nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110nindex.php?page=treesubj&link=28987ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106من كفر بالله من بعد إيمانه إلى قوله هم الخاسرون .
[ ص: 299 ] و ( ثم ) للترتيب الرتبي ، كما هو شأنها في عطفها الجمل ؛ وذلك أن مضمون هذه الجملة المعطوفة أعظم رتبة من المعطوف عليها ؛ إذ لا أعظم من رضى الله تعالى كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72ورضوان من الله أكبر .
والمراد بـ الذين هاجروا
nindex.php?page=treesubj&link=29286المهاجرون إلى الحبشة الذين أذن لهم النبيء صلى الله عليه وسلم بالهجرة للتخلص من أذى المشركين ، ولا يستقيم معنى الهجرة إلا لهذه الهجرة إلى أرض الحبشة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ، ومن عمه
أبي طالب ، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء ، قال لهم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342039لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه ; فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله إلى
أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا بدينهم اهـ .
فإن الله لما ذكر الذين آمنوا ، وصبروا على الأذى وعذر الذين اتقوا عذاب الفتنة بأن قالوا كلام الكفر بأفواههم ، ولكن قلوبهم مطمئنة بالإيمان ذكر فريقا آخر فازوا بفرار من الفتنة ; لئلا يتوهم متوهم أن بعدهم عن النبيء صلى الله عليه وسلم في تلك الشدة يوهن جماعة المسلمين فاستوفى ذكر فرق المسلمين كلها ، وقد أومأ إلى حظهم من الفضل بقوله : ( هاجروا من بعد ما فتنوا ) فسمى عملهم هجرة .
وهذا الاسم في مصطلح القرآن يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=26044مفارقة الوطن لأجل المحافظة على الدين ، كما حكي عن
إبراهيم عليه السلام وقال : إني مهاجر إلى ربي ، وقال في الأنصار
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9يحبون من هاجر إليهم ، أي المؤمنين الذين فارقوا
مكة .
وسمى ما لقوه من المشركين فتنة ، والفتنة : العذاب والأذى الشديد المتكرر الذي لا يترك لمن يقع به صبرا ولا رأيا ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يوم هم على [ ص: 300 ] النار يفتنون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14ذوقوا فتنتكم ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ، وتقدم بيانها عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191والفتنة أشد من القتل في سورة البقرة ، أي فقد نالهم الأذى في الله .
والمجاهدة : المقاومة بالجهد ، أي الطاقة .
والمراد بالمجاهدة هنا دفاعهم المشركين عن أن يردوهم إلى الكفر .
وهاتان الآيتان مكيتان نازلتان قبل شرع الجهاد الذي هو بمعنى قتال الكفار لنصر الدين .
والصبر : الثبات على تحمل المكروه والمشاق ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر والصلاة في سورة البقرة .
وأكد الخبر بحرف التوكيد اللفظي ; لتحقيق الوعد ، والاهتمام يدفع النقيصة عنهم في الفضل .
ويدل على ذلك ما في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342040أن nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس ، وهي ممن قدم من أرض الحبشة ، دخلت على حفصة فدخل عمر عليها فقال لها : سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم ، فغضبت أسماء وقالت : كلا والله ، كنتم مع النبيء يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم ، وكنا في أرض البعداء البغضاء بالحبشة ، ونحن كنا نؤذى ونخاف ، وذلك في الله ورسوله ، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله ، فلما جاء النبيء صلى الله عليه وسلم بيت حفصة قالت : أسماء : يا رسول الله إن عمر قال كذا وكذا ، قال : فما قلت له ؟ قالت : قلت له كذا وكذا ، قال ليس بأحق بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان .
واللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110للذين هاجروا متعلق بـ غفور مقدم عليه للاهتمام ، وأعيد إن ربك ثانيا لطول الفصل بين اسم ( إن ) وخبرها المقترن بلام الابتداء مع إفادة التأكيد اللفظي .
[ ص: 301 ] وتعريف المسند إليه الذي هو اسم ( إن ) بطريق الإضافة دون العلمية لما يومئ إليه إضافة لفظ ( رب ) إلى ضمير النبيء من كون المغفرة والرحمة لأصحابه كانت ; لأنهم أوذوا لأجل الله ، ولأجل النبيء صلى الله عليه وسلم فكان إسناد المغفرة إلى الله بعنوان كونه رب
محمد صلى الله عليه وسلم حاصلا أسلوب يدل على الذات العلية ، وعلى الذات المحمدية .
وهذا من أدق لطائف القرآن في قرن اسم النبيء باسم الله بمناسبة هذا الإسناد بخصوصه .
وضمير ( من بعدها ) عائد إلى الهجرة المستفادة من هاجروا ، أو إلى المذكورات : من هجرة ، وفتنة ، وجهاد ، وصبر ، أو إلى الفتنة المأخوذة من ( فتنوا ) ، وكل تلك الاحتمالات تشير إلى أن المغفرة والرحمة لهم جزاء على بعض تلك الأفعال ، أو كلها .
وقرأ
ابن عامر فتنوا بفتح الفاء والتاء على البناء للفاعل ، وهي لغة في افتتن ، بمعنى ( وقع ) في الفتنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110nindex.php?page=treesubj&link=28987ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَى قَوْلِهِ هُمُ الْخَاسِرُونَ .
[ ص: 299 ] وَ ( ثُمَّ ) لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ ، كَمَا هُوَ شَأْنُهَا فِي عَطْفِهَا الْجُمَلَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ أَعْظَمُ رُتْبَةً مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا ؛ إِذْ لَا أَعْظَمَ مِنْ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ .
وَالْمُرَادُ بِـ الَّذِينَ هَاجَرُوا
nindex.php?page=treesubj&link=29286الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْحَبَشَةِ الَّذِينَ أَذِنَ لَهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهِجْرَةِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعْنَى الْهِجْرَةِ إِلَّا لِهَذِهِ الْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنْ عَمِّهِ
أَبِي طَالِبٍ ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ ، قَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342039لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ ; فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى
أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ وَفِرَارًا بِدِينِهِمُ اهـ .
فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا ذَكَرَ الَّذِينَ آمَنُوا ، وَصَبَرُوا عَلَى الْأَذَى وَعَذَرَ الَّذِينَ اتَّقَوْا عَذَابَ الْفِتْنَةِ بِأَنْ قَالُوا كَلَامَ الْكُفْرِ بِأَفْوَاهِهِمْ ، وَلَكِنَّ قُلُوبَهُمْ مُطَمْئِنَّةٌ بِالْإِيمَانِ ذَكَرَ فَرِيقًا آخَرَ فَازُوا بِفِرَارٍ مِنَ الْفِتْنَةِ ; لِئَلَّا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ بُعْدَهُمْ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الشِّدَّةِ يُوهِنُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَوْفَى ذِكْرَ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهَا ، وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَى حَظِّهِمْ مِنَ الْفَضْلِ بِقَوْلِهِ : ( هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ) فَسَمَّى عَمَلَهُمْ هِجْرَةً .
وَهَذَا الِاسْمُ فِي مُصْطَلَحِ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=26044مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الدِّينِ ، كَمَا حُكِيَ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ : إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ، وَقَالَ فِي الْأَنْصَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ، أَيِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ فَارَقُوا
مَكَّةَ .
وَسَمَّى مَا لَقَوْهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِتْنَةً ، وَالْفِتْنَةُ : الْعَذَابُ وَالْأَذَى الشَّدِيدُ الْمُتَكَرِّرُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ لِمَنْ يَقَعُ بِهِ صَبْرًا وَلَا رَأْيًا ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يَوْمَ هُمْ عَلَى [ ص: 300 ] النَّارِ يُفْتَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، أَيْ فَقَدْ نَالَهُمُ الْأَذَى فِي اللَّهِ .
