[ ص: 271 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=28993_30478_29677_29676إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور
استئناف بياني جوابا لسؤال يخطر في نفوس المؤمنين ينشأ من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله الآية ، فإنه
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30582توعد المشركين على صدهم عن سبيل الله والمسجد الحرام بالعذاب الأليم . وبشر المؤمنين المخبتين والمحسنين بما يتبادر منه ضد وعيد المشركين وذلك ثواب الآخرة . وطال الكلام في ذلك بما تبعه لا جرم تشوفت نفوس المؤمنين إلى معرفة عاقبة أمرهم في الدنيا . وهل ينتصر لهم من أعدائهم أو يدخر لهم الخير كله إلى الدار الآخرة . فكان المقام خليقا بأن يطمئن الله نفوسهم بأنه كما أعد لهم نعيم الآخرة هو أيضا مدافع عنهم في الدنيا وناصرهم . وحذف مفعول ( يدافع ) لدلالة المقام .
فالكلام موجه إلى المؤمنين . ولذلك فافتتاحه بحرف التوكيد إما لمجرد تحقيق الخبر ، وإما لتنزيل غير المتردد لشدة انتظارهم النصر واستبطائهم إياه . والتعبير بالموصول لما فيه من الإيمان أي وجه بناء الخبر وأن دفاع الله عنهم لأجل إيمانهم .
وقرأ الجمهور لفظ ( يدافع ) بألف بعد الدال فيفيد قوة الدفع . وقرأه
أبو عمرو ،
وابن كثير ،
ويعقوب ( يدفع ) بدون ألف بعد الدال . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38إن الله لا يحب كل خوان كفور تعليل الدفاع بكونه عن الذين آمنوا ، بأن الله لا يحب الكافرين الخائنين ،
[ ص: 272 ] فلذلك يدفع عن المؤمنين لرد أذى الكافرين : ففي هذا إيذان بمفعول ( يدافع ) المحذوف ، أي يدافع الكافرين الخائنين .
والخوان : الشديد الخون ، والخون كالخيانة : الغدر بالأمانة . والمراد بالخوان الكافر ، لأن الكفر خيانة لعهد الله الذي أخذه على المخلوقات بأن يوحدوه فجعله في الفطرة وأبلغه الناس على ألسنة الرسل فنبه بذلك ما أودعه في فطرتهم .
والكفور : الشديد الكفر . وأفادت ( كل ) في سياق النفي عموم نفي محبة الله عن جميع الكافرين إذ لا يحتمل المقام غير ذلك . ولا يتوهم من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38لا يحب كل خوان ) أنه يحب بعض الخوانين لأن كلمة ( كل ) اسم جامد لا يشعر بصفة فلا يتوهم توجه النفي إلى معنى الكلية المستفاد من كلمة ( كل ) وليس هو مثل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وما ربك بظلام للعبيد الموهم أن نفي قوة الظلم لا يقتضي نفي قليل الظلم .
[ ص: 271 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=28993_30478_29677_29676إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ جَوَابًا لِسُؤَالٍ يَخْطِرُ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ يَنْشَأُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ ، فَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30582تَوَعَّدَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى صَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ . وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْبِتِينَ وَالْمُحْسِنِينَ بِمَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ ضِدُّ وَعِيدِ الْمُشْرِكِينَ وَذَلِكَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ . وَطَالَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ بِمَا تَبِعَهُ لَا جَرَمَ تَشَوَّفَتْ نُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَعْرِفَةِ عَاقِبَةِ أَمْرِهِمْ فِي الدُّنْيَا . وَهَلْ يُنْتَصَرُ لَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ أَوْ يُدَّخَرُ لَهُمُ الْخَيْرُ كُلُّهُ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ . فَكَانَ الْمَقَامُ خَلِيقًا بِأَنْ يُطَمْئِنَ اللَّهُ نُفُوسَهُمْ بِأَنَّهُ كَمَا أَعَدَّ لَهُمْ نَعِيمَ الْآخِرَةِ هُوَ أَيْضًا مُدَافِعٌ عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَنَاصِرُهُمْ . وَحَذْفُ مَفْعُولِ ( يُدَافِعُ ) لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ .
فَالْكَلَامُ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ . وَلِذَلِكَ فَافْتِتَاحُهُ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ إِمَّا لِمُجَرَّدِ تَحْقِيقِ الْخَبَرِ ، وَإِمَّا لِتَنْزِيلِ غَيْرِ الْمُتَرَدَّدِ لِشِدَّةِ انْتِظَارِهِمُ النَّصْرَ وَاسْتِبْطَائِهِمْ إِيَّاهُ . وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَوْصُولِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ أَيْ وَجْهُ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَأَنَّ دِفَاعَ اللَّهِ عَنْهُمْ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَفْظَ ( يُدَافِعُ ) بِأَلْفٍ بَعْدَ الدَّالِ فَيُفِيدُ قُوَّةَ الدَّفْعِ . وَقَرَأَهُ
أَبُو عَمْرٍو ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَيَعْقُوبُ ( يَدْفَعُ ) بِدُونِ أَلِفٍ بَعْدَ الدَّالِ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ تَعْلِيلُ الدِّفَاعِ بِكَوْنِهِ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ، بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ الْخَائِنِينَ ،
[ ص: 272 ] فَلِذَلِكَ يَدْفَعُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ لِرَدِّ أَذَى الْكَافِرِينَ : فَفِي هَذَا إِيذَانٌ بِمَفْعُولِ ( يُدَافِعُ ) الْمَحْذُوفِ ، أَيْ يُدَافِعُ الْكَافِرِينَ الْخَائِنِينَ .
وَالْخَوَّانُ : الشَّدِيدُ الْخَوْنِ ، وَالْخَوْنُ كَالْخِيَانَةِ : الْغَدْرُ بِالْأَمَانَةِ . وَالْمُرَادُ بِالْخَوَّانِ الْكَافِرُ ، لِأَنَّ الْكُفْرَ خِيَانَةٌ لِعَهْدِ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ بِأَنْ يُوَحِّدُوهُ فَجَعَلَهُ فِي الْفِطْرَةِ وَأَبْلَغَهُ النَّاسَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ فَنَبَّهَ بِذَلِكَ مَا أَوْدَعَهُ فِي فِطْرَتِهِمْ .
وَالْكَفُورُ : الشَّدِيدُ الْكُفْرِ . وَأَفَادَتْ ( كُلَّ ) فِي سِيَاقِ النَّفْيِ عُمُومَ نَفْيِ مَحَبَّةِ اللَّهِ عَنْ جَمِيعِ الْكَافِرِينَ إِذْ لَا يَحْتَمِلُ الْمَقَامُ غَيْرَ ذَلِكَ . وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=38لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ ) أَنَّهُ يُحِبُّ بَعْضَ الْخَوَّانِينَ لِأَنَّ كَلِمَةَ ( كُلَّ ) اسْمٌ جَامِدٌ لَا يُشْعِرُ بِصِفَةٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ تَوَجُّهُ النَّفْيِ إِلَى مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ كَلِمَةِ ( كُلَّ ) وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ الْمُوهِمِ أَنَّ نَفْيَ قُوَّةِ الظُّلْمِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ قَلِيلِ الظُّلْمِ .