[ ص: 266 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=28991_33952قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى .
أظهروا استخفافهم بوعيده وبتعذيبه ، إذ أصبحوا أهل إيمان ويقين ، وكذلك شأن المؤمنين بالرسل إذا أشرفت عليهم أنوار الرسالة فسرعان ما يكون انقلابهم عن جهالة الكفر وقساوته إلى حكمة الإيمان وثباته . ولنا في
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ونحوه ممن آمنوا
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - مثل صدق .
والإيثار : التفضيل . وتقدم في قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91لقد آثرك الله علينا ) في سورة يوسف . والتفضيل بين
فرعون وما جاءهم من البينات مقتض حذف مضاف يناسب المقابلة بالبينات ، أي لن نؤثر طاعتك أو دينك على ما جاءنا من البينات الدالة على وجوب طاعة الله تعالى ، وبذلك يلتئم عطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72والذي فطرنا ) ، أي لا نؤثرك في الربوبية على الذي فطرنا .
وجيء بالموصول للإيماء إلى التعليل ، لأن الفاطر هو المستحق بالإيثار .
وأخر (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72الذي فطرنا ) عن (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72ما جاءنا من البينات ) لأن البينات دليل على أن الذي خلقهم أراد منهم الإيمان
بموسى ونبذ عبادة غير الله ، ولأن فيه تعريضا بدعوة
فرعون للإيمان بالله .
وصيغة الأمر في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72فاقض ما أنت قاض ) مستعملة في التسوية ، لأن (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72ما أنت قاض ) ماصدقه ما توعدهم به من تقطيع
[ ص: 267 ] الأيدي والأرجل والصلب ، أي سواء علينا ذلك بعضه أو كله أو عدم وقوعه ، فلا نطلب منك خلاصا منه جزاء طاعتك فافعل ما أنت فاعل ( والقضاء هنا التنفيذ والإنجاز ) فإن عذابك لا يتجاوز هذه الحياة ونحن نرجو من ربنا الجزاء الخالد .
وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72هذه الحياة ) على النيابة عن المفعول فيه ، لأن المراد بالحياة مدتها .
والقصر المستفاد من ( إنما ) قصر موصوف على صفة ، أي إنك مقصور على القضاء في هذه الحياة الدنيا لا يتجاوزه إلى القضاء في الآخرة ، فهو قصر حقيقي . وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73إنا آمنا بربنا ) في محل العلة لما تضمنه كلامهم .
ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73وما أكرهتنا عليه من السحر ) أنه أكرههم على تحديهم
موسى بسحرهم فعلموا أن فعلهم باطل وخطيئة لأنه استعمل لإبطال إلهية الله ، فبذلك كان مستوجبا طلب المغفرة .
وجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73والله خير وأبقى ) في موضع الحال ، أو معترضة في آخر الكلام للتذييل . والمعنى : أن الله خير لنا بأن نؤثره منك . والمراد : رضى الله وهو أبقى منك ، أي جزاؤه في الخير والشر أبقى من جزائك فلا يهولنا قولك (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) ، فذلك مقابلة لوعيده مقابلة تامة .
[ ص: 266 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=28991_33952قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى .
أَظْهَرُوا اسْتِخْفَافَهُمْ بِوَعِيدِهِ وَبِتَعْذِيبِهِ ، إِذْ أَصْبَحُوا أَهْلَ إِيمَانٍ وَيَقِينٍ ، وَكَذَلِكَ شَأْنُ الْمُؤْمِنِينَ بِالرُّسُلِ إِذَا أَشْرَفَتْ عَلَيْهِمْ أَنْوَارُ الرِّسَالَةِ فَسُرْعَانَ مَا يَكُونُ انْقِلَابُهُمْ عَنْ جَهَالَةِ الْكُفْرِ وَقَسَاوَتِهِ إِلَى حِكْمَةِ الْإِيمَانِ وَثَبَاتِهِ . وَلَنَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ آمَنُوا
بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلُ صِدْقٍ .
وَالْإِيثَارُ : التَّفْضِيلُ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا ) فِي سُورَةِ يُوسُفَ . وَالتَّفْضِيلُ بَيْنَ
فِرْعَوْنَ وَمَا جَاءَهُمْ مِنَ الْبَيِّنَاتِ مُقْتَضٍ حَذْفَ مُضَافٍ يُنَاسِبُ الْمُقَابَلَةَ بِالْبَيِّنَاتِ ، أَيْ لَنْ نُؤْثِرَ طَاعَتَكَ أَوْ دِينَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَبِذَلِكَ يَلْتَئِمُ عَطْفُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72وَالَّذِي فَطَرَنَا ) ، أَيْ لَا نُؤْثِرُكَ فِي الرُّبُوبِيَّةِ عَلَى الَّذِي فَطَرَنَا .
وَجِيءَ بِالْمَوْصُولِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى التَّعْلِيلِ ، لِأَنَّ الْفَاطِرَ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ بِالْإِيثَارِ .
وَأُخِّرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72الَّذِي فَطَرَنَا ) عَنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ) لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي خَلَقَهُمْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْإِيمَانَ
بِمُوسَى وَنَبْذَ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا بِدَعْوَةِ
فِرْعَوْنَ لِلْإِيمَانِ بِاللَّهِ .
وَصِيغَةُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّسْوِيَةِ ، لِأَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72مَا أَنْتَ قَاضٍ ) مَاصَدَقَهُ مَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ مِنْ تَقْطِيعِ
[ ص: 267 ] الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَالصَّلْبِ ، أَيْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا ذَلِكَ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ أَوْ عَدَمُ وُقُوعِهِ ، فَلَا نَطْلُبُ مِنْكَ خَلَاصًا مِنْهُ جَزَاءَ طَاعَتِكِ فَافْعَلْ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ ( وَالْقَضَاءُ هُنَا التَّنْفِيذُ وَالْإِنْجَازُ ) فَإِنَّ عَذَابَكَ لَا يَتَجَاوَزُ هَذِهِ الْحَيَاةَ وَنَحْنُ نَرْجُو مِنْ رَبِّنَا الْجَزَاءَ الْخِالِدَ .
وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72هَذِهِ الْحَيَاةَ ) عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْمَفْعُولِ فِيهِ ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَاةِ مُدَّتُهَا .
وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ( إِنَّمَا ) قَصْرُ مَوْصُوفٍ عَلَى صِفَةٍ ، أَيْ إِنَّكَ مَقْصُورٌ عَلَى الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لَا يَتَجَاوَزْهُ إِلَى الْقَضَاءِ فِي الْآخِرَةِ ، فَهُوَ قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ . وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا ) فِي مَحَلِّ الْعِلَّةِ لِمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُمْ .
وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ) أَنَّهُ أَكْرَهَهُمْ عَلَى تَحَدِّيهِمْ
مُوسَى بِسِحْرِهِمْ فَعَلِمُوا أَنَّ فِعْلَهُمْ بَاطِلٌ وَخَطِيئَةٌ لِأَنَّهُ اسْتُعْمِلَ لِإِبْطَالِ إِلَهِيَّةِ اللَّهِ ، فَبِذَلِكَ كَانَ مُسْتَوْجِبًا طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ .
وَجُمْلَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَوْ مُعْتَرِضَةٌ فِي آخِرَ الْكَلَامِ لِلتَّذْيِيلِ . وَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ خَيْرٌ لَنَا بِأَنْ نُؤْثِرَهُ مِنْكَ . وَالْمُرَادُ : رِضَى اللَّهِ وَهُوَ أَبْقَى مِنْكَ ، أَيْ جَزَاؤُهُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَبْقَى مِنْ جَزَائِكَ فَلَا يَهُولُنَا قَوْلُكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ) ، فَذَلِكَ مُقَابَلَةٌ لِوَعِيدِهِ مُقَابَلَةً تَامَّةً .