nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29047_30387_29468فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا
تفريع على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون بالنذر ) إلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10قمطريرا ) .
وفي هذا التفريع تلوين للحديث عن جزاء الأبرار وأهل الشكور ، وهذا برزخ للتخلص إلى عود الكلام على حسن جزائهم أن الله وقاهم شر ذلك اليوم وهو
[ ص: 388 ] الشر المستطير المذكور آنفا ، وقاهم إياه جزاء على خوفهم إياه وأنه لقاهم نضرة وسرورا جزاء على ما فعلوا من خير .
وأدمج في ذلك قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12بما صبروا ) الجامع لأحوال التقوى والعمل الصالح كله لأن جميعه لا يخلو عن تحمل النفس لترك محبوب أو فعل ما فيه كلفة ، ومن ذلك إطعام الطعام على حبه .
ولقاهم معناه : جعلهم يلقون نضرة وسرورا ، أي جعل لهم نضرة وهي حسن البشرة ، وذلك يحصل من فرح النفس ورفاهية العيش قال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وجوه يومئذ ناضرة ) فمثل إلقاء النضرة على وجوههم بزج أحد إلى لقاء أحد على طريقة التمثيل .
وضمير الغائبة و ( نضرة ) مفعولا ( لقى ) من باب كسا .
وبين ( وقاهم ) و ( لقاهم ) الجناس المحرف .
وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=19572_29047وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) ، عطف على جملة " فوقاهم " وجملة " ولقاهم " لتماثل الجمل الثلاث في الفعلية والمضي وهما محسنان من محسنات الوصل .
والحرير : اسم لخيوط من مفرزات دودة مخصوصة ، وتقدم الكلام عليه في سورة فاطر .
وكان الجزاء برفاهية العيش إذ جعلهم في أحسن المساكن وهو الجنة ، وكساهم أحسن الملابس وهو الحرير الذي لا يلبسه إلا أهل فرط اليسار ، فجمع لهم حسن الظرف الخارج وحسن الظرف المباشر وهو اللباس .
والمراد بالحرير هنا : ما ينسج منه .
ومتكئين : حال من ضمير الجمع في جزاهم ، أي هم في الجنة متكئون على الأرائك .
والاتكاء : جلسة بين الجلوس والاضطجاع يستند فيها الجالس على مرفقه وجنبه ويمد رجليه وهي جلسة ارتياح ، وكانت من شعار الملوك وأهل البذخ ، ولهذا قال
[ ص: 389 ] النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002776أما أنا فلا آكل متكئا وتقدم ذلك في سورة يوسف عند قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31وأعتدت لهن متكأ ) .
والأرائك : جمع أريكة بوزن سفينة . والأريكة : سرير عليه وسادة معها ستر وهو حجلته ، والحجلة بفتحتين وبتقديم الحاء المهملة على الجيم : كلة تنصب فوق السرير لتقي الحر والشمس ، ولا يسمى السرير أريكة إلا إذا كان معه حجلة .
وقيل : كل ما يتوسد ويفترش مما له حشو يسمى أريكة وإن لم تكن له حجلة ، وفي الإتقان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : أن الأريكة السرير بالحبشية فزاده
السيوطي على أبيات
ابن السبكي nindex.php?page=showalam&ids=16609وابن حجر في جمع المعرب في القرآن .
وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) حال ثانية من ضمير الغائب في ( جزاهم ) أو صفة ( جنة ) .
والمراد بالشمس : حر أشعتها ، فنفى رؤية الشمس في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لا يرون فيها شمسا ) فيكون نفي رؤية الشمس كناية عن نفي وجود الشمس الذي يلزمه انتفاء حر شعاعها فهو من الكناية التلويحية كقوله :
ولا ترى الضب بها ينجحر
أي لا ضب بها فتراه ولا يكون انجحاره .
والزمهرير : اسم للبرد القوي في لغة
الحجاز ، والزمهرير : اسم البرد .
والمعنى : أن
nindex.php?page=treesubj&link=30387هواء الجنة معتدل لا ألم فيه بحال . وفي كلام الرابعة من نساء حديث
أم زرع "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002777زوجي كليل تهامه ، لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمه " .
وقال
ثعلب : الزمهرير اسم القمر في لغة
طيء ، وأنشد :
وليلة ظلامها قد اعـتـكـر قطعتها والزمهرير ما زهر
والمعنى على هذا : أنهم لا يرون في الجنة ضوء الشمس ولا ضوء القمر ، أي ضوء النهار وضوء الليل لأن ضياء الجنة من نور واحد خاص بها . وهذا معنى آخر غير نفي الحر والبرد .
ومن الناس من يقول : المراد بالشمس حقيقتها وبالزمهرير البرد وإن في الكلام
[ ص: 390 ] احتباكا ، والتقدير : لا يرون فيها شمسا ولا قمرا ولا حرا ولا زمهريرا وجعلوه مثالا للاحتباك في المحسنات البديعية ، ولعل مراده : أن المعنى أن نورها معتدل وهواءها معتدل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=30387_29046ودانية عليهم ظلالها ) انتصب " دانية " عطفا على " متكئين " لأن هذا حال سببي من أحوال المتكئين ، أي ظلال شجر الجنة قريبة منهم . وظلالها فاعل دانية وضمير ظلالها عائد إلى جنة .
ودنو الظلال : قربها منهم وإذ لم يعهد وصف الظل بالقرب يظهر أن دنو الظلال كناية عن تدلي الأدواح التي من شأنها أن تظلل الجنات في معتاد الدنيا ولكن الجنة لا شمس فيها فيستظل من حرها ، فتعين أن تركيب (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14دانية عليهم ظلالها ) مثل يطلق على تدلي أفنان الجنة لأن الظل المظلل للشخص لا يتفاوت بدنو ولا بعد ، وقد يكون ظلالها مجازا مرسلا عن الأفنان بعلاقة اللزوم .
والمعنى : أن أدواح الجنة قريبة من مجالسهم وذلك مما يزيدها بهجة وحسنا وهو في معنى قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23قطوفها دانية ) .
ولذلك عطف عليه جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت قطوفها تذليلا ) ، أي سخرت لهم قطوف تلك الأدواح وسهلت لهم بحيث لا التواء فيها ولا صلابة تتعب قاطفها ولا يتمطون إليها بل يجتنونها بأسهل تناول .
فاستعير التذليل للتيسير كما يقال : فرس ذلول : أي مطواع لراكبه ، وبقرة ذلول ، أي ممرنة على العمل ، وتقدم في سورة البقرة .
والقطوف : جمع قطف بكسر القاف وسكون الطاء ، وهو العنقود من التمر أو العنب ، سمي قطفا بصيغة من صيغ المفعول مثل ذبح ، لأنه يقصد قطفه فإطلاق القطف عليه مجاز باعتبار المآل شاع في الكلام . وضمير " قطوفها " عائد إلى جنة أو إلى ظلالها باعتبار الظلال كناية عن الأشجار .
و " تذليلا " مصدر مؤكد لذلك ، أي تذليلا شديدا منتهيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29047_30387_29468فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) إِلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=10قَمْطَرِيرًا ) .
وَفِي هَذَا التَّفْرِيعِ تَلْوِينٌ لِلْحَدِيثِ عَنْ جَزَاءِ الْأَبْرَارِ وَأَهْلِ الشُكُورِ ، وَهَذَا بَرْزَخٌ لِلتَّخَلُّصِ إِلَى عَوْدِ الْكَلَامِ عَلَى حُسْنِ جَزَائِهِمْ أَنَّ اللَّهَ وَقَاهُمْ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ
[ ص: 388 ] الشَّرُّ الْمُسْتَطِيرُ الْمَذْكُورُ آنِفًا ، وَقَاهُمْ إِيَّاهُ جَزَاءً عَلَى خَوْفِهِمْ إِيَّاهُ وَأَنَّهُ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا جَزَاءً عَلَى مَا فَعَلُوا مِنْ خَيْرٍ .
وَأُدْمِجَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12بِمَا صَبَرُوا ) الْجَامِعُ لِأَحْوَالِ التَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ كُلِّهِ لِأَنَّ جَمِيعَهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَحَمُّلِ النَّفْسِ لِتَرْكِ مَحْبُوبٍ أَوْ فِعْلٍ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ ، وَمِنْ ذَلِكَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ عَلَى حُبِّهِ .
وَلَقَّاهُمْ مَعْنَاهُ : جَعَلَهُمْ يَلْقَوَنَ نَضْرَةً وَسُرُورًا ، أَيْ جَعَلَ لَهُمْ نَضْرَةً وَهِيَ حُسْنُ الْبَشَرَةِ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ مِنْ فَرَحِ النَّفْسِ وَرَفَاهِيَةِ الْعَيْشِ قَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ) فَمُثِّلَ إِلْقَاءُ النَّضْرَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ بِزَجِّ أَحَدٍ إِلَى لِقَاءِ أَحَدٍ عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ .
وَضَمِيرُ الْغَائِبَةِ وَ ( نَضْرَةً ) مَفْعُولَا ( لَقَّى ) مِنْ بَابِ كَسَا .
وَبَيْنَ ( وَقَاهُمْ ) وَ ( لَقَّاهُمْ ) الْجِنَاسُ الْمُحَرَّفُ .
وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=19572_29047وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) ، عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ " فَوَقَاهُمْ " وَجُمْلَةِ " وَلَقَّاهُمْ " لِتَمَاثُلِ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ فِي الْفِعْلِيَّةِ وَالْمُضِيِّ وَهُمَا مُحَسِّنَانِ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْوَصْلِ .
وَالْحَرِيرُ : اسْمٌ لِخُيُوطٍ مِنْ مُفْرَزَاتِ دُودَةٍ مَخْصُوصَةٍ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ فَاطِرٍ .
وَكَانَ الْجَزَاءُ بِرَفَاهِيَةِ الْعَيْشِ إِذْ جَعَلَهُمْ فِي أَحْسَنِ الْمَسَاكِنِ وَهُوَ الْجَنَّةُ ، وَكَسَاهُمْ أَحْسَنَ الْمَلَابِسِ وَهُوَ الْحَرِيرُ الَّذِي لَا يَلْبَسُهُ إِلَّا أَهْلُ فَرْطِ الْيَسَارِ ، فَجُمِعَ لَهُمْ حُسْنُ الظَّرْفِ الْخَارِجِ وَحُسْنُ الظَّرْفِ الْمُبَاشِرِ وَهُوَ اللِّبَاسُ .
وَالْمُرَادُ بِالْحَرِيرِ هُنَا : مَا يَنْسَجُ مِنْهُ .
وَمُتَّكِئِينَ : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي جَزَاهُمْ ، أَيْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ مُتَّكِئُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ .
وَالِاتِّكَاءُ : جِلْسَةٌ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَالِاضْطِجَاعِ يَسْتَنِدُ فِيهَا الْجَالِسُ عَلَى مِرْفَقِهِ وَجَنْبِهِ وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ وَهِيَ جِلْسَةُ ارْتِيَاحٍ ، وَكَانَتْ مِنْ شِعَارِ الْمُلُوكِ وَأَهْلِ الْبَذَخِ ، وَلِهَذَا قَالَ
[ ص: 389 ] النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002776أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ مُتَّكِئًا وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ) .
وَالْأَرَائِكُ : جَمْعُ أَرِيكَةٍ بِوَزْنِ سَفِينَةٍ . وَالْأَرِيكَةُ : سَرِيرٌ عَلَيْهِ وِسَادَةٌ مَعَهَا سِتْرٌ وَهُوَ حَجَلَتُهُ ، وَالْحَجَلَةُ بِفَتْحَتَيْنِ وَبِتَقْدِيمِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْجِيمِ : كِلَّةٌ تُنْصَبُ فَوْقَ السَّرِيرِ لِتَقِيَ الْحَرَّ وَالشَّمْسَ ، وَلَا يُسَمَّى السَّرِيرُ أَرِيكَةً إِلَّا إِذَا كَانَ مَعَهُ حَجَلَةٌ .
وَقِيلَ : كُلُّ مَا يُتَوَسَّدُ وَيُفْتَرَشُ مِمَّا لَهُ حَشْوٌ يُسَمَّى أَرِيكَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَجَلَةٌ ، وَفِي الْإِتْقَانِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنِ الْجَوْزِيِّ : أَنَّ الْأَرِيكَةَ السَّرِيرُ بِالْحَبَشِيَّةِ فَزَادَهُ
السُّيُوطِيُّ عَلَى أَبْيَاتِ
ابْنِ السُّبْكِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16609وَابْنِ حَجَرٍ فِي جَمْعِ الْمُعْرِبِ فِي الْقُرْآنِ .
وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ) حَالٌ ثَانِيَةٌ مِنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِ فِي ( جَزَاهُمْ ) أَوْ صِفَةُ ( جَنَّةً ) .
وَالْمُرَادُ بِالشَّمْسِ : حَرُّ أَشِعَّتِهَا ، فَنَفَى رُؤْيَةَ الشَّمْسِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا ) فَيَكُونُ نَفْيُ رُؤْيَةِ الشَّمْسِ كِنَايَةً عَنْ نَفْيِ وُجُودِ الشَّمْسِ الَّذِي يَلْزَمُهُ انْتِفَاءُ حَرِّ شُعَاعِهَا فَهُوَ مِنَ الْكِنَايَةِ التَّلْوِيحِيةِ كَقَوْلِهِ :
وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ
أَيْ لَا ضَبَّ بِهَا فَتَرَاهُ وَلَا يَكُونُ انْجِحَارُهُ .
وَالزَّمْهَرِيرُ : اسْمٌ لِلْبَرْدِ الْقَوِيِّ فِي لُغَةِ
الْحِجَازِ ، وَالزَّمْهَرِيرُ : اسْمُ الْبَرْدِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30387هَوَاءَ الْجَنَّةِ مُعْتَدِلٌ لَا أَلَمَ فِيهِ بِحَالٍ . وَفِي كَلَامِ الرَّابِعَةِ مِنْ نِسَاءِ حَدِيثِ
أَمِ زَرْعٍ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002777زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَهْ ، لَا حَرَّ وَلَا قَرَّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَهْ " .
وَقَالَ
ثَعْلَبٌ : الزَّمْهَرِيرُ اسْمُ الْقَمَرِ فِي لُغَةِ
طَيِّءٍ ، وَأَنْشَدَ :
وَلَيْلَةٍ ظَلَامُهَا قَدِ اعْـتَـكَـرْ قَطَعْتُهَا وَالزَّمْهَرِيرُ مَا زَهَرْ
وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا : أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي الْجَنَّةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَلَا ضَوْءَ الْقَمَرِ ، أَيْ ضَوْءَ النَّهَارِ وَضَوْءَ اللَّيْلِ لِأَنَّ ضِيَاءَ الْجَنَّةِ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ خَاصٍّ بِهَا . وَهَذَا مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ نَفْيِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : الْمُرَادُ بِالشَّمْسِ حَقِيقَتُهَا وَبِالزَّمْهَرِيرِ الْبَرْدُ وَإِنَّ فِي الْكَلَامِ
[ ص: 390 ] احْتِبَاكًا ، وَالتَّقْدِيرُ : لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا حَرًّا وَلَا زَمْهَرِيرًا وَجَعَلُوهُ مِثَالًا لِلِاحْتِبَاكِ فِي الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ : أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ نُورَهَا مُعْتَدِلٌ وَهَوَاءَهَا مُعْتَدِلٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=30387_29046وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ) انْتَصَبَ " دَانِيَةً " عَطْفًا عَلَى " مُتَّكِئِينَ " لِأَنَّ هَذَا حَالٌ سَبَبِيٌّ مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَّكِئِينَ ، أَيْ ظِلَالُ شَجَرِ الْجَنَّةِ قَرِيبَةٌ مِنْهُمْ . وَظِلَالُهُا فَاعِلُ دَانِيَةٍ وَضَمِيرُ ظِلَالِهَا عَائِدٌ إِلَى جَنَّةٍ .
