nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=28974_31852ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين .
نتيجة للاستدلال إذ قد تحصحص من الحجة الماضية أن اليهودية والنصرانية غير الحنيفية ، وأن
موسى وعيسى ، عليهما السلام ، لم يخبرا بأنهما على الحنيفية ، فأنتج أن
إبراهيم لم يكن على حال اليهودية أو النصرانية ; إذ لم يؤثر ذلك عن
موسى ولا
عيسى ، عليهما السلام ، فهذا سنده خلو كتبهم عن ادعاء ذلك . وكيف تكون اليهودية أو النصرانية من الحنيفية مع خلوها من فريضة الحج ، وقد جاء الإسلام بذكر فرضه لمن تمكن منه ، ومما يؤيد هذا ما ذكره
ابن عطية في تفسير قوله تعالى في هذه السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون عن
عكرمة قال :
لما نزلت الآية قال أهل الملل قد أسلمنا قبلك ، ونحن المسلمون ، فقال الله له : فحجهم يا محمد وأنزل [ ص: 275 ] الله : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت الآية فحج المسلمون وقعد الكفار . ثم تمم الله ذلك بقوله : وما كان من المشركين ، فأبطلت دعاوى الفرق الثلاث .
والحنيف تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135قل بل ملة إبراهيم حنيفا في سورة البقرة .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين أفاد الاستدراك بعد نفي الضد حصرا لحال
إبراهيم فيما يوافق أصول الإسلام ، ولذلك بين حنيفا بقوله مسلما لأنهم يعرفون معنى الحنيفية ولا يؤمنون بالإسلام ، فأعلمهم أن الإسلام هو الحنيفية ، وقال وما كان من المشركين فنفى عن
إبراهيم موافقة اليهودية ، وموافقة النصرانية ، وموافقة المشركين ، وأنه كان مسلما ، فثبتت موافقته الإسلام ، وقد تقدم في سورة البقرة في مواضع أن
إبراهيم سأل أن يكون مسلما ، وأن الله أمره أن يكون مسلما ، وأنه كان حنيفا ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=28639الإسلام الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الذي جاء به إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين وكل ذلك لا يبقي شكا في أن الإسلام هو إسلام
إبراهيم .
وقد بينت آنفا عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله الأصول الداخلة تحت معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20أسلمت وجهي لله فلنفرضها في معنى قول
إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=79إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض فقد جاء
إبراهيم بالتوحيد ، وأعلنه إعلانا لم يترك للشرك مسلكا إلى نفوس الغافلين ، وأقام هيكلا وهو
الكعبة ، أول بيت وضع للناس ، وفرض حجه على الناس ارتباطا بمغزاه ، وأعلن تمام العبودية لله تعالى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وأخلص القول والعمل لله تعالى فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا وتطلب الهدى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وأرنا مناسكنا وتب علينا وكسر الأصنام بيده
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58فجعلهم جذاذا ، وأظهر الانقطاع لله بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الذي خلقني فهو يهدين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79والذي هو يطعمني ويسقين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وإذا مرضت فهو يشفين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81والذي يميتني ثم يحيين ، وتصدى للاحتجاج على الوحدانية وصفات الله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=258قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه وحاجه قومه .
[ ص: 276 ] وعطف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67وما كان من المشركين لييأس مشركو العرب من أن يكونوا على ملة
إبراهيم ، وحتى لا يتوهم متوهم أن القصر المستفاد من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67ولكن كان حنيفا مسلما قصر إضافي بالنسبة لليهودية والنصرانية ، حيث كان العرب يزعمون أنهم على ملة
إبراهيم لكنهم مشركون .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=28974_31852مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
نَتِيجَةٌ لِلِاسْتِدْلَالِ إِذْ قَدْ تَحَصْحَصَ مِنَ الْحُجَّةِ الْمَاضِيَةِ أَنَّ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ غَيْرُ الْحَنِيفِيَّةِ ، وَأَنَّ
مُوسَى وَعِيسَى ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، لَمْ يُخْبِرَا بِأَنَّهُمَا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ ، فَأَنْتَجَ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى حَالِ الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ ; إِذْ لَمْ يُؤْثَرْ ذَلِكَ عَنْ
مُوسَى وَلَا
عِيسَى ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، فَهَذَا سَنَدُهُ خُلُوُّ كُتُبِهِمْ عَنِ ادِّعَاءِ ذَلِكَ . وَكَيْفَ تَكُونُ الْيَهُودِيَّةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ مَعَ خُلُوِّهَا مِنْ فَرِيضَةِ الْحَجِّ ، وَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ بِذِكْرِ فَرْضِهِ لِمَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ عَنْ
عِكْرِمَةَ قَالَ :
لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ قَالَ أَهْلُ الْمِلَلِ قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ ، وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : فَحُجَّهُمْ يَا مُحَمَّدُ وَأَنْزَلَ [ ص: 275 ] اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ الْآيَةَ فَحَجَّ الْمُسْلِمُونَ وَقَعَدَ الْكُفَّارُ . ثُمَّ تَمَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَبْطَلَتْ دَعَاوَى الْفِرَقِ الثَّلَاثِ .
وَالْحَنِيفُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَفَادَ الِاسْتِدْرَاكَ بَعْدَ نَفْيِ الضِّدِّ حَصْرًا لِحَالِ
إِبْرَاهِيمَ فِيمَا يُوَافِقُ أُصُولَ الْإِسْلَامِ ، وَلِذَلِكَ بَيَّنَ حَنِيفًا بِقَوْلِهِ مُسْلِمًا لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَعْنَى الْحَنِيفِيَّةِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْإِسْلَامِ ، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْحَنِيفِيَّةُ ، وَقَالَ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَفَى عَنْ
إِبْرَاهِيمَ مُوَافَقَةَ الْيَهُودِيَّةِ ، وَمُوَافَقَةَ النَّصْرَانِيَّةِ ، وَمُوَافَقَةَ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا ، فَثَبَتَتْ مُوَافَقَتُهُ الْإِسْلَامَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ سَأَلَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا ، وَأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا ، وَأَنَّهُ كَانَ حَنِيفًا ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28639الْإِسْلَامَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُبْقِي شَكًّا فِي أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ إِسْلَامُ
إِبْرَاهِيمَ .
وَقَدْ بَيَّنْتُ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ الْأُصُولَ الدَّاخِلَةَ تَحْتَ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ فَلْنَفْرِضْهَا فِي مَعْنَى قَوْلِ
إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=79إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَدْ جَاءَ
إِبْرَاهِيمُ بِالتَّوْحِيدِ ، وَأَعْلَنَهُ إِعْلَانًا لَمْ يَتْرُكْ لِلشِّرْكِ مَسْلَكًا إِلَى نُفُوسِ الْغَافِلِينَ ، وَأَقَامَ هَيْكَلًا وَهُوَ
الْكَعْبَةُ ، أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ، وَفَرَضَ حَجَّهُ عَلَى النَّاسِ ارْتِبَاطًا بِمَغْزَاهُ ، وَأَعْلَنَ تَمَامَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَأَخْلَصَ الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا وَتَطَلَّبَ الْهُدَى بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا وَكَسَّرَ الْأَصْنَامَ بِيَدِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ، وَأَظْهَرَ الِانْقِطَاعَ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ، وَتَصَدَّى لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَصِفَاتِ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=258قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ .
[ ص: 276 ] وَعَطَفَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِيَيْأَسَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ مِنْ أَنْ يَكُونُوا عَلَى مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَحَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْقَصْرَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا قَصْرٌ إِضَافِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ ، حَيْثُ كَانَ الْعَرَبُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ لَكِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ .