nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96nindex.php?page=treesubj&link=28994_19506_20034_30614ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون
لما أنبأ الله رسوله عليه الصلاة والسلام بما يلمح له بأنه منجز وعيده من الذين كذبوه فعلم الرسول والمسلمون أن الله ضمن لهم النصر أعقب ذلك بأن أمره بأن يدفع مكذبيه بالتي هي أحسن وأن لا يضيق بتكذيبهم صدره فلذلك دفع السيئة بالحسنة كما هو أدب الإسلام . وسيأتي بيانه في سورة فصلت عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادفع بالتي هي أحسن .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96نحن أعلم بما يصفون خبر مستعمل كناية عن كون الله يعامل أصحاب الإساءة لرسوله بما هم أحقاء به من العقاب ; لأن الذي هو أعلم بالأحوال يجري عمله على مناسب تلك الأحوال بالعدل وفي هذا تطمين لنفس الرسول صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 120 ] وحذف مفعول ( يصفون ) وتقديره : بما يصفونك ، أي : مما يضيق به صدرك ، وذلك تعهد بأنه يجازيهم على ما يعلم منهم فرب أحد يبدو منه السوء ينطوي ضميره على بعض الخير فقد كان فيهم من يحدب على النبيء في نفسه ، ورب أحد هو بعكسه كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=204ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام .
و ( التي هي أحسن ) مراد بها : الحسنة الكاملة ، فاسم التفضيل للمبالغة مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=33السجن أحب إلي .
والتخلق بهذه الآية هو أن المؤمن الكامل ينبغي له أن يفوض أمر المعتدين عليه إلى الله فهو يتولى الانتصار لمن توكل عليه وأنه إن قابل السيئة بالحسنة كان انتصار الله أشفى لصدره وأرسخ في نصره ، وماذا تبلغ قدرة المخلوق تجاه قدرة الخالق ، وهو الذي هزم الأحزاب بلا جيوش ولا فيالق .
وهكذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=30961خلق النبيء صلى الله عليه وسلم فقد كان لا ينتقم لنفسه وكان يدعو ربه . وذكر في المدارك في ترجمة
عبد الله بن غانم : أن رجلا يقال له
ابن زرعة كان له جاه ورئاسة وكان
ابن غانم حكم عليه بوجه حق ترتب عليه ، فلقي
ابن غانم في موضع خال فشتمه فأعرض عنه
ابن غانم فلما كان بعد ذلك لقيه بالطريق فسلم
ابن زرعة على
ابن غانم فرد عليه
ابن غانم ورحب به ومضى معه إلى منزله وعمل له طعاما فلما أراد مفارقته قال
لابن غانم : يا
أبا عبد الرحمن اغفر لي واجعلني في حل مما كان من خطابي . فقال له
ابن غانم : أما هذا فلست أفعله حتى أوقفك بين يدي الله تعالى ، وأما أن ينالك مني في الدنيا مكروه أو عقوبة فلا .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96nindex.php?page=treesubj&link=28994_19506_20034_30614ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ
لَمَّا أَنْبَأَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا يُلْمِحُ لَهُ بِأَنَّهُ مُنْجِزٌ وَعِيدَهُ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ فَعَلِمَ الرَّسُولُ وَالْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ ضَمِنَ لَهُمُ النَّصْرَ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِأَنْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ مُكَذِّبِيهِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَأَنْ لَا يَضِيقَ بِتَكْذِيبِهِمْ صَدْرُهُ فَلِذَلِكَ دَفَعَ السَّيِّئَةَ بِالْحَسَنَةِ كَمَا هُوَ أَدَبُ الْإِسْلَامِ . وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً عَنْ كَوْنِ اللَّهِ يُعَامِلُ أَصْحَابَ الْإِسَاءَةِ لِرَسُولِهِ بِمَا هُمْ أَحِقَّاءُ بِهِ مِنَ الْعِقَابِ ; لِأَنَّ الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ بِالْأَحْوَالِ يَجْرِي عَمَلُهُ عَلَى مُنَاسِبِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ بِالْعَدْلِ وَفِي هَذَا تَطْمِينٌ لِنَفْسِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 120 ] وَحُذِفَ مَفْعُولُ ( يَصِفُونَ ) وَتَقْدِيرُهُ : بِمَا يَصِفُونَكَ ، أَيْ : مِمَّا يَضِيقُ بِهِ صَدْرُكَ ، وَذَلِكَ تَعَهُّدٌ بِأَنَّهُ يُجَازِيهِمْ عَلَى مَا يَعْلَمُ مِنْهُمْ فَرُبَّ أَحَدٌ يَبْدُو مِنْهُ السُّوءُ يَنْطَوِي ضَمِيرُهُ عَلَى بَعْضِ الْخَيْرِ فَقَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَحْدُبُ عَلَى النَّبِيءِ فِي نَفْسِهِ ، وَرُبَّ أَحَدٌ هُوَ بِعَكْسِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=204وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ .
وَ ( الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) مُرَادٌ بِهَا : الْحَسَنَةُ الْكَامِلَةُ ، فَاسْمُ التَّفْضِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=33السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ .
وَالتَّخَلُّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْكَامِلَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ الْمُعْتَدِينَ عَلَيْهِ إِلَى اللَّهِ فَهُوَ يَتَوَلَّى الِانْتِصَارَ لِمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إِنْ قَابَلَ السَّيِّئَةَ بِالْحَسَنَةِ كَانَ انْتِصَارُ اللَّهِ أَشَفَى لِصَدْرِهِ وَأَرْسَخَ فِي نَصْرِهِ ، وَمَاذَا تَبْلُغُ قُدْرَةُ الْمَخْلُوقِ تِجَاهَ قُدْرَةِ الْخَالِقِ ، وَهُوَ الَّذِي هَزَمَ الْأَحْزَابَ بِلَا جُيُوشٍ وَلَا فَيَالِقَ .
وَهَكَذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=30961خُلُقُ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ وَكَانَ يَدْعُو رَبَّهُ . وَذُكِرَ فِي الْمَدَارِكِ فِي تَرْجَمَةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَانِمٍ : أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ
ابْنُ زُرْعَةَ كَانَ لَهُ جَاهٌ وَرِئَاسَةٌ وَكَانَ
ابْنُ غَانِمٍ حَكَمَ عَلَيْهِ بِوَجْهِ حَقٍّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ، فَلَقِيَ
ابْنَ غَانِمٍ فِي مَوْضِعٍ خَالٍ فَشَتَمَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ
ابْنُ غَانِمٍ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَقِيَهُ بِالطَّرِيقِ فَسَلَّمَ
ابْنُ زُرْعَةَ عَلَى
ابْنِ غَانِمٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ
ابْنُ غَانِمٍ وَرَحَّبَ بِهِ وَمَضَى مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَعَمِلَ لَهُ طَعَامًا فَلَمَّا أَرَادَ مُفَارَقَتَهُ قَالَ
لِابْنِ غَانِمٍ : يَا
أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ مِمَّا كَانَ مِنْ خِطَابِي . فَقَالَ لَهُ
ابْنُ غَانِمٍ : أَمَّا هَذَا فَلَسْتُ أَفْعَلُهُ حَتَّى أُوقِفَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَمَّا أَنْ يَنَالَكَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا مَكْرُوهٌ أَوْ عُقُوبَةٌ فَلَا .