[ ص: 334 ] nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=56nindex.php?page=treesubj&link=29045_29682_29694هو أهل التقوى وأهل المغفرة
جملة واقعة في موقع التعليل لمضمون جملة ( فمن شاء ذكره ) تقوية للتعريض بالترغيب في التذكر ، والتذكر يفضي إلى التقوى .
فالمعنى : فعليكم بالتذكر واتقوا الله تعالى لأن الله هو أهل التقوى .
وتعريف جزأي الجملة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=56هو أهل التقوى ) يفيد قصر مستحق اتقاء العباد إياه على الله تعالى وأن غيره لا يستحق أن يتقى ويتجنب غضبه كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37والله أحق أن تخشاه ) .
فأما أن يكون القصر قصرا إضافيا للرد على المشركين الذين يخشون غضب الأصنام ويطلبون رضاها أو يكون قصرا ادعائيا لتخصيصه تعالى بالتقوى الكاملة الحق وإلا فإن بعض التقوى مأمور بها كتقوى حقوق ذوي الأرحام في قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) وقد يقال : إن ما ورد الأمر به من التقوى في الشريعة راجع إلى تقوى الله ، وهذا من متممات القصر الادعائي .
وأهل الشيء : مستحقه .
وأصله : أنه ملازم الشيء وخاصته وقرابته وزوجه ومنه ( فأسر بأهلك ) .
ومعنى أهل المغفرة : أن المغفرة من خصائصه وأنه حقيق بأن يغفر لفرط رحمته وسعة كرمه وإحسانه ، ومنه بيت الكشاف في سورة المؤمنون :
ألا يا ارحموني يا إله محمـد فإن لم أكن أهلا فأنت له أهل
وهذا تعريض بالتحريض للمشركين أن يقلعوا عن كفرهم بأن الله يغفر لهم ما أسلفوه قال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، وبالتحريض للعصاة أن يقلعوا عن الذنوب قال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .
روى
الترمذي عن
سهيل عن
ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002761قال الله تعالى : أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني فلم يجعل معي [ ص: 335 ] إلها فأنا أهل أن أغفر له قال
الترمذي : حسن غريب .
وسهيل ليس بالقوي ، وقد انفرد بهذا الحديث عن
ثابت .
وأعيدت كلمة ( أهل ) في الجملة المعطوفة دون أن يقال : والمغفرة ، للإشارة إلى اختلاف المعنى بين أهل الأول وأهل الثاني على طريقة إعادة فعل وأطيعوا في قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) .
[ ص: 334 ] nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=56nindex.php?page=treesubj&link=29045_29682_29694هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ
جُمْلَةٌ وَاقِعَةٌ فِي مَوْقِعِ التَّعْلِيلِ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ ( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ) تَقْوِيَةً لِلتَّعْرِيضِ بِالتَّرْغِيبِ فِي التَّذَكُّرِ ، وَالتَّذَكُّرُ يُفْضِي إِلَى التَّقْوَى .
فَالْمَعْنَى : فَعَلَيْكُمْ بِالتَّذَكُّرِ وَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى .
وَتَعْرِيفُ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=56هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى ) يُفِيدُ قَصْرَ مُسْتَحِقِّ اتِّقَاءِ الْعِبَادِ إِيَّاهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَّقَى وَيُتَجَنَّبَ غَضَبُهُ كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) .
فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ قَصْرًا إِضَافِيًّا لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ غَضَبَ الْأَصْنَامِ وَيَطْلُبُونَ رِضَاهَا أَوْ يَكُونَ قَصْرًا ادِّعَائِيًّا لِتَخْصِيصِهِ تَعَالَى بِالتَّقْوَى الْكَامِلَةِ الْحَقَّ وَإِلَّا فَإِنَّ بَعْضَ التَّقْوَى مَأْمُورٌ بِهَا كَتَقْوَى حُقُوقِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّ مَا وَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ مِنَ التَّقْوَى فِي الشَّرِيعَةِ رَاجِعٌ إِلَى تَقْوَى اللَّهِ ، وَهَذَا مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْقَصْرِ الِادِّعَائِيِّ .
وَأَهْلُ الشَّيْءِ : مُسْتَحِقُّهُ .
وَأَصْلُهُ : أَنَّهُ مُلَازِمُ الشَّيْءِ وَخَاصَّتُهُ وَقَرَابَتُهُ وَزَوْجُهُ وَمِنْهُ ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) .
وَمَعْنَى أَهْلِ الْمَغْفِرَةِ : أَنَّ الْمَغْفِرَةَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَأَنَّهُ حَقِيقٌ بِأَنْ يَغْفِرَ لِفَرْطِ رَحْمَتِهِ وَسَعَةِ كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ ، وَمِنْهُ بَيْتُ الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ :
أَلَا يَا ارْحَمُونِي يَا إِلَهَ مُحَمَّـدٍ فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلًا فَأَنْتَ لَهُ أَهْلُ
وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالتَّحْرِيضِ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يُقْلِعُوا عَنْ كُفْرِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُمْ مَا أَسْلَفُوهُ قَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ، وَبِالتَّحْرِيضِ لِلْعُصَاةِ أَنْ يُقْلِعُوا عَنِ الذُّنُوبِ قَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .
رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
سُهَيْلٍ عَنْ
ثَابِتٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002761قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتْقَى فَمَنِ اتَّقَانِي فَلَمْ يَجْعَلْ مَعِي [ ص: 335 ] إِلَهًا فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَسُهَيْلٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، وَقَدِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ
ثَابِتٍ .
وَأُعِيدَتْ كَلِمَةُ ( أَهْلُ ) فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ دُونَ أَنْ يُقَالَ : وَالْمَغْفِرَةِ ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَى بَيْنَ أَهْلِ الْأَوَّلِ وَأَهْلِ الثَّانِي عَلَى طَرِيقَةِ إِعَادَةِ فِعْلِ وَأَطِيعُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) .