nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29014_29705أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم أم للإضراب وهو هنا انتقالي لانتقال الكلام من إبطال معتقدهم بنوة الملائكة لله تعالى بما لزمه من انتقاض حقيقة الإلهية ، إلى إبطاله بما يقتضيه من
[ ص: 178 ] انتقاص ينافي الكمال الذي تقتضيه الإلهية . والكلام بعد ( أم ) استفهام ، وهو استفهام إنكاري كما اقتضاه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16وأصفاكم بالبنين . ومحل الاستدلال أن الإناث مكروهة عندهم فكيف يجعلون لله أبناء إناثا وهلا جعلوها ذكورا . وليست لهم معذرة عن الفساد المنجر إلى معتقدهم بالطريقتين لأن الإبطال الأول نظري يقيني . والإبطال الثاني جدلي بديهي قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم الذكر وله الأنثى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22تلك إذا قسمة ضيزى . فهذه حجة ناهضة عليهم لاشتهارها بينهم .
ولما ادعت
سجاح بنت الحارث النبوءة في
بني تميم أيام الردة وكان قد ادعى النبوءة قبلها
مسيلمة الحنفي ، والأسود العنسي ، nindex.php?page=showalam&ids=2265وطليحة بن خويلد الأسدي ، قال
عطارد بن حاجب التميمي .
أضحت نبيئتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
وأوثر فعل ( اتخذ ) هنا لأنه يشمل الاتخاذ بالولادة ، أي بتكوين الانفصال عن ذات الله تعالى بالمزاوجة مع سروات الجن ، ويشمل ما هو دون ذلك وهو التبني . فعلى كلا الفرضين يتوجه إنكار أن يكون ما هو لله أدون مما هو لهم كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=62ويجعلون لله ما يكرهون . وقد أشار إلى هذا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16وأصفاكم بالبنين ، فهذا ارتقاء في إبطال معتقدهم بإبطال فرض أن يكون الله تبنى الملائكة ، سدا على المشركين باب التأول والتنصل من فساد نسبتهم البنات إلى الله ، فلعلهم يقولون : ما أردنا إلا التبني ، كما تنصلوا حين دمغتهم براهين بطلان إلهية الأصنام فقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، وقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18هؤلاء شفعاؤنا عند الله .
واعلم أن ما تؤذن به ( أم ) حيثما وقعت من تقدير استفهام بعدها هو هنا استفهام في معنى الإنكار وتسلط الإنكار على اتخاذ البنات مع عدم تقدم ذكر البنات لكون المعلوم من جعل المشركين لله جزءا أن المجعول جزءا له هو الملائكة وأنهم يجعلون الملائكة إناثا ، فذلك معلوم من كلامهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16وأصفاكم بالبنين في موضع الحال .
والنفي الحاصل من الاستفهام الإنكاري منصب إلى قيد الحال ، فحصل
[ ص: 179 ] إبطال اتخاذ الله البنات بدليلين ، لأن إعطاءهم البنين واقع فنفي اقترانه باتخاذه لنفسه البنات يقتضي انتفاء اتخاذه البنات فالمقصود اقتران الإنكار بهذا القيد .
وبهذا يتضح أن الواو في جملة ( وأصفاكم ) ليست واو العطف لأن إنكار أن يكون أصفاهم بالبنين لا يقتضي نفي الأولاد الذكور عن الله تعالى .
والخطاب في ( وأصفاكم ) موجه إلى الذين جعلوا له من عباده جزءا ، وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ليكون الإنكار والتوبيخ أوقع عليهم لمواجهتهم به .
وتنكير ( بنات ) لأن التنكير هو الأصل في أسماء الأجناس . وأما تعريف البنين باللام فهو تعريف الجنس المتقدم في قوله : ( الحمد لله ) في سورة الفاتحة . والمقصود منه هنا الإشارة إلى المعروف عندهم المتنافس في وجوده لديهم وتقدم عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور في سورة الشورى .
وتقديم البنات في الذكر على البنين لأن ذكرهن أهم هنا إذ هو الغرض المسوق له الكلام بخلاف مقام قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=40أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا في سورة الإسراء . ولما في التقديم من الرد على المشركين في تحقيرهم البنات وتطيرهم منهن مثل ما تقدم في سورة الشورى .
