nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29028_30539_29468_30531_29680_28908وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور .
كان ذكر حال الحياة الدنيا مقتضيا ذكر مقابلة على عادة القرآن ، والخبر مستعمل في التحذير والتحريض بقرينة السياق ، ولذلك لم يبين أصحاب العذاب وأصحاب المغفرة والرضوان لظهور ذلك .
وكني عن النعيم بمغفرة من الله ورضوان لأن النعيم قسمان مادي وروحاني ،
nindex.php?page=treesubj&link=29710_29694_29693فالمغفرة والرضوان أصل النعيم الروحاني كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72ورضوان من الله أكبر وهما يقتضيان النعيم الجسماني لأن أهل الجنة لما ركبت ذواتهم من أجسام وأودعت فيها الأرواح كان النعيمان مناسبين لهم تكثيرا للذات ، وما لذة الأجسام إلا صائرة إلى الأرواح لأنها المدركة اللذات ، وكان رضوان الله يقتضي إعطاءهم منتهى ما به التذاذهم ، ومغفرته مقتضية الصفح عما قد يعوق عن بعض ذلك .
[ ص: 407 ] وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور على
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وفي الآخرة عذاب شديد للمقابلة بين الحالين زيادة في الترغيب والتنفير .
والكلام على تقدير مضاف ، أي : وما أحوال الدنيا إلا متاع الغرور .
والحصر ادعائي باعتبار غالب أحوال الدنيا بالنسبة إلى غالب طالبيها ، فكونها متاعا أمر مطرد وكون المتاع مضافا إلى الغرور أمر غالب بالنسبة لما عدا الأعمال العائدة على المرء بالفوز في الآخرة .
والغرور : الخديعة ، أي : إظهار الأمر الضار الذي من شأنه أن يحترز العاقل منه في صورة النافع الذي يرغب فيه .
وإضافة " متاع " إلى " الغرور " على معنى لام العاقبة ، أي : متاع صائر لأجل الغرور به ، أي : آيل إلى أنه يغر الناظرين إليه فيسرعون في التعلق به .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29028_30539_29468_30531_29680_28908وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ .
كَانَ ذِكْرُ حَالِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مُقْتَضِيًا ذِكْرَ مُقَابَلَةٍ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ ، وَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّحْذِيرِ وَالتَّحْرِيضِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُبَيِّنْ أَصْحَابَ الْعَذَابِ وَأَصْحَابَ الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضْوَانِ لِظُهُورِ ذَلِكَ .
وَكُنِيَ عَنِ النَّعِيمِ بِمَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ لِأَنَّ النَّعِيمَ قِسْمَانِ مَادِّيٌّ وَرُوحَانِيٌّ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29710_29694_29693فَالْمَغْفِرَةُ وَالرِّضْوَانُ أَصْلُ النَّعِيمِ الرُّوحَانِيِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ وَهُمَا يَقْتَضِيَانِ النَّعِيمَ الْجُسْمَانِيَّ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَمَّا رُكِّبَتْ ذَوَاتُهُمْ مِنْ أَجْسَامٍ وَأُودِعَتْ فِيهَا الْأَرْوَاحُ كَانَ النَّعِيمَانِ مُنَاسِبَيْنِ لَهُمْ تَكْثِيرًا لِلَّذَّاتِ ، وَمَا لَذَّةُ الْأَجْسَامِ إِلَّا صَائِرَةٌ إِلَى الْأَرْوَاحِ لِأَنَّهَا الْمُدْرِكَةُ اللَّذَّاتِ ، وَكَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ يَقْتَضِي إِعْطَاءَهُمْ مُنْتَهَى مَا بِهِ الْتِذَاذُهُمْ ، وَمَغْفِرَتُهُ مُقْتَضِيَةٌ الصَّفْحَ عَمَّا قَدْ يَعُوقُ عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ .
[ ص: 407 ] وَعَطَفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ لِلْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ زِيَادَةً فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّنْفِيرِ .
وَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ ، أَيْ : وَمَا أَحْوَالُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ .
وَالْحَصْرُ ادِّعَائِيٌّ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ أَحْوَالِ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَالِبِ طَالِبِيهَا ، فَكَوْنُهَا مَتَاعًا أَمْرٌ مُطَّرِدٌ وَكَوْنُ الْمَتَاعِ مُضَافًا إِلَى الْغُرُورِ أَمْرٌ غَالِبٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْأَعْمَالِ الْعَائِدَةِ عَلَى الْمَرْءِ بِالْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ .
وَالْغُرُورُ : الْخَدِيعَةُ ، أَيْ : إِظْهَارُ الْأَمْرِ الضَّارِّ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْتَرِزَ الْعَاقِلُ مِنْهُ فِي صُورَةِ النَّافِعِ الَّذِي يَرْغَبُ فِيهِ .
وَإِضَافَةُ " مَتَاعُ " إِلَى " الْغُرُورِ " عَلَى مَعْنَى لَامِ الْعَاقِبَةِ ، أَيْ : مَتَاعٌ صَائِرٌ لِأَجْلِ الْغُرُورِ بِهِ ، أَيْ : آيِلٌ إِلَى أَنَّهُ يَغُرُّ النَّاظِرِينَ إِلَيْهِ فَيُسْرِعُونَ فِي التَّعَلُّقِ بِهِ .