القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لا يعلمون الكتاب إلا أماني )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : ( لا يعلمون الكتاب ) ، لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله ، ولا يدرون ما أودعه الله من حدوده وأحكامه وفرائضه ، كهيئة البهائم ، كالذي : -
1359 - حدثني
الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا
عبد الرزاق قال ، أخبرنا
[ ص: 260 ] معمر ، عن
قتادة في قوله ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) : إنما هم أمثال البهائم ، لا يعلمون شيئا .
1360 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : ( لا يعلمون الكتاب ) ، يقول : لا يعلمون الكتاب ولا يدرون ما فيه .
1361 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
آدم قال ، حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية : ( لا يعلمون الكتاب ) لا يدرون ما فيه .
1362 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
محمد بن أبي محمد ، عن
عكرمة ، أو عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : ( لا يعلمون الكتاب ) قال : لا يدرون بما فيه .
1363 - حدثنا
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد : ( لا يعلمون الكتاب ) ، لا يعلمون شيئا ، لا يقرءون التوراة . ليست تستظهر ، إنما تقرأ هكذا . فإذا لم يكتب أحدهم ، لم يستطع أن يقرأ .
1364 - حدثنا
أبو كريب قال ، حدثنا
عثمان بن سعيد ، عن
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس في قوله ، ( لا يعلمون الكتاب ) ، قال : لا يعرفون الكتاب الذي أنزله الله .
قال
أبو جعفر : وإنما عني ب " الكتاب " : التوراة ، ولذلك أدخلت فيه " الألف واللام " لأنه قصد به كتاب معروف بعينه .
ومعناه : ومنهم فريق لا يكتبون ، ولا يدرون ما في الكتاب الذي عرفتموه الذي هو عندهم - وهم ينتحلونه ويدعون الإقرار به - من أحكام الله وفرائضه ، وما فيه من حدوده التي بينها فيه .
[ واختلف أهل التأويل في تأويل قوله ] ( إلا أماني ) فقال بعضهم بما : -
[ ص: 261 ] 1365 - حدثنا به
أبو كريب قال ، حدثنا
عثمان بن سعيد ، عن
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس : ( إلا أماني ) ، يقول : إلا قولا يقولونه بأفواههم كذبا .
1366 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) : إلا كذبا .
1367 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
وقال آخرون بما : -
1368 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : ( إلا أماني ) ، يقول : يتمنون على الله ما ليس لهم .
1369 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا
عبد الرزاق قال ، أخبرنا
معمر ، عن
قتادة : ( إلا أماني ) ، يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=31931يتمنون على الله الباطل وما ليس لهم .
1370 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو صالح ، [ عن
معاوية بن صالح ] ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) ، يقول : إلا أحاديث .
1371 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) ، قال : أناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا ، وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله ، ويقولون : هو من الكتاب أماني يتمنونها .
1372 - حدثنا
المثنى قال ، حدثنا
آدم قال ، حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية : ( إلا أماني ) ، يتمنون على الله ما ليس لهم .
1373 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : ( إلا أماني ) ، قال : تمنوا فقالوا : نحن من أهل الكتاب . وليسوا منهم .
[ ص: 262 ] قال
أبو جعفر : وأولى ما روينا في تأويل قوله : ( إلا أماني ) ، بالحق ، وأشبهه بالصواب ، الذي قاله
ابن عباس - الذي رواه عنه
الضحاك - وقول
مجاهد : إن " الأميين " الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآية ، أنهم لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئا ، ولكنهم يتخرصون الكذب ويتقولون الأباطيل كذبا وزورا .
و " التمني " في هذا الموضع ، هو تخلق الكذب وتخرصه وافتعاله . يقال منه : " تمنيت كذا " ، إذا افتعلته وتخرصته . ومنه الخبر الذي روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه : " ما تغنيت ولا تمنيت " ، يعني بقوله : " ما تمنيت " ، ما تخرصت الباطل ، ولا اختلقت الكذب والإفك .
والذي يدل على صحة ما قلنا في ذلك - وأنه أولى بتأويل قوله : ( إلا أماني ) من غيره من الأقوال - قول الله جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وإن هم إلا يظنون ) . فأخبر عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب ، ظنا منهم لا يقينا . ولو كان معنى ذلك أنهم " يتلونه " ، لم يكونوا ظانين ، وكذلك لو كان معناه : " يشتهونه " . لأن الذي يتلوه ، إذا تدبره علمه . ولا يستحق - الذي يتلو كتابا قرأه ، وإن لم يتدبره بتركه التدبر أن يقال : هو ظان لما يتلو ، إلا أن يكون شاكا في نفس ما يتلوه ، لا يدري أحق هو أم باطل . ولم يكن القوم - الذين كانوا يتلون التوراة على عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود - فيما بلغنا -
[ ص: 263 ] شاكين في التوراة أنها من عند الله . وكذلك " المتمني " الذي هو في معنى " المشتهي " غير جائز أن يقال : هو ظان في تمنيه . لأن التمني من المتمني ، إذا تمنى ما قد وجد عينه . فغير جائز أن يقال : هو شاك ، فيما هو به عالم . لأن العلم والشك معنيان ينفي كل واحد منهما صاحبه ، لا يجوز اجتماعهما في حيز واحد . والمتمني في حال تمنيه ، موجود تمنيه ، فغير جائز أن يقال : هو يظن تمنيه .
وإنما قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) ، والأماني من غير نوع " الكتاب " ، كما قال ربنا جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ) [ النساء : 157 ] و " الظن " من " العلم " بمعزل . وكما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) [ الليل : 19 - 20 ] ، وكما قال الشاعر :
ليس بيني وبين قيس عتاب غير طعن الكلى وضرب الرقاب
وكما قال
نابغة بني ذبيان :
حلفت يمينا غير ذي مثنوية ، ولا علم إلا حسن ظن بصاحب
[ ص: 264 ] في نظائر لما ذكرنا يطول بإحصائها الكتاب .
ويخرج ب " إلا " ما بعدها من معنى ما قبلها ومن صفته ، وإن كان كل واحد منهما من غير شكل الآخر ومن غير نوعه . ويسمي ذلك بعض أهل العربية " استثناء منقطعا " ، لانقطاع الكلام الذي يأتي بعد " إلا " عن معنى ما قبلها . وإنما يكون ذلك كذلك ، في كل موضع حسن أن يوضع فيه مكان " إلا " " لكن " ; فيعلم حينئذ انقطاع معنى الثاني عن معنى الأول ، ألا ترى أنك إذا قلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) ثم أردت وضع " لكن " مكان " إلا " وحذف " إلا " ، وجدت الكلام صحيحا معناه صحته وفيه " إلا " ؟ وذلك إذا قلت : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب لكن أماني . يعني : لكنهم يتمنون . وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ) ، لكن اتباع الظن ، بمعنى : لكنهم يتبعون الظن . وكذلك جميع هذا النوع من الكلام على ما وصفنا .
وقد ذكر عن بعض القرأة أنه قرأ : ( إلا أماني ) مخففة . ومن خفف ذلك وجهه إلى نحو جمعهم " المفتاح " " مفاتح " ، و " القرقور " ، " قراقر " ، وأن
[ ص: 265 ] ياء الجمع لما حذفت خففت الياء الأصلية - أعني من " الأماني " - كما جمعوا " الأثفية " " أثافي " مخففة ، كما قال زهير بن أبي سلمى :
أثافي سفعا في معرس مرجل ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم
وأما من ثقل : ( أماني ) فشدد ياءها ، فإنه وجه ذلك إلى نحو جمعهم " المفتاح مفاتيح ، والقرقور قراقير ، والزنبور زنابير " ، فاجتمعت ياء " فعاليل " ولامها ، وهما جميعا ياآن ، فأدغمت إحداهما في الأخرى ، فصارتا ياء واحدة مشددة .
فأما القراءة التي لا يجوز غيرها عندي لقارئ في ذلك ، فتشديد ياء " الأماني " ، لإجماع القرأة على أنها القراءة التي مضى على القراءة بها السلف - مستفيض ذلك بينهم ، غير مدفوعة صحته - وشذوذ القارئ بتخفيفها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك . وكفى دليلا على خطأ قارئ ذلك بتخفيفها ، إجماعها على تخطئته .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ) ، لَا يَعْلَمُونَ مَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ ، وَلَا يَدْرُونَ مَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ مِنْ حُدُودِهِ وَأَحْكَامِهِ وَفَرَائِضِهِ ، كَهَيْئَةِ الْبَهَائِمِ ، كَالَّذِي : -
1359 - حَدَّثَنِي
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
[ ص: 260 ] مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ) : إِنَّمَا هُمْ أَمْثَالُ الْبَهَائِمِ ، لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا .
1360 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : ( لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ) ، يَقُولُ : لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ وَلَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ .
1361 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا
آدَمُ قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ : ( لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ) لَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ .
1362 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، أَوْ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : ( لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ) قَالَ : لَا يَدْرُونَ بِمَا فِيهِ .
1363 - حَدَّثَنَا
يُونُسُ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ، قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : ( لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ) ، لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا ، لَا يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ . لَيْسَتْ تُسْتَظْهَرُ ، إِنَّمَا تُقْرَأُ هَكَذَا . فَإِذَا لَمْ يَكْتُبْ أَحَدُهُمْ ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَأَ .
1364 - حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ، ( لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ ) ، قَالَ : لَا يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا عَنِيَ بِ " الْكِتَابِ " : التَّوْرَاةَ ، وَلِذَلِكَ أُدْخِلَتْ فِيهِ " الْأَلِفُ وَاللَّامُ " لِأَنَّهُ قُصِدَ بِهِ كِتَابٌ مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ .
وَمَعْنَاهُ : وَمِنْهُمْ فَرِيقٌ لَا يَكْتُبُونَ ، وَلَا يَدْرُونَ مَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي عَرَفْتُمُوهُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ - وَهُمْ يَنْتَحِلُونَهُ وَيَدَّعُونَ الْإِقْرَارَ بِهِ - مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ ، وَمَا فِيهِ مِنْ حُدُودِهِ الَّتِي بَيَّنَهَا فِيهِ .
[ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ] ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا : -
[ ص: 261 ] 1365 - حَدَّثَنَا بِهِ
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، يَقُولُ : إِلَّا قَوْلًا يَقُولُونَهُ بِأَفْوَاهِهِمْ كَذِبًا .
1366 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ) : إِلَّا كَذِبًا .
1367 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ ، حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا : -
1368 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، يَقُولُ : يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّهِ مَا لَيْسَ لَهُمْ .
1369 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=31931يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّهِ الْبَاطِلَ وَمَا لَيْسَ لَهُمْ .
1370 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، [ عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ] ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، يَقُولُ : إِلَّا أَحَادِيثَ .
1371 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ ، حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، قَالَ : أُنَاسٌ مِنْ يَهُودَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ مِنَ الْكِتَابِ شَيْئًا ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ بِغَيْرِ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَيَقُولُونَ : هُوَ مِنَ الْكِتَابِ أَمَانِيَّ يَتَمَنَّوْنَهَا .
1372 - حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا
آدَمُ قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّهِ مَا لَيْسَ لَهُمْ .
1373 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ، قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، قَالَ : تَمَنَّوْا فَقَالُوا : نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ . وَلَيْسُوا مِنْهُمْ .
[ ص: 262 ] قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى مَا رَوَيْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، بِالْحَقِّ ، وَأَشْبَهُهُ بِالصَّوَابِ ، الَّذِي قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ - الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ
الضَّحَّاكُ - وَقَوْلُ
مُجَاهِدٍ : إِنَّ " الْأُمِّيِّينَ " الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، أَنَّهُمْ لَا يَفْقَهُونَ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى مُوسَى شَيْئًا ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَخَرَّصُونَ الْكَذِبَ وَيَتَقَوَّلُونَ الْأَبَاطِيلَ كَذِبًا وَزُورًا .
وَ " التَّمَنِّي " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، هُوَ تَخَلُّقُ الْكَذِبِ وَتَخَرُّصُهُ وَافْتِعَالُهُ . يُقَالُ مِنْهُ : " تَمَنَّيْتُ كَذَا " ، إِذَا افْتَعَلْتُهُ وَتَخَرَّصْتُهُ . وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " مَا تَغَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ " ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " مَا تَمَنَّيْتُ " ، مَا تَخَرَّصْتُ الْبَاطِلَ ، وَلَا اخْتَلَقْتُ الْكَذِبَ وَالْإِفْكَ .
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ - وَأَنَّهُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ - قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) . فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ مَا يَتَمَنَّوْنَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ ، ظَنًّا مِنْهُمْ لَا يَقِينًا . وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ " يَتْلُونَهُ " ، لَمْ يَكُونُوا ظَانِّينَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ : " يَشْتَهُونَهُ " . لِأَنَّ الَّذِي يَتْلُوهُ ، إِذَا تَدَبَّرَهُ عَلِمَهُ . وَلَا يَسْتَحِقُّ - الَّذِي يَتْلُو كِتَابًا قَرَأَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَبَّرْهُ بِتَرْكِهِ التَّدَبُّرَ أَنْ يُقَالَ : هُوَ ظَانٌّ لِمَا يَتْلُو ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَاكًّا فِي نَفْسِ مَا يَتْلُوهُ ، لَا يَدْرِي أَحَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ . وَلَمْ يَكُنِ الْقَوْمُ - الَّذِينَ كَانُوا يَتْلُونَ التَّوْرَاةَ عَلَى عَصْرِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَهُودِ - فِيمَا بَلَغَنَا -
[ ص: 263 ] شَاكِّينَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَكَذَلِكَ " الْمُتَمَنِّي " الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى " الْمُشْتَهِي " غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : هُوَ ظَانٌّ فِي تَمَنِّيهِ . لِأَنَّ التَّمَنِّيَ مِنَ الْمُتَمَنِّي ، إِذَا تَمَنَّى مَا قَدْ وَجَدَ عَيْنَهُ . فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : هُوَ شَاكٌّ ، فِيمَا هُوَ بِهِ عَالِمٌ . لِأَنَّ الْعِلْمَ وَالشَّكَّ مَعْنَيَانِ يَنْفِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ . وَالْمُتَمَنِّي فِي حَالِ تَمَنِّيهِ ، مَوْجُودٌ تَمَنِّيهِ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ : هُوَ يَظُنُّ تَمَنِّيَهُ .
وَإِنَّمَا قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ) ، وَالْأَمَانِيُّ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ " الْكِتَابِ " ، كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ) [ النِّسَاءِ : 157 ] وَ " الظَّنُّ " مِنَ " الْعِلْمِ " بِمَعْزِلٍ . وَكَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ) [ اللَّيْلِ : 19 - 20 ] ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ قَيْسٍ عِتَابٌ غَيْرَ طَعْنِ الْكُلَى وَضَرْبِ الرِّقَابِ
وَكَمَا قَالَ
نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ :
حَلَفْتُ يَمِينًا غَيْرَ ذِي مَثْنَوِيَّةٍ ، وَلَا عِلْمَ إِلَّا حُسْنَ ظَنٍّ بِصَاحِبِ
[ ص: 264 ] فِي نَظَائِرَ لِمَا ذَكَرْنَا يَطُولُ بِإِحْصَائِهَا الْكِتَابُ .
وَيَخْرُجُ بِ " إِلَّا " مَا بَعْدَهَا مِنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهَا وَمِنْ صِفَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ شَكْلِ الْآخَرِ وَمِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ . وَيُسَمِّي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ " اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا " ، لِانْقِطَاعِ الْكَلَامِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ " إِلَّا " عَنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهَا . وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَسَنٍ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ مَكَانَ " إِلَّا " " لَكِنْ " ; فَيُعْلَمَ حِينَئِذٍ انْقِطَاعُ مَعْنَى الثَّانِي عَنْ مَعْنَى الْأَوَّلِ ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=78وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ) ثُمَّ أَرَدْتَ وَضْعَ " لَكِنْ " مَكَانَ " إِلَّا " وَحَذْفَ " إِلَّا " ، وَجَدَتَ الْكَلَامَ صَحِيحًا مَعْنَاهُ صِحَّتُهُ وَفِيهِ " إِلَّا " ؟ وَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ : وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ لَكِنْ أَمَانِيَّ . يَعْنِي : لَكِنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ) ، لَكِنِ اتِّبَاعَ الظَّنِّ ، بِمَعْنَى : لَكِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ . وَكَذَلِكَ جَمِيعُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى مَا وَصَفْنَا .
وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَأَةِ أَنَّهُ قَرَأَ : ( إِلَّا أَمَانِيَّ ) مُخَفَّفَةً . وَمَنْ خَفَّفَ ذَلِكَ وَجَّهَهُ إِلَى نَحْوِ جَمْعِهِمُ " الْمِفْتَاحَ " " مَفَاتِحَ " ، وَ " الْقُرْقُورَ " ، " قَرَاقِرَ " ، وَأَنَّ
[ ص: 265 ] يَاءَ الْجَمْعِ لَمَّا حُذِفَتْ خُفِّفَتِ الْيَاءُ الْأَصْلِيَّةُ - أَعْنِي مِنَ " الْأَمَانِيِّ " - كَمَا جَمَعُوا " الْأُثْفِيَّةَ " " أَثَافِيَ " مُخَفَّفَةً ، كَمَا قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى :
أَثَافِيَ سُفْعًا فِي مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ وَنُؤْيًا كَجِذْمِ الْحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّمِ
وَأَمَّا مَنْ ثَقَّلَ : ( أَمَانِيَّ ) فَشَدَّدَ يَاءَهَا ، فَإِنَّهُ وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى نَحْوِ جَمْعِهِمُ " الْمِفْتَاحَ مَفَاتِيحَ ، وَالْقُرْقُورَ قَرَاقِيرَ ، وَالزُّنْبُورَ زَنَابِيرَ " ، فَاجْتَمَعَتْ يَاءُ " فَعَالِيلَ " وَلَامُهَا ، وَهُمَا جَمِيعًا يَاآنِ ، فَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى ، فَصَارَتَا يَاءً وَاحِدَةً مُشَدَّدَةً .
فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهَا عِنْدِي لِقَارِئٍ فِي ذَلِكَ ، فَتَشْدِيدُ يَاءِ " الْأَمَانِيَّ " ، لِإِجْمَاعِ الْقَرَأَةِ عَلَى أَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الَّتِي مَضَى عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهَا السَّلَفُ - مُسْتَفِيضٌ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ، غَيْرُ مَدْفُوعَةٍ صِحَّتُهُ - وَشُذُوذُ الْقَارِئِ بِتَخْفِيفِهَا عَمَّا عَلَيْهِ الْحُجَّةُ مُجْمِعَةٌ فِي ذَلِكَ . وَكَفَى دَلِيلًا عَلَى خَطَأِ قَارِئِ ذَلِكَ بِتَخْفِيفِهَا ، إِجْمَاعُهَا عَلَى تَخْطِئَتِهِ .