القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28989_29680_30387تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا ( 31 ) )
يقول تعالى ذكره : لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات عدن ، يعني بساتين إقامة في الآخرة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31تجري من تحتهم الأنهار ) يقول : تجري من دونهم ومن بين أيديهم الأنهار ،
وقال جل ثناؤه : من تحتهم ، ومعناه : من دونهم وبين أيديهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31يحلون فيها من أساور ) يقول : يلبسون فيها من الحلي أساور من ذهب ، والأساور : جمع إسوار .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31ويلبسون ثيابا خضرا من سندس )
والسندس : جمع واحدها سندسة ، وهي ما رق من الديباج ، والإستبرق : ما غلظ منه وثخن ، وقيل : إن الإستبرق : هو الحرير ، ومنه قول المرقش :
ترهن يلبسن المشاعر مرة وإستبرق الديباج طورا لباسها
يعني : وغليظ الديباج .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31متكئين فيها على الأرائك ) يقول : متكئين في جنات عدن على الأرائك ، وهي السرر في الحجال ، واحدتها : أريكة ، ومنه قول الشاعر :
خدودا جفت في السير حتى كأنما يباشرن بالمعزاء مس الأرائك
ومنه قول
الأعشى :
بين الرواق وجانب من سترها منها وبين أريكة الأنضاد
[ ص: 18 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31على الأرائك ) قال : هي الحجال . قال
معمر ، وقال غيره : السرر في الحجال .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31نعم الثواب ) يقول : نعم الثواب جنات عدن ، وما وصف جل ثناؤه أنه جعل لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31وحسنت مرتفقا ) يقول : وحسنت هذه الأرائك في هذه الجنان التي وصف تعالى ذكره في هذه الآية متكأ . وقال جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31وحسنت مرتفقا ) فأنث الفعل بمعنى : وحسنت هذه الأرائك مرتفقا ، ولو ذكر لتذكير المرتفق كان صوابا ، لأن نعم وبئس إنما تدخلهما العرب في الكلام لتدلا على المدح والذم لا للفعل ، فلذلك تذكرهما مع المؤنث ، وتوحدهما مع الاثنين والجماعة .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28989_29680_30387تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ( 31 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتُ عَدْنٍ ، يَعْنِي بَسَاتِينَ إِقَامَةٍ فِي الْآخِرَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ) يَقُولُ : تَجْرِي مِنْ دُونِهِمْ وَمِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمُ الْأَنْهَارُ ،
وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مِنْ تَحْتِهِمْ ، وَمَعْنَاهُ : مِنْ دُونِهِمْ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ ) يَقُولُ : يَلْبَسُونَ فِيهَا مِنَ الْحُلِيِّ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ، وَالْأَسَاوِرُ : جَمَعَ إِسْوَارٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ )
وَالسُّنْدُسُ : جَمْعٌ وَاحِدُهَا سُنْدُسَةٌ ، وَهِيَ مَا رَقَّ مِنَ الدِّيبَاجِ ، وَالْإِسْتَبْرَقُ : مَا غَلُظَ مِنْهُ وَثَخُنَ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْإِسْتَبْرَقَ : هُوَ الْحَرِيرُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُرَقَّشِ :
تَرَهُنَّ يَلْبَسْنَ الْمَشاعِرَ مَرَّةً وإسْتَبْرَقَ الدّيبَاجِ طَوْرًا لِبَاسُهَا
يَعْنِي : وَغَلِيظُ الدِّيبَاجِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ) يَقُولُ : مُتَّكِئِينَ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ عَلَى الْأَرَائِكِ ، وَهِيَ السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ ، وَاحِدَتُهَا : أَرِيكَةٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
خُدُودًا جَفَتْ في السَّيْرِ حَتَّى كَأَنَّمَا يُبَاشِرْنَ بِالْمَعْزاءِ مَسَّ الْأرَائِكِ
وَمِنْهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
بَيْنَ الرُّوَاقِ وَجَانِبٍ مِنْ سِتْرِهَا مِنْهَا وَبَيْنَ أرِيكَةِ الْأنْضَادِ
[ ص: 18 ]
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31عَلَى الْأَرَائِكِ ) قَالَ : هِيَ الْحِجَالُ . قَالَ
مَعْمَرٌ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31نِعْمَ الثَّوَابُ ) يَقُولُ : نِعْمَ الثَّوَابُ جَنَّاتُ عَدْنٍ ، وَمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) يَقُولُ : وَحَسُنَتْ هَذِهِ الْأَرَائِكُ فِي هَذِهِ الْجِنَانِ الَّتِي وَصَفَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُتَّكَأً . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) فَأَنَّثَ الْفِعْلَ بِمَعْنَى : وَحَسُنَتْ هَذِهِ الْأَرَائِكُ مُرْتَفَقًا ، وَلَوْ ذَكَّرَ لِتَذْكِيرِ الْمُرْتَفَقِ كَانَ صَوَابًا ، لِأَنَّ نِعْمَ وَبِئْسَ إِنَّمَا تُدْخِلُهُمَا الْعَرَبُ فِي الْكَلَامِ لِتَدُلَّا عَلَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ لَا لِلْفِعْلِ ، فَلِذَلِكَ تُذَكِّرُهُمَا مَعَ الْمُؤَنَّثِ ، وَتُوَحِّدُهُمَا مَعَ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ .