nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29007وإن كل لما جميع لدينا محضرون أرى أن عطفه على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أنهم إليهم لا يرجعون ) واقع موقع الاحتراس من توهم المخاطبين بالقرآن أن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أنهم إليهم لا يرجعون مؤيد اعتقادهم انتفاء البعث .
و ( أن ) يجوز أن تكون مخففة من الثقيلة والأفصح إهمالها عن العمل فيما بعدها ، والأكثر أن يقترن خبر الاسم بلام تسمى اللام الفارقة لأنها تفرق بين ( إن ) المخففة من الثقيلة وبين ( إن ) النافية لئلا يلتبس الخبر المؤكد بالخبر المنفي فيناقض مقصد المتكلم ، وعلى هذا الوجه يكون قوله " لما " مخفف الميم كما قرأ الجمهور ( لما جميع ) ، فهي مركبة من اللام الفارقة وما الزائدة للتأكيد ، ويجوز أن تكون ( إن ) نافية بمعنى " لا " ويكون ( لما ) بتشديد الميم على أنها حرف استثناء بمعنى " إلا " تقع بعد النفي ونحوه كالقسم . وكذلك قرأ
ابن عامر وحمزة وأبو جعفر . والتقدير : وما كلهم إلا محضرون لدينا .
و " كل " مبتدأ وتنوينه تنوين العوض عما أضيف إليه ( كل ) ، أي : كل القرون ، أو كل المذكورين من القرون والمخاطبين .
و " جميع " اسم على وزن فعيل ، أي مجموع ، وهو ضد المتفرق . يقال : جمع أشياء كذا ، إذا جعلها متقاربة متصلة بعد أن كانت مشتتة ومتباعدة .
والمعنى : أن كل القرون محضرون لدينا مجتمعين ، أي ليس إحضارهم في أوقات مختلفة ولا في أمكنة متعددة ; فكلمة ( كل ) أفادت أن الإحضار محيط بهم بحيث لا ينفلت فريق منهم ، وكلمة ( جميع ) أفادت أنهم محضرون مجتمعين فليست إحدى الكلمتين بمغنية عن ذكر الأخرى ، ألا ترى أنه لو قيل : وإن أكثرهم لما
[ ص: 12 ] جميع لدينا محضرون ، لما كان تناف بين أكثرهم وبين جميعهم ؛ أي أكثرهم يحضر مجتمعين ; فارتفع ( جميع ) على الخبرية في قراءة تخفيف " لما " وعلى الاستثناء على قراءة تشديد " لما " .
و " محضرون " نعت لـ ( جميع ) على القراءتين . وروعي في النعت معنى المنعوت فألحقت به علامة الجماعة ، كقول
لبيد :
عريت وكان بها الجميع فأبكروا منها وغودر نؤيها وثمامها
والإحضار : الإحضار للحساب والجزاء والعقاب .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29007وَإِنْ كُلٌّ لَمَا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ أَرَى أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ) وَاقِعٌ مَوْقِعَ الِاحْتِرَاسِ مِنْ تَوَهُّمِ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقُرْآنِ أَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ مُؤَيِّدٌ اعْتِقَادَهُمُ انْتِفَاءَ الْبَعْثِ .
وَ ( أَنْ ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ وَالْأَفْصَحُ إِهْمَالُهَا عَنِ الْعَمَلِ فِيمَا بَعْدَهَا ، وَالْأَكْثَرُ أَنْ يَقْتَرِنَ خَبَرُ الِاسْمِ بِلَامٍ تُسَمَّى اللَّامَ الْفَارِقَةَ لِأَنَّهَا تُفَرِّقُ بَيْنَ ( إِنِ ) الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَبَيْنَ ( إِنِ ) النَّافِيَةِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ الْخَبَرُ الْمُؤَكَّدُ بِالْخَبَرِ الْمَنْفِيِّ فَيُنَاقِضَ مَقْصِدَ الْمُتَكَلِّمِ ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ " لَمَا " مُخَفَّفُ الْمِيمِ كَمَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( لَمَا جَمِيعٌ ) ، فَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنَ اللَّامِ الْفَارِقَةِ وَمَا الزَّائِدَةِ لِلتَّأْكِيدِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ( إِنْ ) نَافِيَةً بِمَعْنَى " لَا " وَيَكُونُ ( لَمَّا ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ بِمَعْنَى " إِلَّا " تَقَعُ بَعْدَ النَّفْيِ وَنَحْوِهِ كَالْقَسَمِ . وَكَذَلِكَ قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ . وَالتَّقْدِيرُ : وَمَا كُلُّهُمْ إِلَّا مُحْضَرُونَ لَدَيْنَا .
وَ " كُلٌّ " مُبْتَدَأٌ وَتَنْوِينُهُ تَنْوِينُ الْعِوَضِ عَمَّا أُضِيفَ إِلَيْهِ ( كُلٌّ ) ، أَيْ : كُلُّ الْقُرُونِ ، أَوْ كُلُّ الْمَذْكُورِينَ مِنَ الْقُرُونِ وَالْمُخَاطَبِينَ .
وَ " جَمِيعٌ " اسْمٌ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ ، أَيْ مَجْمُوعٌ ، وَهُوَ ضِدُّ الْمُتَفَرِّقِ . يُقَالُ : جَمْعُ أَشْيَاءَ كَذَا ، إِذَا جَعَلَهَا مُتَقَارِبَةً مُتَّصِلَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُشَتَّتَةً وَمُتَبَاعِدَةً .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ كُلَّ الْقُرُونِ مُحْضَرُونَ لَدَيْنَا مُجْتَمِعِينَ ، أَيْ لَيْسَ إِحْضَارُهُمْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَا فِي أَمْكِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ ; فَكَلِمَةُ ( كُلٌّ ) أَفَادَتْ أَنَّ الْإِحْضَارَ مُحِيطٌ بِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَنْفَلِتُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ، وَكَلِمَةُ ( جَمِيعٌ ) أَفَادَتْ أَنَّهُمْ مُحْضَرُونَ مُجْتَمِعِينَ فَلَيْسَتْ إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ بِمُغْنِيَّةٍ عَنْ ذِكْرِ الْأُخْرَى ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ : وَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَمَّا
[ ص: 12 ] جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ، لَمَّا كَانَ تَنَافٍ بَيْنَ أَكْثَرِهِمْ وَبَيْنَ جَمِيعِهِمْ ؛ أَيْ أَكْثَرُهُمْ يَحْضُرُ مُجْتَمِعِينَ ; فَارْتَفَعَ ( جَمِيعٌ ) عَلَى الْخَبَرِيَّةِ فِي قِرَاءَةِ تَخْفِيفِ " لَمَّا " وَعَلَى الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى قِرَاءَةِ تَشْدِيدِ " لَمَّا " .
وَ " مُحْضَرُونَ " نَعَتٌ لِـ ( جَمِيعٌ ) عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ . وَرُوعِيَ فِي النَّعْتِ مَعْنَى الْمَنْعُوتِ فَأُلْحِقَتْ بِهِ عَلَامَةُ الْجَمَاعَةِ ، كَقَوْلِ
لَبِيَدٍ :
عَرِيَتْ وَكَانَ بِهَا الْجَمِيعُ فَأَبْكَرُوا مِنْهَا وَغُودِرَ نُؤْيُهَا وَثُمَامُهَا
وَالْإِحْضَارُ : الْإِحْضَارُ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْعِقَابِ .