[ ص: 230 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28975_30437تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ( 30 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " ومن يفعل ذلك عدوانا " .
فقال بعضهم : معنى ذلك : ومن يقتل نفسه ، بمعنى : ومن يقتل أخاه المؤمن
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا .
ذكر من قال ذلك :
9167 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قلت
لعطاء : أرأيت قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا ، في كل ذلك ، أو في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم ؟ قال : بل في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ومن يفعل ما حرمته عليه من أول هذه السورة إلى قوله : " ومن يفعل ذلك " من نكاح من حرمت نكاحه ، وتعدى حدوده ، وأكل أموال الأيتام ظلما ، وقتل النفس المحرم قتلها ظلما بغير حق .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ومن يأكل مال أخيه المسلم ظلما بغير طيب نفس منه ، وقتل أخاه المؤمن ظلما ، فسوف نصليه نارا .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : معناه : ومن يفعل ما حرم الله عليه ، من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ) إلى قوله : " ومن يفعل ذلك " من نكاح المحرمات ، وعضل المحرم
[ ص: 231 ] عضلها من النساء ، وأكل المال بالباطل ، وقتل المحرم قتله من المؤمنين لأن كل ذلك مما وعد الله عليه أهله العقوبة .
فإن قال قائل : فما منعك أن تجعل قوله : " ذلك " معنيا به جميع ما أوعد الله عليه العقوبة من أول السورة ؟
قيل : منعني ذلك أن كل فصل من ذلك قد قرن بالوعيد ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ) ، ولا ذكر للعقوبة من بعد ذلك على ما حرم الله في الآي التي بعده إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فسوف نصليه نارا . فكان قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30ومن يفعل ذلك ، معنيا به ما قلنا ، مما لم يقرن بالوعيد ، مع إجماع الجميع على أن الله تعالى قد توعد على كل ذلك - أولى من أن يكون معنيا به ما سلف فيه الوعيد بالنهي مقرونا قبل ذلك .
وأما قوله : " عدوانا " فإنه يعني به تجاوزا لما أباح الله له ، إلى ما حرمه عليه " وظلما " يعني : فعلا منه ذلك بغير ما أذن الله به ، وركوبا منه ما قد نهاه الله عنه .
وقوله : " فسوف نصليه نارا " يقول : فسوف نورده نارا يصلى بها فيحترق فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30وكان ذلك على الله يسيرا ، يعني : وكان إصلاء فاعل ذلك النار وإحراقه بها ، على الله سهلا يسيرا ، لأنه لا يقدر على الامتناع على ربه مما أراد به من سوء . وإنما يصعب الوفاء بالوعيد لمن توعده ، على من كان
[ ص: 232 ] إذا حاول الوفاء به قدر المتوعد من الامتناع منه . فأما من كان في قبضة موعده ، فيسير عليه إمضاء حكمه فيه ، والوفاء له بوعيده . غير عسير عليه أمر أراده به .
[ ص: 230 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28975_30437تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ( 30 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : " وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا " .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ ، بِمَعْنَى : وَمَنْ يَقْتُلْ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
9167 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ
لِعَطَاءٍ : أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ، فِي كُلِّ ذَلِكَ ، أَوْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ؟ قَالَ : بَلْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَفْعَلْ مَا حَرَّمْتُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ : " وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ " مِنْ نِكَاحِ مَنْ حَرَّمْتُ نِكَاحَهُ ، وَتَعَدَّى حُدُودَهُ ، وَأَكَلَ أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ ظُلْمًا ، وَقَتَلَ النَّفْسَ الْمُحَرَّمَ قَتْلُهَا ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَأْكُلْ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ظُلْمًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ، وَقَتَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ ظُلْمًا ، فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : مَعْنَاهُ : وَمَنْ يَفْعَلْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ) إِلَى قَوْلِهِ : " وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ " مِنْ نِكَاحِ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَعَضْلِ الْمُحَرَّمِ
[ ص: 231 ] عَضْلُهَا مِنَ النِّسَاءِ ، وَأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، وَقَتْلِ الْمُحَرَّمِ قَتْلُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِمَّا وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ الْعُقُوبَةَ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ : " ذَلِكَ " مَعْنِيًّا بِهِ جَمِيعَ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ ؟
قِيلَ : مَنَعَنِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فَصْلٍ مِنْ ذَلِكَ قَدْ قُرِنَ بِالْوَعِيدِ ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) ، وَلَا ذِكْرَ لِلْعُقُوبَةِ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي الْآيِ الَّتِي بَعْدَهُ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا . فَكَانَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ، مَعْنِيًّا بِهِ مَا قُلْنَا ، مِمَّا لَمْ يُقْرَنْ بِالْوَعِيدِ ، مَعَ إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَوَعَّدَ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ - أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ مَا سَلَفَ فِيهِ الْوَعِيدُ بِالنَّهْيِ مَقْرُونًا قَبْلَ ذَلِكَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " عُدْوَانًا " فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ تَجَاوُزًا لِمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ ، إِلَى مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ " وُظلْمًا " يَعْنِي : فِعْلًا مِنْهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ اللَّهُ بِهِ ، وَرُكُوبًا مِنْهُ مَا قَدْ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ .
وَقَوْلُهُ : " فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا " يَقُولُ : فَسَوْفَ نُورِدُهُ نَارًا يَصْلَى بِهَا فَيَحْتَرِقُ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ، يَعْنِي : وَكَانَ إِصْلَاءُ فَاعِلِ ذَلِكَ النَّارَ وَإِحْرَاقُهُ بِهَا ، عَلَى اللَّهِ سَهْلًا يَسِيرًا ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَلَى رَبِّهِ مِمَّا أَرَادَ بِهِ مِنْ سُوءٍ . وَإِنَّمَا يَصْعُبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعِيدِ لِمَنْ تَوَعَّدَهُ ، عَلَى مَنْ كَانَ
[ ص: 232 ] إِذَا حَاوَلَ الْوَفَاءَ بِهِ قَدَرَ الْمُتَوَعَّدُ مِنَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ . فَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي قَبْضَةِ مُوعِدِهِ ، فَيَسِيرٌ عَلَيْهِ إِمْضَاءُ حُكْمِهِ فِيهِ ، وَالْوَفَاءُ لَهُ بِوَعِيدِهِ . غَيْرُ عَسِيرٍ عَلَيْهِ أَمْرٌ أَرَادَهُ بِهِ .