nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28988_31836_31837ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا يجوز أن يكون اعتراضا في آخر الحكاية ، ليس داخلا في الجملة التفسيرية ، فانتصاب ( ذرية ) على الاختصاص ; لزيادة بيان
بني إسرائيل بيانا مقصودا به التعريض بهم إذ لم يشكروا النعمة ، ويجوز أن يكون من تمام الجملة التفسيرية ، أي حال كونهم ذرية من حملنا مع
نوح عليه السلام ،
[ ص: 26 ] أو ينتصب على النداء بتقدير النداء ، أي يا ذرية من حملنا مع
نوح ; مقصودا به تحريضهم على شكر نعمة الله ، واجتناب الكفر به باتخاذ شركاء دونه .
والحمل : وضع شيء على آخر لنقله ، والمراد الحمل في السفينة كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11حملناكم في الجارية ، أي ذرية من أنجيناهم من الطوفان مع
نوح عليه السلام .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3إنه كان عبدا شكورا مفيدة تعليل النهي عن أن يتخذوا من دون الله وكيلا ; لأن أجدادهم حملوا مع
نوح بنعمة من الله عليهم لنجاتهم من الغرق ، وكان
نوح عبدا شكورا ، والذين حملوا معه كانوا شاكرين مثله ، أي فاقتدوا بهم ، ولا تكفروا نعم الله .
ويحتمل أن تكون هذه الجملة من تمام الجملة التفسيرية ; فتكون مما خاطب الله به
بني إسرائيل ، ويحتمل أنها مذيلة لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2وآتينا موسى الكتاب فيكون خطابا لأهل القرآن ، واعلم أن في اختيار وصفهم بأنهم ذرية من حمل مع
نوح عليه السلام معان عظيمة ; من التذكير ، والتحريض والتعريض ; لأن
بني إسرائيل من ذرية
( سام ) بن نوح ، وكان
سام ممن ركب السفينة .
وإنما لم يقل ذرية
نوح مع أنهم كذلك ; قصدا لإدماج التذكير بنعمة إنجاء أصولهم من الغرق .
وفيه تذكير بأن الله أنجى
نوحا ، ومن معه من الهلاك بسبب شكره وشكرهم ; تحريضا على الائتساء بأولئك .
وفيه تعريض بأنهم إن أشركوا ليوشكن أن ينزل بهم عذاب واستئصال ، كما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم .
[ ص: 27 ] وفيه أن ذرية
نوح كانوا شقين : شق بار مطيع ، وهم الذين حملهم معه في السفينة ، وشق متكبر كافر وهو ولده الذي غرق ، فكان
نوح عليه السلام مثلا لأبي فريقين ، وكان
بنو إسرائيل من ذرية الفريق البار ، فإن اقتدوا به نجوا ، وإن حادوا فقد نزعوا إلى الفريق الآخر فيوشك أن يهلكوا ، وهذا التماثل هو نكتة اختيار ذكر
نوح من بين أجدادهم الآخرين مثل
إبراهيم ، وإسحاق ،
ويعقوب عليهم السلام ، لفوات هذا المعنى في أولئك ، وقد ذكر في هذه السورة استئصال
بني إسرائيل مرتين بسبب إفسادهم في الأرض ، وعلوهم مرتين ، وأن ذلك جزاء إهمالهم وعد الله
نوحا عليه السلام حينما نجاه .
وتأكيد
nindex.php?page=treesubj&link=31837كون نوح nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3كان عبدا شكورا بحرف ( إن ) تنزيل لهم منزلة من يجهل ذلك ، إما لتوثيق حملهم على الاقتداء به إن كانت الجملة خطابا
لبني إسرائيل من تمام الجملة التفسيرية ، وإما لتنزيلهم منزلة من جهل ذلك حتى تورطوا في الفساد فاستأهلوا الاستئصال ، وذهاب ملكهم ; لينتقل منه إلى التعريض بالمشركين من العرب بأنهم غير مقتدين
بنوح ; لأن مثلهم ومثل
بني إسرائيل في هذا السياق واحد في جميع أحوالهم ، فيكون التأكيد منظورا فيه إلى المعنى التعريضي .
ومعنى كون
نوح عبدا أنه معترف لله بالعبودية غير متكبر بالإشراك ، وكونه شكورا ، أي شديدا لشكر الله بامتثال أوامره ، وروي أنه كان يكثر حمد الله .
والاقتداء بصالح الآباء مجبولة عليه النفوس ، ومحل تنافس عند الأمم بحيث يعد خلاف ذلك كمثير للشك في صحة الانتساب .
nindex.php?page=treesubj&link=31828وكان نوح عليه السلام مثلا في كمال النفس ، وكانت العرب تعرف ذلك ، وتنبعث على الاقتداء به ، قال
النابغة :
فألفيت الأمانة لم تخنهـا كذلك كان نوح لا يخون
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28988_31836_31837ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اعْتِرَاضًا فِي آخِرِ الْحِكَايَةِ ، لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْجُمْلَةِ التَّفْسِيرِيَّةِ ، فَانْتِصَابُ ( ذُرِّيَّةَ ) عَلَى الِاخْتِصَاصِ ; لِزِيَادَةِ بَيَانِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بَيَانًا مَقْصُودًا بِهِ التَّعْرِيضُ بِهِمْ إِذْ لَمْ يَشْكُرُوا النِّعْمَةَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الْجُمْلَةِ التَّفْسِيرِيَّةِ ، أَيْ حَالَ كَوْنِهِمْ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ،
[ ص: 26 ] أَوْ يَنْتَصِبُ عَلَى النِّدَاءِ بِتَقْدِيرِ النِّدَاءِ ، أَيْ يَا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ
نُوحٍ ; مَقْصُودًا بِهِ تَحْرِيضُهُمْ عَلَى شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ ، وَاجْتِنَابِ الْكُفْرِ بِهِ بِاتِّخَاذِ شُرَكَاءَ دُونَهُ .
وَالْحَمْلُ : وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى آخَرَ لِنَقْلِهِ ، وَالْمُرَادُ الْحَمْلُ فِي السَّفِينَةِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ، أَيْ ذُرِّيَّةَ مَنْ أَنْجَيْنَاهُمْ مِنَ الطُّوفَانِ مَعَ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا مُفِيدَةٌ تَعْلِيلَ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَكِيلًا ; لِأَنَّ أَجْدَادَهُمْ حُمِلُوا مَعَ
نُوحٍ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِنَجَاتِهِمْ مِنَ الْغَرَقِ ، وَكَانَ
نُوحٌ عَبْدًا شَكُورًا ، وَالَّذِينَ حُمِلُوا مَعَهُ كَانُوا شَاكِرِينَ مِثْلَهُ ، أَيْ فَاقْتَدُوا بِهِمْ ، وَلَا تَكْفُرُوا نِعَمَ اللَّهِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ تَمَامِ الْجُمْلَةِ التَّفْسِيرِيَّةِ ; فَتَكُونُ مِمَّا خَاطَبَ اللَّهُ بِهِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُذَيِّلَةٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَيَكُونُ خِطَابًا لِأَهْلِ الْقُرْآنِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي اخْتِيَارِ وَصْفِهِمْ بِأَنَّهُمْ ذُرِّيَّةُ مَنْ حَمَلَ مَعَ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَانٍ عَظِيمَةً ; مِنَ التَّذْكِيرِ ، وَالتَّحْرِيضِ وَالتَّعْرِيضِ ; لِأَنَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ ذُرِّيَّةِ
( سَامِ ) بْنِ نُوحٍ ، وَكَانَ
سَامُ مِمَّنْ رَكِبَ السَّفِينَةَ .
وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذُرِّيَّةَ
نُوحٍ مَعَ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ ; قَصْدًا لِإِدْمَاجِ التَّذْكِيرِ بِنِعْمَةِ إِنْجَاءِ أُصُولِهِمْ مِنَ الْغَرَقِ .
وَفِيهِ تَذْكِيرٌ بِأَنَّ اللَّهَ أَنْجَى
نُوحًا ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْهَلَاكِ بِسَبَبِ شُكْرِهِ وَشُكْرِهِمْ ; تَحْرِيضًا عَلَى الِائْتِسَاءِ بِأُولَئِكَ .
وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُمْ إِنْ أَشْرَكُوا لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ عَذَابٌ وَاسْتِئْصَالٌ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ .
[ ص: 27 ] وَفِيهِ أَنَّ ذُرِّيَّةَ
نُوحٍ كَانُوا شِقَّيْنِ : شِقٌّ بَارٌّ مُطِيعٌ ، وَهُمُ الَّذِينَ حَمَلَهُمْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ ، وَشِقٌّ مُتَكَبِّرٌ كَافِرٌ وَهُوَ وَلَدُهُ الَّذِي غَرِقَ ، فَكَانَ
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَثَلًا لِأَبِي فَرِيقَيْنِ ، وَكَانَ
بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْفَرِيقِ الْبَارِّ ، فَإِنِ اقْتَدَوْا بِهِ نَجَوْا ، وَإِنْ حَادُوا فَقَدْ نَزَعُوا إِلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ فَيُوشِكُ أَنْ يَهْلَكُوا ، وَهَذَا التَّمَاثُلُ هُوَ نُكْتَةُ اخْتِيَارِ ذِكْرِ
نُوحٍ مِنْ بَيْنِ أَجْدَادِهِمُ الْآخَرِينَ مِثْلِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْحَاقَ ،
وَيَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، لِفَوَاتِ هَذَا الْمَعْنَى فِي أُولَئِكَ ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ اسْتِئْصَالُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ مَرَّتَيْنِ بِسَبَبِ إِفْسَادِهِمْ فِي الْأَرْضِ ، وَعُلُوِّهِمْ مَرَّتَيْنِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ جَزَاءُ إِهْمَالِهِمْ وَعْدَ اللَّهِ
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَمَا نَجَّاهُ .
وَتَأْكِيدُ
nindex.php?page=treesubj&link=31837كَوْنِ نُوحٍ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3كَانَ عَبْدًا شَكُورًا بِحَرْفِ ( إِنَّ ) تَنْزِيلٌ لَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ ، إِمَّا لِتَوْثِيقِ حَمْلِهِمْ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ إِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ خِطَابًا
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ تَمَامِ الْجُمْلَةِ التَّفْسِيرِيَّةِ ، وَإِمَّا لِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى تَوَرَّطُوا فِي الْفَسَادِ فَاسْتَأْهَلُوا الِاسْتِئْصَالَ ، وَذَهَابَ مُلْكِهِمْ ; لِيَنْتَقِلَ مِنْهُ إِلَى التَّعْرِيضِ بِالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُقْتَدِينَ
بِنُوحٍ ; لِأَنَّ مَثَلَهُمْ وَمَثَلَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي هَذَا السِّيَاقِ وَاحِدٌ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ ، فَيَكُونُ التَّأْكِيدُ مَنْظُورًا فِيهِ إِلَى الْمَعْنَى التَّعْرِيضِيِّ .
وَمَعْنَى كَوْنِ
نُوحٍ عَبْدًا أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ غَيْرُ مُتَكَبِّرٍ بِالْإِشْرَاكِ ، وَكَوْنُهُ شَكُورًا ، أَيْ شَدِيدًا لِشُكْرِ اللَّهِ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ حَمْدَ اللَّهِ .
وَالِاقْتِدَاءُ بِصَالِحِ الْآبَاءِ مَجْبُولَةٌ عَلَيْهِ النُّفُوسُ ، وَمَحَلُّ تَنَافُسٍ عِنْدَ الْأُمَمِ بِحَيْثُ يُعَدُّ خِلَافُ ذَلِكَ كَمُثِيرٍ لِلشَّكِّ فِي صِحَّةِ الِانْتِسَابِ .
nindex.php?page=treesubj&link=31828وَكَانَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَثَلًا فِي كَمَالِ النَّفْسِ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ ، وَتَنْبَعِثُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ ، قَالَ
النَّابِغَةُ :
فَأَلْفَيْتَ الْأَمَانَةَ لَمْ تَخُنْهَـا كَذَلِكَ كَانَ نُوحٌ لَا يَخُونُ