nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70nindex.php?page=treesubj&link=28996_19730إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما .
الاستثناء من العموم الذي أفادته ( من ) الشرطية في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68ومن يفعل ذلك ) . والتقدير : إلا من تاب فلا يضاعف له العذاب ولا يخلد فيه ، وهذا تطمين لنفوس فريق من المؤمنين الذين قد كانوا تلبسوا بخصال أهل الشرك ثم تابوا عنها بسبب توبتهم من الشرك ، وإلا فليس في دعوتهم مع الله إلها آخر بعد العنوان عنهم بأنهم عباد الرحمن ثناء زائد .
وفي صحيح
مسلم : عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ، فأتوا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) الآية ، والمعنى : أنه يعفى عنه من عذاب الذنوب التي تاب منها ، ولا يخطر بالبال أنه
[ ص: 76 ] يعذب عذابا غير مضاعف وغير مخلد فيه ؛ لأن ذلك ليس من مجاري الاستعمال العربي بل الأصل في ارتفاع الشيء المقيد أن يقصد منه رفعه بأسره لا رفع قيوده ، إلا بقرينة .
nindex.php?page=treesubj&link=19704والتوبة :
nindex.php?page=treesubj&link=19717الإقلاع عن الذنب ،
nindex.php?page=treesubj&link=19718والندم على ما فرط ،
nindex.php?page=treesubj&link=19719والعزم على أن لا يعود إلى الذنب ، وإذ كان فيما سبق ذكر الشرك فالتوبة هنا التلبس بالإيمان ، والإيمان بعد الكفر يوجب عدم المؤاخذة كما اقترفه المشرك في مدة شركه كما في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342261الإسلام يجب ما قبله ، ولذلك فعطف ( وآمن ) على ( من تاب ) للتنويه بالإيمان ، وليبنى عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70وعمل عملا صالحا ) وهو شرائع الإسلام تحريضا على الصالحات وإيماء إلى أنها لا يعتد بها إلا مع الإيمان كما قال تعالى في سورة البلد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثم كان من الذين آمنوا ) وقال في عكسه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) .
وقتل النفس الواقع في مدة الشرك يجبه إيمان القاتل لأجل مزية الإيمان ، والإسلام يجب ما قبله بلا خلاف ، وإنما الخلاف الواقع بين السلف في صحة
nindex.php?page=treesubj&link=32481توبة القاتل إنما هو في المؤمن القاتل مؤمنا متعمدا . ولما كان مما تشمله هذه الآية ؛ لأن سياقها في الثناء على المؤمن فقد دلت الآية على أن التوبة تمحو آثام كل ذنب من الذنوب المعدودة ومنها قتل النفس بدون حق وهو المعروف من عمومات الكتاب والسنة . وقد تقدم ذلك مفصلا في سورة النساء عند قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93ومن يقتل مؤمنا متعمدا ) الآية .
وفرع على الاستثناء الذين تابوا وآمنوا وعملوا عملا صالحا أنهم يبدل الله سيئاتهم حسنات ، وهو كلام مسوق لبيان فضل التوبة المذكورة التي هي الإيمان بعد الشرك ؛ لأن ( من تاب ) مستثنى من ( من يفعل ذلك ) فتعين أن السيئات المضافة إليهم هي السيئات المعروفة ، أي التي تقدم ذكرها الواقعة منهم في زمن شركهم .
والتبديل : جعل شيء بدلا عن شيء آخر ، وتقدم عند قوله تعالى : ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=95ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة ) في سورة الأعراف ، أي : يجعل الله لهم حسنات كثيرة عوضا عن تلك السيئات التي اقترفوها قبل التوبة وهذا التبديل جاء مجملا وهو
[ ص: 77 ] تبديل يكون له أثر في الآخرة بأن يعوضهم عن جزاء السيئات ثواب حسنات أضداد تلك السيئات ، وهذا لفضل الإيمان بالنسبة للشرك ولفضل التوبة بالنسبة للآثام الصادرة من المسلمين .
وبه يظهر موقع اسم الإشارة في قوله : ( فأولئك ) المفيد التنبيه على أنهم أحرياء بما أخبر عنهم به بعد اسم الإشارة لأجل ما ذكر من الأوصاف قبل اسم الإشارة ، أي : فأولئك التائبون المؤمنون العاملون الصالحات في الإيمان يبدل الله عقاب سيئاتهم التي اقترفوها من الشرك والقتل والزنا بثواب . ولم تتعرض الآية لمقدار الثواب وهو موكول إلى فضل الله ، ولذلك عقب هذا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70وكان الله غفورا رحيما ) المقتضي أنه عظيم المغفرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70nindex.php?page=treesubj&link=28996_19730إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا .
الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْعُمُومِ الَّذِي أَفَادَتْهُ ( مَنْ ) الشَّرْطِيَّةُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ) . وَالتَّقْدِيرُ : إِلَّا مَنْ تَابَ فَلَا يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ وَلَا يَخْلُدُ فِيهِ ، وَهَذَا تَطْمِينٌ لِنُفُوسِ فَرِيقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَدْ كَانُوا تَلَبَّسُوا بِخِصَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ ثُمَّ تَابُوا عَنْهَا بِسَبَبِ تَوْبَتِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي دَعْوَتِهِمْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ بَعْدَ الْعُنْوَانِ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ ثَنَاءٌ زَائِدٌ .
