فصل
في
nindex.php?page=treesubj&link=29292_31358وفاة nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد وذكر شيء من فضائلها ، ومناقبها رضي الله عنها وأرضاها ، وجعل جنات الفردوس منقلبها ومثواها ، وقد فعل ذلك لا
[ ص: 316 ] محالة ، بخبر الصادق المصدوق ، حيث بشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب .
قال
يعقوب بن سفيان : حدثنا
أبو صالح ، حدثنا
الليث ، حدثني
عقيل ، عن
ابن شهاب ، قال : قال
عروة بن الزبير : وقد كانت
خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة .
ثم روى من وجه آخر ، عن
الزهري ، أنه قال : توفيت
خديجة بمكة ، قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة ، وقبل أن تفرض الصلاة .
وقال
محمد بن إسحاق :
nindex.php?page=treesubj&link=29292_30619ماتت خديجة وأبو طالب في عام واحد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : بلغني أن
خديجة توفيت بعد موت
أبي طالب بثلاثة أيام . ذكره
أبو عبد الله بن منده في كتاب " المعرفة " ، وشيخنا
أبو عبد الله الحافظ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وزعم
الواقدي أن
خديجة ، وأبا طالب ، ماتا قبل الهجرة بثلاث سنين ، عام خرجوا من الشعب ، وأن
خديجة توفيت قبل
أبي طالب بخمس وثلاثين ليلة .
قلت : مرادهم قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، وكان
[ ص: 317 ] الأنسب بنا أن نذكر وفاة
أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة قبل الإسراء ، كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغير واحد . ولكن أخرنا ذلك عن الإسراء لمقصد ستطلع عليه بعد ذلك ، فإن الكلام به ينتظم ويتسق السياق ، كما تقف على ذلك إن شاء الله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
قتيبة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل بن غزوان ، عن
عمارة ، عن
أبي زرعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام - أو طعام أو شراب - فإذا هي أتتك ، فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها nindex.php?page=treesubj&link=31365ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب . وقد رواه
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
مسدد ، حدثنا
يحيى ، عن
إسماعيل ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510167قلت nindex.php?page=showalam&ids=51لعبد الله بن أبي أوفى ، رضي الله عنهما : بشر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة ؟ قال : نعم ، ببيت من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا ،
ومسلم من طرق ، عن
إسماعيل بن أبي خالد به .
قال
السهيلي : وإنما بشرها ببيت في الجنة من قصب - يعني : قصب اللؤلؤ - لأنها حازت قصب السبق إلى الإيمان ، لا صخب فيه ولا نصب ، لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم تتعبه يوما من الدهر ، فلم تصخب
[ ص: 318 ] عليه يوما ، ولا آذته أبدا .
وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت :
ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة - وهلكت قبل أن يتزوجني - لما كنت أسمعه يذكرها ، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب ، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن . لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وفي لفظ له عن
عائشة :
nindex.php?page=treesubj&link=31364_31363ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها ، قالت : وتزوجني بعدها بثلاث سنين ، وأمره ربه عز وجل - أو جبريل عليه السلام - أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب . وفي لفظ له ، قالت :
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة ، وما رأيتها ، ولكن كان يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ، ثم يقطعها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة . فيقول : " إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد "
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
إسماعيل بن خليل ، أخبرنا
علي بن مسهر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه عن
عائشة ، قالت :
استأذنت [ ص: 319 ] هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة ، فارتاع ، فقال : " اللهم هالة " . فغرت ، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش ، حمراء الشدقين ، هلكت في الدهر ، قد أبدلك الله خيرا منها . وهكذا رواه
مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد ، عن
علي بن مسهر به .
وهذا ظاهر في التقرير على أن
عائشة خير من
خديجة ، إما فضلا وإما عشرة; إذ لم ينكر عليها ، ولا رد عليها ذلك ، كما هو ظاهر سياق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، رحمه الله .
ولكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
مؤمل أبو عبد الرحمن ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد - هو ابن سلمة - ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك - هو ابن عمير - ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة ، عن
عائشة ، قالت :
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خديجة فأطنب في الثناء عليها ، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة ، فقلت : لقد أعقبك الله يا رسول الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين . قالت : فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرا لم أره تغير عند شيء قط ، إلا عند نزول الوحي ، أو عند المخيلة حتى يعلم ، رحمة أو عذاب [ ص: 320 ] وكذا رواه عن
بهز بن أسد وعثمان بن مسلم ، كلاهما عن
حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير به ، وزاد بعد قوله : حمراء الشدقين :
هلكت في الدهر الأول . قالت : فتمعر وجهه تمعرا ، ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي ، أو عند المخيلة حتى ينظر; أرحمة أو عذابا ؟ تفرد به
أحمد ، وهذا إسناد جيد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا : ثنا
علي بن إسحاق ، أخبرنا
عبد الله ، أخبرنا
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، عن
عائشة ، قالت :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها بأحسن الثناء ، قالت : فغرت يوما . فقلت : ما أكثر ما تذكرها ، حمراء الشدق ، قد أبدلك الله خيرا منها . قال : " ما أبدلني الله خيرا منها ، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء " . تفرد به
أحمد أيضا ، وإسناده لا بأس به ،
nindex.php?page=showalam&ids=16878ومجالد روى له
مسلم متابعة ، وفيه كلام مشهور . والله أعلم .
ولعل هذا - أعني قوله :
" ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء " [ ص: 321 ] كان قبل أن يولد
إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم من
مارية ، وقبل مقدمها بالكلية . وهذا متعين فإن جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم - كما تقدم وكما سيأتي من
خديجة ، إلا
إبراهيم ، فمن
مارية القبطية المصرية رضي الله عنها . وقد استدل بهذا الحديث جماعة من أهل العلم على
nindex.php?page=treesubj&link=31361_31368تفضيل خديجة على عائشة رضي الله عنهما وأرضاهما ، وتكلم آخرون في إسناده ، وتأوله آخرون على أنها كانت خيرا عشرة ، وهو محتمل أو ظاهر ، وسببه أن
عائشة سمت بشبابها ، وحسنها ، وجميل عشرتها ، وليس مرادها بقولها : قد أبدلك الله خيرا منها . أنها تزكي نفسها وتفضلها على
خديجة ، فإن هذا أمر مرجعه إلى الله عز وجل ، كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [ النجم : 32 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء [ النساء : 49 ] الآية .
وهذه مسألة وقع النزاع فيها بين العلماء قديما وحديثا ، وتجاذبها طرفا نقيض; أهل التشيع وغيرهم ، لا يعدلون
بخديجة أحدا من النساء ، لسلام الرب عليها ، وكون ولد النبي صلى الله عليه وسلم جميعهم - إلا
إبراهيم - منها ، وكونه لم يتزوج عليها حتى ماتت; إكراما لها ، وتقدم إسلامها ، وكونها من الصديقات ، ولها مقام صدق في أول البعثة ، وبذلت نفسها ومالها لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 322 ] وأما أهل السنة; فمنهم من يغلو أيضا ، ويثبت لكل واحدة منهما من الفضائل ما هو معروف ، ولكن تحملهم قوة التسنن على تفضيل
عائشة; لكونها ابنة
الصديق ، ولكونها أعلم من
خديجة ، فإنه لم يكن في الأمم مثل
عائشة في حفظها وعلمها وفصاحتها وعقلها ، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أحدا من نسائه كمحبته إياها ، ونزلت براءتها من فوق سبع سماوات ، وروت بعده عنه ، عليه السلام ، علما جما كثيرا طيبا مباركا فيه ، حتى قد ذكر كثير من الناس الحديث المشهور :
" خذوا شطر دينكم عن الحميراء "
والحق أن كلا منهما لها من الفضائل ما لو نظر الناظر فيه لبهره وحيره ، والأحسن التوقف في ذلك ، ورد علم ذلك ، إلى الله عز وجل ، ومن ظهر له دليل يقطع به ، أو يغلب على ظنه في هذا الباب ، فذاك الذي يجب عليه أن يقول بما عنده من العلم ، ومن حصل له توقف في هذه المسألة ، أو في غيرها ، فالطريق الأقوم والمسلك الأسلم أن يقول : الله أعلم .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ،
ومسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من
[ ص: 323 ] طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عبد الله بن جعفر ، عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510169خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد " . أي : خير زمانهما .
وروى
شعبة ، عن
معاوية بن قرة ، عن أبيه
قرة بن إياس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا ثلاث; مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة بنت خويلد ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " . رواه
ابن مردويه في " تفسيره " . وهذا إسناد صحيح إلى
شعبة ، وبعده . قالوا : والقدر المشترك بين هذه الثلاث نسوة ،
آسية ومريم nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة ، أن كلا منهن كفلت نبيا مرسلا ، وأحسنت الصحبة في كفالتها ، وصدقته;
فآسية ربت
موسى ، وأحسنت إليه ، وصدقته حين بعث ،
ومريم كفلت ولدها أتم كفالة وأعظمها ، وصدقته حين أرسل ،
nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة رغبت في تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، وبذلت في ذلك أموالها كما تقدم ، وصدقته حين نزل عليه الوحي من الله عز وجل .
وقوله :
" وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " . هو ثابت في " الصحيحين " من طريق
شعبة أيضا ، عن
عمرو بن مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الطيب الهمداني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
كمل [ ص: 324 ] من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام " . والثريد : هو الخبز واللحم جميعا ، وهو أفخر طعام العرب ، كما قال بعض الشعراء :
إذا ما الخبز تأدمه بلحم فذاك أمانة الله الثريد
ويحتمل قوله : " وفضل
عائشة على النساء " أن يكون عاما ، فيعم النساء المذكورات وغيرهن ، ويحتمل أن يكون عاما فيما عداهن ، ويبقى الكلام فيها وفيهن موقوفا يحتمل التسوية بينهن ، فيحتاج مرجح واحدة منهن على غيرها إلى دليل من خارج . والله أعلم .
فَصْلٌ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29292_31358وَفَاةِ nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِهَا ، وَمَنَاقِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا ، وَجَعَلَ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ مُنْقَلَبَهَا وَمَثْوَاهَا ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا
[ ص: 316 ] مَحَالَةَ ، بِخَبَرِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ ، حَيْثُ بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ، لَا صَخَبَ فِيهِ ، وَلَا نَصَبَ .
قَالَ
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ : حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ ، حَدَّثَنِي
عُقَيْلٌ ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : قَالَ
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : وَقَدْ كَانَتْ
خَدِيجَةُ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ .
ثُمَّ رَوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : تُوُفِّيَتْ
خَدِيجَةُ بِمَكَّةَ ، قَبْلَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَقَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29292_30619مَاتَتْ خَدِيجَةُ وَأَبُو طَالِبٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : بَلَغَنِي أَنَّ
خَدِيجَةَ تُوُفِّيَتْ بَعْدَ مَوْتِ
أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ . ذَكَرَهُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ " الْمَعْرِفَةِ " ، وَشَيْخُنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَزَعَمَ
الْوَاقِدِيُّ أَنَّ
خَدِيجَةَ ، وَأَبَا طَالِبٍ ، مَاتَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، عَامَ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ ، وَأَنَّ
خَدِيجَةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ
أَبِي طَالِبٍ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ لَيْلَةً .
قُلْتُ : مُرَادُهُمْ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ ، وَكَانَ
[ ص: 317 ] الْأَنْسَبُ بِنَا أَنْ نَذْكُرَ وَفَاةَ
أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=10640وَخَدِيجَةَ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ ، كَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ . وَلَكِنْ أَخَّرْنَا ذَلِكَ عَنِ الْإِسْرَاءِ لِمَقْصِدٍ سَتَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْكَلَامَ بِهِ يَنْتَظِمُ وَيَتَّسِقُ السِّيَاقُ ، كَمَا تَقِفُ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17011مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزَوَانَ ، عَنْ
عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ :
أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ - أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ - فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامُ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي ، وَبَشِّرْهَا nindex.php?page=treesubj&link=31365بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ . وَقَدْ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17011مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ بِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510167قُلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=51لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : بَشَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ . وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَيْضًا ،
وَمُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهِ .
قَالَ
السُّهَيْلِيُّ : وَإِنَّمَا بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ - يَعْنِي : قَصَبَ اللُّؤْلُؤِ - لِأَنَّهَا حَازَتْ قَصَبَ السَّبْقِ إِلَى الْإِيمَانِ ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ ، لِأَنَّهَا لَمْ تَرْفَعْ صَوْتَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ تُتْعِبْهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ ، فَلَمْ تَصْخَبْ
[ ص: 318 ] عَلَيْهِ يَوْمًا ، وَلَا آذَتْهُ أَبَدًا .
وَأَخْرَجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا قَالَتْ :
مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ - وَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي - لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا ، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ . لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ . وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْ
عَائِشَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31364_31363مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا ، قَالَتْ : وَتُزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ . وَفِي لَفْظٍ لَهُ ، قَالَتْ :
مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا رَأَيْتُهَا ، وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ : كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةَ . فَيَقُولُ : " إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ "
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
اسْتَأْذَنَتْ [ ص: 319 ] هَالَةُ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ ، فَارْتَاعَ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ هَالَةُ " . فَغِرْتُ ، فَقُلْتُ : مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا . وَهَكَذَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16071سُوِيْدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِهِ .
وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّقْرِيرِ عَلَى أَنَّ
عَائِشَةَ خَيْرٌ مِنْ
خَدِيجَةَ ، إِمَّا فَضْلًا وَإِمَّا عِشْرَةً; إِذْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا ، وَلَا رَدَّ عَلَيْهَا ذَلِكَ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَلَكِنْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
مُؤَمَّلٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدِ الْمَلِكِ - هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ - ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17176مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَدِيجَةَ فَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهَا ، فَأَدْرَكَنِي مَا يُدْرِكُ النِّسَاءَ مِنَ الْغَيْرَةِ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ أَعْقَبَكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ . قَالَتْ : فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغَيُّرًا لَمْ أَرَهُ تَغَيَّرَ عِنْدَ شَيْءٍ قَطُّ ، إِلَّا عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ ، أَوْ عِنْدَ الْمَخِيلَةِ حَتَّى يَعْلَمَ ، رَحْمَةٌ أَوْ عَذَابٌ [ ص: 320 ] وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ
بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ وَعُثْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهِ ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ : حَمْرَاءُ الشِّدْقَيْنِ :
هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ . قَالَتْ : فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ تَمَعُّرًا ، مَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ ، أَوْ عِنْدَ الْمَخِيلَةِ حَتَّى يَنْظُرَ; أَرَحْمَةً أَوْ عَذَابًا ؟ تَفَرَّدَ بِهِ
أَحْمَدُ ، وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا : ثَنَا
عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا
مُجَالِدٌ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
مَسْرُوقٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ ، قَالَتْ : فَغِرْتُ يَوْمًا . فَقُلْتُ : مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا ، حَمْرَاءُ الشِّدْقِ ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا . قَالَ : " مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا ، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ ، وَصَدَقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ " . تَفَرَّدَ بِهِ
أَحْمَدُ أَيْضًا ، وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16878وَمُجَالِدٌ رَوَى لَهُ
مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً ، وَفِيهِ كَلَامٌ مَشْهُورٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَعَلَّ هَذَا - أَعْنِي قَوْلَهُ :
" وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ " [ ص: 321 ] كَانَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ
إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
مَارِيَةَ ، وَقَبْلَ مَقْدِمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ . وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ فَإِنَّ جَمِيعَ أَوْلَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا سَيَأْتِي مِنْ
خَدِيجَةَ ، إِلَّا
إِبْرَاهِيمَ ، فَمِنْ
مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31361_31368تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَرْضَاهُمَا ، وَتَكَلَّمَ آخَرُونَ فِي إِسْنَادِهِ ، وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ خَيْرًا عِشْرَةً ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَوْ ظَاهِرٌ ، وَسَبَبُهُ أَنَّ
عَائِشَةَ سَمَتْ بِشَبَابِهَا ، وَحُسْنِهَا ، وَجَمِيلِ عِشْرَتِهَا ، وَلَيْسَ مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا : قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا . أَنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَتُفَضِّلُهَا عَلَى
خَدِيجَةَ ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَرْجِعُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [ النَّجْمِ : 32 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ [ النِّسَاءِ : 49 ] الْآيَةَ .
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَتَجَاذَبَهَا طَرَفَا نَقِيضٍ; أَهِلُ التَّشَيُّعِ وَغَيْرُهُمْ ، لَا يَعْدِلُونَ
بِخَدِيجَةَ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ ، لِسَلَامِ الرَّبِّ عَلَيْهَا ، وَكَوْنِ وَلَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعِهِمْ - إِلَّا
إِبْرَاهِيمَ - مِنْهَا ، وَكَوْنِهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ; إِكْرَامًا لَهَا ، وَتَقَدُّمِ إِسْلَامِهَا ، وَكَوْنِهَا مِنَ الصِّدِّيقَاتِ ، وَلَهَا مَقَامُ صِدْقٍ فِي أَوَّلِ الْبِعْثَةِ ، وَبَذَلَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 322 ] وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ; فَمِنْهُمْ مَنْ يَغْلُو أَيْضًا ، وَيُثْبِتُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنَ الْفَضَائِلِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ ، وَلَكِنْ تَحْمِلُهُمْ قُوَّةُ التَّسَنُّنِ عَلَى تَفْضِيلِ
عَائِشَةَ; لِكَوْنِهَا ابْنَةَ
الصِّدِّيقِ ، وَلِكَوْنِهَا أَعْلَمَ مِنْ
خَدِيجَةَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ مِثْلُ
عَائِشَةَ فِي حِفْظِهَا وَعِلْمِهَا وَفَصَاحَتِهَا وَعَقْلِهَا ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ كَمَحَبَّتِهِ إِيَّاهَا ، وَنَزَلَتْ بَرَاءَتُهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ، وَرَوَتْ بَعْدَهُ عَنْهُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عِلْمًا جَمًّا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، حَتَّى قَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ :
" خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنِ الْحُمَيْرَاءِ "
وَالْحُقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهَا مِنَ الْفَضَائِلِ مَا لَوْ نَظَرَ النَّاظِرُ فِيهِ لَبَهَرَهُ وَحَيَّرَهُ ، وَالْأَحْسَنُ التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ ، وَرَدُّ عِلْمِ ذَلِكَ ، إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ ظَهَرَ لَهُ دَلِيلٌ يَقْطَعُ بِهِ ، أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، فَذَاكَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ ، وَمَنْ حَصَلَ لَهُ تَوَقُّفٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، أَوْ فِي غَيْرِهَا ، فَالطَّرِيقُ الْأَقْوَمُ وَالْمَسْلَكُ الْأَسْلَمُ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ
[ ص: 323 ] طُرُقٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510169خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ " . أَيْ : خَيْرُ زَمَانِهِمَا .
وَرَوَى
شُعْبَةُ ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ
قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا ثَلَاثٌ; مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، nindex.php?page=showalam&ids=10640وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ " . رَوَاهُ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي " تَفْسِيرِهِ " . وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى
شُعْبَةَ ، وَبَعْدَهُ . قَالُوا : وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثِ نِسْوَةٍ ،
آسِيَةَ وَمَرْيَمَ nindex.php?page=showalam&ids=10640وَخَدِيجَةَ ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ كَفَلَتْ نَبِيًّا مُرْسَلًا ، وَأَحْسَنَتِ الصُّحْبَةَ فِي كَفَالَتِهَا ، وَصَدَّقَتْهُ;
فَآسِيَةُ رَبَّتْ
مُوسَى ، وَأَحْسَنَتْ إِلَيْهِ ، وَصَدَّقَتْهُ حِينَ بُعِثَ ،
وَمَرْيَمُ كَفَلَتْ وَلَدَهَا أَتَمَّ كَفَالَةٍ وَأَعْظَمَهَا ، وَصَدَّقَتْهُ حِينَ أُرْسِلَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10640وَخَدِيجَةُ رَغِبَتْ فِي تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا ، وَبَذَلَتْ فِي ذَلِكَ أَمْوَالَهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَصَدَّقَتْهُ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَوْلُهُ :
" وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ " . هُوَ ثَابِتٌ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ طَرِيقِ
شُعْبَةَ أَيْضًا ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الطَّيِّبِ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
كَمُلَ [ ص: 324 ] مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ " . وَالثَّرِيدُ : هُوَ الْخَبْزُ وَاللَّحْمُ جَمِيعًا ، وَهُوَ أَفْخَرُ طَعَامِ الْعَرَبِ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ :
إِذَا مَا الْخُبْزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ فَذَاكَ أَمَانَةَ اللَّهِ الثَّرِيدُ
وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ : " وَفَضْلُ
عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ " أَنْ يَكُونَ عَامًّا ، فَيَعُمُّ النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ وَغَيْرَهُنَّ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِيمَا عَدَاهُنَّ ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيهَا وَفِيهِنَّ مَوْقُوفًا يَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُنَّ ، فَيَحْتَاجُ مُرَجِّحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا إِلَى دَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .