا ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=851_856آخِرُ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَحْدِيدُهُ بِالْإِسْفَارِ ، وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا امْتِدَادُهُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ، فَمِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى انْتِهَائِهِ بِالْإِسْفَارِ مَا فِي حَدِيثِ
جَابِرٍ الْمَذْكُورِ آنِفًا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007355ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا فَقَالَ : قُمْ فَصَلِّهِ فَصَلَّى الْفَجْرَ " .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007356ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الْأَرْضُ " الْحَدِيثَ . وَهَذَا فِي بَيَانِهِ لِآخِرِ وَقْتِ الصُّبْحِ الْمُخْتَارِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي .
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى وَبُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عِنْدَ
مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007357ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ : طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ " .
وَمِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مَا أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007358وَوَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ " .
وَفِي رِوَايَةٍ
لِمُسْلِمٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007359وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الْأَوَّلُ " ، وَالظَّاهِرُ فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُنْتَهِيَ إِلَى الْإِسْفَارِ هُوَ وَقْتُ الصُّبْحِ الِاخْتِيَارِيُّ ، وَالْمُمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتُهَا الضَّرُورِيُّ ، وَهَذَا هُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ
مَالِكٍ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ : لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ فَوَقْتُهَا كُلُّهُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ ، وَعَلَيْهِ فَوَجْهُ الْجَمْعِ هُوَ مَا قَدَّمْنَا عَنِ
ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ تَفْصِيلُ الْأَوْقَاتِ الَّذِي أُجْمِلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [ 4 ] ، وَبَيَّنَ بَعْضَ الْبَيَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ الْآيَةَ [ 17 \ 78 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ الْآيَةَ [ 11 \ 114 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ الْآيَةَ [ 30 \ 17 ] ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .