القول في تأويل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=28980_7919قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( 29 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم : ( قاتلوا ) ، أيها المؤمنون ، القوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) ، يقول : ولا يصدقون بجنة ولا نار (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ) ، يقول : ولا يطيعون الله طاعة الحق ، يعني : أنهم لا يطيعون طاعة أهل الإسلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29من الذين أوتوا الكتاب ) ، وهم
اليهود والنصارى .
وكل مطيع ملكا وذا سلطان ، فهو دائن له . يقال منه : دان فلان لفلان فهو يدين له ، دينا" ، قال
زهير :
لئن حللت بجو في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فدك
[ ص: 199 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29من الذين أوتوا الكتاب ) ، يعني : الذين أعطوا كتاب الله ، وهم أهل التوراة والإنجيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية ) .
و"الجزية" : الفعلة من : "جزى فلان فلانا ما عليه" ، إذا قضاه ، "يجزيه" ، و"الجزية" مثل "القعدة" و"الجلسة" .
ومعنى الكلام : حتى يعطوا الخراج عن رقابهم ، الذي يبذلونه للمسلمين دفعا عنها .
وأما قوله : ( عن يد ) ، فإنه يعني : من يده إلى يد من يدفعه إليه .
وكذلك تقول العرب لكل معط قاهرا له ، شيئا طائعا له أو كارها : "أعطاه عن يده ، وعن يد" . وذلك نظير قولهم : "كلمته فما لفم" ، و"لقيته كفة
[ ص: 200 ] لكفة ، وكذلك : "أعطيته عن يد ليد" .
وأما قوله : ( وهم صاغرون ) ، فإن معناه : وهم أذلاء مقهورون .
يقال للذليل الحقير : "صاغر" .
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره بحرب الروم ، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزولها غزوة
تبوك .
ذكر من قال ذلك :
16616 - حدثني
محمد بن عروة قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ، حين أمر
محمد وأصحابه بغزوة
تبوك .
16617 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، نحوه .
واختلف أهل التأويل في معنى "الصغار" ، الذي عناه الله في هذا الموضع .
فقال بعضهم : أن يعطيها وهو قائم ، والآخذ جالس .
ذكر من قال ذلك :
16618 - حدثني
عبد الرحمن بن بشر النيسابوري قال : حدثنا
سفيان ، عن
أبي سعد ، عن
عكرمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ، قال :
[ ص: 201 ] أي تأخذها وأنت جالس ، وهو قائم .
وقال آخرون :
nindex.php?page=treesubj&link=28980_8760_23418_8761_7926معنى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ، عن أنفسهم ، بأيديهم يمشون بها ، وهم كارهون ، وذلك قول روي عن
ابن عباس ، من وجه فيه نظر .
وقال آخرون : إعطاؤهم إياها ، هو الصغار .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=28980_7919قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( 29 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَاتِلُوا ) ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، الْقَوْمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) ، يَقُولُ : وَلَا يُصَدِّقُونَ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ) ، يَقُولُ : وَلَا يُطِيعُونَ اللَّهَ طَاعَةَ الْحَقِّ ، يَعْنِي : أَنَّهُمْ لَا يُطِيعُونَ طَاعَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) ، وَهُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى .
وَكُلُّ مُطِيعٍ مَلِكًا وَذَا سُلْطَانٍ ، فَهُوَ دَائِنٌ لَهُ . يُقَالُ مِنْهُ : دَانَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فَهُوَ يَدِينُ لَهُ ، دِينًا" ، قَالَ
زُهَيْرٌ :
لَئِنَ حَلَلْتَ بِجَوٍّ فِي بَنِي أَسَدٍ فِي دِينِ عَمْرٍو وَحَالَتْ بَيْنَنَا فَدَكُ
[ ص: 199 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) ، يَعْنِي : الَّذِينَ أُعْطُوا كِتَابَ اللَّهِ ، وَهُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ) .
وَ"الْجِزْيَةُ" : الْفِعْلَةُ مِنْ : "جَزَى فُلَانٌ فُلَانًا مَا عَلَيْهِ" ، إِذَا قَضَاهُ ، "يَجْزِيهِ" ، وَ"الْجِزْيَةُ" مِثْلُ "الْقِعْدَةِ" وَ"الْجِلْسَةُ" .
وَمَعْنَى الْكَلَامِ : حَتَّى يُعْطُوا الْخَرَاجَ عَنْ رِقَابِهِمُ ، الَّذِي يَبْذُلُونَهُ لِلْمُسْلِمِينَ دَفْعًا عَنْهَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( عَنْ يَدٍ ) ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ مَنْ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ .
وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ لِكُلِّ مُعْطٍ قَاهِرًا لَهُ ، شَيْئًا طَائِعًا لَهُ أَوْ كَارِهًا : "أَعْطَاهُ عَنْ يَدِهِ ، وَعَنْ يَدٍ" . وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ : "كَلَّمْتُهُ فَمًا لِفَمٍ" ، وَ"لَقِيتُهُ كَفَّةً
[ ص: 200 ] لِكَفَّةٍ ، وَكَذَلِكَ : "أَعْطَيْتُهُ عَنْ يَدٍ لِيَدٍ" .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَهُمْ أَذِلَّاءُ مَقْهُورُونَ .
يُقَالُ لِلذَّلِيلِ الْحَقِيرِ : "صَاغِرٌ" .
وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ بِحَرْبِ الرُّومِ ، فَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِهَا غَزْوَةَ
تَبُوكَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16616 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، حِينَ أُمِرَ
مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ بِغَزْوَةِ
تَبُوكَ .
16617 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، نَحْوَهُ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى "الصَّغَارِ" ، الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَنْ يُعْطِيَهَا وَهُوَ قَائِمٌ ، وَالْآخِذُ جَالِسٌ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16618 - حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
أَبِي سَعْدٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، قَالَ :
[ ص: 201 ] أَيْ تَأْخُذُهَا وَأَنْتَ جَالِسٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28980_8760_23418_8761_7926مَعْنَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، بِأَيْدِيهِمْ يَمْشُونَ بِهَا ، وَهُمْ كَارِهُونَ ، وَذَلِكَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِنْ وَجْهٍ فِيهِ نَظَرٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِعْطَاؤُهُمْ إِيَّاهَا ، هُوَ الصَّغَارُ .