(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49nindex.php?page=treesubj&link=28973_32419_31915_31916_31920وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ( 49 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ( 50 ) )
يقول تعالى : واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون أي :
[ ص: 258 ]
خلصتكم منهم وأنقذتكم من أيديهم صحبة
موسى ، عليه السلام ، وقد كانوا يسومونكم ، أي : يوردونكم ويذيقونكم ويولونكم سوء العذاب . وذلك أن فرعون - لعنه الله - كان قد رأى رؤيا هالته ، رأى نارا خرجت من
بيت المقدس فدخلت دور القبط ببلاد
مصر ، إلا بيوت
بني إسرائيل ، مضمونها أن زوال ملكه يكون على يدي رجل من
بني إسرائيل ، ويقال : بل تحدث سماره عنده بأن
بني إسرائيل يتوقعون خروج رجل منهم ، يكون لهم به دولة ورفعة ، وهكذا جاء في حديث الفتون ، كما سيأتي في موضعه [ في سورة طه ] إن شاء الله ، فعند ذلك أمر فرعون - لعنه الله - بقتل كل [ ذي ] ذكر يولد بعد ذلك من
بني إسرائيل ، وأن تترك البنات ، وأمر باستعمال
بني إسرائيل في مشاق الأعمال وأراذلها .
وهاهنا فسر العذاب بذبح الأبناء ، وفي سورة
إبراهيم عطف عليه ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=6يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) [ إبراهيم : 6 ] وسيأتي تفسير ذلك في أول سورة القصص ، إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة والمعونة والتأييد .
ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49يسومونكم ) أي : يولونكم ، قاله
أبو عبيدة ، كما يقال : سامه خطة خسف إذا أولاه إياها ، قال
عمرو بن كلثوم :
إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن نقر الخسف فينا
وقيل : معناه : يديمون عذابكم ، كما يقال : سائمة الغنم من إدامتها الرعي ، نقله
القرطبي ، وإنما قال هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) ليكون ذلك تفسيرا للنعمة عليهم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49يسومونكم سوء العذاب ) ثم فسره بهذا لقوله هاهنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) وأما في سورة إبراهيم فلما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5وذكرهم بأيام الله ) [ إبراهيم : 5 ] ، أي : بأياديه ونعمه عليهم فناسب أن يقول هناك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=6يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) فعطف عليه الذبح ليدل على تعدد النعم والأيادي .
وفرعون علم على كل من ملك
مصر ، كافرا من العماليق وغيرهم ، كما أن قيصر علم على كل من ملك
الروم مع
الشام كافرا ، وكسرى لكل من ملك الفرس ، وتبع لمن ملك
اليمن كافرا [ والنجاشي لمن ملك
الحبشة ، وبطليموس لمن ملك
الهند ] ويقال : كان اسم فرعون الذي كان في زمن
موسى ، عليه السلام ،
الوليد بن مصعب بن الريان ، وقيل :
مصعب بن الريان ، أيا ما كان فعليه لعنة الله ، [ وكان من سلالة
عمليق بن داود بن إرم بن سام بن نوح ، وكنيته
أبو مرة ، وأصله فارسي من
استخر ] .
[ ص: 259 ]
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) قال
ابن جرير : وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا إياكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون بلاء لكم من ربكم عظيم . أي : نعمة عظيمة عليكم في ذلك .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس [ في ] قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49بلاء من ربكم عظيم ) قال : نعمة . وقال
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49بلاء من ربكم عظيم ) قال : نعمة من ربكم عظيمة . وكذا قال
أبو العالية ،
وأبو مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وغيرهم .
وأصل البلاء : الاختبار ، وقد يكون بالخير والشر ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=35ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) [ الأنبياء : 25 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) [ الأعراف : 168 ] .
قال
ابن جرير : وأكثر ما يقال في الشر : بلوته أبلوه بلاء ، وفي الخير : أبليه إبلاء وبلاء ، قال
زهير بن أبي سلمى :
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو
قال : فجمع بين اللغتين ؛ لأنه أراد فأنعم الله عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده .
[ وقيل : المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وفي ذلكم بلاء ) إشارة إلى ما كانوا فيه من العذاب المهين من ذبح الأبناء واستحياء النساء ؛ قال
القرطبي : وهذا قول الجمهور ولفظه بعدما حكى القول الأول ، ثم قال : وقال الجمهور : الإشارة إلى الذبح ونحوه ، والبلاء هاهنا في الشر ، والمعنى في الذبح مكروه وامتحان ] .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) معناه : وبعد أن أنقذناكم من آل فرعون ، وخرجتم مع
موسى ، عليه السلام ، خرج فرعون في طلبكم ، ففرقنا بكم البحر ، كما أخبر تعالى عن ذلك مفصلا كما سيأتي في مواضعه ومن أبسطها في سورة الشعراء إن شاء الله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50فأنجيناكم ) أي : خلصناكم منهم ، وحجزنا بينكم وبينهم ، وأغرقناهم وأنتم تنظرون ؛ ليكون ذلك أشفى لصدوركم ، وأبلغ في إهانة عدوكم .
قال
عبد الرزاق : أنبأنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق الهمداني ، عن
عمرو بن ميمون الأودي في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وإذ فرقنا بكم البحر ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وأنتم تنظرون ) قال : لما خرج
موسى ببني إسرائيل ، بلغ ذلك فرعون فقال : لا تتبعوهم حتى تصيح الديكة . قال : فوالله ما صاح ليلتئذ ديك
[ ص: 260 ] حتى أصبحوا ؛ فدعا بشاة فذبحت ، ثم قال : لا أفرغ من كبدها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط . فلم يفرغ من كبدها حتى اجتمع إليه ستمائة ألف من
القبط ثم سار ، فلما أتى
موسى البحر ، قال له رجل من أصحابه ، يقال له :
يوشع بن نون : أين أمر ربك ؟ قال : أمامك ، يشير إلى البحر . فأقحم
يوشع فرسه في البحر حتى بلغ الغمر ، فذهب به الغمر ، ثم رجع . فقال : أين أمر ربك يا
موسى ؟ فوالله ما كذبت ولا كذبت . فعل ذلك ثلاث مرات ، ثم أوحى الله إلى
موسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أن اضرب بعصاك البحر ) فضربه (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ) [ الشعراء : 63 ] ، يقول : مثل الجبل . ثم سار
موسى ومن معه وأتبعهم فرعون في طريقهم ، حتى إذا تتاموا فيه أطبقه الله عليهم فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) .
وكذلك قال غير واحد من السلف ، كما سيأتي بيانه في مواضعه . وقد ورد أن هذا اليوم كان
nindex.php?page=treesubj&link=2547_31948يوم عاشوراء ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
عفان ، حدثنا
عبد الوارث ، حدثنا
أيوب ، عن
عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820250قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فقال : ما هذا اليوم الذي تصومون ؟ . قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجى الله عز وجل فيه بني إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى ، عليه السلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أحق بموسى منكم . فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر بصومه .
وروى هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
ومسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طرق ، عن
أيوب السختياني ، به نحو ما تقدم .
وقال
أبو يعلى الموصلي : حدثنا
أبو الربيع ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11820سلام - يعني ابن سليم - عن
زيد العمي عن
يزيد الرقاشي عن
أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
فلق الله البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء .
وهذا ضعيف من هذا الوجه فإن
زيدا العمي فيه ضعف ، وشيخه
يزيد الرقاشي أضعف منه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49nindex.php?page=treesubj&link=28973_32419_31915_31916_31920وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ( 49 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ( 50 ) )
يَقُولُ تَعَالَى : وَاذْكُرُوا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ إِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَيْ :
[ ص: 258 ]
خَلَّصْتُكُمْ مِنْهُمْ وَأَنْقَذْتُكُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ صُحْبَةَ
مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَدْ كَانُوا يَسُومُونَكُمْ ، أَيْ : يُورِدُونَكُمْ وَيُذِيقُونَكُمْ وَيُوَلُّونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ . وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَوْنَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - كَانَ قَدْ رَأَى رُؤْيَا هَالَتْهُ ، رَأَى نَارًا خَرَجَتْ مِنْ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَدَخَلَتْ دُورَ الْقِبْطِ بِبِلَادِ
مِصْرَ ، إِلَّا بُيُوتَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، مَضْمُونُهَا أَنَّ زَوَالَ مُلْكِهِ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَيُقَالُ : بَلْ تَحْدَّثَ سُمَّارُهُ عِنْدَهُ بِأَنَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَوَقَّعُونَ خُرُوجَ رَجُلٍ مِنْهُمْ ، يَكُونُ لَهُمْ بِهِ دَوْلَةٌ وَرِفْعَةٌ ، وَهَكَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْفُتُونِ ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ [ فِي سُورَةِ طه ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمْرَ فِرْعَوْنُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - بِقَتْلِ كُلِّ [ ذِي ] ذَكَرٍ يُولَدُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَأَنْ تُتْرَكَ الْبَنَاتُ ، وَأَمَرَ بِاسْتِعْمَالِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مَشَاقِّ الْأَعْمَالِ وَأَرَاذِلِهَا .
وَهَاهُنَا فُسِّرَ الْعَذَابُ بِذَبْحِ الْأَبْنَاءِ ، وَفِي سُورَةِ
إِبْرَاهِيمَ عَطْفٌ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=6يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 6 ] وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْقَصَصِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَبِهِ الثِّقَةُ وَالْمَعُونَةُ وَالتَّأْيِيدُ .
وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49يَسُومُونَكُمْ ) أَيْ : يُوَلُّونَكُمْ ، قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ ، كَمَا يُقَالُ : سَامَهُ خُطَّةَ خَسْفٍ إِذَا أَوْلَاهُ إِيَّاهَا ، قَالَ
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ :
إِذَا مَا الْمُلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفًا أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الْخَسْفَ فِينَا
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : يُدِيمُونَ عَذَابَكُمْ ، كَمَا يُقَالُ : سَائِمَةُ الْغَنَمِ مِنْ إِدَامَتِهَا الرَّعْيَ ، نَقَلَهُ
الْقُرْطُبِيُّ ، وَإِنَّمَا قَالَ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) لِيَكُونَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلنِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ) ثُمَّ فَسَّرَهُ بِهَذَا لِقَوْلِهِ هَاهُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ) وَأَمَّا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 5 ] ، أَيْ : بِأَيَادِيهِ وَنِعَمِهِ عَلَيْهِمْ فَنَاسَبَ أَنْ يَقُولَ هُنَاكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=6يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) فَعَطَفَ عَلَيْهِ الذَّبْحَ لِيَدُلَّ عَلَى تَعَدُّدِ النِّعَمِ وَالْأَيَادِي .
وَفِرْعَوْنُ عَلَمٌ عَلَى كُلِّ مَنْ مَلَكَ
مِصْرَ ، كَافِرًا مِنَ الْعَمَالِيقِ وَغَيْرِهِمْ ، كَمَا أَنَّ قَيْصَرَ عَلَمٌ عَلَى كُلِّ مَنْ مَلَكَ
الرُّومَ مَعَ
الشَّامِ كَافِرًا ، وَكِسْرَى لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْفُرْسَ ، وَتُبَّعٌ لِمَنْ مَلَكَ
الْيَمَنَ كَافِرًا [ وَالنَّجَاشِيُّ لِمَنْ مَلَكَ
الْحَبَشَةَ ، وَبَطْلَيْمُوسَ لِمَنْ مَلَكَ
الْهِنْدَ ] وَيُقَالُ : كَانَ اسْمُ فِرْعَوْنَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ
مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ،
الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الرَّيَّانِ ، وَقِيلَ :
مُصْعَبُ بْنُ الرَّيَّانِ ، أَيًّا مَا كَانَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ، [ وَكَانَ مِنْ سُلَالَةِ
عِمْلِيقِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، وَكُنْيَتُهُ
أَبُو مُرَّةَ ، وَأَصْلُهُ فَارِسِيٌّ مِنِ
اسْتَخَرَّ ] .
[ ص: 259 ]
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَفِي الَّذِي فَعَلْنَا بِكُمْ مِنْ إِنْجَائِنَا إِيَّاكُمْ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ عَذَابِ آلِ فِرْعَوْنَ بَلَاءٌ لَكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ . أَيْ : نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ [ فِي ] قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) قَالَ : نِعْمَةٌ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) قَالَ : نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمَةٌ . وَكَذَا قَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ ،
وَأَبُو مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ، وَغَيْرُهُمْ .
وَأَصْلُ الْبَلَاءِ : الِاخْتِبَارُ ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=35وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 25 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ) [ الْأَعْرَافِ : 168 ] .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ : بَلَوْتُهُ أَبْلُوهُ بَلَاءً ، وَفِي الْخَيْرِ : أَبْلِيهِ إِبْلَاءً وَبَلَاءً ، قَالَ
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى :
جَزَى اللَّهُ بِالْإِحْسَانِ مَا فَعَلَا بِكُمْ وَأَبْلَاهُمَا خَيْرَ الْبَلَاءِ الَّذِي يَبْلُو
قَالَ : فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ فَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا خَيْرَ النِّعَمِ الَّتِي يَخْتَبِرُ بِهَا عِبَادَهُ .
[ وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=49وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ مِنْ ذَبْحِ الْأَبْنَاءِ وَاسْتِحْيَاءِ النِّسَاءِ ؛ قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَلَفْظُهُ بَعْدَمَا حَكَى الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ الْجُمْهُورُ : الْإِشَارَةُ إِلَى الذَّبْحِ وَنَحْوِهِ ، وَالْبَلَاءُ هَاهُنَا فِي الشَّرِّ ، وَالْمَعْنَى فِي الذَّبْحِ مَكْرُوهٌ وَامْتِحَانٌ ] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) مَعْنَاهُ : وَبَعْدَ أَنْ أَنْقَذْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ، وَخَرَجْتُمْ مَعَ
مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، خَرَجَ فِرْعَوْنُ فِي طَلَبِكُمْ ، فَفَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ مُفَصَّلًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوَاضِعِهِ وَمِنْ أَبْسَطِهَا فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50فَأَنْجَيْنَاكُمْ ) أَيْ : خَلَّصْنَاكُمْ مِنْهُمْ ، وَحَجَزْنَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ، وَأَغْرَقْنَاهُمْ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَشَفَى لِصُدُورِكُمْ ، وَأَبْلَغَ فِي إِهَانَةِ عَدُوِّكُمْ .
قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَنْبَأَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) قَالَ : لَمَّا خَرَجَ
مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، بَلَغَ ذَلِكَ فِرْعَوْنَ فَقَالَ : لَا تَتَّبِعُوهُمْ حَتَّى تَصِيحَ الدِّيَكَةُ . قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا صَاحَ لَيْلَتَئِذٍ دِيكٌ
[ ص: 260 ] حَتَّى أَصْبَحُوا ؛ فَدَعَا بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ ، ثُمَّ قَالَ : لَا أَفْرَغُ مِنْ كَبِدِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ إِلَيَّ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْقِبْطِ . فَلَمْ يَفْرَغْ مِنْ كَبِدِهَا حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ
الْقِبْطِ ثُمَّ سَارَ ، فَلَمَّا أَتَى
مُوسَى الْبَحْرَ ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، يُقَالُ لَهُ :
يُوشَعُ بْنُ نُونٍ : أَيْنَ أَمَرَ رَبُّكَ ؟ قَالَ : أَمَامَكَ ، يُشِيرُ إِلَى الْبَحْرِ . فَأَقْحَمَ
يُوشَعُ فَرَسَهُ فِي الْبَحْرِ حَتَّى بَلَغَ الْغَمْرَ ، فَذَهَبَ بِهِ الْغَمْرُ ، ثُمَّ رَجَعَ . فَقَالَ : أَيْنَ أَمَرَ رَبُّكَ يَا
مُوسَى ؟ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتَ وَلَا كُذِّبْتَ . فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى
مُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ) فَضَرَبَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) [ الشُّعَرَاءِ : 63 ] ، يَقُولُ : مِثْلَ الْجَبَلِ . ثُمَّ سَارَ
مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ وَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ فِي طَرِيقِهِمْ ، حَتَّى إِذَا تَتَامُّوا فِيهِ أَطْبَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=50وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) .
وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعِهِ . وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=2547_31948يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا
أَيُّوبُ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820250قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَ ؟ . قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَصَامَهُ مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ . فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ .
وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَمُسْلِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، بِهِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ
أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ : حَدَّثَنَا
أَبُو الرَّبِيعِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11820سَلَّامٌ - يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمٍ - عَنْ
زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ
يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ
أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
فَلَقَ اللَّهُ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ .
وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّ
زَيْدًا الْعَمِّيَّ فِيهِ ضَعْفٌ ، وَشَيْخَهُ
يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ أَضْعَفُ مِنْهُ .