وَدُنُوُّ الظِّلَالِ : قُرْبُهَا مِنْهُمْ وَإِذْ لَمْ يُعْهَدْ وَصْفُ الظِّلِّ بِالْقُرْبِ يُظْهِرُ أَنَّ دُنُوَّ الظِّلَالِ كِنَايَةٌ عَنْ تَدَلِّي الْأَدْوَاحِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُظَلِّلَ الْجَنَّاتِ فِي مُعْتَادِ الدُّنْيَا وَلَكِنَّ الْجَنَّةَ لَا شَمْسَ فِيهَا فَيُسْتَظَلُّ مِنْ حَرِّهَا ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ تَرْكِيبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14دَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ) مَثَلٌ يُطْلَقُ عَلَى تَدَلِّي أَفْنَانِ الْجَنَّةِ لِأَنَّ الظِّلَّ الْمُظَلِّلَ لِلشَّخْصِ لَا يَتَفَاوَتُ بِدُنُوٍّ وَلَا بُعْدٍ ، وَقَدْ يَكُونُ ظِلَالُهَا مَجَازًا مُرْسَلًا عَنِ الْأَفْنَانِ بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ .
وَالْمَعْنَى : أَنْ أَدْوَاحَ الْجَنَّةِ قَرِيبَةٌ مِنْ مَجَالِسِهِمْ وَذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُهَا بَهْجَةً وَحُسْنًا وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ) .
وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ جُمْلَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) ، أَيْ سُخِّرَتْ لَهُمْ قُطُوفُ تِلْكَ الْأَدْوَاحِ وَسُهِّلَتْ لَهُمْ بِحَيْثُ لَا الْتِوَاءَ فِيهَا وَلَا صَلَابَةَ تُتْعِبُ قَاطِفَهَا وَلَا يَتَمَطَّوْنَ إِلَيْهَا بَلْ يَجْتَنُونَهَا بِأَسْهَلِ تَنَاوُلٍ .
فَاسْتُعِيرَ التَّذْلِيلُ لِلتَّيْسِيرِ كَمَا يُقَالُ : فَرَسٌ ذَلُولٌ : أَيُّ مِطْوَاعٌ لِرَاكِبِهِ ، وَبَقَرَةٌ ذَلُولٌ ، أَيْ مُمَرَّنَةٌ عَلَى الْعَمَلِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْقُطُوفُ : جَمْعُ قِطْفٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَّاءِ ، وَهُوَ الْعُنْقُودُ مِنَ التَّمْرِ أَوِ الْعِنَبِ ، سُمِّي قِطْفًا بِصِيغَةٍ مِنْ صِيَغِ الْمَفْعُولِ مِثْلَ ذِبْحٍ ، لِأَنَّهُ يَقْصِدُ قَطْفَهُ فَإِطْلَاقُ الْقِطْفِ عَلَيْهِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ شَاعَ فِي الْكَلَامِ . وَضَمِيرُ " قُطُوفُهَا " عَائِدٌ إِلَى جَنَّةٍ أَوْ إِلَى ظِلَالِهَا بِاعْتِبَارِ الظِّلَالِ كِنَايَةً عَنِ الْأَشْجَارِ .
وَ " تَذْلِيلًا " مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِذَلِكَ ، أَيْ تَذْلِيلًا شَدِيدًا مُنْتَهِيًا .