nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29010_32409وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله هذا
nindex.php?page=treesubj&link=28902_28675_30554مثال لتقلب المشركين بين إشراكهم مع الله غيره في العبادة ، وبين إظهار احتياجهم إليه ، فذلك عنوان على مبلغ كفرهم وأقصاه .
والجملة معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6ذلكم الله ربكم له الملك الآية ؛ لاشتراك الجملتين في الدلالة على أن الله منفرد بالتصرف مستوجب للشكر ، وعلى أن الكفر به قبيح ، وتتضمن الاستدلال على وحدانية إلهيته بدليل من أحوال المشركين به فإنهم إذا مسهم الضر لجأوا إليه وحده ، وإذا أصابتهم نعمة أعرضوا عن شكره وجعلوا له شركاء .
فالتعريف في الإنسان تعريف الجنس ولكن عمومه هنا عموم عرفي لفريق من الإنسان ؛ وهم أهل الشرك خاصة لأن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وجعل لله أندادا لا يتفق مع حال المؤمنين .
والقول بأن المراد : إنسان معين وأنه
عتبة بن ربيعة ، أو
أبو جهل ، خروج عن مهيع الكلام ، وإنما هذان وأمثالهما من جملة هذا الجنس . وذكر الإنسان إظهار في مقام الإضمار لأن المقصود به المخاطبون بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خلقكم من نفس واحدة إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7فينبئكم بما كنتم تعملون فكان مقتضى الظاهر أن يقال : وإذا مسكم الضر دعوتم ربكم إلخ ؛ فعدل إلى الإظهار لما في معنى الإنسان من مراعاة ما في
[ ص: 343 ] الإنسانية من التقلب والاضطراب إلا من عصمه الله بالتوفيق كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه وغير ذلك ولأن في اسم الإنسان مناسبة مع النسيان الآتي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8نسي ما كان يدعو إليه من قبل .
وتقدم نظير لهذه الآية في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=33وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه في سورة الروم .
والتخويل : الإعطاء والتمليك دون قصد عوض . وعينه واو لا محالة . وهو مشتق من الخول بفتحتين وهو اسم للعبيد والخدم ، ولا التفات إلى فعل خال بمعنى : افتخر ، فتلك مادة أخرى غير ما اشتق منه فعل خول .
والنسيان : ذهول الحافظة عن الأمر المعلوم سابقا .
وماصدق " ما " في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8نسي ما كان يدعو إليه من قبل هو الضر ، أي : نسي الضر الذي كان يدعو الله إليه ، أي : إلى كشفه عنه ، ومفعول يدعو محذوف دل عليه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8دعا ربه وضمير إليه عائد إلى " ما " ، أي : نسي الضر الذي كان يدعو الله إليه ، أي : إلى كشفه .
ويجوز أن يكون " ما " صادقا على الدعاء كما تدل عليه الصلة ويكون الضمير المجرور بـ " إلى " عائدا إلى " ربه " ، أي : نسي الدعاء ، وضمن الدعاء معنى الابتهال والتضرع فعدي بحرف " إلى " .
وعائد الصلة محذوف دل عليه فعل الصلة تفاديا من تكرر الضمائر . والمعنى : نسي عبادة الله والابتهال إليه .
والأنداد : جمع ند ، بكسر النون ، وهو الكفء ، أي : وزاد على نسيان ربه فجعل له شركاء .
واللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8ليضل عن سبيله لام العاقبة ، أي : لام التعليل المجازي لأن الإضلال لما كان نتيجة الجعل جاز تعليل الجعل به كأنه هو العلة للجاعل . والمعنى : وجعل لله أندادا فضل عن سبيل الله .
[ ص: 344 ] وقرأ الجمهور " ليضل " بضم الياء ، أي : ليضل الناس بعد أن أضل نفسه إذ لا يضل الناس إلا ضال . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب ، بفتح الياء ، أي : ليضل هو ، أي الجاعل وهو إذا ضل أضل الناس .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29010_32409وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28902_28675_30554مِثَالٌ لِتَقَلُّبِ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ إِشْرَاكِهِمْ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ فِي الْعِبَادَةِ ، وَبَيْنَ إِظْهَارِ احْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ ، فَذَلِكَ عُنْوَانٌ عَلَى مَبْلَغِ كُفْرِهِمْ وَأَقْصَاهُ .
وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةُ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ الْآيَةَ ؛ لِاشْتِرَاكِ الْجُمْلَتَيْنِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مُنْفَرِدٌ بِالتَّصَرُّفِ مُسْتَوْجِبٌ لِلشُّكْرِ ، وَعَلَى أَنَّ الْكُفْرَ بِهِ قَبِيحٌ ، وَتَتَضَمَّنَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ إِلَهِيَّتِهِ بِدَلِيلٍ مِنْ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ فَإِنَّهُمْ إِذَا مَسَّهُمُ الضُّرُّ لَجَأْوًا إِلَيْهِ وَحْدَهُ ، وَإِذَا أَصَابَتْهُمْ نِعْمَةٌ أَعْرَضُوا عَنْ شُكْرِهِ وَجَعَلُوا لَهُ شُرَكَاءَ .
فَالتَّعْرِيفُ فِي الْإِنْسَانِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَلَكِنَّ عُمُومَهُ هُنَا عُمُومٌ عُرْفِيٌّ لِفَرِيقٍ مِنَ الْإِنْسَانِ ؛ وَهُمْ أَهلُ الشِّرْكِ خَاصَّةً لِأَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لَا يَتَّفِقُ مَعَ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ .
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ : إِنْسَانٌ مُعَيَّنٌ وَأَنَّهُ
عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، أَوْ
أَبُو جَهْلٍ ، خُرُوجٌ عَنْ مَهْيَعِ الْكَلَامِ ، وَإِنَّمَا هَذَانِ وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْجِنْسِ . وَذِكْرُ الْإِنْسَانِ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ : وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ دَعَوْتُمْ رَبَّكُمْ إِلَخْ ؛ فَعَدَلَ إِلَى الْإِظْهَارِ لِمَا فِي مَعْنَى الْإِنْسَانِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا فِي
[ ص: 343 ] الْإِنْسَانِيَّةِ مِنَ التَّقَلُّبِ وَالِاضْطِرَابِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ بِالتَّوْفِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ فِي اسْمِ الْإِنْسَانِ مُنَاسِبَةً مَعَ النِّسْيَانِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ .
وَتَقَدَّمَ نَظِيرٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=33وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ فِي سُورَةِ الرُّومِ .
وَالتَّخْوِيلُ : الْإِعْطَاءُ وَالتَّمْلِيكُ دُونَ قَصْدِ عِوَضٍ . وَعَيْنُهُ وَاوٌ لَا مَحَالَةَ . وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْخَوَلِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْعَبِيدِ وَالْخَدَمِ ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى فِعْلِ خَالَ بِمَعْنَى : افْتَخَرَ ، فَتِلْكَ مَادَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا اشْتُقَّ مِنْهُ فِعْلُ خَوَّلَ .
وَالنِّسْيَانُ : ذُهُولُ الْحَافِظَةِ عَنِ الْأَمْرِ الْمَعْلُومِ سَابِقًا .
وَمَاصَدَقَ " مَا " فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ هُوَ الضُّرُّ ، أَيْ : نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو اللَّهَ إِلَيْهِ ، أَيْ : إِلَى كَشْفِهِ عَنْهُ ، وَمَفْعُولُ يَدْعُو مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8دَعَا رَبَّهُ وَضَمِيرُ إِلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى " مَا " ، أَيْ : نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو اللَّهَ إِلَيْهِ ، أَيْ : إِلَى كَشْفِهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " مَا " صَادِقًا عَلَى الدُّعَاءِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الصِّلَةُ وَيَكُونَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِـ " إِلَى " عَائِدًا إِلَى " رَبِّهِ " ، أَيْ : نَسِيَ الدُّعَاءَ ، وَضُمِّنَ الدُّعَاءُ مَعْنَى الِابْتِهَالِ وَالتَّضَرُّعِ فَعُدِّيَ بِحَرْفِ " إِلَى " .
وَعَائِدُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ الصِّلَةِ تَفَادِيًا مَنْ تَكَرُّرِ الضَّمَائِرِ . وَالْمَعْنَى : نَسِيَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَالِابْتِهَالَ إِلَيْهِ .
وَالْأَنْدَادُ : جَمْعُ نِدٍّ ، بِكَسْرِ النُّونِ ، وَهُوَ الْكُفْءُ ، أَيْ : وَزَادَ عَلَى نِسْيَانِ رَبِّهِ فَجَعَلَ لَهُ شُرَكَاءَ .
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ لَامُ الْعَاقِبَةِ ، أَيْ : لَامُ التَّعْلِيلِ الْمَجَازِيِّ لِأَنَّ الْإِضْلَالَ لَمَّا كَانَ نَتِيجَةُ الْجَعْلِ جَازَ تَعْلِيلُ الْجَعْلَ بِهِ كَأَنَّهُ هُوَ الْعِلَّةُ لِلْجَاعِلِ . وَالْمَعْنَى : وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا فَضَّلَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ .
[ ص: 344 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " لِيُضِلَّ " بِضَمِّ الْيَاءِ ، أَيْ : لِيُضِلَّ النَّاسَ بَعْدَ أَنْ أَضَلَّ نَفْسَهُ إِذْ لَا يُضِلُّ النَّاسَ إِلَّا ضَالٌّ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ ، بِفَتْحِ الْيَاءِ ، أَيْ : لِيُضِلَّ هُوَ ، أَيِ الْجَاعِلُ وَهُوَ إِذَا ضَلَّ أَضَلَّ النَّاسَ .