nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=29001_30351_30558_19723فيومئذ لا تنفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون
تفريع على جملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55كذلك كانوا يؤفكون " . والذين ظلموا هم المشركون الذين أقسموا ما لبثوا غير ساعة ، فالتعبير عنهم بالذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار لغرض التسجيل عليهم بوصف الظلم وهو الإشراك بالله لأنه جامع لفنون الظلم ، ففيه الاعتداء على حق الله ، وظلم المشرك نفسه بتعريضها للعذاب ، وظلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتكذيب ، وظلمهم المؤمنين بالاعتداء على أموالهم وأبشارهم .
والمعذرة : اسم مصدر اعتذر ، إذا أبدى علة أو حجة ليدفع عن نفسه مؤاخذة على ذنب أو تقصير . وهو مشتق من فعل عذره ، إذا لم يؤاخذه على ذنب أو تقصير لأجل ظهور سبب يدفع عنه المؤاخذة بما فعله .
وإضافة معذرة إلى ضمير ( الذين ظلموا ) تقتضي أن المعذرة واقعة منهم . ثم يجوز أن تكون الإضافة للتعريف بمعذرة معهودة فتكون هي قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55ما لبثوا غير ساعة كما تقدم ، ويجوز أن يكون التعريف للعموم كما هو شأن المصدر المضاف ، أي لا تنفعهم معذرة يعتذرون بها مثل قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106غلبت علينا شقوتنا وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38هؤلاء أضلونا .
واعلم أن هذا لا ينافي قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=36ولا يؤذن لهم فيعتذرون المقتضي نفي وقوع الاعتذار منهم لأن الاعتذار المنفي هو الاعتذار المأذون فيه ، أي المقبول ، لأن الله لو
[ ص: 133 ] أذن لهم في الاعتذار لكان ذلك توطئة لقبوله اعتذارهم نظير قوله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه .
والمثبت هنا معذرة من تلقاء أنفسهم لم يؤذن لهم بها فهي غير نافعة لهم كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108قال اخسئوا فيها ولا تكلمون وقوله لا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=65تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون .
وقرأ الجمهور ( تنفع ) بالمثناة الفوقية . وقرأه
حمزة وعاصم nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخلف بالتحتية وهو وجه جائز لأن معذرة مجازي التأنيث ، ولوقوع الفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول .
و " يستعتبون " مبني للمجهول والمبني منه للفاعل استعتب ، إذا سأل العتبى بضم العين وبالقصر وهي اسم للإعتاب ، أي إزالة العتب ، فهمزة الإعتاب للإزالة قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين فصار استعتب المبني للمجهول جاريا على استعتب المبني للمعلوم فلما قيل : استعتب بمعنى طلب العتبى صار استعتب المبني للمجهول بمعنى أعتب ، فمعنى ولا هم يستعتبون : ولا هم بمزال عنهم المؤاخذة نظير قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فما هم من المعتبين .
وهذا استعمال عجيب جار على تصاريف متعددة في الفصيح من الكلام ، وبعض اشتقاقها غير قياسي ومن حاولوا إجراءه على القياس اضطروا إلى تكلفات في المعنى لا يرضى بها الذوق السليم ، والعجب وقوعها في الكشاف . وقال في القاموس : واستعتبه : أعطاه العتبى كأعتبه ، وطلب إليه العتبى ضد .
والمعنى : لا ينفعهم اعتذار بعذر ولا إقرار بالذنب وطلب العفو . وتقدم قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57ولا هم يستعتبون في سورة النمل .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=29001_30351_30558_19723فَيَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ " . وَالَّذِينَ ظَلَمُوا هُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ، فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِالَّذِينَ ظَلَمُوا إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِغَرَضِ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِوَصْفِ الظُّلْمِ وَهُوَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِفُنُونِ الظُّلْمِ ، فَفِيهِ الِاعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ ، وَظُلْمُ الْمُشْرِكِ نَفْسَهُ بِتَعْرِيضِهَا لِلْعَذَابِ ، وَظُلْمُهُمُ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْذِيبِ ، وَظُلْمُهُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاعْتِدَاءِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَبْشَارِهِمْ .
وَالْمَعْذِرَةُ : اسْمُ مَصْدَرِ اعْتَذَرَ ، إِذَا أَبْدَى عِلَّةً أَوْ حُجَّةً لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مُؤَاخَذَةً عَلَى ذَنْبٍ أَوْ تَقْصِيرٍ . وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ فِعْلِ عَذَرَهُ ، إِذَا لَمْ يُؤَاخِذْهُ عَلَى ذَنْبٍ أَوْ تَقْصِيرٍ لِأَجْلِ ظُهُورِ سَبَبٍ يَدْفَعُ عَنْهُ الْمُؤَاخَذَةَ بِمَا فَعَلَهُ .
وَإِضَافَةُ مَعْذِرَةٍ إِلَى ضَمِيرِ ( الَّذِينَ ظَلَمُوا ) تَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْذِرَةَ وَاقِعَةٌ مِنْهُمْ . ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ بِمَعْذِرَةٍ مَعْهُودَةً فَتَكُونُ هِيَ قَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ لِلْعُمُومِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ ، أَيْ لَا تَنْفَعُهُمْ مَعْذِرَةٌ يَعْتَذِرُونَ بِهَا مِثْلَ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=36وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ الْمُقْتَضِي نَفْيَ وُقُوعِ الِاعْتِذَارِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الِاعْتِذَارَ الْمَنْفِيَّ هُوَ الِاعْتِذَارُ الْمَأْذُونُ فِيهِ ، أَيِ الْمَقْبُولُ ، لِأَنَّ اللَّهَ لَوْ
[ ص: 133 ] أَذِنَ لَهُمْ فِي الِاعْتِذَارِ لَكَانَ ذَلِكَ تَوْطِئَةً لِقَبُولِهِ اعْتِذَارَهُمْ نَظِيرَ قَوْلِهِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ .
وَالْمُثْبَتُ هُنَا مَعْذِرَةٌ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ بِهَا فَهِيَ غَيْرُ نَافِعَةٍ لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=106قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=107رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ وَقَوْلُهُ لَا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=65تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( تَنْفَعُ ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ . وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِالتَّحْتِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ جَائِزٌ لِأَنَّ مَعْذِرَةً مَجَازِيُّ التَّأْنِيثِ ، وَلِوُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ بِالْمَفْعُولِ .
وَ " يُسْتَعْتَبُونَ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَالْمَبْنِيُّ مِنْهُ لِلْفَاعِلِ اسْتَعْتَبَ ، إِذَا سَأَلَ الْعُتْبَى بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالْقَصْرِ وَهِيَ اسْمٌ لِلْإِعْتَابِ ، أَيْ إِزَالَةُ الْعَتَبِ ، فَهَمْزَةُ الْإِعْتَابِ لِلْإِزَالَةِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ فَصَارَ اسْتُعْتِبَ الْمَبْنِيُّ لِلْمَجْهُولِ جَارِيًا عَلَى اسْتَعْتَبَ الْمَبْنِيِّ لِلْمَعْلُومِ فَلَمَّا قِيلَ : اسْتَعْتَبَ بِمَعْنَى طَلَبَ الْعُتْبَى صَارَ اسْتُعْتِبَ الْمَبْنِيُّ لِلْمَجْهُولِ بِمَعْنَى أُعْتِبُ ، فَمَعْنَى وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ : وَلَا هُمْ بِمُزَالٍ عَنْهُمُ الْمُؤَاخَذَةُ نَظِيرَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=24فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ .
وَهَذَا اسْتِعْمَالٌ عَجِيبٌ جَارٍ عَلَى تَصَارِيفَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي الْفَصِيحِ مِنَ الْكَلَامِ ، وَبَعْضُ اشْتِقَاقِهَا غَيْرُ قِيَاسِيٍّ وَمَنْ حَاوَلُوا إِجْرَاءَهُ عَلَى الْقِيَاسِ اضْطُرُّوا إِلَى تَكْلِفَاتٍ فِي الْمَعْنَى لَا يَرْضَى بِهَا الذَّوْقُ السَّلِيمُ ، وَالْعَجَبُ وُقُوعُهَا فِي الْكَشَّافِ . وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ : وَاسْتَعْتَبَهُ : أَعْطَاهُ الْعُتْبَى كَأَعْتَبَهُ ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ الْعُتْبَى ضِدٌّ .
وَالْمَعْنَى : لَا يَنْفَعُهُمُ اعْتِذَارٌ بِعُذْرٍ وَلَا إِقْرَارٌ بِالذَّنْبِ وَطَلَبِ الْعَفْوِ . وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ .