[ ص: 426 ] القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=29035_32944_30199_19866_23468قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ( 16 ) )
يقول تعالى ذكره : ما أموالكم أيها الناس وأولادكم إلا فتنة ، يعني بلاء عليكم في الدنيا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) يقول : بلاء .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15والله عنده أجر عظيم ) يقول : والله عنده ثواب لكم عظيم ، إذا أنتم خالفتم أولادكم وأزواجكم في طاعة الله ربكم ، وأطعتم الله عز وجل ، وأديتم حق الله في أموالكم ، والأجر العظيم الذي عند الله الجنة .
كما حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ( والله عنده أجر عظيم ) وهي الجنة .
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم ) يقول تعالى ذكره : واحذروا الله أيها المؤمنون وخافوا عقابه ، وتجنبوا عذابه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، والعمل بما يقرب إليه ما أطقتم وبلغه وسعكم .
وذكر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم ) نزل بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته ) تخفيفا عن المسلمين ، وأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم ) ناسخ قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته ) .
[ ص: 427 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) هذه رخصة من الله ، والله رحيم بعباده ، وكان الله جل ثناؤه أنزل قبل ذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته ) وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى ، ثم خفف الله تعالى ذكره عن عباده ، فأنزل الرخصة بعد ذلك فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) فيما استطعت يا ابن
آدم ، عليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على السمع والطاعة فيما استطعتم .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته ) قال : نسختها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم ) .
وقد تقدم بياننا عن معنى الناسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ; وليس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم ) دلالة واضحة على أنه لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته ) ناسخ ، إذ كان محتملا قوله : اتقوا الله حق تقاته فيما استطعتم ، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان ذلك كذلك ، فالواجب استعمالهما جميعا على ما يحتملان من وجوه الصحة .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16واسمعوا وأطيعوا ) يقول : واسمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16وأنفقوا خيرا لأنفسكم ) يقول : وأنفقوا مالا من أموالكم لأنفسكم تستنقذوها من عذاب الله ، والخير في هذا الموضع المال .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) يقول تعالى ذكره : ومن يقه الله شح نفسه ، وذلك اتباع هواها فيما نهى الله عنه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
أبو معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16ومن يوق شح نفسه ) يقول : هوى نفسه حيث يتبع
[ ص: 428 ] هواه ولم يقبل الإيمان .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
جامع بن شداد ، عن
الأسود بن هلال ، عن
ابن مسعود (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16ومن يوق شح نفسه ) قال : أن يعمد إلى مال غيره فيأكله ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فأولئك هم المفلحون ) يقول : فهؤلاء الذين وقوا شح أنفسهم ، المنجحون الذين أدركوا طلباتهم عند ربهم .
[ ص: 426 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=29035_32944_30199_19866_23468قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 16 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : مَا أَمْوَالُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَأَوْلَادُكُمْ إِلَّا فِتْنَةٌ ، يَعْنِي بَلَاءً عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) يَقُولُ : بَلَاءٌ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) يَقُولُ : وَاللَّهُ عِنْدَهُ ثَوَابٌ لَكُمْ عَظِيمٌ ، إِذَا أَنْتُمْ خَالَفْتُمْ أَوْلَادَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّكُمْ ، وَأَطَعْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَدَّيْتُمْ حَقَّ اللَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ ، وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ الْجَنَّةُ .
كَمَا حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ( وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) وَهِيَ الْجَنَّةُ .
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَاحْذَرُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَخَافُوا عِقَابَهُ ، وَتَجَنَّبُوا عَذَابَهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ، وَالْعَمَلِ بِمَا يُقَرِّبُ إِلَيْهِ مَا أَطَقْتُمْ وَبَلَغَهُ وُسْعَكُمْ .
وَذُكِرَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) نَزَلَ بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) تَخْفِيفًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) نَاسِخٌ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) .
[ ص: 427 ]
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) هَذِهِ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ ، وَكَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) وَحَقُّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، ثُمَّ خَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ عِبَادِهِ ، فَأَنْزَلَ الرُّخْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) فِيمَا اسْتَطَعْتَ يَا ابْنَ
آدَمَ ، عَلَيْهَا بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) قَالَ : نَسَخَتْهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) .
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا عَنْ مَعْنَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ; وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّهُ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) نَاسِخٌ ، إِذْ كَانَ مُحْتَمَلًا قَوْلُهُ : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَنَّهُ لَهُ نَاسِخٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُهُمَا جَمِيعًا عَلَى مَا يَحْتَمِلَانِ مِنْ وُجُوهِ الصِّحَّةِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) يَقُولُ : وَاسْمَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ ) يَقُولُ : وَأَنْفَقُوا مَالًا مِنْ أَمْوَالِكُمْ لِأَنْفُسِكُمْ تَسْتَنْقِذُوهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، وَالْخَيْرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْمَالُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَمَنْ يَقِهِ اللَّهُ شُحَّ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ اتِّبَاعُ هَوَاهَا فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ : ثَنِي
أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ) يَقُولُ : هَوَى نَفْسِهِ حَيْثُ يَتَّبِعُ
[ ص: 428 ] هَوَاهُ وَلَمْ يَقْبَلِ الْإِيمَانَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
مِهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنِ
الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ) قَالَ : أَنْ يَعْمِدَ إِلَى مَالِ غَيْرِهِ فَيَأْكُلَهُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) يَقُولُ : فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وُقُوا شُحَّ أَنْفُسِهِمْ ، الْمُنْجِحُونَ الَّذِينَ أَدْرَكُوا طَلَبَاتِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ .