(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187nindex.php?page=treesubj&link=28973ثم أتموا الصيام إلى الليل ) ، تقدم ذكر وجوب الصوم ، فلذلك لم يؤمر به هنا ، ولم يتقدم ذكر غايته ، فذكرت هنا الغاية ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187إلى الليل ) ، والغاية تأتي إذا كان ما بعدها ليس من جنس ما قبلها ، لم يدخل في حكم ما قبلها ، والليل ليس من جنس النهار ، فلا يدخل في حكمه ، لكن من ضرورة تحقق علم انقضاء النهار دخول جزء ما من الليل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أهل الكتاب يفطرون من العشاء إلى العشاء ، فأمر الله تعالى بالخلاف لهم ، وبالإفطار عند غروب الشمس . والأمر بالإتمام هنا للوجوب : لأن الصوم واجب ، فإتمامه واجب ، بخلاف المباشرة ، والأكل والشرب ، فإن ذلك مباح في الأصل ، فكان الأمر بها الإباحة . وقال
الراغب : فيه دليل على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=2424النية بالنهار ، وعلى جواز
nindex.php?page=treesubj&link=22771تأخير الغسل إلى الفجر ، وعلى نفي
nindex.php?page=treesubj&link=2486صوم الوصال ، انتهى .
أما كون الآية تدل على جواز النية بالنهار فليس بظاهر : لأن المأمور به إتمام الصوم لا إنشاء الصوم ، بل في ذلك إشعار بصوم سابق أمرنا بإتمامه ، فلا تعرض في الآية للنية بالنهار .
وأما جواز تأخير الغسل إلى الفجر فليس بظاهر من هذه الآية أيضا ، بل من الكلام الذي قبلها . وأما الدلالة على نفي صوم الوصال فليس بظاهر : لأنه غيا وجوب إتمام الصوم بدخول الليل فقط ، ولا منافاة بين هذا وبين الوصال ، وصح في الحديث النهي عن الوصال ، فحمل بعضهم النهي فيه على التحريم ، وبعضهم على الكراهة . وقد روي الوصال عن جماعة من الصحابة والتابعين ،
كعبد الله بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12402وإبراهيم التيمي ،
وأبي الحوراء ، ورخص بعضهم فيه إلى السحر ، منهم :
أحمد ،
وإسحاق ،
وابن وهب . وظاهر الآية وجوب الإتمام إلى الليل فلو ظن أن الشمس غربت فأفطر ، ثم طلعت الشمس ، فهذا ما أتم إلى الليل فيلزمه القضاء ولا كفارة عليه ، وهو قول الجمهور ،
وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهم : وقال
إسحاق وأهل الظاهر : لا قضاء عليه كالناسي : وروي ذلك عن
عمر ، وقال
مالك : من أفطر شاكا في الغروب قضى وكفر : وفي ثمانية
أبي زيد : عليه القضاء فقط قياسا على الشاك في الفجر ، فلو قطع الإتمام متعمد الجماع ، فالإجماع على وجوب القضاء ، أو بأكل وشرب وما يجري مجراهما فعليه القضاء عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والقضاء والكفارة عند بقية العلماء ، أو ناسيا بجماع فكالمتعمد عند الجمهور . وفي الكفارة خلاف عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أو بأكل وشرب فهو على صومه عند
أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وعند
مالك يلزمه القضاء ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=2424نوى الفطر بالنهار ولم يفعل ، بل رفع نية الصوم ، فهو على صومه عند الجمهور ، ولا يلزمه قضاء ، قال
ابن حبيب : وعند
مالك في المدونة : أنه يفطر وعليه القضاء .
وظاهر الآية يقتضي أن الإتمام لا يجب إلا على من تقدم له الصوم ، فلو أصبح مفطرا من غير عذر لم يجب عليه الإمساك : لأنه لم يسبق له صوم فيتمه ، قالوا : لكن السنة أوجبت عليه الإمساك ، وظاهر الآية يقتضي وجوب إتمام الصوم النفل على ما ذهبت إليه الحنفية لاندراجه تحت
[ ص: 53 ] عموم : وأتموا الصيام . وقالت الشافعية : المراد منه صوم الفرض : لأن ذلك إنما ورد لبيان أحكام الفرض . قال بعض أرباب الحقائق : لما علم تعالى أنه لا بد للعبد من الحظوظ ، قسم الليل والنهار في هذا الشهر بين حقه وحظك ، فقال في حقه و (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أتموا الصيام إلى الليل ) . وحظك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وكلوا واشربوا حتى يتبين ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187nindex.php?page=treesubj&link=28973ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) ، تَقَدَّمَ ذِكْرُ وُجُوبِ الصَّوْمِ ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرُ بِهِ هُنَا ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ غَايَتِهِ ، فَذُكِرَتْ هُنَا الْغَايَةُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187إِلَى اللَّيْلِ ) ، وَالْغَايَةُ تَأْتِي إِذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا ، لَمْ يَدْخُلْ فِي حُكْمِ مَا قَبْلَهَا ، وَاللَّيْلُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ النَّهَارِ ، فَلَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ ، لَكِنْ مِنْ ضَرُورَةِ تَحَقُّقِ عِلْمِ انْقِضَاءِ النَّهَارِ دُخُولُ جُزْءٍ مَا مِنَ اللَّيْلِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَهْلُ الْكِتَابِ يُفْطِرُونَ مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْعِشَاءِ ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْخِلَافِ لَهُمْ ، وَبِالْإِفْطَارِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ . وَالْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ هُنَا لِلْوُجُوبِ : لِأَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ ، فَإِتْمَامُهُ وَاجِبٌ ، بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فِي الْأَصْلِ ، فَكَانَ الْأَمْرُ بِهَا الْإِبَاحَةَ . وَقَالَ
الرَّاغِبُ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=2424النِّيَّةِ بِالنَّهَارِ ، وَعَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=22771تَأْخِيرِ الْغُسْلِ إِلَى الْفَجْرِ ، وَعَلَى نَفْيِ
nindex.php?page=treesubj&link=2486صَوْمِ الْوِصَالِ ، انْتَهَى .
أَمَّا كَوْنُ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ النِّيَّةِ بِالنَّهَارِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ : لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ إِتْمَامُ الصَّوْمِ لَا إِنْشَاءُ الصَّوْمِ ، بَلْ فِي ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِصَوْمٍ سَابِقٍ أُمِرْنَا بِإِتْمَامِهِ ، فَلَا تَعَرُّضَ فِي الْآيَةِ لِلنِّيَّةِ بِالنَّهَارِ .
وَأَمَّا جَوَازُ تَأْخِيرِ الْغُسْلِ إِلَى الْفَجْرِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا ، بَلْ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهَا . وَأَمَّا الدَّلَالَةُ عَلَى نَفْيِ صَوْمِ الْوِصَالِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ : لِأَنَّهُ غَيَّا وُجُوبَ إِتْمَامِ الصَّوْمِ بِدُخُولِ اللَّيْلِ فَقَطْ ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْوِصَالِ ، وَصَحَّ فِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ الْوِصَالِ ، فَحَمَلَ بَعْضُهُمُ النَّهْيَ فِيهِ عَلَى التَّحْرِيمِ ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ . وَقَدْ رُوِيَ الْوِصَالُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ،
كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12402وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ،
وَأَبِي الْحَوْرَاءِ ، وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِيهِ إِلَى السَّحَرِ ، مِنْهُمْ :
أَحْمَدُ ،
وَإِسْحَاقُ ،
وَابْنُ وَهْبٍ . وَظَاهِرُ الْآيَةِ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ إِلَى اللَّيْلِ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ فَأَفْطَرَ ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، فَهَذَا مَا أَتَمَّ إِلَى اللَّيْلِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ،
وَأَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ : وَقَالَ
إِسْحَاقُ وَأَهْلُ الظَّاهِرُ : لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَالنَّاسِي : وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
عُمَرَ ، وَقَالَ
مَالِكٌ : مَنْ أَفْطَرَ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ قَضَى وَكَفَّرَ : وَفِي ثَمَانِيَةِ
أَبِي زَيْدٍ : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الشَّاكِّ فِي الْفَجْرِ ، فَلَوْ قَطَعَ الْإِتْمَامَ مُتَعَمِّدٌ الْجِمَاعَ ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ ، أَوْ بِأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَمَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَ بَقِيَّةِ الْعُلَمَاءِ ، أَوْ نَاسِيًا بِجِمَاعٍ فَكَالْمُتَعَمِّدِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ . وَفِي الْكَفَّارَةِ خِلَافٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، أَوْ بِأَكْلٍ وَشُرْبٍ فَهُوَ عَلَى صَوْمِهِ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَعِنْدَ
مَالِكٍ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=2424نَوَى الْفِطْرَ بِالنَّهَارِ وَلَمْ يَفْعَلْ ، بَلْ رَفَعَ نِيَّةَ الصَّوْمِ ، فَهُوَ عَلَى صَوْمِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ ، قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : وَعِنْدَ
مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ : أَنَّهُ يُفْطِرُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ .
وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِتْمَامَ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ الصَّوْمُ ، فَلَوْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ : لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ صَوْمٌ فَيُتِمَّهُ ، قَالُوا : لَكِنَّ السُّنَّةَ أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكَ ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي وُجُوبَ إِتْمَامِ الصَّوْمِ النَّفْلِ عَلَى مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ لِانْدِرَاجِهِ تَحْتَ
[ ص: 53 ] عُمُومِ : وَأَتِمُّوا الصِّيَامَ . وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ : الْمُرَادُ مِنْهُ صَوْمُ الْفَرْضِ : لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرْضِ . قَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْحَقَائِقَ : لَمَّا عَلِمَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنَ الْحُظُوظِ ، قَسَمَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فِي هَذَا الشَّهْرِ بَيْنَ حَقِّهِ وَحَظِّكَ ، فَقَالَ فِي حَقِّهِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) . وَحَظِّكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ ) .