[ ص: 301 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الصافات
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات صفا nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فالزاجرات زجرا nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فالتاليات ذكرا nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إن إلهكم لواحد nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق . أكثر أهل العلم على أن المراد بـ : الصافات هنا ، و الزاجرات ، و التاليات : جماعات الملائكة ، وقد جاء
nindex.php?page=treesubj&link=28734_29747وصف الملائكة بأنهم صافون ، وذلك في قوله تعالى عنهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=165وإنا لنحن الصافون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=166وإنا لنحن المسبحون [ 37 \ 165 - 166 ] ، ومعنى كونهم صافين : أن يكونوا صفوفا متراصين بعضهم جنب بعض في طاعة الله تعالى ، من صلاة وغيرها . وقيل : لأنهم يصفون أجنحتهم في السماء ، ينتظرون أمر الله ، ويؤيد القول الأول حديث
حذيفة الذي قدمنا في أول سورة " المائدة " في صحيح
مسلم ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007408فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا ، وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء " وهو دليل صحيح على أن الملائكة يصفون كصفوف المصلين في صلاتهم ، وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على أنهم يلقون الذكر على الأنبياء ، لأجل الإعذار والإنذار به ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=5فالملقيات ذكرا nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عذرا أو نذرا [ 67 \ 5 - 6 ] فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=5فالملقيات ذكرا كقوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فالتاليات ذكرا ؛ لأن الذكر الذي تتلوه تلقيه إلى الأنبياء ، كما كان
جبريل ينزل بالوحي على نبينا وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه على الجميع ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عذرا أو نذرا ، أي : لأجل الإعذار والإنذار ، أي : بذلك الذكر الذي نتلوه وتلقيه ، والإعذار : قطع العذر بالتبليغ .
والإنذار قد قدمنا إيضاحه وبينا أنواعه في أول سورة " الأعراف " في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين [ 7 \ 1 - 2 ] ، وقوله في هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فالزاجرات زجرا الملائكة تزجر السحاب ، وقيل : تزجر الخلائق عن معاصي الله بالذكر الذي تتلوه ، وتلقيه إلى الأنبياء .
[ ص: 302 ] وممن قال بأن الصافات و الزجرات و التاليات في أول هذه السورة الكريمة هي جماعات الملائكة :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
ومجاهد ،
وقتادة ; كما قاله
القرطبي وابن كثير وغيرهما . وزاد
ابن كثير وغيره ممن قال به :
مسروقا والسدي nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، وقد قدمنا أنه قول أكثر أهل العلم .
وقال بعض أهل العلم : الصافات في الآية الطير تصف أجنحتها في الهواء ، واستأنس لذلك بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن الآية [ 67 \ 19 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه الآية [ 24 \ 41 ] .
وقال بعض العلماء : المراد بـ : الصافات جماعات المسلمين يصفون في مساجدهم للصلاة ، ويصفون في غزوهم عند لقاء العدو ; كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص [ 61 \ 4 ] .
وقال بعض العلماء أيضا : المراد بـ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فالزاجرات زجرا ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فالتاليات ذكرا : جماعات العلماء العاملين يلقون آيات الله على الناس ، ويزجرون عن معاصي الله بآياته ، ومواعظه التي أنزلها على رسله .
وقال بعضهم : المراد بـ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فالزاجرات زجرا : جماعات الغزاة يزجرون الخيل لتسرع إلى الأعداء ، والقول الأول أظهر وأكثر قائلا . ووجه توكيده تعالى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إن إلهكم لواحد ، بهذه الأقسام ، وبأن واللام هو أن الكفار أنكروا كون الإله واحدا إنكارا شديدا وتعجبوا من ذلك تعجبا شديدا ; كما قال تعالى عنهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب [ 38 \ 5 ] ، ولما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إن إلهكم لواحد أقام الدليل على ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ، فكونه خالق السماوات والأرض الذي جعل فيها المشارق والمغارب برهان قاطع على أنه المعبود وحده .
وهذا البرهان القاطع الذي أقامه هنا على أنه هو الإله المعبود وحده ، أقامه على ذلك أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى في سورة " البقرة " :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=163وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم [ 2 \ 163 ] فقد أقام البرهان على ذلك بقوله بعده متصلا به :
[ ص: 303 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون [ 2 \ 164 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة : فإن قلت : ما
nindex.php?page=treesubj&link=20929حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات ؟ قلت : إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود ; كقوله :
يا لهف زيابة للحارث الـ صابح فالغانم فالآئب
كأنه قيل : الذي صبح فغنم فآب ، وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه ; كقولك : خذ الأفضل فالأكمل ، واعمل الأحسن فالأجمل . وإما على ترتب موصوفاتها في ذلك ; كقوله : رحم الله المحلقين فالمقصرين ، فعلى هذه القوانين الثلاثة ينساق أمر الفاء العاطفة في الصفات .
فإن قلت : فعلى أي هذه القوانين هي فيما أنت بصدده ؟
قلت : إن وحدت الموصوف كانت للدلالة على ترتب الصفات في التفاضل ، وإن ثلثته فهي للدلالة على ترتب الموصوفات فيه .
بيان ذلك : أنك إذا أجريت هذه الأوصاف على الملائكة ، وجعلتهم جامعين لها فعطفها بالفاء يفيد ترتبا لها في الفضل ، إما أن يكون الفضل للصف ، ثم للزجر ثم للتلاوة . وإما على العكس ، وكذلك إن أردت العلماء وقواد الغزاة . وإن أجريت الصفة الأولى على طوائف والثانية والثالثة على أخر ، فقد أفادت ترتب الموصوفات في الفضل أعني أن الطوائف الصافات ذوات فضل ، والزاجرات أفضل ، والتاليات أبهر فضلا أو على العكس ، وكذلك إذا أردت بالصافات الطير ، وبالزاجرات كل ما يزجر عن معصية ، وبالتاليات كل نفس تتلو الذكر ، فإن الموصوفات مختلفة ، انتهى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في " الكشاف " .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : كلام صاحب الكشاف هذا نقله عنه
أبو حيان ،
والقرطبي وغيرهما ، ولم يتعقبوه ، والظاهر أنه كلام لا تحقيق فيه ، ويوضح ذلك اعتراف
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري نفسه بأنه لا يدري ما ذكره : هل هو كذا أو على العكس ، وذلك صريح
[ ص: 304 ] في أنه ليس على علم مما يقوله ; لأن من جزم بشيء ثم جوز فيه النقيضين دل ذلك على أنه ليس على علم مما جزم به .
والأظهر الذي لا يلزمه إشكال أن الترتيب بالفاء لمجرد الترتيب الذكري والإتيان بأداة الترتيب لمجرد الترتيب الذكري فقط ، دون إرادة ترتيب الصفات أو الموصوفات أسلوب عربي معروف جاء في القرآن في مواضع ، وهو كثير في كلام العرب .
ومن أمثلته في القرآن العظيم ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=11فلا اقتحم العقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=12وما أدراك ما العقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فك رقبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أو إطعام في يوم ذي مسغبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يتيما ذا مقربة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أو مسكينا ذا متربة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثم كان من الذين آمنوا الآية [ 90 \ 11 - 17 ] ، فلا يخفى أن ثم حرف ترتيب وأن المرتب به الذي هو كونه من الذين آمنوا لا ترتب له على ما قبله إلا مطلق الترتيب الذكري ، ومن ذلك أيضا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=154ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء الآية [ 6 \ 153 - 154 ] كما لا يخفى أن الترتيب فيه ذكري .
وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة " البقرة " ، في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=199ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس [ 2 \ 199 ] ، ومن أمثلة ذلك في كلام العرب قوله :
إن من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5ورب المشارق ، لم يذكر في هذه الآية إلا المشارق وحدها ، ولم يذكر فيها المغارب .
وقد بينا في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " : وجه اختلاف ألفاظ الآيات في ذلك ، فقلنا فيه في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115ولله المشرق والمغرب [ 2 \ 115 ] ، ما لفظه أفرد في هذه الآية الكريمة المشرق والمغرب ، وثناهما في سورة " الرحمن " ، في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رب المشرقين ورب المغربين [ 55 \ 17 ] ، وجمعهما في سورة " سأل سائل " ، في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=40فلا أقسم برب المشارق والمغارب [ 70 \ 40 ] ، وجمع المشارق في سورة " الصافات " ، في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق .
[ ص: 305 ] والجواب : أن قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115ولله المشرق والمغرب [ 2 \ 115 ] المراد به جنس المشرق والمغرب ، فهو صادق بكل مشرق من مشارق الشمس التي هي ثلاثمائة وستون ، وكل مغرب من مغاربها التي هي كذلك ، كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة ، ما نصه : وإنما معنى ذلك : ولله المشرق الذي تشرق منه الشمس كل يوم والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم .
فتأويله إذا كان ذلك معناه : ولله ما بين قطري المشرق وقطري المغرب إذا كان شروق الشمس كل يوم من موضع منه لا تعود لشروقها منه إلى الحول الذي بعده ، وكذلك غروبها ، انتهى منه بلفظه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رب المشرقين ورب المغربين [ 55 \ 17 ] ، يعني مشرق الشتاء ، ومشرق الصيف ومغربهما ، كما عليه الجمهور . وقيل : مشرق الشمس والقمر ومغربهما .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=40برب المشارق والمغارب أي : مشارق الشمس ومغاربها كما تقدم . وقيل : مشارق الشمس والقمر والكواكب ومغاربها ، والعلم عند الله تعالى .
[ ص: 301 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الصَّافَّاتِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ صَفًّا nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ . أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِـ : الصَّافَّاتِ هُنَا ، وَ الزَّاجِرَاتِ ، وَ التَّالِيَاتِ : جَمَاعَاتُ الْمَلَائِكَةِ ، وَقَدْ جَاءَ
nindex.php?page=treesubj&link=28734_29747وَصْفُ الْمَلَائِكَةِ بِأَنَّهُمْ صَافُّونَ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=165وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=166وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [ 37 \ 165 - 166 ] ، وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ صَافِّينَ : أَنْ يَكُونُوا صُفُوفًا مُتَرَاصِّينَ بَعْضُهُمْ جَنْبَ بَعْضٍ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا . وَقِيلَ : لِأَنَّهُمْ يَصُفُّونَ أَجْنِحَتَهُمْ فِي السَّمَاءِ ، يَنْتَظِرُونَ أَمْرَ اللَّهِ ، وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ حَدِيثُ
حُذَيْفَةَ الَّذِي قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْمَائِدَةِ " فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007408فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ : جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا ، وَجُعِلَتْ لَنَا تُرْبَتُهَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ " وَهُوَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَصُفُّونَ كَصُفُوفِ الْمُصَلِّينَ فِي صَلَاتِهِمْ ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يُلْقُونَ الذِّكْرَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، لِأَجْلِ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ بِهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=5فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عُذْرًا أَوْ نُذْرًا [ 67 \ 5 - 6 ] فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=5فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا كَقَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ الَّذِي تَتْلُوهُ تُلْقِيهِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ، كَمَا كَانَ
جِبْرِيلُ يَنْزِلُ بِالْوَحْيِ عَلَى نَبِيِّنَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى الْجَمِيعِ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ، أَيْ : لِأَجْلِ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ ، أَيْ : بِذَلِكَ الذِّكْرِ الَّذِي نَتْلُوهُ وَتُلْقِيهِ ، وَالْإِعْذَارُ : قَطْعُ الْعُذْرِ بِالتَّبْلِيغِ .
وَالْإِنْذَارُ قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ وَبَيَّنَّا أَنْوَاعَهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْأَعْرَافِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [ 7 \ 1 - 2 ] ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا الْمَلَائِكَةُ تَزْجُرُ السَّحَابَ ، وَقِيلَ : تَزْجُرُ الْخَلَائِقَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ بِالذِّكْرِ الَّذِي تَتْلُوهُ ، وَتُلْقِيهِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ .
[ ص: 302 ] وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الصَّافَّاتِ وَ الزَّجِرَاتِ وَ التَّالِيَاتِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ هِيَ جَمَاعَاتُ الْمَلَائِكَةِ :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ ; كَمَا قَالَهُ
الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمَا . وَزَادُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ قَالَ بِهِ :
مَسْرُوقًا وَالسُّدِّيَّ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعَ بْنَ أَنَسٍ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : الصَّافَّاتِ فِي الْآيَةِ الطَّيْرُ تَصُفُّ أَجْنِحَتَهَا فِي الْهَوَاءِ ، وَاسْتَأْنَسَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ الْآيَةَ [ 67 \ 19 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ الْآيَةَ [ 24 \ 41 ] .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْمُرَادُ بِـ : الصَّافَّاتِ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ يَصُفُّونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ لِلصَّلَاةِ ، وَيَصُفُّونَ فِي غَزْوِهِمْ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [ 61 \ 4 ] .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا : الْمُرَادُ بِـ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا : جَمَاعَاتُ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ يُلْقُونَ آيَاتِ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ ، وَيَزْجُرُونَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ بِآيَاتِهِ ، وَمَوَاعِظِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِهِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمِ : الْمُرَادُ بِـ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا : جَمَاعَاتُ الْغُزَاةِ يَزْجُرُونَ الْخَيْلَ لِتُسْرِعَ إِلَى الْأَعْدَاءِ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَكْثَرُ قَائِلًا . وَوَجْهُ تَوْكِيدِهِ تَعَالَى قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ، بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ ، وَبِأَنَّ وَاللَّامِ هُوَ أَنَّ الْكُفَّارَ أَنْكَرُوا كَوْنَ الْإِلَهِ وَاحِدًا إِنْكَارًا شَدِيدًا وَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ تَعَجُّبًا شَدِيدًا ; كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ 38 \ 5 ] ، وَلَمَّا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ أَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ، فَكَوْنُهُ خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي جَعَلَ فِيهَا الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ بُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّهُ الْمَعْبُودُ وَحْدَهُ .
وَهَذَا الْبُرْهَانُ الْقَاطِعُ الَّذِي أَقَامَهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْإِلَهُ الْمَعْبُودُ وَحْدَهُ ، أَقَامَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=163وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [ 2 \ 163 ] فَقَدْ أَقَامَ الْبُرْهَانَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ مُتِّصِلًا بِهِ :
[ ص: 303 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [ 2 \ 164 ] .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : فَإِنْ قُلْتَ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=20929حُكْمُ الْفَاءِ إِذَا جَاءَتْ عَاطِفَةً فِي الصِّفَاتِ ؟ قُلْتُ : إِمَّا أَنْ تَدُلَّ عَلَى تَرَتُّبِ مَعَانِيهَا فِي الْوُجُودِ ; كَقَوْلِهِ :
يَا لَهْفَ زِيَابَةَ لِلْحَارِثِ الْـ صَّابِحِ فَالْغَانِمِ فَالْآئِبِ
كَأَنَّهُ قِيلَ : الَّذِي صَبَّحَ فَغَنِمَ فَآبَ ، وَإِمَّا عَلَى تَرَتُّبِهَا فِي التَّفَاوُتِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ; كَقَوْلِكَ : خُذِ الْأَفْضَلَ فَالْأَكْمَلَ ، وَاعْمَلِ الْأَحْسَنَ فَالْأَجْمَلَ . وَإِمَّا عَلَى تَرَتُّبِ مَوْصُوفَاتِهَا فِي ذَلِكَ ; كَقَوْلِهِ : رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ فَالْمُقَصِّرِينَ ، فَعَلَى هَذِهِ الْقَوَانِينِ الثَّلَاثَةِ يَنْسَاقُ أَمْرُ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ فِي الصِّفَاتِ .
فَإِنْ قُلْتَ : فَعَلَى أَيِّ هَذِهِ الْقَوَانِينِ هِيَ فِيمَا أَنْتَ بِصَدَدِهِ ؟
قُلْتُ : إِنْ وَحَّدْتَ الْمَوْصُوفَ كَانَتْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَرَتُّبِ الصِّفَاتِ فِي التَّفَاضُلِ ، وَإِنْ ثَلَّثْتَهُ فَهِيَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَرَتُّبِ الْمَوْصُوفَاتِ فِيهِ .
بَيَانُ ذَلِكَ : أَنَّكَ إِذَا أَجْرَيْتَ هَذِهِ الْأَوْصَافَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ، وَجَعَلْتَهُمْ جَامِعِينَ لَهَا فَعَطْفُهَا بِالْفَاءِ يُفِيدُ تَرَتُّبًا لَهَا فِي الْفَضْلِ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ لِلصَّفِّ ، ثُمَّ لِلزَّجْرِ ثُمَّ لِلتِّلَاوَةِ . وَإِمَّا عَلَى الْعَكْسِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَرَدْتَ الْعُلَمَاءَ وَقُوَّادَ الْغُزَاةِ . وَإِنْ أَجْرَيْتَ الصِّفَةَ الْأُولَى عَلَى طَوَائِفَ وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ عَلَى أُخَرَ ، فَقَدْ أَفَادَتْ تَرَتُّبَ الْمَوْصُوفَاتِ فِي الْفَضْلِ أَعْنِي أَنَّ الطَّوَائِفَ الصَّافَّاتِ ذَوَاتِ فَضْلٍ ، وَالزَّاجِرَاتُ أَفْضَلُ ، وَالتَّالِيَاتُ أَبْهَرُ فَضْلًا أَوْ عَلَى الْعَكْسِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَرَدْتَ بِالصَّافَّاتِ الطَّيْرَ ، وَبِالزَّاجِرَاتِ كُلَّ مَا يَزْجُرُ عَنْ مَعْصِيَةٍ ، وَبِالتَّالِيَاتِ كُلَّ نَفْسٍ تَتْلُو الذِّكْرَ ، فَإِنَّ الْمَوْصُوفَاتِ مُخْتَلِفَةٌ ، انْتَهَى كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي " الْكَشَّافِ " .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ : كَلَامُ صَاحِبِ الْكَشَّافِ هَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ
أَبُو حَيَّانَ ،
وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَلَمْ يَتَعَقَّبُوهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَلَامٌ لَا تَحْقِيقَ فِيهِ ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ اعْتِرَافُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا ذَكَرَهُ : هَلْ هُوَ كَذَا أَوْ عَلَى الْعَكْسِ ، وَذَلِكَ صَرِيحٌ
[ ص: 304 ] فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عِلْمٍ مِمَّا يَقُولُهُ ; لِأَنَّ مَنْ جَزَمَ بِشَيْءٍ ثُمَّ جَوَّزَ فِيهِ النَّقِيضَيْنِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عِلْمٍ مِمَّا جَزَمَ بِهِ .
وَالْأَظْهَرُ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ إِشْكَالٌ أَنَّ التَّرْتِيبَ بِالْفَاءِ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ وَالْإِتْيَانِ بِأَدَاةِ التَّرْتِيبِ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ فَقَطْ ، دُونَ إِرَادَةِ تَرْتِيبِ الصِّفَاتِ أَوِ الْمَوْصُوفَاتِ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ .
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=11فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=12وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=13فَكُّ رَقَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ [ 90 \ 11 - 17 ] ، فَلَا يَخْفَى أَنْ ثُمَّ حَرْفُ تَرْتِيبٍ وَأَنَّ الْمُرَتَّبَ بِهِ الَّذِي هُوَ كَوْنُهُ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرَتُّبَ لَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ إِلَّا مُطْلَقُ التَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=154ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ الْآيَةَ [ 6 \ 153 - 154 ] كَمَا لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ ذِكْرِيٌّ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=199ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [ 2 \ 199 ] ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُهُ :
إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ، لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا الْمَشَارِقَ وَحْدَهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمَغَارِبَ .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا " دَفْعَ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ " : وَجْهُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ ، فَقُلْنَا فِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [ 2 \ 115 ] ، مَا لَفْظُهُ أُفْرِدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ، وَثَنَّاهُمَا فِي سُورَةِ " الرَّحْمَنِ " ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [ 55 \ 17 ] ، وَجَمَعَهُمَا فِي سُورَةِ " سَأَلَ سَائِلٌ " ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=40فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [ 70 \ 40 ] ، وَجَمَعَ الْمَشَارِقَ فِي سُورَةِ " الصَّافَّاتِ " ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ .
[ ص: 305 ] وَالْجَوَابُ : أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [ 2 \ 115 ] الْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلِّ مَشْرِقٍ مِنْ مَشَارِقِ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ ، وَكُلُّ مَغْرِبٍ مِنْ مَغَارِبِهَا الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ ، كَمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، مَا نَصُّهُ : وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ الَّذِي تُشْرِقُ مِنْهُ الشَّمْسُ كُلَّ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبُ الَّذِي تَغْرُبُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ .
فَتَأْوِيلُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ : وَلِلَّهِ مَا بَيْنَ قُطْرَيِ الْمَشْرِقِ وَقُطْرَيِ الْمَغْرِبِ إِذَا كَانَ شُرُوقُ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْهُ لَا تَعُودُ لِشُرُوقِهَا مِنْهُ إِلَى الْحَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ ، وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا ، انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [ 55 \ 17 ] ، يَعْنِي مَشْرِقَ الشِّتَاءِ ، وَمَشْرِقَ الصَّيْفِ وَمَغْرِبَهُمَا ، كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ . وَقِيلَ : مَشْرِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَغْرِبَهُمَا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=40بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ أَيْ : مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَمَغَارِبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَمَغَارِبِهَا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .