nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=29004_29468_30531_29680_29674إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما يجوز أن تكون هذه الجملة استئنافا بيانيا لأن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين بعد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32لستن كأحد من النساء [ ص: 20 ] يثير في نفوس المسلمات أن يسألن : أهن مأجورات على ما يعملن من الحسنات ؟ وأهن مأمورات بمثل ما أمرت به أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ أم تلك خصائص لنساء النبي - عليه الصلاة والسلام - ؟ فكان في هذه الآية ما هو جواب لهذا السؤال على عادة القرآن فيما إذا ذكر مأمورات يعقبها بالتذكير بحال أمثالها أو بحال أضدادها .
ويجوز أن تكون استئنافا ابتدائيا ورد بمناسبة ما ذكر من فضائل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
والواحدي عن
قتادة أن نساء دخلن على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلن : قد ذكركن الله في القرآن ولم يذكرنا بشيء ولو كان فينا خير لذكرنا ، فأنزل الله هذه الآية .
وروى
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=hadith&LINKID=10342385أن nindex.php?page=showalam&ids=11675أم عمارة الأنصارية أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : ما أرى النساء يذكرن بشيء ، فنزلت هذه الآية وقال
الواحدي : قال
مقاتل بلغني
أن nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس لما رجعت من الحبشة مع زوجها nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : هل نزل فينا شيء من القرآن ؟ قيل : لا ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار . قال : ومم ذلك ؟ قالت : لأنهن لا يذكرن بالخير كما تذكر الرجال ، فأنزل الله هذه الآية .
فالمقصود من أصحاب هذه الأوصاف المذكورة النساء ، وأما ذكر الرجال فللإشارة إلى أن الصنفين في هذه الشرائع سواء ليعلموا أن الشريعة لا تختص بالرجال لا كما كان معظم شريعة التوراة خاصا بالرجال إلا الأحكام التي لا تتصور في غير النساء ، فشريعة الإسلام بعكس ذلك ، الأصل في شرائعها أن تعم الرجال والنساء إلا ما نص على تخصيصه بأحد الصنفين ، ولعل بهذه الآية وأمثالها تقرر أصل التسوية فأغنى عن التنبيه عليه في معظم أقوال القرآن والسنة ، ولعل هذا هو
[ ص: 21 ] وجه تعداد الصفات المذكورة لئلا يتوهم التسوية في خصوص صفة واحدة .
وسلك مسلك الإطناب في تعداد الأوصاف لأن المقام لزيادة البيان لاختلاف أفهام الناس في ذلك ، على أن في هذا التعداد إيماء إلى أصول التشريع كما سنبينه في آخر تفسير هذه الآية .
وبهذه الآثار يظهر اتصال هذه الآيات بالتي قبلها .
وبه يظهر وجه تأكيد هذا الخبر بحرف ( إن ) لدفع شك من شك في هذا الحكم من النساء .
والمراد بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35المسلمين والمسلمات من اتصف بهذا المعنى المعروف شرعا . والإسلام بالمعنى الشرعي هو شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن
محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ، ولا يعتبر إسلاما إلا مع الإيمان . وذكر المؤمنين والمؤمنات بعده للتنبيه على أن الإيمان هو الأصل ، وقد تقدم الكلام عليه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=132فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون في البقرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والقانتين والقانتات : أصحاب القنوت وهو الطاعة لله وعبادته ، وتقدم آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31ومن يقنت منكن لله ورسوله .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والصادقين والصادقات : من حصل منهم صدق القول وهو ضد الكذب والصدق كله حسن ، والكذب لا خير فيه إلا لضرورة . وشمل ذلك الوفاء بما يلتزم به من أمور الديانة كالوفاء بالعهد والوفاء بالنذر ، وتقدم من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177أولئك الذين صدقوا في سورة البقرة .
و بـ الصابرين والصابرات : أهل الصبر . والصبر محمود في ذاته لدلالته على قوة العزيمة ، ولكن المقصود هنا هو تحمل المشاق في أمور الدين وتحمل المكاره في
[ ص: 22 ] الذب عن الحوزة الإسلامية ، وتقدم مستوفى عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا آخر سورة آل عمران .
وب - الخاشعين والخاشعات : أهل الخشوع ، وهو الخضوع لله والخوف منه وهو يرجع إلى معنى الإخلاص بالقلب فيما يعمله المكلف . ومطابقة ذلك لما يظهر من آثاره على صاحبه . والمراد : الخشوع لله بالقلب والجوارح ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين في سورة البقرة .
وبـ المتصدقين والمتصدقات : من يبذل الصدقة من ماله للفقراء ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114إلا من أمر بصدقة في سورة النساء . وفائدة ذلك للأمة عظيمة .
وأما الصائمون والصائمات فظاهر ما في الصيام من تخلق برياضة النفس لطاعة الله إذ يترك المرء ما هو جبلي من الشهوة تقربا إلى الله ، أي برهانا على أن رضى الله عنه ألذ من أشد اللذات ملازمة له .
وأما حفظ الفروج فلأن شهوة الفرج شهوة جبلية وهي في الرجل أشد ، وقد أثنى الله على الأنبياء بذلك فقال في يحيى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وحصورا وقال في مريم
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12التي أحصنت فرجها ، وهذا الحفظ له حدود سنتها الشريعة ، فالمراد : حفظ الفروج على أن تستعمل فيما نهي عنه شرعا ، وليس المراد : حفظها عن الاستعمال أصلا وهو الرهبنة فإن الرهبنة مدحوضة في الإسلام بأدلة متواترة المعنى .
وأما الذاكرون والذاكرات فهو وصف صالح لأن يكون من الذكر بكسر الذال وهو ذكر اللسان كالذي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم وقوله في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341135ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن الذكر بضمها كما تقدم آنفا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=34واذكرن ما يتلى في بيوتكن ، والذي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم .
ومفعول
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والحافظات محذوف دل عليه ما قبله من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والحافظين فروجهم ، وكذلك مفعول
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والذاكرات .
وقد اشتملت هذه الخصال العشر على جوامع فصول الشريعة كلها .
[ ص: 23 ] فالإسلام يجمع قواعد الدين الخمس المفروضة التي هي أعمال ، والإيمان يجمع الاعتقادات القلبية المفروضة وهو شرط أعمال الإسلام كلها ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثم كان من الذين آمنوا .
والقنوت يجمع الطاعات كلها مفروضها ومسنونها ، وترك المنهيات والإقلاع عنها ممن هو مرتكبها ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=19704معنى التوبة ، فالقنوت هو تمام الطاعة ، فهو خير مساو للتقوى . فهذه جوامع شرائع المكلفين في أنفسهم .
والصدق يجمع كل عمل هو من موافقة القول والفعل للواقع في القضاء والشهادة والعقود والالتزامات وفي المعاملات بالوفاء بها وترك الخيانة ، ومطابقة الظاهر للباطن في المراتب كلها . ومن الصدق صدق الأفعال .
nindex.php?page=treesubj&link=19571والصبر جامع لما يختص بتحمل المشاق من الأعمال كالجهاد والحسبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومناصحة المسلمين وتحمل الأذى في الله ، وهو خلق عظيم هو مفتاح أبواب محامد الأخلاق والآداب والإنصاف من النفس .
والخشوع : الإخلاص بالقلب والظاهر ، وهو الانقياد وتجنب المعاصي . ويدخل في الإحسان وهو المفسر في حديث
جبريل nindex.php?page=hadith&LINKID=10341662أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . ويدخل تحت ذلك جميع القرب والنوافل فإنها من آثار الخشوع ، ويدخل فيه التوبة مما اقترفه المرء من الكبائر إذ لا يتحقق الخشوع بدونها .
والتصدق يحتوي جميع أنواع الصدقات والعطيات وبذل المعروف والإرفاق .
والصوم : عبادة عظيمة فلذلك خصصت بالذكر مع أن الفرض منه مشمول للإسلام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات ويفي صوم النافلة ، فالتصريح بذكر الصوم تنويه به . وفي الحديث قال تعالى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342387الصوم لي وأنا أجزي به .
وحفظ الفروج أريد به حفظها عما ورد الشرع بحفظها عنه ، وقد اندرج في هذا جميع أحكام النكاح وما يتفرع عنها وما هو وسيلة لها .
nindex.php?page=treesubj&link=24407_24409_24412وذكر الله كما علمت له محملان :
[ ص: 24 ] أحدهما : ذكره اللساني فيدخل فيه قراءة القرآن وطلب العلم ودراسته .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341422ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده ، ففي قوله ( وذكرهم الله ) إيماء إلى أن الجزاء من جنس عملهم ، فدل على أنهم كانوا في شيء من ذكر الله وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم وقال فيما أخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341177وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم . وشمل ما يذكر عقب الصلوات ، ونحو ذلك من الأذكار .
والمحمل الثاني : الذكر القلبي وهو ذكر الله عند أمره ونهيه كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه ، وهو الذي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم فدخل فيه التوبة ودخل فيها الارتداع عن المظالم كلها من القتل وأخذ أموال الناس والحرابة والإضرار بالناس في المعاملات . ومما يوضح شموله بالشرائع كلها تقييده بـ ( كثيرا ) لأن المرء إذا ذكر الله كثيرا فقد استغرق ذكره على المحملين جميع ما يذكر الله عنده .
ويراعى في الاتصاف بهذه الصفات أن تكون جارية على ما حدده الشرع في تفاصيلها .
والمغفرة : عدم المؤاخذة بما فرط من الذنوب ، وقد تقدمت في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين في سورة الأعراف . واعلم أن عطف الصفات بالواو المفيد مجرد التشريك في الحكم دون حرفي الترتيب : الفاء وثم ، شأنه أن يكون الحكم المذكور معه ثابتا لكل واحد اتصف بوصف من الأوصاف المشتق منها موصوفه لأن أصل العطف بالواو أن يدل على مغايرة المعطوفات في الذات ، فإذا قلت : وجدت فيهم الكريم والشجاع والشاعر ، كان المعنى : أنك وجدت فيهم ثلاثة أناس كل واحد منهم موصوف بصفة من المذكورات . وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342388فإن منهم المريض والضعيف وذا الحاجة أي أصحاب المرض والضعف والحاجة ، بخلاف العطف بالفاء كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا فإن الأوصاف المذكورة في تلك الآية ثابتة
[ ص: 25 ] لموصوف واحد . ولهذا فحق جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما أن تكون خبرا في المعنى عن كل واحد من المتعاطفات فكأنه قيل : إن المسلمين أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ، إن المسلمات أعد الله لهن مغفرة وأجرا عظيما ، وهكذا . والفعل الواقع في جملة الخبر وهو فعل ( أعد ) قد تعدى إلى مفعول ومعطوف على المفعول ، فصحة الإخبار به عن كل واحد من الموصوفات والمتعاطفات باعتبار المعطوف على مفعوله واضحة ؛ لأن الأجر العظيم يصلح لأن يعطى لكل واحد ويقبل التفاوت فيكون لكل من أصحاب تلك الأوصاف أجره على اتصافه به ويكون أجر بعضهم أوفر من أجر بعض آخر .
وأما صحة الإخبار بفعل ( أعد ) عن كل واحد من المتعاطفات باعتبار المفعول به ( مغفرة ) فيمنع منه ما جاء من دلائل الكتاب والسنة الدالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19715الذنوب الكبيرة التي فرطت لا يضمن غفرانها للمذنبين إلا بشرط التوبة من المذنب وعدا من الله بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم .
وألحقت السنة بموجبات المغفرة الحج المبرور والجهاد في سبيل الله وأشياء أخرى .
والوجه في تفسير ذلك عندي أن تحمل كل صفة من هذه الصفات على عدم ما يعارضها مما يوجب التبعة ، أي سلامته من التلبس بالكبائر حملا أراعي فيه الجري على سنن القرآن في مثل مقام الثناء والتنويه بالمسلمين من اعتبار حال كمال الإسلام كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أولئك هم المؤمنون حقا فإنا لا نجد التفصيل بين أحوال المسلمين إلا في مقام التحذير من الذنوب .
والمرجع في هذا المحمل إلى بيان الإجمال بالجمع بين أدلة الشريعة . وقد سكت جمهور المفسرين عن التصدي لبيان مفاد هذا الوعد ولم يعرج عليه فيما رأيت سوى صاحب الكشاف فجعل معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما : أن الجامعين والجامعات لهذه الطاعات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ، وجعل واو العطف بمعنى المعية ، وجعل العطف على اعتبار المغايرة بين المتعاطفات في الأوصاف لا المغايرة بالذوات ، وهذا تكلف وصنع باليد ، وتبعه
البيضاوي وكثير . ويعكر عليه أن جمع تلك الصفات لا يوجب المغفرة لأن الكبائر لا تسقطها عن
[ ص: 26 ] صاحبها إلا التوبة إلا أن يضم إلى كلامه ضميمة وهي حمل الذاكرين الله والذاكرات على معنى المتصفين بالذكر اللساني والقلبي ، فيكون الذكر القلبي شاملا للتوبة كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم فيكون الذين جمعوا هذه الخصال العشر قد حصلت لهم التوبة ، غير أن هذا الاعتذار عن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري لا يتجاوز هذه الآية فإن في القرآن آيات كثيرة مثلها يضيق عنها نطاق هذا الاعتذار ، منها قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أولئك يجزون الغرفة بما صبروا الآية في سورة الفرقان .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=29004_29468_30531_29680_29674إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا يَجُوزُ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِأَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ [ ص: 20 ] يُثِيرُ فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمَاتِ أَنْ يَسْأَلْنَ : أَهُنَّ مَأْجُورَاتٌ عَلَى مَا يَعْمَلْنَ مِنَ الْحَسَنَاتِ ؟ وَأَهُنَّ مَأْمُورَاتٌ بِمِثْلِ مَا أُمِرَتْ بِهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ أَمْ تِلْكَ خَصَائِصُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ؟ فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا هُوَ جَوَابٌ لِهَذَا السُّؤَالِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِيمَا إِذَا ذَكَرَ مَأْمُورَاتٍ يُعْقِبُهَا بِالتَّذْكِيرِ بِحَالِ أَمْثَالِهَا أَوْ بِحَالِ أَضْدَادِهَا .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا وَرَدَ بِمُنَاسَبَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ فَضَائِلِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَالْوَاحِدِيُّ عَنْ
قَتَادَةَ أَنَّ نِسَاءً دَخَلْنَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَ : قَدْ ذَكَرَكُنَّ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرْنَا بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ فِينَا خَيْرٌ لَذَكَرَنَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10342385أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=11675أُمَّ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : مَا أَرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَالَ
الْوَاحِدِيُّ : قَالَ
مُقَاتِلٌ بَلَغَنِي
أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=116أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ لَمَّا رَجَعَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَتْ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : هَلْ نَزَلَ فِينَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ ؟ قِيلَ : لَا ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النِّسَاءَ لَفِي خَيْبَةٍ وَخَسَارٍ . قَالَ : وَمِمَّ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : لِأَنَّهُنَّ لَا يُذْكَرْنَ بِالْخَيْرِ كَمَا تُذْكَرُ الرِّجَالُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ .
فَالْمَقْصُودُ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ النِّسَاءُ ، وَأَمَّا ذِكْرُ الرِّجَالِ فَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الصِّنْفَيْنِ فِي هَذِهِ الشَّرَائِعِ سَوَاءٌ لِيَعْلَمُوا أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ لَا كَمَا كَانَ مُعْظَمُ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ خَاصًّا بِالرِّجَالِ إِلَّا الْأَحْكَامَ الَّتِي لَا تُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ ، فَشَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ بِعَكْسِ ذَلِكَ ، الْأَصْلُ فِي شَرَائِعِهَا أَنْ تَعُمَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ إِلَّا مَا نُصَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ ، وَلَعَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا تَقَرَّرَ أَصْلُ التَّسْوِيَةِ فَأَغْنَى عَنِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي مُعْظَمِ أَقْوَالِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ
[ ص: 21 ] وَجْهُ تِعْدَادِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ التَّسْوِيَةُ فِي خُصُوصِ صِفَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَسُلِكَ مَسْلَكُ الْإِطْنَابِ فِي تِعْدَادِ الْأَوْصَافِ لِأَنَّ الْمَقَامَ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ لِاخْتِلَافِ أَفْهَامِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ ، عَلَى أَنَّ فِي هَذَا التِّعْدَادِ إِيمَاءً إِلَى أُصُولِ التَّشْرِيعِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ .
وَبِهَذِهِ الْآثَارِ يَظْهَرُ اتِّصَالُ هَذِهِ الْآيَاتِ بِالَّتِي قَبْلَهَا .
وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ تَأْكِيدِ هَذَا الْخَبَرِ بِحَرْفِ ( إِنَّ ) لِدَفْعِ شَكِّ مَنْ شَكَّ فِي هَذَا الْحُكْمِ مِنَ النِّسَاءِ .
وَالْمُرَادُ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ شَرَعًا . وَالْإِسْلَامُ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ هُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحِجُّ الْبَيْتِ ، وَلَا يَعْتَبِرُ إِسْلَامًا إِلَّا مَعَ الْإِيمَانِ . وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْدَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْأَصْلُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=132فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فِي الْبَقَرَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ : أَصْحَابُ الْقُنُوتِ وَهُوَ الطَّاعَةُ لِلَّهِ وَعِبَادَتُهُ ، وَتَقَدَّمَ آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=31وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ : مَنْ حَصَلَ مِنْهُمْ صِدْقُ الْقَوْلِ وَهُوَ ضِدُّ الْكَذِبِ وَالصِّدْقُ كُلُّهُ حَسَنٌ ، وَالْكَذِبُ لَا خَيْرَ فِيهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ . وَشَمَلَ ذَلِكَ الْوَفَاءَ بِمَا يُلْتَزَمُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَةِ كَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَالْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ ، وَتَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَ بِـ الصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ : أَهْلُ الصَّبْرِ . وَالصَّبْرُ مَحْمُودٌ فِي ذَاتِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قُوَّةِ الْعَزِيمَةِ ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا هُوَ تَحَمُّلُ الْمَشَاقِّ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَتَحَمُّلُ الْمَكَارِهِ فِي
[ ص: 22 ] الذَّبِّ عَنِ الْحَوْزَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، وَتَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا آخِرُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَبِ - الْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ : أَهْلُ الْخُشُوعِ ، وَهُوَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ وَالْخَوْفُ مِنْهُ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْإِخْلَاصِ بِالْقَلْبِ فِيمَا يَعْمَلُهُ الْمُكَلَّفُ . وَمُطَابَقَةُ ذَلِكَ لِمَا يَظْهَرُ مِنْ آثَارِهِ عَلَى صَاحِبِهِ . وَالْمُرَادُ : الْخُشُوعُ لِلَّهِ بِالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَبِـ الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ : مَنْ يَبْذُلُ الصَّدَقَةَ مِنْ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ . وَفَائِدَةُ ذَلِكَ لِلْأُمَّةِ عَظِيمَةٌ .
وَأَمَّا الصَّائِمُونَ وَالصَّائِمَاتُ فَظَاهَرٌ مَا فِي الصِّيَامِ مِنْ تَخَلُّقٍ بِرِيَاضَةِ النَّفْسِ لِطَاعَةِ اللَّهِ إِذْ يَتْرُكُ الْمَرْءُ مَا هُوَ جِبِلِّيٌّ مِنَ الشَّهْوَةِ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ ، أَيْ بُرْهَانًا عَلَى أَنَّ رِضَى اللَّهِ عَنْهُ أَلَذُّ مِنْ أَشَدِّ اللَّذَّاتِ مُلَازَمَةً لَهُ .
وَأَمَّا حِفْظُ الْفُرُوجِ فَلِأَنَّ شَهْوَةَ الْفَرْجِ شَهْوَةٌ جِبِلِّيَّةٌ وَهِيَ فِي الرَّجُلِ أَشَدُّ ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِذَلِكَ فَقَالَ فِي يَحْيَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39وَحَصُورًا وَقَالَ فِي مَرْيَمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ، وَهَذَا الْحِفْظُ لَهُ حُدُودٌ سَنَّتْهَا الشَّرِيعَةُ ، فَالْمُرَادُ : حِفْظُ الْفُرُوجِ عَلَى أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ شَرْعًا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ : حِفْظَهَا عَنِ الِاسْتِعْمَالِ أَصْلًا وَهُوَ الرَّهْبَنَةُ فَإِنَّ الرَّهْبَنَةَ مَدْحُوضَةٌ فِي الْإِسْلَامِ بِأَدِلَّةٍ مُتَوَاتِرَةِ الْمَعْنَى .
وَأَمَّا الذَّاكِرُونَ وَالذَّاكِرَاتُ فَهُوَ وَصْفٌ صَالِحٌ لِأَنْ يَكُونَ مِنَ الذِّكْرِ بِكَسْرِ الذَّالِ وَهُوَ ذِكْرُ اللِّسَانِ كَالَّذِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341135وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَمِنَ الذُّكْرِ بِضَمِّهَا كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=34وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بِيُوتِكُنَّ ، وَالَّذِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ .
وَمَفْعُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالْحَافِظَاتِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ ، وَكَذَلِكَ مَفْعُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالذَّاكِرَاتِ .
وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ الْعَشْرُ عَلَى جَوَامِعِ فُصُولِ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا .
[ ص: 23 ] فَالْإِسْلَامُ يَجْمَعُ قَوَاعِدَ الدِّينِ الْخَمْسَ الْمَفْرُوضَةَ الَّتِي هِيَ أَعْمَالٌ ، وَالْإِيمَانُ يَجْمَعُ الِاعْتِقَادَاتِ الْقَلْبِيَّةَ الْمَفْرُوضَةَ وَهُوَ شَرْطُ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ كُلِّهَا ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا .
وَالْقُنُوتُ يَجْمَعُ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا مَفْرُوضَهَا وَمَسْنُونَهَا ، وَتَرْكَ الْمَنْهِيَّاتِ وَالْإِقْلَاعَ عَنْهَا مِمَّنْ هُوَ مُرْتَكِبُهَا ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=19704مَعْنَى التَّوْبَةِ ، فَالْقُنُوتُ هُوَ تَمَامُ الطَّاعَةِ ، فَهُوَ خَيْرٌ مُسَاوٍ لِلتَّقْوَى . فَهَذِهِ جَوَامِعُ شَرَائِعِ الْمُكَلَّفِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ .
وَالصِّدْقُ يَجْمَعُ كُلَّ عَمَلٍ هُوَ مِنْ مُوَافَقَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِلْوَاقِعِ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالْعُقُودِ وَالِالْتِزَامَاتِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ بِالْوَفَاءِ بِهَا وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ ، وَمُطَابَقَةِ الظَّاهِرِ لِلْبَاطِنِ فِي الْمَرَاتِبِ كُلِّهَا . وَمِنَ الصِّدْقِ صِدْقُ الْأَفْعَالِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19571وَالصَّبْرُ جَامِعٌ لِمَا يَخْتَصُّ بِتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ مِنَ الْأَعْمَالِ كَالْجِهَادِ وَالْحِسْبَةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَمُنَاصَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَتَحَمُّلِ الْأَذَى فِي اللَّهِ ، وَهُوَ خُلُقٌ عَظِيمٌ هُوَ مِفْتَاحُ أَبْوَابِ مَحَامِدِ الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ وَالْإِنْصَافِ مِنَ النَّفْسِ .
وَالْخُشُوعُ : الْإِخْلَاصُ بِالْقَلْبِ وَالظَّاهِرِ ، وَهُوَ الِانْقِيَادُ وَتَجَنُّبُ الْمَعَاصِي . وَيَدْخُلُ فِي الْإِحْسَانِ وَهُوَ الْمُفَسَّرُ فِي حَدِيثِ
جِبْرِيلَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10341662أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . وَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ جَمِيعُ الْقُرَبِ وَالنَّوَافِلِ فَإِنَّهَا مِنْ آثَارِ الْخُشُوعِ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ التَّوْبَةُ مِمَّا اقْتَرَفَهُ الْمَرْءُ مِنَ الْكَبَائِرِ إِذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْخُشُوعُ بِدُونِهَا .
وَالتَّصَدُّقُ يَحْتَوِي جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّدَقَاتِ والْعَطِيَّاتِ وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِرْفَاقِ .
وَالصَّوْمُ : عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ فَلِذَلِكَ خُصِّصَتْ بِالذِّكْرِ مِعَ أَنَّ الْفَرْضَ مِنْهُ مَشْمُولٌ لِلْإِسْلَامِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَيَفِي صَوْمَ النَّافِلَةِ ، فَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الصَّوْمِ تَنْوِيهٌ بِهِ . وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342387الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ .
وَحِفْظُ الْفُرُوجِ أُرِيدَ بِهِ حِفْظُهَا عَمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِحِفْظِهَا عَنْهُ ، وَقَدِ انْدَرَجَ فِي هَذَا جَمِيعُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا وَمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لَهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=24407_24409_24412وَذِكْرُ اللَّهِ كَمَا عَلِمْتَ لَهُ مُحَمَلَانِ :
[ ص: 24 ] أَحَدُهُمَا : ذِكْرُهُ اللِّسَانِيُّ فَيَدْخُلُ فِيهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَطَلَبُ الْعِلْمِ وَدِرَاسَتُهُ .
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341422مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، فَفِي قَوْلِهِ ( وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ ) إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جَنْسِ عَمَلِهِمْ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341177وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ . وَشَمَلَ مَا يُذْكَرُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَذْكَارِ .
وَالْمَحْمَلُ الثَّانِي : الذِّكْرُ الْقَلْبِيُّ وَهُوَ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِاللِّسَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، وَهُوَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ فَدَخَلَ فِيهِ التَّوْبَةُ وَدَخَلَ فِيهَا الِارْتِدَاعُ عَنِ الْمَظَالِمِ كُلِّهَا مِنَ الْقَتْلِ وَأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَالْحِرَابَةِ وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ فِي الْمُعَامَلَاتِ . وَمِمَّا يُوَضِّحُ شُمُولَهُ بِالشَّرَائِعِ كُلِّهَا تَقْيِيدُهُ بِـ ( كَثِيرًا ) لِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا فَقَدِ اسْتَغْرَقَ ذِكْرُهُ عَلَى الْمَحْمَلَينِ جَمِيعَ مَا يُذْكَرُ اللَّهُ عِنْدَهُ .
وَيُرَاعَى فِي الِاتِّصَافِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً عَلَى مَا حَدَّدَهُ الشَّرْعُ فِي تَفَاصِيلِهَا .
وَالْمَغْفِرَةُ : عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ بِمَا فَرَّطَ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَاعْلَمْ أَنَّ عَطْفَ الصِّفَاتِ بِالْوَاوِ الْمُفِيدِ مُجَرَّدَ التَّشْرِيكِ فِي الْحُكْمِ دُونَ حَرْفَيِ التَّرْتِيبِ : الْفَاءِ وَثُمَّ ، شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ مَعَهُ ثَابِتًا لِكُلِّ وَاحِدٍ اتَّصَفَ بِوَصْفٍ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُشْتَقِّ مِنْهَا مَوْصُوفُهُ لَأَنَّ أَصْلَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى مُغَايَرَةِ الْمَعْطُوفَاتِ فِي الذَّاتِ ، فَإِذَا قُلْتَ : وُجَدْتُ فِيهِمُ الْكَرِيمَ وَالشُّجَاعَ وَالشَّاعِرَ ، كَانَ الْمَعْنَى : أَنَّكَ وَجَدْتَ فِيهِمْ ثَلَاثَةَ أُنَاسٍ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَوْصُوفٌ بِصِفَةٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ . وَفِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342388فَإِنَّ مِنْهُمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ أَيْ أَصْحَابَ الْمَرَضِ وَالضَّعْفِ وَالْحَاجَةِ ، بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا فَإِنَّ الْأَوْصَافَ الْمَذْكُورَةَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ ثَابِتَةٌ
[ ص: 25 ] لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ . وَلِهَذَا فَحَقُّ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا أَنْ تَكُونَ خَبَرًا فِي الْمَعْنَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاطِفَاتِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَعَدَ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ، إِنَّ الْمُسْلِمَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُنَّ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ، وَهَكَذَا . وَالْفِعْلُ الْوَاقِعُ فِي جُمْلَةِ الْخَبَرِ وَهُوَ فِعْلُ ( أَعَدَّ ) قَدْ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَى الْمَفْعُولِ ، فَصِحَّةُ الْإِخْبَارِ بِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْصُوفَاتِ وَالْمُتَعَاطِفَاتِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ عَلَى مَفْعُولِهِ وَاضِحَةٌ ؛ لَأَنَّ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ يَصْلُحُ لِأَنْ يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ وَيَقْبَلُ التَّفَاوُتَ فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ أَصْحَابِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ أَجْرُهُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِهِ وَيَكُونُ أَجْرُ بَعْضِهِمْ أَوْفَرَ مِنْ أَجْرِ بَعْضٍ آخَرَ .