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ : عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا ، فَأَتَوْا
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَتْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) الْآيَةَ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ مِنْ عَذَابِ الذُّنُوبِ الَّتِي تَابَ مِنْهَا ، وَلَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّهُ
[ ص: 76 ] يُعَذَّبُ عَذَابًا غَيْرَ مُضَاعَفٍ وَغَيْرَ مُخَلَّدٍ فِيهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَجَارِي الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ بَلِ الْأَصْلُ فِي ارْتِفَاعِ الشَّيْءِ الْمُقَيَّدِ أَنْ يُقْصَدَ مِنْهُ رَفْعُهُ بِأَسْرِهِ لَا رَفْعُ قُيُودِهِ ، إِلَّا بِقَرِينَةٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=19704وَالتَّوْبَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19717الْإِقْلَاعُ عَنِ الذَّنْبِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19718وَالنَّدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19719وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ ، وَإِذْ كَانَ فِيمَا سَبَقَ ذِكْرُ الشِّرْكِ فَالتَّوْبَةُ هُنَا التَّلَبُّسُ بِالْإِيمَانِ ، وَالْإِيمَانُ بَعْدَ الْكُفْرِ يُوجِبُ عَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ كَمَا اقْتَرَفَهُ الْمُشْرِكُ فِي مُدَّةِ شَرَكِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342261الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ ، وَلِذَلِكَ فَعُطِفَ ( وَآمَنَ ) عَلَى ( مَنْ تَابَ ) لِلتَّنْوِيهِ بِالْإِيمَانِ ، وَلِيُبْنَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ) وَهُوَ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ تَحْرِيضًا عَلَى الصَّالِحَاتِ وَإِيمَاءً إِلَى أَنَّهَا لَا يُعْتَدُّ بِهَا إِلَّا مَعَ الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَدِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=17ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) وَقَالَ فِي عَكْسِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) .
وَقَتْلُ النَّفْسِ الْوَاقِعُ فِي مُدَّةِ الشِّرْكِ يَجُبُّهُ إِيمَانُ الْقَاتِلِ لِأَجْلِ مَزِيَّةِ الْإِيمَانِ ، وَالْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ السَّلَفِ فِي صِحَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=32481تَوْبَةِ الْقَاتِلِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُؤْمِنَ الْقَاتِلِ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا . وَلَمَّا كَانَ مِمَّا تَشْمَلُهُ هَذِهِ الْآيَةُ ؛ لِأَنَّ سِيَاقَهَا فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمُؤْمِنِ فَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تَمْحُو آثَامَ كُلِّ ذَنْبٍ مِنَ الذُّنُوبِ الْمَعْدُودَةِ وَمِنْهَا قَتْلُ النَّفْسِ بِدُونِ حَقٍّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ عُمُومَاتِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) الْآيَةَ .
وَفُرِّعَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِينَ تَابُوا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا عَمَلًا صَالِحًا أَنَّهُمْ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ، وَهُوَ كَلَامٌ مَسُوقٌ لِبَيَانِ فَضْلِ التَّوْبَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي هِيَ الْإِيمَانُ بَعْدَ الشِّرْكِ ؛ لِأَنَّ ( مَنْ تَابَ ) مُسْتَثْنًى مِنْ ( مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ) فَتَعَيَّنَ أَنَّ السَّيِّئَاتِ الْمُضَافَةَ إِلَيْهِمْ هِيَ السَّيِّئَاتُ الْمَعْرُوفَةُ ، أَيِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا الْوَاقِعَةُ مِنْهُمْ فِي زَمَنِ شِرْكِهِمْ .
وَالتَّبْدِيلُ : جَعْلُ شَيْءٍ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ آخَرَ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=95ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ ) فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، أَيْ : يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُمْ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً عِوَضًا عَنْ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ الَّتِي اقْتَرَفُوهَا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَهَذَا التَّبْدِيلُ جَاءَ مُجْمَلًا وَهُوَ
[ ص: 77 ] تَبْدِيلٌ يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يُعَوِّضَهُمْ عَنْ جَزَاءِ السَّيِّئَاتِ ثَوَابَ حَسَنَاتِ أَضْدَادِ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ ، وَهَذَا لِفَضْلِ الْإِيمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلشِّرْكِ وَلِفَضْلِ التَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآثَامِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَبِهِ يَظْهَرُ مَوْقِعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ : ( فَأُولَئِكَ ) الْمُفِيدِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِهِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَوْصَافِ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، أَيْ : فَأُولَئِكَ التَّائِبُونَ الْمُؤْمِنُونَ الْعَامِلُونَ الصَّالِحَاتِ فِي الْإِيمَانِ يُبَدِّلُ اللَّهُ عِقَابَ سَيِّئَاتِهِمُ الَّتِي اقْتَرَفُوهَا مِنَ الشِّرْكِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا بِثَوَابٍ . وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِمِقْدَارِ الثَّوَابِ وَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى فَضْلِ اللَّهِ ، وَلِذَلِكَ عُقِّبَ هَذَا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الْمُقْتَضِي أَنَّهُ عَظِيمُ الْمَغْفِرَةِ .