وَالْمُجَاهَدَةُ : الْمُقَاوَمَةُ بِالْجُهْدِ ، أَيِ الطَّاقَةِ .
وَالْمُرَادُ بِالْمُجَاهَدَةِ هُنَا دِفَاعُهُمُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ أَنْ يَرُدُّوهُمْ إِلَى الْكُفْرِ .
وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ مَكِّيَّتَانِ نَازِلَتَانِ قَبْلَ شَرْعِ الْجِهَادِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى قِتَالِ الْكُفَّارِ لِنَصْرِ الدِّينِ .
وَالصَّبْرُ : الثَّبَاتُ عَلَى تَحَمُّلِ الْمَكْرُوهِ وَالْمَشَاقِّ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَأَكَّدَ الْخَبَرَ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ ; لِتَحْقِيقِ الْوَعْدِ ، وَالِاهْتِمَامُ يَدْفَعُ النَّقِيصَةَ عَنْهُمْ فِي الْفَضْلِ .
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342040أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=116أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ ، وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، دَخَلَتْ عَلَى حَفْصَةَ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا : سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْكُمْ ، فَغَضِبَتْ أَسْمَاءُ وَقَالَتْ : كَلَّا وَاللَّهِ ، كُنْتُمْ مَعَ النَّبِيءِ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ ، وَكُنَّا فِي أَرْضِ الْبَعْدَاءِ الْبَغْضَاءِ بِالْحَبَشَةِ ، وَنَحْنُ كُنَّا نَؤْذَى وَنَخَافُ ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ حَفْصَةَ قَالَتْ : أَسْمَاءُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَمَا قُلْتِ لَهُ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ ، وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ .
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مُتَعَلِّقٌ بِـ غَفُورٌ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِلِاهْتِمَامِ ، وَأُعِيدَ إِنَّ رَبَّكَ ثَانِيًا لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ اسْمِ ( إِنَّ ) وَخَبَرِهَا الْمُقْتَرِنِ بِلَامِ الِابْتِدَاءِ مَعَ إِفَادَةِ التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ .
[ ص: 301 ] وَتَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ اسْمُ ( إِنَّ ) بِطَرِيقِ الْإِضَافَةِ دُونَ الْعَلَمِيَّةِ لِمَا يُومِئُ إِلَيْهِ إِضَافَةُ لَفْظِ ( رَبَّ ) إِلَى ضَمِيرِ النَّبِيءِ مِنْ كَوْنِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِأَصْحَابِهِ كَانَتْ ; لِأَنَّهُمْ أُوذُوا لِأَجْلِ اللَّهِ ، وَلِأَجْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِسْنَادُ الْمَغْفِرَةِ إِلَى اللَّهِ بِعُنْوَانِ كَوْنِهِ رَبَّ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصِلًا أُسْلُوبٌ يَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ ، وَعَلَى الذَّاتِ الْمُحَمَّدِيَّةِ .
وَهَذَا مِنْ أَدَقِّ لَطَائِفِ الْقُرْآنِ فِي قَرْنِ اسْمِ النَّبِيءِ بِاسْمِ اللَّهِ بِمُنَاسَبَةِ هَذَا الْإِسْنَادِ بِخُصُوصِهِ .
وَضَمِيرُ ( مِنْ بَعْدِهَا ) عَائِدٌ إِلَى الْهِجْرَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ هَاجَرُوا ، أَوْ إِلَى الْمَذْكُورَاتِ : مِنْ هِجْرَةٍ ، وَفِتْنَةٍ ، وَجِهَادٍ ، وَصَبْرٍ ، أَوْ إِلَى الْفِتْنَةِ الْمَأْخُوذَةِ مَنْ ( فَتَنُوا ) ، وَكُلِّ تِلْكَ الِاحْتِمَالَاتِ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ لَهُمْ جَزَاءٌ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ ، أَوْ كُلِّهَا .
وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ فَتَنُوا بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي افْتَتَنَ ، بِمَعْنَى ( وَقَعَ ) فِي الْفِتْنَةِ .