(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28976_29485_19864واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم ( 9 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ( 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 11 ) )
يقول تعالى مذكرا عباده المؤمنين نعمته عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم ، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم ، وما أخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته ، والقيام بدينه وإبلاغه عنه وقبوله منه ، فقال [ تعالى ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا )
[ ص: 62 ] وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عند إسلامهم ، كما قالوا : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله " ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ) [ الحديد : 8 ] وقيل : هذا تذكار
لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة
محمد صلى الله عليه وسلم والانقياد لشرعه ، رواه
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس . وقيل : هو تذكار بما أخذ تعالى من العهد على ذرية
آدم حين استخرجهم من صلبه وأشهدهم على أنفسهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) [ الأعراف : 172 ] قاله
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان . والقول الأول أظهر ، وهو المحكي عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . واختاره
ابن جرير .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7واتقوا الله ) تأكيد وتحريض على مواظبة التقوى في كل حال .
ثم أعلمهم أنه يعلم ما يتخالج في الضمائر والسرائر من الأسرار والخواطر ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7إن الله عليم بذات الصدور )
nindex.php?page=treesubj&link=19831وقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله ) أي : كونوا قوامين بالحق لله ، عز وجل ، لا لأجل الناس والسمعة ، وكونوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8شهداء بالقسط ) أي : بالعدل لا بالجور . وقد ثبت في الصحيحين ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824483عن النعمان بن بشير أنه قال : نحلني أبي نحلا فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاءه ليشهده على صدقتي فقال : " أكل ولدك نحلت مثله؟ " قال : لا . قال : " اتقوا الله ، واعدلوا في أولادكم " . وقال : " إني لا أشهد على جور " . قال : فرجع أبي فرد تلك الصدقة .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ) أي : لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم ، بل استعملوا العدل في كل أحد ، صديقا كان أو عدوا ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8اعدلوا هو أقرب للتقوى ) أي : عدلكم أقرب إلى التقوى من تركه . ودل الفعل على المصدر الذي عاد الضمير عليه ، كما في نظائره من القرآن وغيره ، كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=28وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم ) [ النور : 28 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8هو أقرب للتقوى ) من باب استعمال أفعل التفضيل في المحل الذي ليس في الجانب الآخر منه شيء ، كما في قوله [ تعالى ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ) [ الفرقان : 24 ] وكقول بعض الصحابيات
لعمر : أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) أي : وسيجزيكم على ما علم من أفعالكم التي عملتموها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ; ولهذا قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ) أي : لذنوبهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وأجر عظيم ) وهو : الجنة التي هي من رحمته على عباده ، لا ينالونها بأعمالهم ، بل برحمة منه وفضل ، وإن كان سبب وصول الرحمة إليهم أعمالهم ، وهو تعالى
[ ص: 63 ] الذي جعلها أسبابا إلى نيل رحمته وفضله وعفوه ورضوانه ، فالكل منه وله ، فله الحمد والمنة .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) وهذا من عدله تعالى ، وحكمته وحكمه الذي لا يجور فيه ، بل هو الحكم العدل الحكيم القدير .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28976_29676يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم ) قال
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر عن
الزهري ذكره عن
أبي سلمة ، عن
جابر ; nindex.php?page=hadith&LINKID=825051أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها ، وعلق النبي صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة ، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فسله ، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك مني؟ قال : " الله " ! قال الأعرابي مرتين أو ثلاثا : من يمنعك مني؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الله " ! قال : فشام الأعرابي السيف ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي ، وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه - وقال معمر : وكان قتادة يذكر نحو هذا ، وذكر أن قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا هذا الأعرابي ، وتأول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ) الآية .
وقصة هذا الأعرابي - وهو
غورث بن الحارث - ثابتة في الصحيح .
وقال
العوفي عن
ابن عباس في هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم ) وذلك أن قوما من
اليهود صنعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه طعاما ليقتلوهم فأوحى الله تعالى إليه بشأنهم ، فلم يأت الطعام ، وأمر أصحابه فلم يأتوه رواه
ابن أبي حاتم .
وقال
أبو مالك : نزلت في
كعب بن الأشرف وأصحابه ، حين أرادوا أن يغدروا
بمحمد [ صلى الله عليه وسلم ] وأصحابه في دار
كعب بن الأشرف . رواه
ابن أبي حاتم .
وذكر
محمد بن إسحاق بن يسار ومجاهد وعكرمة وغير واحد : أنها نزلت في شأن
بني النضير ، حين أرادوا أن يلقوا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحى ، لما جاءهم يستعينهم في دية العامريين ، ووكلوا
عمرو بن جحاش بن كعب بذلك ، وأمروه إن جلس النبي صلى الله عليه وسلم تحت الجدار واجتمعوا عنده أن يلقي تلك الرحى من فوقه ، فأطلع الله رسوله على ما تمالؤوا عليه ، فرجع إلى
المدينة وتبعه أصحابه ، فأنزل الله [ تعالى ] في ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) ثم أمر رسول
[ ص: 64 ] الله صلى الله عليه وسلم أن يغدو إليهم فحاصرهم ، حتى أنزلهم فأجلاهم .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) يعني : من توكل على الله كفاه الله ما أهمه ، وحفظه من شر الناس وعصمه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28976_29485_19864وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ( 9 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ( 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ( 11 ) )
يَقُولُ تَعَالَى مُذَكِّرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ فِي شَرْعِهِ لَهُمْ هَذَا الدِّينَ الْعَظِيمَ ، وَإِرْسَالِهِ إِلَيْهِمْ هَذَا الرَّسُولَ الْكَرِيمَ ، وَمَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ فِي مُبَايَعَتِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَمُنَاصَرَتِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ ، وَالْقِيَامِ بِدِينِهِ وَإِبْلَاغِهِ عَنْهُ وَقَبُولِهِ مِنْهُ ، فَقَالَ [ تَعَالَى ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )
[ ص: 62 ] وَهَذِهِ هِيَ الْبَيْعَةُ الَّتِي كَانُوا يُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عِنْدَ إِسْلَامِهِمْ ، كَمَا قَالُوا : " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا ، وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ " ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [ الْحَدِيدِ : 8 ] وَقِيلَ : هَذَا تِذْكَارٌ
لِلْيَهُودِ بِمَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ فِي مُتَابَعَةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِانْقِيَادِ لِشَرْعِهِ ، رَوَاهُ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقِيلَ : هُوَ تِذْكَارٌ بِمَا أَخَذَ تَعَالَى مِنَ الْعَهْدِ عَلَى ذُرِّيَّةِ
آدَمَ حِينَ اسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ) [ الْأَعْرَافِ : 172 ] قَالَهُ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ . وَاخْتَارَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7وَاتَّقُوا اللَّهَ ) تَأْكِيدٌ وَتَحْرِيضٌ عَلَى مُوَاظَبَةِ التَّقْوَى فِي كُلِّ حَالٍ .
ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَتَخَالَجُ فِي الضَّمَائِرِ وَالسَّرَائِرِ مِنَ الْأَسْرَارِ وَالْخَوَاطِرِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )
nindex.php?page=treesubj&link=19831وَقَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ ) أَيْ : كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْحَقِّ لِلَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَا لِأَجْلِ النَّاسِ وَالسُّمْعَةِ ، وَكُونُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) أَيْ : بِالْعَدْلِ لَا بِالْجَوْرِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824483عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ : نَحَلَنِي أَبِي نَحْلًا فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَجَاءَهُ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ : " أُكَلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ " قَالَ : لَا . قَالَ : " اتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ " . وَقَالَ : " إِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ " . قَالَ : فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ) أَيْ : لَا يَحْمِلْنَكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ فِيهِمْ ، بَلِ اسْتَعْمِلُوا الْعَدْلَ فِي كُلِّ أَحَدٍ ، صَدِيقًا كَانَ أَوْ عَدُوًّا ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) أَيْ : عَدْلُكُمْ أَقْرَبُ إِلَى التَّقْوَى مِنْ تَرْكِهِ . وَدَلَّ الْفِعْلُ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي عَادَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ ، كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=28وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ) [ النُّورِ : 28 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَيْسَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْهُ شَيْءٌ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ [ تَعَالَى ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ) [ الْفُرْقَانِ : 24 ] وَكَقَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابِيَّاتِ
لِعُمَرَ : أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) أَيْ : وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ أَفْعَالِكُمُ الَّتِي عَمِلْتُمُوهَا ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ ; وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) أَيْ : لِذُنُوبِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=9وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) وَهُوَ : الْجَنَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ رَحْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، لَا يَنَالُونَهَا بِأَعْمَالِهِمْ ، بَلْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ وُصُولِ الرَّحْمَةِ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ، وَهُوَ تَعَالَى
[ ص: 63 ] الَّذِي جَعَلَهَا أَسْبَابًا إِلَى نَيْلِ رَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَعَفْوِهِ وَرِضْوَانِهِ ، فَالْكُلُّ مِنْهُ وَلَهُ ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=10وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) وَهَذَا مِنْ عَدْلِهِ تَعَالَى ، وَحِكْمَتِهِ وَحُكْمِهِ الَّذِي لَا يَجُورُ فِيهِ ، بَلْ هُوَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الْحَكِيمُ الْقَدِيرُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28976_29676يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ) قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرْنَا
مَعْمَرٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ ذَكَرَهُ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
جَابِرٍ ; nindex.php?page=hadith&LINKID=825051أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ مَنْزِلًا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ تَحْتَهَا ، وَعَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِلَاحَهُ بِشَجَرَةٍ ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ فَسَلَّهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ : " اللَّهُ " ! قَالَ الْأَعْرَابِيُّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " اللَّهُ " ! قَالَ : فَشَامَ الْأَعْرَابِيُّ السَّيْفَ ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَ الْأَعْرَابِيِّ ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى جَنْبِهِ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ - وَقَالَ مَعْمَرٌ : وَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ نَحْوَ هَذَا ، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ أَرَادُوا أَنْ يَفْتِكُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا هَذَا الْأَعْرَابِيَّ ، وَتَأَوَّلَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ) الْآيَةَ .
وَقِصَّةُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ - وَهُوَ
غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ - ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحِ .
وَقَالَ
الْعَوْفِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ) وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ
الْيَهُودِ صَنَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَصْحَابِهِ طَعَامًا لِيَقْتُلُوهُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِشَأْنِهِمْ ، فَلَمْ يَأْتِ الطَّعَامُ ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهَ فَلَمْ يَأْتُوهُ رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَقَالَ
أَبُو مَالِكٍ : نَزَلَتْ فِي
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابِهِ ، حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَغْدِرُوا
بِمُحَمَّدٍ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] وَأَصْحَابِهِ فِي دَارِ
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَذَكَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ
بَنِي النَّضِيرِ ، حِينَ أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوا عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّحَى ، لَمَّا جَاءَهُمْ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ الْعَامِرِيِّينِ ، وَوَكَّلُوا
عَمْرَو بْنَ جَحَّاشِ بْنِ كَعْبٍ بِذَلِكَ ، وَأَمَرُوهُ إِنْ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الْجِدَارِ وَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ أَنْ يُلْقِيَ تِلْكَ الرَّحَى مِنْ فَوْقِهِ ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى مَا تَمَالَؤُوا عَلَيْهِ ، فَرَجَعَ إِلَى
الْمَدِينَةِ وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ [ تَعَالَى ] فِي ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ
[ ص: 64 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَيْهِمْ فَحَاصَرَهُمْ ، حَتَّى أَنْزَلَهُمْ فَأَجْلَاهُمْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) يَعْنِي : مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ ، وَحَفِظَهُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ وَعَصَمَهُ .