والإصفاء : إعطاء الصفوة ، وهي الخيار من شيء .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وإذا بشر أحدهم يجوز أن تكون في موضع الحال من ضمير النصب في
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=40أفأصفاكم ربكم بالبنين ، ومقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير الخطاب في قوله : ( أحدهم ) فعدل عن ضمير الخطاب إلى ضمير الغيبة على طريق الالتفات ليكونوا محكيا حالهم إلى غيرهم تعجيبا من فساد مقالتهم وتشنيعا بها إذ نسبوا لله بنات دون الذكور وهو نقص ، وكانوا ممن يكره البنات ويحقرهن فنسبتها إلى الله مفض إلى الاستخفاف بجانب الإلهية .
والمعنى : أتخذ مما يخلق بنات الله وأصفاكم بالبنين في حال أنكم إذا بشر أحدكم بما ضربه للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا .
[ ص: 180 ] ويجوز أن تكون اعتراضا بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أم اتخذ مما يخلق بنات وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أومن ينشأ في الحلية .
واستعمال البشارة هنا تهكم بهم كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=21فبشرهم بعذاب أليم لأن البشارة إعلام بحصول أمر مسر .
و ( ما ) في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17بما ضرب للرحمن مثلا موصولة ، أي بشر بالجنس الذي ضربه ، أي جعله مثلا وشبها لله في الإلهية ، وإذ جعلوا جنس الأنثى جزءا لله ، أي منفصلا منه فالمبشر به جنس الأنثى ، والجنس لا يتعين . فلا حاجة إلى تقدير : بشر بمثل ما ضربه للرحمن مثلا .
والمثل : الشبيه .
والضرب : الجعل والصنع ، ومنه ضرب الدينار ، وقولهم : ضربة لازب ، فماصدق
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17ما ضرب للرحمن مثلا هو الإناث .
ومعنى ( ظل ) هنا : صار ، فإن الأفعال الناقصة الخمسة المفتتح بها باب الأفعال الناقصة ، تستعمل بمعنى صار .
واسوداد الوجه من شدة الغضب والغيظ إذ يصعد الدم إلى الوجه فتصير حمرته إلى سواد ، والمعنى : تغيظ .
والكظيم : الممسك ، أي عن الكلام كربا وحزنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29014_29705أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهْوَ كَظِيمٌ أَمْ لِلْإِضْرَابِ وَهُوَ هُنَا انْتِقَالِيٌّ لِانْتِقَالِ الْكَلَامِ مِنْ إِبْطَالِ مُعْتَقَدِهِمْ بُنُوَّةَ الْمَلَائِكَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا لَزِمَهُ مِنِ انْتِقَاضِ حَقِيقَةِ الْإِلَهِيَّةِ ، إِلَى إِبْطَالِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ مِنِ
[ ص: 178 ] انْتِقَاصٍ يُنَافِي الْكَمَالَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْإِلَهِيَّةِ . وَالْكَلَامُ بَعْدَ ( أَمْ ) اسْتِفْهَامٌ ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ . وَمَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْإِنَاثَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُمْ فَكَيْفَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ أَبْنَاءً إِنَاثًا وَهَلَّا جَعَلُوهَا ذُكُورًا . وَلَيْسَتْ لَهُمْ مَعْذِرَةٌ عَنِ الْفَسَادِ الْمُنْجَرِّ إِلَى مُعْتَقَدِهِمْ بِالطَّرِيقَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِبْطَالَ الْأَوَّلَ نَظَرِيٌّ يَقِينِيٌّ . وَالْإِبْطَالُ الثَّانِي جَدَلِيٌّ بَدِيهِيٌّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى . فَهَذِهِ حُجَّةٌ نَاهِضَةٌ عَلَيْهِمْ لِاشْتِهَارِهَا بَيْنَهُمْ .
وَلَمَّا ادَّعَتْ
سَجَاحُ بِنْتُ الْحَارِثِ النُّبُوءَةَ فِي
بَنِي تَمِيمٍ أَيَّامَ الرِّدَّةِ وَكَانَ قَدِ ادَّعَى النُّبُوءَةَ قَبْلَهَا
مُسَيْلِمَةُ الْحَنَفِيُّ ، وَالْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=2265وَطَلِيحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيُّ ، قَالَ
عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ التَّمِيمِيُّ .
أَضْحَتْ نَبِيئَتُنَا أُنْثَى نَطِيفُ بِهَا وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ النَّاسِ ذُكْرَانَا
وَأُوثِرَ فِعْلُ ( اتَّخَذَ ) هُنَا لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الِاتِّخَاذَ بِالْوِلَادَةِ ، أَيْ بِتَكْوِينِ الِانْفِصَالِ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمُزَاوَجَةِ مَعَ سَرَوَاتِ الْجِنِّ ، وَيَشْمَلُ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَهُوَ التَّبَنِّي . فَعَلَى كِلَا الْفَرْضَيْنِ يَتَوَجَّهُ إِنْكَارُ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ لِلَّهِ أَدْوَنَ مِمَّا هُوَ لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=62وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ . وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ، فَهَذَا ارْتِقَاءٌ فِي إِبْطَالِ مُعْتَقَدِهِمْ بِإِبْطَالِ فَرْضِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَبَنَّى الْمَلَائِكَةَ ، سَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ بَابَ التَّأَوُّلِ وَالتَّنَصُّلِ مِنْ فَسَادِ نِسْبَتِهِمُ الْبَنَاتِ إِلَى اللَّهِ ، فَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ : مَا أَرَدْنَا إِلَّا التَّبَنِّيَ ، كَمَا تَنَصَّلُوا حِينَ دَمَغَتَهُمْ بَرَاهِينُ بُطْلَانِ إِلَهِيَّةِ الْأَصْنَامِ فَقَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ، وَقَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=18هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تُؤْذِنُ بِهِ ( أَمْ ) حَيْثُمَا وَقَعَتْ مِنْ تَقْدِيرِ اسْتِفْهَامٍ بَعْدَهَا هُوَ هُنَا اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى الْإِنْكَارِ وَتَسَلُّطُ الْإِنْكَارِ عَلَى اتِّخَاذِ الْبَنَاتِ مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ ذِكْرِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِ الْمَعْلُومِ مِنْ جَعْلِ الْمُشْرِكِينَ لِلَّهِ جُزْءًا أَنَّ الْمَجْعُولَ جُزْءًا لَهُ هُوَ الْمَلَائِكَةُ وَأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا ، فَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ .
وَالنَّفْيُ الْحَاصِلُ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ مُنْصَبٌّ إِلَى قَيْدِ الْحَالِ ، فَحَصَلَ
[ ص: 179 ] إِبْطَالُ اتِّخَاذِ اللَّهِ الْبَنَاتِ بِدَلِيلَيْنِ ، لِأَنَّ إِعْطَاءَهُمُ الْبَنِينَ وَاقِعٌ فَنَفْيُ اقْتِرَانِهِ بِاتِّخَاذِهِ لِنَفْسِهِ الْبَنَاتِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ اتِّخَاذِهِ الْبَنَاتِ فَالْمَقْصُودُ اقْتِرَانُ الْإِنْكَارِ بِهَذَا الْقَيْدِ .
وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ الْوَاوَ فِي جُمْلَةِ ( وَأَصْفَاكُمْ ) لَيْسَتْ وَاوَ الْعَطْفِ لِأَنَّ إِنْكَارَ أَنْ يَكُونَ أَصْفَاهُمْ بِالْبَنِينِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَالْخِطَابُ فِي ( وَأَصْفَاكُمْ ) مُوَجَّهٌ إِلَى الَّذِينَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ، وَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ لِيَكُونَ الْإِنْكَارُ وَالتَّوْبِيخُ أَوْقَعَ عَلَيْهِمْ لِمُوَاجَهَتِهِمْ بِهِ .
وَتَنْكِيرُ ( بَنَاتٍ ) لِأَنَّ التَّنْكِيرَ هُوَ الْأَصْلُ فِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ . وَأَمَّا تَعْرِيفُ الْبَنِينَ بِاللَّامِ فَهُوَ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ الْمُتَقَدَّمُ فِي قَوْلِهِ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ . وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمُ الْمُتَنَافَسِ فِي وُجُودِهِ لَدَيْهِمْ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ فِي سُورَةِ الشُّورَى .
وَتَقْدِيمُ الْبَنَاتِ فِي الذِّكْرِ عَلَى الْبَنِينَ لِأَنَّ ذِكْرَهُنَّ أَهَمُّ هُنَا إِذْ هُوَ الْغَرَضُ الْمَسُوقُ لَهُ الْكَلَامُ بِخِلَافِ مَقَامِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=40أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ . وَلِمَا فِي التَّقْدِيمِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تَحْقِيرِهِمُ الْبَنَاتِ وَتَطَيُّرِهِمْ مِنْهُنَّ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الشُّورَى .
وَالْإِصْفَاءُ : إِعْطَاءُ الصَّفْوَةِ ، وَهِيَ الْخِيَارُ مِنْ شَيْءٍ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ النَّصْبِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=40أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ ، وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُؤْتَى بِضَمِيرِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ : ( أَحَدُهُمْ ) فَعَدَلَ عَنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ لِيَكُونُوا مَحْكِيًّا حَالَهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ تَعْجِيبًا مِنْ فَسَادِ مَقَالَتِهِمْ وَتَشْنِيعًا بِهَا إِذْ نَسَبُوا لِلَّهِ بَنَاتٍ دُونَ الذُّكُورِ وَهُوَ نَقْصٌ ، وَكَانُوا مِمَّنْ يَكْرَهُ الْبَنَاتِ وَيُحَقِّرُهُنَّ فَنِسْبَتُهَا إِلَى اللَّهِ مُفْضٍ إِلَى الِاسْتِخْفَافِ بِجَانِبِ الْإِلَهِيَّةِ .
وَالْمَعْنَى : أَتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ اللَّهُ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ فِي حَالِ أَنَّكُمْ إِذَا بُشِّرَ أَحَدُكُمْ بِمَا ضَرَبَهُ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا .
[ ص: 180 ] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اعْتِرَاضًا بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ .
وَاسْتِعْمَالُ الْبِشَارَةِ هُنَا تَهَكُّمٌ بِهِمْ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=21فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ إِعْلَامٌ بِحُصُولِ أَمْرٍ مُسَرٍّ .
وَ ( مَا ) فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا مَوْصُولَةٌ ، أَيْ بُشِّرَ بِالْجِنْسِ الَّذِي ضَرَبَهُ ، أَيْ جَعَلَهُ مَثَلًا وَشَبَهًا لِلَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ ، وَإِذْ جَعَلُوا جِنْسَ الْأُنْثَى جُزْءًا لِلَّهِ ، أَيْ مُنْفَصِلًا مِنْهُ فَالْمُبَشَّرُ بِهِ جِنْسُ الْأُنْثَى ، وَالْجِنْسُ لَا يَتَعَيَّنُ . فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ : بُشِّرَ بِمِثْلِ مَا ضَرَبَهُ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا .
وَالْمَثَلُ : الشَّبِيهُ .
وَالضَّرْبُ : الْجَعْلُ وَالصُّنْعُ ، وَمِنْهُ ضَرْبُ الدِّينَارِ ، وَقَوْلُهُمْ : ضَرْبَةُ لَازِبٍ ، فَمَاصَدَقُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=17مَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا هُوَ الْإِنَاثُ .
وَمَعْنَى ( ظَلَّ ) هُنَا : صَارَ ، فَإِنَّ الْأَفْعَالَ النَّاقِصَةَ الْخَمْسَةَ الْمُفْتَتَحَ بِهَا بَابُ الْأَفْعَالِ النَّاقِصَةِ ، تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى صَارَ .
وَاسْوِدَادُ الْوَجْهِ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ وَالْغَيْظِ إِذْ يَصْعَدُ الدَّمُ إِلَى الْوَجْهِ فَتَصِيرُ حُمْرَتُهُ إِلَى سَوَادٍ ، وَالْمَعْنَى : تَغَيَّظَ .
وَالْكَظِيمُ : الْمُمْسِكُ ، أَيْ عَنِ الْكَلَامِ كَرْبًا وَحُزْنًا .