وَأَمَّا صِحَّةُ الْإِخْبَارِ بِفِعْلِ ( أَعَدَّ ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاطِفَاتِ بِاعْتِبَارِ الْمَفْعُولِ بِهِ ( مَغْفِرَةً ) فَيَمْنَعُ مِنْهُ مَا جَاءَ مِنْ دَلَائِلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19715الذُّنُوبَ الْكَبِيرَةَ الَّتِي فَرَطَتْ لَا يُضْمَنُ غُفْرَانُهَا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَّا بِشَرْطِ التَّوْبَةِ مِنَ الْمُذْنِبِ وَعَدًا مِنَ اللَّهِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
وَأَلْحَقَتِ السُّنَّةُ بِمُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ وَالْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَشْيَاءَ أُخْرَى .
وَالْوَجْهُ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ تُحْمَلَ كُلُّ صِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَى عَدَمِ مَا يُعَارِضُهَا مِمَّا يُوجِبُ التَّبِعَةَ ، أَيْ سَلَامَتُهُ مِنَ التَّلَبُّسِ بِالْكَبَائِرِ حَمَلًا أُرَاعِي فِيهِ الْجَرْيَ عَلَى سَنَنِ الْقُرْآنِ فِي مِثْلِ مَقَامِ الثَّنَاءِ وَالتَّنْوِيهِ بِالْمُسْلِمِينَ مِنَ اعْتِبَارِ حَالِ كَمَالِ الْإِسْلَامِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا فَإِنَّا لَا نَجِدُ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا فِي مَقَامِ التَّحْذِيرِ مِنَ الذُّنُوبِ .
وَالْمَرْجِعُ فِي هَذَا الْمَحْمَلِ إِلَى بَيَانِ الْإِجْمَالِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ أَدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ . وَقَدْ سَكَتَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَنِ التَّصَدِّي لِبَيَانِ مُفَادِ هَذَا الْوَعْدِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ فِيمَا رَأَيْتُ سِوَى صَاحِبِ الْكَشَّافِ فَجَعَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا : أَنَّ الْجَامِعِينَ وَالْجَامِعَاتِ لِهَذِهِ الطَّاعَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ، وَجَعَلَ وَاوَ الْعَطْفِ بِمَعْنَى الْمَعِيَّةِ ، وَجَعَلَ الْعَطْفَ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي الْأَوْصَافِ لَا الْمُغَايَرَةِ بِالذَّوَاتِ ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ وَصُنْعٌ بِالْيَدِ ، وَتَبِعَهُ
الْبَيْضَاوِيُّ وَكَثِيرٌ . وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمْعَ تِلْكَ الصِّفَاتِ لَا يُوجِبُ الْمَغْفِرَةَ لِأَنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُسْقِطُهَا عَنْ
[ ص: 26 ] صَاحِبِهَا إِلَّا التَّوْبَةُ إِلَّا أَنْ يَضُمَّ إِلَى كَلَامِهِ ضَمِيمَةً وَهِيَ حَمْلُ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ وَالذَّاكِرَاتِ عَلَى مَعْنَى الْمُتَّصِفِينَ بِالذِّكْرِ اللِّسَانِيِّ وَالْقَلْبِيِّ ، فَيَكُونَ الذِّكْرُ الْقَلْبِيُّ شَامِلًا لِلتَّوْبَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ فَيَكُونُ الَّذِينَ جَمَعُوا هَذِهِ الْخِصَالَ الْعَشْرَ قَدْ حَصَلَتْ لَهُمُ التَّوْبَةُ ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا الِاعْتِذَارَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ لَا يَتَجَاوَزُ هَذِهِ الْآيَةَ فَإِنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُهَا يَضِيقُ عَنْهَا نِطَاقُ هَذَا الِاعْتِذَارِ ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ .