القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وما يغني عنه ماله إذا تردى ( 11 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12إن علينا للهدى ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13وإن لنا للآخرة والأولى ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فأنذرتكم نارا تلظى ( 14 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يصلاها إلا الأشقى ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الذي كذب وتولى ( 16 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وسيجنبها الأتقى ( 17 )
[ ص: 476 ] nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17الذي يؤتي ماله يتزكى ( 18 ) ) .
يعني جل ثناؤه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وما يغني عنه ماله ) : أي شيء يدفع عن هذا الذي بخل بماله ، واستغنى عن ربه ، ماله يوم القيامة ( إذا ) هو ( تردى ) .
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( إذا تردى ) فقال بعضهم : تأويله : إذا تردى في جهنم ؛ أي : سقط فيها فهوى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
الأشجعي ، عن
ابن أبي خالد ، عن
أبي صالح (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وما يغني عنه ماله إذا تردى ) قال : في جهنم . قال
أبو كريب : قد سمع
الأشجعي من
إسماعيل ذلك .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11إذا تردى ) قال : إذا تردى في النار .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إذا مات .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29063وما يغني عنه ماله إذا تردى ) قال : إذا مات .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11إذا تردى ) قال : إذا مات
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
الأشجعي ، عن
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، قال : إذا مات .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : إذا تردى في جهنم ؛ لأن ذلك هو المعروف من التردي ، فأما إذا أريد معنى الموت ، فإنه يقال : ردي فلان ، وقلما يقال : تردى .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12إن علينا للهدى ) يقول تعالى ذكره : إن علينا لبيان الحق من الباطل ، والطاعة من المعصية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 477 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=30490_29063إن علينا للهدى ) يقول : على الله البيان ، بيان حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته .
وكان بعض أهل العربية يتأوله بمعنى : أنه من سلك الهدى فعلى الله سبيله ، ويقول وهو مثل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=9وعلى الله قصد السبيل ) ويقول : معنى ذلك : من أراد الله فهو على السبيل القاصد ، وقال : يقال معناه : إن علينا للهدى والإضلال ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل تقيكم الحر ) وهي تقي الحر والبرد .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=19962_29063_29687وإن لنا للآخرة والأولى ) يقول : وإن لنا ملك ما في الدنيا والآخرة ، نعطي منهما من أردنا من خلقنا ، ونحرمه من شئنا .
وإنما عني بذلك جل ثناؤه أنه يوفق لطاعته من أحب من خلقه ، فيكرمه بها في الدنيا ، ويهيئ له الكرامة والثواب في الآخرة ، ويخذل من يشاء خذلانه من خلقه عن طاعته ، فيهينه بمعصيته في الدنيا ، ويخزيه بعقوبته عليها في الآخرة .
ثم قال جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=30430_29063فأنذرتكم نارا تلظى ) يقول تعالى ذكره : فأنذرتكم أيها الناس نارا تتوهج ، وهي نار جهنم ، يقول : احذروا أن تعصوا ربكم في الدنيا ، وتكفروا به ، فتصلونها في الآخرة . وقيل : تلظى ، وإنما هي تتلظى ، وهي في موضع رفع ، لأنه فعل مستقبل ، ولو كان فعلا ماضيا لقيل : فأنذرتكم نارا تلظت .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14نارا تلظى ) قال : توهج .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30443_30437_30433_29063لا يصلاها إلا الأشقى ) يقول جل ثناؤه : لا يدخلها فيصلى بسعيرها إلا الأشقى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الذي كذب وتولى ) يقول : الذي كذب بآيات ربه ، وأعرض عنها ، ولم يصدق بها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 478 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، قال : ثنا
هشام بن الغاز ، عن
مكحول ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : لتدخلن الجنة إلا من يأبى ، قالوا : يا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة : ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟ قال : فقرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الذي كذب وتولى ) .
حدثني
الحسن بن ناصح ، قال : ثنا
الحسن بن حبيب nindex.php?page=showalam&ids=17104ومعاذ بن معاذ ، قالا : ثنا
الأشعث ، عن
الحسن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يصلاها إلا الأشقى ) قال
معاذ : الذي كذب وتولى ، ولم يقله
الحسن ، قال : المشرك .
وكان بعض أهل العربية يقول : لم يكن كذب برد ظاهر ، ولكن قصر عما أمر به من الطاعة ، فجعل تكذيبا ، كما تقول : لقي فلان العدو ، فكذب إذا نكل ورجع ، وذكر أنه سمع بعض العرب يقول : ليس لحدهم مكذوبة ، بمعنى : أنهم إذا لقوا صدقوا القتال ، ولم يرجعوا ; قال : وكذلك قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=30444_30507_19888_29063وسيجنبها الأتقى ) يقول : وسيوقى صلي النار التي تلظى التقي ، ووضع أفعل موضع فعيل ، كما قال
طرفة :
تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=18الذي يؤتي ماله يتزكى ) يقول : الذي يعطي ماله في الدنيا في حقوق الله التي ألزمه إياها ، ( يتزكى ) : يعني : يتطهر بإعطائه ذلك من ذنوبه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ( 11 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ( 14 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 16 )
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ( 17 )
[ ص: 476 ] nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ( 18 ) ) .
يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ ) : أَيُّ شَيْءٍ يُدْفَعُ عَنْ هَذَا الَّذِي بَخِلَ بِمَالِهِ ، وَاسْتَغْنَى عَنْ رَبِّهِ ، مَالَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( إِذَا ) هُوَ ( تَرَدَّى ) .
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : ( إِذَا تَرَدَّى ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : تَأْوِيلُهُ : إِذَا تَرَدَّى فِي جَهَنَّمَ ؛ أَيْ : سَقَطَ فِيهَا فَهَوَى .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثَنَا
الْأَشْجَعِيُّ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ) قَالَ : فِي جَهَنَّمَ . قَالَ
أَبُو كُرَيْبٍ : قَدْ سَمِعَ
الْأَشْجَعِيُّ مِنْ
إِسْمَاعِيلَ ذَلِكَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ :
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11إِذَا تَرَدَّى ) قَالَ : إِذَا تَرَدَّى فِي النَّارِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا مَاتَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29063وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ) قَالَ : إِذَا مَاتَ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11إِذَا تَرَدَّى ) قَالَ : إِذَا مَاتَ
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثَنَا
الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ : إِذَا مَاتَ .
وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِذَا تَرَدَّى فِي جَهَنَّمَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ التَّرَدِّي ، فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ مَعْنَى الْمَوْتِ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : رُدِيَ فُلَانٌ ، وَقَلَّمَا يُقَالُ : تَرَدَّى .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّ عَلَيْنَا لَبَيَانُ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ ، وَالطَّاعَةِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
[ ص: 477 ]
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=30490_29063إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ) يَقُولُ : عَلَى اللَّهِ الْبَيَانُ ، بَيَانُ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ ، وَطَاعَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ .
وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُهُ بِمَعْنَى : أَنَّهُ مَنْ سَلَكَ الْهُدَى فَعَلَى اللَّهِ سَبِيلُهُ ، وَيَقُولُ وَهُوَ مِثْلَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=9وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) وَيَقُولُ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ أَرَادَ اللَّهَ فَهُوَ عَلَى السَّبِيلِ الْقَاصِدِ ، وَقَالَ : يُقَالُ مَعْنَاهُ : إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى وَالْإِضْلَالَ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) وَهِيَ تَقِي الْحَرَّ وَالْبَرْدَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=19962_29063_29687وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ) يَقُولُ : وَإِنَّ لَنَا مُلْكَ مَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، نُعْطِي مِنْهُمَا مَنْ أَرَدْنَا مِنْ خَلْقِنَا ، وَنَحْرِمُهُ مَنْ شِئْنَا .
وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ يُوَفِّقُ لِطَاعَتِهِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ ، فَيُكْرِمُهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا ، وَيُهَيِّئُ لَهُ الْكَرَامَةَ وَالثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ ، وَيَخْذُلُ مَنْ يَشَاءُ خِذْلَانَهُ مِنْ خَلْقِهِ عَنْ طَاعَتِهِ ، فَيُهِينُهُ بِمَعْصِيَتِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَيُخْزِيهِ بِعُقُوبَتِهِ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ .
ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=30430_29063فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَأَنْذَرْتُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ نَارًا تَتَوَهَّجُ ، وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ ، يَقُولُ : احْذَرُوا أَنْ تَعْصُوا رَبَّكُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَتَكْفُرُوا بِهِ ، فَتَصْلَوْنَهَا فِي الْآخِرَةِ . وَقِيلَ : تَلَظَّى ، وَإِنَّمَا هِيَ تَتَلَظَّى ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ ، وَلَوْ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا لَقِيلَ : فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّتْ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14نَارًا تَلَظَّى ) قَالَ : تَوَهَّجَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30443_30437_30433_29063لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ) يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا يَدْخُلُهَا فَيَصْلَى بِسَعِيرِهَا إِلَّا الْأَشْقَى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) يَقُولُ : الَّذِي كَذَّبَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ، وَأَعْرَضَ عَنْهَا ، وَلَمْ يُصَدِّقْ بِهَا .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
[ ص: 478 ]
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، قَالَ : ثَنَا
هِشَامُ بْنُ الْغَازِ ، عَنْ
مَكْحُولٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : لَتَدْخُلُنَّ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ يَأْبَى ، قَالُوا : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ : وَمَنْ يَأْبَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : فَقَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .
حَدَّثَنِي
الْحَسَنُ بْنُ نَاصِحٍ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبٍ nindex.php?page=showalam&ids=17104وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَا : ثَنَا
الْأَشْعَثُ ، عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ) قَالَ
مُعَاذٌ : الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، وَلَمْ يَقُلْهُ
الْحَسَنَ ، قَالَ : الْمُشْرِكُ .
وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ : لَمْ يَكُنْ كَذَّبَ بِرَدٍّ ظَاهِرٍ ، وَلَكِنْ قَصَّرَ عَمَّا أَمَرَ بِهِ مِنَ الطَّاعَةِ ، فَجُعِلَ تَكْذِيبًا ، كَمَا تَقُولُ : لَقِيَ فُلَانٌ الْعَدُوَّ ، فَكَذَّبَ إِذَا نَكَلَ وَرَجَعَ ، وَذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ : لَيْسَ لِحَدِّهِمْ مَكْذُوبَةٌ ، بِمَعْنَى : أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوا صَدَقُوا الْقِتَالَ ، وَلَمْ يَرْجِعُوا ; قَالَ : وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=30444_30507_19888_29063وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) يَقُولُ : وَسَيُوَقَّى صِلِيَّ النَّارِ الَّتِي تَلَظَّى التَّقِيُّ ، وَوَضَعَ أَفْعَلُ مَوْضِعَ فَعِيلَ ، كَمَا قَالَ
طَرَفَةُ :
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدِ
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=18الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ) يَقُولُ : الَّذِي يُعْطِي مَالَهُ فِي الدُّنْيَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي أَلْزَمُهُ إِيَّاهَا ، ( يَتَزَكَّى ) : يَعْنِي : يَتَطَهَّرُ بِإِعْطَائِهِ ذَلِكَ مِنْ ذُنُوبِهِ .