nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59nindex.php?page=treesubj&link=28979_30532ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون
تسلية للنبيء - صلى الله عليه وسلم - على ما بدأه به أعداؤه من الخيانة مثل ما فعلت قريظة ، وما فعل
عبد الله بن أبي ابن سلول وغيرهم من فلول المشركين الذين نجوا يوم
بدر ، وطمأنة له وللمسلمين بأنهم سيدالون منهم ، ويأتون على بقيتهم ، وتهديد للعدو بأن الله سيمكن منهم المسلمين .
والسبق مستعار للنجاة ممن يطلب ، والتفلت من سلطته . شبه المتخلص من طالبه بالسابق كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا وقال بعض
بني فقعس :
كأنك لم تسبق من الدهـر مـرة إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب
[ ص: 54 ] أي : كأنك لم يفتك ما فاتك إذا أدركته بعد ذلك ، ولذلك قوبل السبق هنا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إنهم لا يعجزون أي : هم وإن ظهرت نجاتهم الآن ، فما هي إلا نجاة في وقت قليل ، فهم لا يعجزون الله ، أو لا يعجزون المسلمين ، أي : لا يصيرون من أفلتوا منه عاجزا عن نوالهم ، كقول
إياس بن قبيصة الطائي :
ألم تر أن الأرض رحب فسيحة فهل تعجزني بقعة من بقاعها
وحذف مفعول " يعجزون " لظهور المقصود .
وقرأ الجمهور " ولا تحسبن " بالتاء الفوقية . وقرأه
ابن عامر ، وحمزة ، وحفص ، وأبو جعفر ، ( ولا يحسبن ) بالياء التحتية . وهي قراءة مشكلة لعدم وجود المفعول الأول لـ " حسب " فزعم
أبو حاتم هذه القراءة لحنا وهذا اجتراء منه على أولئك الأئمة وصحة روايتهم ، واحتج لها
أبو علي الفارسي بإضمار مفعول أول يدل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إنهم لا يعجزون أي لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا ، واحتج لها
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج بتقدير ( أن ) قبل " سبقوا " فيكون المصدر سادا مسد المفعولين ، وقيل : حذف الفاعل لدلالة الفعل عليه ، والتقدير : ولا يحسبن حاسب .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إنهم لا يعجزون قرأه الجمهور بكسر همزة " إنهم " استئناف بياني جوابا عن سؤال تثيره جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا وقرأ
ابن عامر ( أنهم ) بفتح همزة ( أن ) على حذف لام التعليل فالجملة في تأويل مصدر هو علة للنهي ، أي لأنهم لا يعجزون ، قال في الكشاف : كل واحدة من المكسورة والمفتوحة تعليل إلا أن المكسورة على طريقة الاستئناف والمفتوحة تعليل صريح .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59nindex.php?page=treesubj&link=28979_30532وَلَا تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ
تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا بَدَأَهُ بِهِ أَعْدَاؤُهُ مِنَ الْخِيَانَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَتْ قُرَيْظَةُ ، وَمَا فَعَلَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أِبَيِّ ابْنِ سَلُولَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ فُلُولِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ نَجَوْا يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَطَمْأَنَةٌ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ سَيُدَالُونَ مِنْهُمْ ، وَيَأْتُونَ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ ، وَتَهْدِيدٌ لِلْعَدُوِّ بِأَنَّ اللَّهَ سَيُمَكِّنُ مِنْهُمُ الْمُسْلِمِينَ .
وَالسَّبْقُ مُسْتَعَارٌ لِلنَّجَاةِ مِمَّنْ يَطْلُبُ ، وَالتَّفَلُّتِ مِنْ سُلْطَتِهِ . شَبَّهَ الْمُتَخَلِّصَ مِنْ طَالِبِهِ بِالسَّابِقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا وَقَالَ بَعْضُ
بَنِي فَقْعَسٍ :
كَأَنَّكَ لَمْ تُسْبَقْ مِنَ الدَّهْـرِ مَـرَّةً إِذَا أَنْتَ أَدْرَكْتَ الَّذِي كُنْتَ تَطْلُبُ
[ ص: 54 ] أَيْ : كَأَنَّكَ لَمْ يَفُتْكَ مَا فَاتَكَ إِذَا أَدْرَكْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ قُوبِلَ السَّبْقُ هُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ أَيْ : هُمْ وَإِنْ ظَهَرَتْ نَجَاتُهُمُ الْآنَ ، فَمَا هِيَ إِلَّا نَجَاةٌ فِي وَقْتٍ قَلِيلٍ ، فَهُمْ لَا يُعْجِزُونَ اللَّهَ ، أَوْ لَا يُعْجِزُونَ الْمُسْلِمِينَ ، أَيْ : لَا يُصَيِّرُونَ مَنْ أَفْلَتُوا مِنْهُ عَاجِزًا عَنْ نَوَالِهِمْ ، كَقَوْلِ
إِيَاسِ بْنِ قَبِيصَةَ الطَّائِيِّ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْأَرْضَ رَحْبٌ فَسِيحَةٌ فَهَلْ تُعْجِزَنِّي بُقْعَةٌ مِنْ بِقَاعِهَا
وَحُذِفَ مَفْعُولُ " يُعْجِزُونَ " لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " وَلَا تَحْسَبَنَّ " بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ ، وَحَمْزَةُ ، وَحَفْصٌ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ، ( وَلَا يَحْسَبَنَّ ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ . وَهِيَ قِرَاءَةٌ مُشْكِلَةٌ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ لِـ " حَسِبَ " فَزَعَمَ
أَبُو حَاتِمٍ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَحْنًا وَهَذَا اجْتِرَاءٌ مِنْهُ عَلَى أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ وَصِحَّةِ رِوَايَتِهِمْ ، وَاحْتَجَّ لَهَا
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ بِإِضْمَارِ مَفْعُولٍ أَوَّلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ أَيْ لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْفُسَهُمْ سَبَقُوا ، وَاحْتَجَّ لَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ بِتَقْدِيرِ ( أَنْ ) قَبْلَ " سَبَقُوا " فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ سَادًّا مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ ، وَقِيلَ : حُذِفَ الْفَاعِلُ لِدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَلَا يَحْسَبَنَّ حَاسِبٌ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ هَمْزَةِ " إِنَّهُمُ " اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ تُثِيرُهُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=59وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ ( أَنَّهُمْ ) بِفَتْحِ هَمْزَةِ ( أَنَّ ) عَلَى حَذْفِ لَامِ التَّعْلِيلِ فَالْجُمْلَةُ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ هُوَ عِلَّةٌ لِلنَّهْيِ ، أَيْ لِأَنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ ، قَالَ فِي الْكَشَّافِ : كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَكْسُورَةِ وَالْمَفْتُوحَةِ تَعْلِيلٌ إِلَّا أَنَّ الْمَكْسُورَةَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِئْنَافِ وَالْمَفْتُوحَةَ تَعْلِيلٌ صَرِيحٌ .