قال
ابن إسحاق : فهذا الذي بلغني من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه في
زمزم ، وقد سمعت من يحدث عن
عبد المطلب أنه قيل له حين أمر بحفر
زمزم :
:
ثم ادع بالماء الروى غير الكدر يسقي حجيج الله في كل مبر
ليس يخاف منه شيء ما عمر
فخرج
عبد المطلب ، حين قيل له ذلك ، إلى
قريش ، فقال : تعلموا أني قد أمرت أن أحفر لكم
زمزم ، فقالوا : فهل بين لك أين هي ؟ قال : لا ؛ قالوا : فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت فإن يك حقا من الله يبين لك ، وإن يك من الشيطان فلن يعود إليك . فرجع
عبد المطلب إلى مضجعه فنام فيه ، فأتي فقيل له : احفر
زمزم ، إنك إن حفرتها لم تندم ، وهي تراث من أبيك الأعظم ، لا تنزف أبدا ولا تذم ، تسقي الحجيج الأعظم ، مثل نعام حافل لم يقسم ، ينذر فيها ناذر لمنعم ، تكون ميراثا وعقدا محكم ، ليست كبعض ما قد تعلم ، وهي بين الفرث والدم .
قال
ابن هشام : هذا الكلام والكلام الذي قبله ، من حديث
علي ( رضوان
[ ص: 146 ] الله عليه ) في حفر
زمزم من قوله : لا تنزف أبدا ولا تذم إلى قوله : عند
قرية النمل عندنا سجع وليس شعرا .
قال
ابن إسحاق : فزعموا أنه حين قيل له ذلك ، قال : وأين هي ؟ قيل له . عند
قرية النمل ، حيث ينقر الغراب غدا . والله أعلم أي ذلك كان .
فعدا
عبد المطلب ومعه ابنه
الحارث ، وليس له يومئذ ولد غيره ، فوجد
قرية النمل ، ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين : إساف ونائلة ، اللذين كانت
قريش تنحر عندهما ذبائحها . فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر ، فقامت إليه
قريش حين رأوا جده ، فقالوا : والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما ، فقال
عبد المطلب لابنه
الحارث : ذد عني حتى أحفر ، فوالله لأمضين لما أمرت به .
فلما عرفوا أنه غير نازع ، خلوا بينه وبين الحفر ، وكفوا عنه ، فلم يحفر إلا يسيرا ، حتى بدا له الطي ، فكبر وعرفوا أنه قد صدق . فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب ، وهما الغزالان اللذان دفنت
جرهم فيها حين خرجت من
مكة ، ووجد فيها أسيافا قلعية وأدراعا ، فقالت له
قريش يا
عبد المطلب ، لنا معك في هذا شرك وحق ؛ قال : لا ، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم : نضرب عليها بالقداح ؛ قالوا : وكيف تصنع ؟ قال :
[ ص: 147 ] أجعل
للكعبة قدحين ، ولي قدحين ، ولكم قدحين ، فمن خرج له قدحاه على شيء كان له ، ومن تخلف قدحاه فلا شيء له ؟ قالوا : أنصفت فجعل قدحين أصفرين
للكعبة وقدحين أسودين
لعبد المطلب ، وقدحين أبيضين
لقريش ؛ ثم أعطوا ( القداح ) صاحب القداح الذي يضرب بها عند
هبل (
وهبل : صنم في جوف
الكعبة ، وهو أعظم أصنامهم ، وهو الذي يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب يوم أحد حين قال : أعل
هبل : أي أظهر دينك ) وقام
عبد المطلب يدعو الله عز وجل فضرب صاحب القداح ، فخرج الأصفران على الغزالين
للكعبة ، وخرج الأسودان على الأسياف ، والأدراع
لعبد المطلب ، وتخلف قدحا
قريش .
فضرب
عبد المطلب الأسياف . بابا
للكعبة ، وضرب في الباب الغزالين من ذهب . فكان أول ذهب حليته
الكعبة ، فيما يزعمون . ثم إن
عبد المطلب أقام سقاية
زمزم للحجاج .
قَالَ
ابْنُ إسْحَاقَ : فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي
زَمْزَمَ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يُحَدِّثُ عَنْ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ حِينَ أُمِرَ بِحَفْرِ
زَمْزَمَ :
:
ثُمَّ اُدْعُ بِالْمَاءِ الرِّوَى غَيْرِ الْكَدِرْ يَسْقِي حَجِيجَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَبَرْ
لَيْسَ يُخَافُ مِنْهُ شَيْءٌ مَا عَمَرْ
فَخَرَجَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، حِينَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ ، إلَى
قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : تَعَلَّمُوا أَنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَحْفِرَ لَكُمْ
زَمْزَمَ ، فَقَالُوا : فَهَلْ بُيِّنَ لَكَ أَيْنَ هِيَ ؟ قَالَ : لَا ؛ قَالُوا : فَارْجِعْ إلَى مَضْجَعِكَ الَّذِي رَأَيْتَ فِيهِ مَا رَأَيْتَ فَإِنْ يَكُ حَقًّا مِنْ اللَّهِ يُبَيَّنُ لَكَ ، وَإِنْ يَكُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلَنْ يَعُودَ إلَيْكَ . فَرَجَعَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إلَى مَضْجَعِهِ فَنَامَ فِيهِ ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ : احْفِرْ
زَمْزَمَ ، إنَّكَ إنْ حَفَرْتهَا لَمْ تَنْدَمْ ، وَهِيَ تُرَاثٌ مِنْ أَبِيكَ الْأَعْظَمِ ، لَا تَنْزِفُ أَبَدًا وَلَا تُذَمُّ ، تَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ ، مِثْلَ نَعَامٍ حَافِلٍ لَمْ يُقْسَمْ ، يَنْذِرُ فِيهَا نَاذِرٌ لِمُنْعِمٍ ، تَكُونُ مِيرَاثًا وَعَقْدًا مُحْكَمٍ ، لَيْسَتْ كَبَعْضِ مَا قَدْ تَعْلَمُ ، وَهِيَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ .
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : هَذَا الْكَلَامُ وَالْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَهُ ، مِنْ حَدِيثِ
عَلِيٍّ ( رِضْوَانُ
[ ص: 146 ] اللَّهِ عَلَيْهِ ) فِي حَفْرِ
زَمْزَمَ مِنْ قَوْلِهِ : لَا تَنْزِفُ أَبَدًا وَلَا تُذَمُّ إلَى قَوْلِهِ : عِنْدَ
قَرْيَةِ النَّمْلِ عِنْدَنَا سَجْعٌ وَلَيْسَ شِعْرًا .
قَالَ
ابْنُ إسْحَاقَ : فَزَعَمُوا أَنَّهُ حِينَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ ، قَالَ : وَأَيْنَ هِيَ ؟ قِيلَ لَهُ . عِنْدَ
قَرْيَةِ النَّمْلِ ، حَيْثُ يُنْقَرُ الْغُرَابُ غَدًا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ .
فَعَدَا
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ ابْنُهُ
الْحَارِثُ ، وَلَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرَهُ ، فَوَجَدَ
قَرْيَةَ النَّمْلِ ، وَوَجَدَ الْغُرَابَ يَنْقُرُ عِنْدَهَا بَيْنَ الْوَثَنَيْنِ : إسَافٍ وَنَائِلَةٍ ، اللَّذَيْنِ كَانَتْ
قُرَيْشٌ تَنْحَرُ عِنْدَهُمَا ذَبَائِحَهَا . فَجَاءَ بِالْمِعْوَلِ وَقَامَ لِيَحْفِرَ حَيْثُ أُمِرَ ، فَقَامَتْ إلَيْهِ
قُرَيْشٌ حِينَ رَأَوْا جِدَّهُ ، فَقَالُوا : وَاَللَّهِ لَا نَتْرُكُكَ تَحْفِرُ بَيْنَ وَثَنَيْنَا هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ نَنْحَرُ عِنْدَهُمَا ، فَقَالَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِابْنِهِ
الْحَارِثِ : ذُدْ عَنِّي حَتَّى أَحْفِرَ ، فَوَاَللَّهِ لَأَمْضِيَنَّ لِمَا أُمِرْتُ بِهِ .
فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ غَيْرُ نَازِعٍ ، خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَفْرِ ، وَكَفُّوا عَنْهُ ، فَلَمْ يَحْفِرْ إلَّا يَسِيرًا ، حَتَّى بَدَا لَهُ الطَّيُّ ، فَكَبَّرَ وَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ صُدِقَ . فَلَمَّا تَمَادَى بِهِ الْحَفْرُ وَجَدَ فِيهَا غَزَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، وَهُمَا الْغَزَالَانِ اللَّذَانِ دَفَنَتْ
جُرْهُمٌ فِيهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ
مَكَّةَ ، وَوَجَدَ فِيهَا أَسْيَافًا قَلْعِيَّةً وَأَدْرَاعًا ، فَقَالَتْ لَهُ
قُرَيْشٌ يَا
عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، لَنَا مَعَكَ فِي هَذَا شِرْكٌ وَحَقٌّ ؛ قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ هَلُمَّ إلَى أَمْرٍ نَصَفٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ : نَضْرِبُ عَلَيْهَا بِالْقِدَاحِ ؛ قَالُوا : وَكَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قَالَ :
[ ص: 147 ] أَجْعَلُ
لِلْكَعْبَةِ قِدْحَيْنِ ، وَلِي قِدْحَيْنِ ، وَلَكُمْ قِدْحَيْنِ ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ قِدْحَاهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ لَهُ ، وَمَنْ تَخَلَّفَ قِدْحَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ؟ قَالُوا : أَنْصَفْتَ فَجَعَلَ قِدْحَيْنِ أَصْفَرَيْنِ
لِلْكَعْبَةِ وَقِدْحَيْنِ أَسْوَدَيْنِ
لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقِدْحَيْنِ أَبْيَضَيْنِ
لِقُرَيْشِ ؛ ثُمَّ أَعْطَوْا ( الْقِدَاحَ ) صَاحِبَ الْقِدَاحِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهَا عِنْدَ
هُبَلَ (
وَهُبَلُ : صَنَمٌ فِي جَوْفِ
الْكَعْبَةِ ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَصْنَامِهِمْ ، وَهُوَ الَّذِي يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ قَالَ : أُعْلِ
هُبَلُ : أَيْ أَظْهِرْ دِينَكَ ) وَقَامَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ ، فَخَرَجَ الْأَصْفَرَانِ عَلَى الْغَزَالَيْنِ
لِلْكَعْبَةِ ، وَخَرَجَ الْأَسْوَدَانِ عَلَى الْأَسْيَافِ ، وَالْأَدْرَاعُ
لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَتَخَلَّفَ قِدْحَا
قُرَيْشٍ .
فَضَرَبَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الْأَسْيَافَ . بَابًا
لِلْكَعْبَةِ ، وَضَرَبَ فِي الْبَابِ الْغَزَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ . فَكَانَ أَوَّلَ ذَهَبٍ حَلِيَتْهُ
الْكَعْبَةُ ، فِيمَا يَزْعُمُونَ . ثُمَّ إنَّ
عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَقَامَ سِقَايَةَ
زَمْزَمَ لِلْحُجَّاجِ .