[ ص: 113 ] القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_30997_29694_29703nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم ( 101 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - للذين نهاهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما نهاهم عن مسألتهم إياه عنه ، من فرائض لم يفرضها الله عليهم ، وتحليل أمور لم يحللها لهم ، وتحريم أشياء لم يحرمها عليهم قبل نزول القرآن بذلك : أيها المؤمنون السائلون عما سألوا عنه رسولي مما لم أنزل به كتابا ولا وحيا ، لا تسألوا عنه ، فإنكم إن أظهر ذلك لكم تبيان بوحي وتنزيل ساءكم ، لأن التنزيل بذلك إذا جاءكم إنما يجيئكم بما فيه امتحانكم واختباركم ، إما بإيجاب عمل عليكم ، ولزوم فرض لكم ، وفي ذلك عليكم مشقة ولزوم مؤونة وكلفة وإما بتحريم ما لو لم يأتكم بتحريمه وحي ، كنتم من التقدم عليه في فسحة وسعة وإما بتحليل ما تعتقدون تحريمه ، وفي ذلك لكم مساءة لنقلكم عما كنتم ترونه حقا إلى ما كنتم ترونه باطلا ولكنكم إن سألتم عنها بعد نزول القرآن بها ، وبعد ابتدائكم ببيان أمرها في كتابي إلى رسولي إليكم ، ليسر عليكم ما أنزلته إليه من بيان كتابي ، وتأويل تنزيلي ووحيي
وذلك نظير الخبر الذي روي عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، الذي : -
12813 - حدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري قال : حدثنا
أبو معاوية ، عن
داود [ ص: 114 ] بن أبي هند ، عن
مكحول ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني قال : إن الله - تعالى ذكره - فرض فرائض فلا تضيعوها ، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها .
12814 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
ابن أبي زائدة قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير يقول : إن الله تعالى أحل وحرم ، فما أحل فاستحلوه ، وما حرم فاجتنبوه ، وترك من ذلك أشياء لم يحلها ولم يحرمها ، فذلك عفو من الله عفاه . ثم يتلو : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " .
12815 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : حدثنا
الضحاك قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير أنه كان يقول : إن الله حرم وأحل ، ثم ذكر نحوه .
وأما قوله : " عفا الله عنها " فإنه يعني به : عفا الله لكم عن مسألتكم عن الأشياء التي سألتم عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كره الله لكم مسألتكم إياه عنها ، أن يؤاخذكم بها ، أو يعاقبكم عليها ، إذ عرف منها توبتكم وإنابتكم " والله غفور " يقول : والله ساتر ذنوب من تاب منها ، فتارك أن يفضحه في الآخرة " حليم "ذو أناة عن أن يعاقبه بها ، لتغمده التائب منها برحمته ، وعفوه ، عن عقوبته عليها .
[ ص: 115 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، روي الخبر عن
ابن عباس الذي ذكرناه آنفا . وذلك ما : -
12816 - حدثني به
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تسألوا عن أشياء " يقول : لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك ، ولكن انتظروا ، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه .
[ ص: 113 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_30997_29694_29703nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ( 101 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِلَّذِينِ نَهَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَسْأَلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ إِيَّاهُ عَنْهُ ، مِنْ فَرَائِضَ لَمْ يَفْرِضْهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَتَحْلِيلِ أُمُورٍ لَمْ يُحَلِّلْهَا لَهُمْ ، وَتَحْرِيمِ أَشْيَاءَ لَمْ يُحَرِّمْهَا عَلَيْهِمْ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ : أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ السَّائِلُونَ عَمَّا سَأَلُوا عَنْهُ رَسُولِي مِمَّا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ كِتَابًا وَلَا وَحْيًا ، لَا تَسْأَلُوا عَنْهُ ، فَإِنَّكُمْ إِنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ لَكُمْ تِبْيَانٌ بِوَحْيٍ وَتَنْزِيلٍ سَاءَكُمْ ، لِأَنَّ التَّنْزِيلَ بِذَلِكَ إِذَا جَاءَكُمْ إِنَّمَا يَجِيئُكُمْ بِمَا فِيهِ امْتِحَانُكُمْ وَاخْتِبَارُكُمْ ، إِمَّا بِإِيجَابِ عَمَلٍ عَلَيْكُمْ ، وَلُزُومٍ فَرْضٍ لَكُمْ ، وَفِي ذَلِكَ عَلَيْكُمْ مَشَقَّةٌ وَلُزُومُ مَؤُونَةٍ وَكُلْفَةٍ وَإِمَّا بِتَحْرِيمِ مَا لَوْ لَمْ يَأْتِكُمْ بِتَحْرِيمِهِ وَحْيٌ ، كُنْتُمْ مِنَ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ فِي فُسْحَةٍ وَسِعَةٍ وَإِمَّا بِتَحْلِيلِ مَا تَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ ، وَفِي ذَلِكَ لَكُمْ مَسَاءَةٌ لِنَقْلِكُمْ عَمَّا كُنْتُمْ تَرَوْنَهُ حَقًّا إِلَى مَا كُنْتُمْ تَرَوْنَهُ بَاطِلًا وَلَكِنَّكُمْ إِنْ سَأَلْتُمْ عَنْهَا بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ بِهَا ، وَبَعْدَ ابْتِدَائِكُمْ بِبَيَانِ أَمْرِهَا فِي كِتَابِي إِلَى رَسُولِي إِلَيْكُمْ ، لَيَسَّرَ عَلَيْكُمْ مَا أَنْزَلْتُهُ إِلَيْهِ مِنْ بَيَانِ كِتَابِي ، وَتَأْوِيلِ تَنْزِيلِي وَوَحْيِي
وَذَلِكَ نَظِيرُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، الَّذِي : -
12813 - حَدَّثَنَا بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=17259هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
دَاوُدَ [ ص: 114 ] بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ
مَكْحُولٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1500أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ : إِنِ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا ، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا ، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا ، وَعَفَا عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا .
12814 - حَدَّثَنَا
هَنَّادٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ : إِنِ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ وَحَرَّمَ ، فَمَا أَحَلَّ فَاسْتَحِلُّوهُ ، وَمَا حَرَّمَ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَتَرَكَ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ لَمْ يَحِلَّهَا وَلَمْ يُحَرِّمْهَا ، فَذَلِكَ عَفْوٌ مِنَ اللَّهِ عَفَاهُ . ثُمَّ يَتْلُو : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ " .
12815 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
الضَّحَّاكُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
عَطَاءٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ وَأَحَلَّ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " عَفَا اللَّهُ عَنْهَا " فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : عَفَا اللَّهُ لَكُمْ عَنْ مَسْأَلَتِكُمْ عَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي سَأَلْتُمْ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَرِهَ اللَّهُ لَكُمْ مَسْأَلَتَكُمْ إِيَّاهُ عَنْهَا ، أَنْ يُؤَاخِذَكُمْ بِهَا ، أَوْ يُعَاقِبَكُمْ عَلَيْهَا ، إِذْ عَرَفَ مِنْهَا تَوْبَتَكُمْ وَإِنَابَتَكُمْ " وَاللَّهُ غَفُورٌ " يَقُولُ : وَاللَّهُ سَاتِرٌ ذُنُوبَ مَنْ تَابَ مِنْهَا ، فَتَارِكٌ أَنْ يَفْضَحَهُ فِي الْآخِرَةِ " حَلِيمٌ "ذُو أَنَاةٍ عَنْ أَنْ يُعَاقِبَهُ بِهَا ، لِتَغَمُّدِهُ التَّائِبَ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ ، وَعَفْوِهِ ، عَنْ عُقُوبَتِهِ عَلَيْهَا .
[ ص: 115 ]
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، رُوِيَ الْخَبَرُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا . وَذَلِكَ مَا : -
12816 - حَدَّثَنِي بِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ " يَقُولُ : لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ نُزِّلَ الْقُرْآنُ فِيهَا بِتَغْلِيظٍ سَاءَكُمْ ذَلِكَ ، وَلَكِنِ انْتَظَرُوا ، فَإِذَا نُزِّلَ الْقُرْآنُ فَإِنَّكُمْ لَا تَسْأَلُونَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا وَجَدْتُمْ تِبْيَانَهُ .