قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=29011فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب . التحقيق الذي لا شك فيه أن هذا الكلام من كلام مؤمن آل
فرعون الذي ذكر الله عنه ، وليس
لموسى فيه دخل .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44فستذكرون ما أقول لكم ، يعني أنهم يوم القيامة يعلمون صحة ما كان يقول لهم ، ويذكرون نصيحته ، فيندمون حيث لا ينفع الندم ، والآيات الدالة على مثل هذا من أن الكفار تنكشف لهم يوم القيامة حقائق ما كانوا يكذبون به في الدنيا - كثيرة ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=66وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=67لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون [ 6 \ 66 - 67 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88ولتعلمن نبأه بعد حين [ 38 \ 88 ] . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=4كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون [ 78 \ 4 - 5 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3كلا سوف تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=4ثم كلا سوف تعلمون [ 102 \ 3 - 4 ] .
[ ص: 388 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=22فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد [ 50 \ 22 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45فوقاه الله سيئات ما مكروا [ 40 \ 44 - 45 ] دليل واضح على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19649_19654التوكل الصادق على الله ، وتفويض الأمور إليه سبب للحفظ والوقاية من كل سوء ، وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف التعليل ، كقولهم : سها فسجد ، أي : سجد لعلة سهوه ، وسرق فقطعت يده ، أي : لعلة سرقته ، كما قدمناه مرارا .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من كون التوكل على الله سببا للحفظ ، والوقاية من السوء ، جاء مبينا في آيات أخر ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3ومن يتوكل على الله فهو حسبه [ 65 \ 3 ] . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=174فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء [ 3 \ 173 - 174 ] .
وقد ذكرنا الآيات الدالة على ذلك بكثرة ، في أول سورة
بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2ألا تتخذوا من دوني وكيلا [ 17 \ 2 ] .
والظاهر أن ما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45سيئات ما مكروا [ 40 \ 45 ] مصدرية ، أي : فوقاه الله سيئات مكرهم ، أي : أضرار مكرهم وشدائده ، والمكر : الكيد .
فقد دلت هذه الآية الكريمة ، على أن فرعون وقومه أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن الكريم وأن الله وقاه ، أي حفظه ونجاه ، من أضرار مكرهم وشدائده بسبب توكله على الله ، وتفويضه أمره إليه .
وبعض العلماء يقول : نجاه الله منهم مع
موسى وقومه وبعضهم يقول : صعد جبلا فأعجزهم الله عنه ونجاه منهم ، وكل هذا لا دليل عليه ، وغاية ما دل عليه القرآن أن الله وقاه سيئات مكرهم ، أي حفظه ونجاه منها .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45وحاق بآل فرعون سوء العذاب معناه : أنهم لما أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن وقاه الله مكرهم ، ورد العاقبة السيئة عليهم ، فرد سوء مكرهم إليهم ، فكان المؤمن المذكور ناجيا في الدنيا والآخرة ، وكان
فرعون وقومه هالكين
[ ص: 389 ] في الدنيا والآخرة والبرزخ .
فقال في هلاكهم في الدنيا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وأغرقنا آل فرعون ، وأمثالها من الآيات .
وقال في مصيرهم في البرزخ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46النار يعرضون عليها غدوا وعشيا [ 40 \ 46 ] .
وقال في عذابهم في الآخرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ 40 \ 46 ] .
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من حيق المكر السيئ بالماكر أوضحه تعالى في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله [ 35 \ 43 ] .
والعرب تقول حاق به المكروه يحيق به حيقا وحيوقا ، إذا نزل به وأحاط به ، ولا يطلق إلا على إحاطة المكروه خاصة .
يقال : حاق به السوء والمكروه ، ولا يقال : حاق به الخير ، فمادة الحيق من الأجوف الذي هو يائي العين ، والوصف منه حائق على القياس ، ومنه قول الشاعر :
فأوطأ جرد الخيل عقر ديارهم وحاق بهم من بأس ضبة حائق
وقد قدمنا أن وزن السيئة بالميزان الصرفي فيعلة من السوء ، فأدغمت ياء الفيعلة الزائدة في الواو ، التي هي عين الكلمة ، بعد إبدال الواو ياء على القاعدة التصريفية المشار إليها ، في الخلاصة بقوله :
إن يسكن السابق من واو ويا واتصلا ومن عروض عريا
فياء الواو فلين مدغما وشذ معطي غير ما قد رسما
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=29011فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ . التَّحْقِيقُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ كَلَامِ مُؤْمِنِ آلِ
فِرْعَوْنَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَيْسَ
لِمُوسَى فِيهِ دَخْلٌ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ، يَعْنِي أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْلَمُونَ صِحَّةَ مَا كَانَ يَقُولُ لَهُمْ ، وَيَذْكُرُونَ نَصِيحَتَهُ ، فَيَنْدَمُونَ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ ، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ تَنْكَشِفُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقَائِقُ مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا - كَثِيرَةٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=66وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=67لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [ 6 \ 66 - 67 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ 38 \ 88 ] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=4كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [ 78 \ 4 - 5 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=4ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [ 102 \ 3 - 4 ] .
[ ص: 388 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=22فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ 50 \ 22 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا [ 40 \ 44 - 45 ] دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19649_19654التَّوَكُّلَ الصَّادِقَ عَلَى اللَّهِ ، وَتَفْوِيضَ الْأُمُورِ إِلَيْهِ سَبَبٌ لِلْحِفْظِ وَالْوِقَايَةِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْفَاءَ مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيلِ ، كَقَوْلِهِمْ : سَهَا فَسَجَدَ ، أَيْ : سَجَدَ لِعِلَّةِ سَهْوِهِ ، وَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، أَيْ : لِعِلَّةِ سَرِقَتِهِ ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِرَارًا .
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، مِنْ كَوْنِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ سَبَبًا لِلْحِفْظِ ، وَالْوِقَايَةِ مِنَ السُّوءِ ، جَاءَ مُبِيَّنًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [ 65 \ 3 ] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=174فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ [ 3 \ 173 - 174 ] .
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ ، فِي أَوَّلِ سُورَةِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا [ 17 \ 2 ] .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا [ 40 \ 45 ] مَصْدَرِيَّةٌ ، أَيْ : فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَكْرِهِمْ ، أَيْ : أَضْرَارَ مَكْرِهِمْ وَشَدَائِدَهُ ، وَالْمَكْرُ : الْكَيْدُ .
فَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ أَرَادُوا أَنْ يَمْكُرُوا بِهَذَا الْمُؤْمِنِ الْكَرِيمِ وَأَنَّ اللَّهَ وَقَاهُ ، أَيْ حَفِظَهُ وَنَجَّاهُ ، مِنْ أَضْرَارِ مَكْرِهِمْ وَشَدَائِدِهِ بِسَبَبِ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ ، وَتَفْوِيضِهِ أَمْرَهُ إِلَيْهِ .
وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ : نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهُمْ مَعَ
مُوسَى وَقَوْمِهِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : صَعِدَ جَبَلًا فَأَعْجَزَهُمُ اللَّهُ عَنْهُ وَنَجَّاهُ مِنْهُمْ ، وَكُلُّ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَغَايَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَنَّ اللَّهَ وَقَاهُ سَيِّئَاتِ مَكْرِهِمْ ، أَيْ حَفِظَهُ وَنَجَّاهُ مِنْهَا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=45وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ مَعْنَاهُ : أَنَّهُمْ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَمْكُرُوا بِهَذَا الْمُؤْمِنِ وَقَاهُ اللَّهُ مَكْرَهُمْ ، وَرَدَّ الْعَاقِبَةَ السَّيِّئَةَ عَلَيْهِمْ ، فَرَدَّ سُوءَ مَكْرِهِمْ إِلَيْهِمْ ، فَكَانَ الْمُؤْمِنُ الْمَذْكُورُ نَاجِيًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَكَانَ
فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ هَالِكِينَ
[ ص: 389 ] فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْبَرْزَخِ .
فَقَالَ فِي هَلَاكِهِمْ فِي الدُّنْيَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ ، وَأَمْثَالَهَا مِنَ الْآيَاتِ .
وَقَالَ فِي مَصِيرِهِمْ فِي الْبَرْزَخِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا [ 40 \ 46 ] .
وَقَالَ فِي عَذَابِهِمْ فِي الْآخِرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [ 40 \ 46 ] .
وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ حَيْقِ الْمَكْرِ السَّيِّئِ بِالْمَاكِرِ أَوْضَحَهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [ 35 \ 43 ] .
وَالْعَرَبُ تَقُولُ حَاقَ بِهِ الْمَكْرُوهُ يَحِيقُ بِهِ حَيْقًا وَحُيُوقًا ، إِذَا نَزَلَ بِهِ وَأَحَاطَ بِهِ ، وَلَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى إِحَاطَةِ الْمَكْرُوهِ خَاصَّةً .
يُقَالُ : حَاقَ بِهِ السُّوءُ وَالْمَكْرُوهُ ، وَلَا يُقَالُ : حَاقَ بِهِ الْخَيْرُ ، فَمَادَّةُ الْحَيْقِ مِنَ الْأَجْوَفِ الَّذِي هُوَ يَائِيُّ الْعَيْنِ ، وَالْوَصْفُ مِنْهُ حَائِقٌ عَلَى الْقِيَاسِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَأَوْطَأَ جُرْدَ الْخَيْلِ عُقْرَ دِيَارِهِمْ وَحَاقَ بِهِمْ مِنْ بَأْسِ ضَبَّةَ حَائِقُ
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ وَزْنَ السَّيِّئَةِ بِالْمِيزَانِ الصَّرْفِيِّ فَيْعَلَةٌ مِنَ السُّوءِ ، فَأُدْغِمَتْ يَاءُ الْفَيْعَلَةِ الزَّائِدَةِ فِي الْوَاوِ ، الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ ، بَعْدَ إِبْدَالِ الْوَاوِ يَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا ، فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ :
إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا
فَيَاءُ الْوَاوِ فَلَيِّنْ مُدْغِمَا وَشَذَّ مُعْطِي غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا