(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181nindex.php?page=treesubj&link=28973فمن بدله بعدما سمعه ) ، الظاهر أن الضمير يعود على الوصية بمعنى الإيصاء ، أي : فمن بدل الإيصاء عن وجهه إن كان موافقا للشرع ، من الأوصياء والشهود بعد ما سمعه سماع تحقق وتثبت ، وعوده على الإيصاء أولى من عوده على الوصية : لأن تأنيث الوصية غير حقيقي : لأن ذلك لا يراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي ، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي في ذلك ، تقول : هند خرجت ، والشمس طلعت ، ولا يجوز طلع إلا في الشعر ، والتذكير على مراعاة المعنى وارد في لسانهم ، ومنه :
كخرعوبة البانة المنفطر
ذهب إلى معنى القضيب ، كأنه قال : كقضيب البانة ، ومنه في العكس : جاءته كتابي فاحتقرها ، على معنى الصحيفة . والضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181سمعه ) عائد على الإيصاء كما شرحناه ، وقيل : يعود على أمر الله تعالى في هذه الآية .
وقيل : الهاء ، في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فمن بدله ) عائدة إلى الفرض والحكم ، والتقدير : فمن بدل الأمر المقدم ذكره ، ومن : الظاهر أنها شرطية ، والجواب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فإنما إثمه ) ، وتكون : " من " ، عامة في كل مبدل : من رضي بغير الوصية في كتابة ، أو قسمة حقوق ، أو شاهد بغير شهادة ، أو يكتمها ، أو غيرهما ممن يمنع حصول المال ووصوله إلى مستحقه ، وقيل : المراد بـ " من " متولي الإيصاء دون الموصي والموصى له ، فإنه هو الذي بيده العدل والجنف والتبديل والإمضاء ، وقيل : المراد بـ " من " : هو الموصي ، نهي عن تغيير وصيته عن المواضع التي نهى الله عن الوصية إليها : لأنهم كانوا يصرفونها إلى الأجانب ، فأمروا بصرفها إلى الأقربين . ويتعين على هذا القول أن يكون الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فمن بدله ) ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181بعدما سمعه ) عائدا على أمر الله تعالى في الآية ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181بعدما سمعه ) دليل على أن الإثم لا يترتب إلا بشرط أن يكون المبدل قد علم بذلك ، وكنى بالسماع عن العلم : لأنه طريق حصوله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فإنما إثمه ) . الضمير عائد على الإيصاء المبدل ، أو على المصدر المفهوم من " بدله " ، أي : فإنما إثم التبديل على المبدل ، وفي هذا دليل على أن من اقترف ذنبا ، فإنما وباله عليه خاصة ، فإن قصر الوصي في شيء مما أوصى به الميت ، لم يلحق الميت من ذلك شيء ، وراعى المعنى في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181على الذين يبدلونه ) إذ لو جرى على نسق اللفظ الأول لكان "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فإنما إثمه " أو فإنما إثمه عليه على الذي يبدله ، وأتى في جملة الجواب بالظاهر مكان المضمر ليشعر بعلية - الإثم الحاصل - وهو التبديل ، وأتى بصلة " الذين " مستقبلة جريا على الأصل ، إذ
[ ص: 23 ] هو مستقبل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181إن الله سميع عليم ) . في هاتين الصفتين تهديد ووعيد للمبدلين ، فلا يخفى عليه تعالى شيء ، فهو يجازيهم على تبديلهم شر الجزاء ، وقيل : سميع لقول الموصي ، عليم بفعل الموصى ، وقيل : سميع لوصاياه ، عليم بنياته . والظاهر القول الأول : لمجيئه في أثر ذكر التبديل وما يترتب عليه من الإثم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181nindex.php?page=treesubj&link=28973فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ ) ، الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ ، أَيْ : فَمَنْ بَدَّلَ الْإِيصَاءَ عَنْ وَجْهِهِ إِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ ، مِنَ الْأَوْصِيَاءِ وَالشُّهُودِ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ سَمَاعَ تَحَقُّقٍ وَتَثَبُّتٍ ، وَعَوْدُهُ عَلَى الْإِيصَاءِ أَوْلَى مِنْ عَوْدِهِ عَلَى الْوَصِيَّةِ : لِأَنَّ تَأْنِيثَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ : لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُرَاعَى فِي الضَّمَائِرِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنِ الْمُؤَنَّثِ الْمَجَازِيِّ ، بَلْ يَسْتَوِي الْمُؤَنَّثُ الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ فِي ذَلِكَ ، تَقُولُ : هِنْدٌ خَرَجَتْ ، وَالشَّمْسُ طَلَعَتْ ، وَلَا يَجُوزُ طَلَعَ إِلَّا فِي الشِّعْرِ ، وَالتَّذْكِيرُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى وَارِدٌ فِي لِسَانِهِمْ ، وَمِنْهُ :
كَخُرْعُوبَةِ الْبَانَةِ الْمُنْفَطِرْ
ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى الْقَضِيبِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : كَقَضِيبِ الْبَانَةِ ، وَمِنْهُ فِي الْعَكْسِ : جَاءَتْهُ كِتَابِي فَاحْتَقَرَهَا ، عَلَى مَعْنَى الصَّحِيفَةِ . وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181سَمِعَهُ ) عَائِدٌ عَلَى الْإِيصَاءِ كَمَا شَرَحْنَاهُ ، وَقِيلَ : يَعُودُ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
وَقِيلَ : الْهَاءُ ، فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَمَنْ بَدَّلَهُ ) عَائِدَةٌ إِلَى الْفَرْضِ وَالْحُكْمِ ، وَالتَّقْدِيرُ : فَمَنْ بَدَّلَ الْأَمْرَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، وَمَنْ : الظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ ، وَالْجَوَابُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَإِنَّمَا إِثْمُهُ ) ، وَتَكُونُ : " مَنْ " ، عَامَّةً فِي كُلِّ مُبَدِّلٍ : مَنْ رَضِيَ بِغَيْرِ الْوَصِيَّةِ فِي كِتَابَةٍ ، أَوْ قِسْمَةِ حُقُوقٍ ، أَوْ شَاهِدٍ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ ، أَوْ يَكْتُمُهَا ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَمْنَعُ حُصُولَ الْمَالِ وَوُصُولَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِـ " مَنْ " مُتَوَلِّي الْإِيصَاءِ دُونَ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ الْعَدْلُ وَالْجَنَفُ وَالتَّبْدِيلُ وَالْإِمْضَاءُ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِـ " مَنْ " : هُوَ الْمُوصِي ، نُهِيَ عَنْ تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ عَنِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهَا : لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَصْرِفُونَهَا إِلَى الْأَجَانِبِ ، فَأُمِرُوا بِصَرْفِهَا إِلَى الْأَقْرَبِينَ . وَيَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَمَنْ بَدَّلَهُ ) ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181بَعْدَمَا سَمِعَهُ ) عَائِدًا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181بَعْدَمَا سَمِعَهُ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِثْمَ لَا يَتَرَتَّبُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُبَدِّلُ قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ ، وَكَنَّى بِالسَّمَاعِ عَنِ الْعِلْمِ : لِأَنَّهُ طَرِيقُ حُصُولِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَإِنَّمَا إِثْمُهُ ) . الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِيصَاءِ الْمُبَدَّلِ ، أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ " بَدَّلَهُ " ، أَيْ : فَإِنَّمَا إِثْمُ التَّبْدِيلِ عَلَى الْمُبَدِّلِ ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا ، فَإِنَّمَا وَبَالُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً ، فَإِنْ قَصَّرَ الْوَصِيُّ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ ، لَمْ يَلْحَقِ الْمَيِّتَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، وَرَاعَى الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) إِذْ لَوْ جَرَى عَلَى نَسَقِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لَكَانَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَإِنَّمَا إِثْمُهُ " أَوْ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَيْهِ عَلَى الَّذِي يُبَدِّلُهُ ، وَأَتَى فِي جُمْلَةِ الْجَوَابِ بِالظَّاهِرِ مَكَانَ الْمُضْمَرِ لِيُشْعِرَ بِعِلْيَةِ - الْإِثْمِ الْحَاصِلِ - وَهُوَ التَّبْدِيلُ ، وَأَتَى بِصِلَةِ " الَّذِينَ " مُسْتَقْبَلَةً جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ ، إِذْ
[ ص: 23 ] هُوَ مُسْتَقْبَلٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) . فِي هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ لِلْمُبَدِّلِينَ ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ ، فَهُوَ يُجَازِيهِمْ عَلَى تَبْدِيلِهِمْ شَرَّ الْجَزَاءِ ، وَقِيلَ : سَمِيعٌ لِقَوْلِ الْمُوصِي ، عَلِيمٌ بِفِعْلِ الْمُوصَى ، وَقِيلَ : سَمِيعٌ لِوَصَايَاهُ ، عَلِيمٌ بِنِيَّاتِهِ . وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : لِمَجِيئِهِ فِي أَثَرِ ذِكْرِ التَّبْدِيلِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ .