(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=30531_29029ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ( 11 ) )
يقول تعالى مؤدبا عباده المؤمنين ، وآمرا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ) وقرئ ) في المجلس ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فافسحوا يفسح الله لكم ) وذلك أن الجزاء من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823015من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة " وفي الحديث الآخر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823016ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " ولهذا أشباه كثيرة ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فافسحوا يفسح الله لكم ) .
قال
قتادة : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض .
وقال
مقاتل بن حيان :
أنزلت هذه الآية يوم جمعة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سلموا على القوم بعد ذلك ، فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحملهم على القيام ، فلم يفسح لهم ، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار ، من غير أهل بدر : " قم يا فلان ، وأنت يا فلان " . فلم يزل [ ص: 46 ] يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الكراهة في وجوههم ، فقال المنافقون : ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ؟ والله ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء ، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب لنبيهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه . فبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رحم الله رجلا فسح لأخيه " . فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا ، فتفسح القوم لإخوانهم ، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة . رواه
ابن أبي حاتم .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : حدثنا
سفيان ، عن
أيوب ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823017لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا " .
وأخرجاه في الصحيحين من حديث
نافع به
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخبرنا
عبد المجيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823018لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ولكن ليقل : افسحوا " . على شرط السنن ولم يخرجوه
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الملك بن عمرو ، حدثنا
فليح ، عن
أيوب عن
عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن
يعقوب بن أبي يعقوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823019لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ، ثم يجلس فيه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم "
ورواه أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15972سريج بن يونس ،
ويونس بن محمد المؤدب ، عن
فليح به . ولفظه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823020لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم " تفرد به
أحمد
وقد اختلف الفقهاء في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=18428القيام للوارد إذا جاء على أقوال : فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822504قوموا إلى سيدكم " ومنهم من منع من ذلك محتجا بحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823021من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " ومنهم من فصل فقال : يجوز عند القدوم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ، فإنه لما استقدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - حاكما
[ ص: 47 ] في
بني قريظة فرآه مقبلا قال للمسلمين : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822504قوموا إلى سيدكم " . وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ، والله أعلم . فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار العجم . وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته لذلك
وفي الحديث المروي في السنن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826856أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس حيث انتهى به المجلس ، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس ، وكان الصحابة ، رضي الله عنهم ، يجلسون منه على مراتبهم
فالصديق يجلسه عن يمينه
، وعمر عن يساره ، وبين يديه غالبا
عثمان ،
وعلي ; لأنهما كانا ممن يكتب الوحي ، وكان يأمرهما بذلك ، كما رواه
مسلم من حديث
الأعمش ، عن
عمارة بن عمير ، عن
أبي معمر ، عن
أبي مسعود ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823022ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " وما ذاك إلا ليعقلوا عنه ما يقوله ، صلوات الله وسلامه عليه ; ولهذا أمر أولئك النفر بالقيام ليجلس الذين وردوا من أهل بدر ، إما لتقصير أولئك في حق البدريين ، أو ليأخذ البدريون من العلم بنصيبهم ، كما أخذ أولئك قبلهم ، أو تعليما بتقديم الأفاضل إلى الأمام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
الأعمش ، عن
عمارة بن عمير التيمي عن
أبي معمر ، عن
أبي مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823023كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " . قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافا .
وكذا رواه
مسلم وأهل السنن ، إلا
الترمذي ، من طرق عن
الأعمش به .
وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء ثم العلماء ، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة .
وروى
أبو داود من حديث
معاوية بن صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11861أبي الزاهرية ، عن
كثير بن مرة ، عن
عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823024أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله "
[ ص: 48 ]
ولهذا كان
أبي بن كعب - سيد القراء - إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناء الناس ، ويدخل هو في الصف المقدم ، ويحتج بهذا الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823025ليليني منكم أولو الأحلام والنهى " . وأما
عبد الله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه ، عملا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه . ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلق بهذه الآية ، وإلا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع ، وفي الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826857بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ، أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه "
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عتاب بن زياد ، أخبرنا
عبد الله ، أخبرنا
أسامة بن زيد ، عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن
عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823026لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " .
ورواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12308أسامة بن زيد الليثي به . وحسنه
الترمذي .
وقد روي عن
ابن عباس ،
والحسن البصري ، وغيرهما أنهم قالوا في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا ) يعني : في مجالس الحرب ، قالوا : ومعنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : انهضوا للقتال .
وقال
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا .
وقال
مقاتل بن حيان إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كانوا إذا كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته فأرادوا الانصراف أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجا من عنده ، فربما يشق ذلك عليه - عليه السلام - وقد تكون له الحاجة ، فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=28وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ) [ النور : 28 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : لا تعتقدوا أنه إذا فسح أحد منكم لأخيه إذا أقبل ، أو إذا أمر بالخروج فخرج ، أن يكون ذلك نقصا في حقه ، بل هو رفعة ومزية عند الله ، والله تعالى لا يضيع ذلك له ، بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة ، فإن من تواضع لأمر الله رفع الله قدره ، ونشر ذكره ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )
[ ص: 49 ] أي : خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو كامل ، حدثنا
إبراهيم ، حدثنا
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل عامر بن واثلة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=823027أن نافع بن عبد الحارث لقي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي ؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزى . قال : وما ابن أبزى ؟ فقال : رجل من موالينا . فقال عمر بن الخطاب استخلفت عليهم مولى ؟ . فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، قاض . فقال عمر ، رضي الله عنه : أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال : " إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين "
وهكذا رواه
مسلم من غير وجه ، عن
الزهري به . وقد ذكرت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاة في شرح " كتاب العلم " من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولله الحمد والمنة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=30531_29029يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 11 ) )
يَقُولُ تَعَالَى مُؤَدِّبًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَآمِرًا لَهُمْ أَنْ يُحْسِنَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي الْمَجَالِسِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) وَقُرِئَ ) فِي الْمَجْلِسِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823015مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823016وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ " وَلِهَذَا أَشْبَاهٌ كَثِيرَةٌ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) .
قَالَ
قَتَادَةُ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا رَأَوْا أَحَدَهُمْ مُقْبِلًا ضَنُّوا بِمَجَالِسِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُفْسِحَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ .
وَقَالَ
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ :
أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ فِي الصُّفَّةِ ، وَفِي الْمَكَانِ ضِيقٌ ، وَكَانَ يُكْرِمُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَقَدْ سَبَقُوا إِلَى الْمَجَالِسِ ، فَقَامُوا حِيَالَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَرَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى الْقَوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ ، فَقَامُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَنْتَظِرُونَ أَنْ يُوَسَّعَ لَهُمْ ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْقِيَامِ ، فَلَمْ يُفْسَحْ لَهُمْ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَدْرٍ : " قُمْ يَا فُلَانُ ، وَأَنْتَ يَا فُلَانُ " . فَلَمْ يَزَلْ [ ص: 46 ] يُقِيمُهُمْ بِعِدَّةِ النَّفَرِ الَّذِينَ هُمْ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُقِيمَ مِنْ مَجْلِسِهِ ، وَعَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَرَاهَةَ فِي وُجُوهِهِمْ ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ ؟ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَاهُ قَبْلُ عَدَلَ عَلَى هَؤُلَاءِ ، إِنَّ قَوْمًا أَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ وَأَحَبُّوا الْقُرْبَ لِنَبِيِّهِمْ ، فَأَقَامَهُمْ وَأَجْلَسَ مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ . فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا فَسَّحَ لِأَخِيهِ " . فَجَعَلُوا يَقُومُونَ بَعْدَ ذَلِكَ سِرَاعًا ، فَتَفَسَّحَ الْقَوْمُ لِإِخْوَانِهِمْ ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
أَيُّوبَ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823017لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَيَجْلِسَ فِيهِ ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا " .
وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
نَافِعٍ بِهِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْمَجِيدِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16047سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ . أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823018لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ : افْسَحُوا " . عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا
فُلَيْحٌ ، عَنْ
أَيُّوبَ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ ، عَنْ
يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823019لَا يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ، ثُمَّ يَجْلِسْ فِيهِ ، وَلَكِنِ افْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ "
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15972سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ ،
وَيُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ ، عَنْ
فُلَيْحٍ بِهِ . وَلَفْظُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823020لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ ، وَلَكِنِ افْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ " تَفَرَّدَ بِهِ
أَحْمَدُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=18428الْقِيَامِ لِلْوَارِدِ إِذَا جَاءَ عَلَى أَقْوَالٍ : فَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822504قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ " وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823021مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ : يَجُوزُ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ سَفَرٍ ، وَلِلْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قِصَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَإِنَّهُ لِمَا اسْتَقْدَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاكِمًا
[ ص: 47 ] فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ فَرَآهُ مُقْبِلًا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822504قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ " . وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَكُونَ أَنْفَذَ لِحُكْمِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . فَأَمَّا اتِّخَاذُهُ دَيْدَنًا فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْعَجَمِ . وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَنِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ إِذَا جَاءَ لَا يَقُومُونَ لَهُ ، لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ
وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي السُّنَنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826856أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ ، وَلَكِنْ حَيْثُ يَجْلِسُ يَكُونُ صَدْرُ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، يَجْلِسُونَ مِنْهُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ
فَالصِّدِّيقُ يُجْلِسُهُ عَنْ يَمِينِهِ
، وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ غَالِبًا
عُثْمَانُ ،
وَعَلِيٌّ ; لِأَنَّهُمَا كَانَا مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمَا بِذَلِكَ ، كَمَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ
أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ
أَبِي مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823022لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنْهُ مَا يَقُولُهُ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ; وَلِهَذَا أَمَرَ أُولَئِكَ النَّفَرَ بِالْقِيَامِ لِيَجْلِسَ الَّذِينَ وَرَدُوا مَنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، إِمَّا لِتَقْصِيرِ أُولَئِكَ فِي حَقِّ الْبَدْرِيِّينَ ، أَوْ لِيَأْخُذَ الْبَدْرِيُّونَ مِنَ الْعِلْمِ بِنَصِيبِهِمْ ، كَمَا أَخَذَ أُولَئِكَ قَبْلَهُمْ ، أَوْ تَعْلِيمًا بِتَقْدِيمِ الْأَفَاضِلِ إِلَى الْأَمَامِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ عَنْ
أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ
أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823023كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ : " اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ، لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " . قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا .
وَكَذَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ ، إِلَّا
التِّرْمِذِيَّ ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ
الْأَعْمَشِ بِهِ .
وَإِذَا كَانَ هَذَا أَمْرَهُ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَلِيَهُ الْعُقَلَاءُ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ ، فَبِطْرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11861أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ ، عَنْ
كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823024أَقِيمُوا الصُّفُوفَ ، وحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ ، وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ "
[ ص: 48 ]
وَلِهَذَا كَانَ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ - سَيِّدُ الْقُرَّاءِ - إِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ انْتَزَعَ مِنْهُ رَجُلًا يَكُونُ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ ، وَيَدْخُلُ هُوَ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ، وَيَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823025لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى " . وَأَمَّا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ لَا يَجْلِسُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَقُومُ لَهُ صَاحِبُهُ عَنْهُ ، عَمَلًا بِمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَتِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ . وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْأُنْمُوذَجِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَإِلَّا فَبَسْطُهُ يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=826857بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ، فَأَمَّا أَحَدُهُمْ فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَدَخَلَ فِيهَا ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ وَرَاءَ النَّاسِ ، وَأَدْبَرَ الثَّالِثُ ذَاهِبًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَبَرِ الثَّلَاثَةِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَآوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ "
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا
أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823026لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا " .
وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12308أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ بِهِ . وَحَسَّنَهُ
التِّرْمِذِيُّ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجْلِسِ فَافْسَحُوا ) يَعْنِي : فِي مَجَالِسِ الْحَرْبِ ، قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) أَيِ : انْهَضُوا لِلْقِتَالِ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) أَيْ : إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى خَيْرٍ فَأَجِيبُوا .
وَقَالَ
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَارْتَفِعُوا إِلَيْهَا .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : كَانُوا إِذَا كَانُوا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِهِ فَأَرَادُوا الِانْصِرَافَ أَحَبَّ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ هُوَ آخِرَهُمْ خُرُوجًا مِنْ عِنْدِهِ ، فَرُبَّمَا يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَدْ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ ، فَأُمِرُوا أَنَّهُمْ إِذَا أُمِرُوا بِالِانْصِرَافِ أَنْ يَنْصَرِفُوا ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=28وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ) [ النُّورِ : 28 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) أَيْ : لَا تَعْتَقِدُوا أَنَّهُ إِذَا فَسَحَ أَحَدٌ مِنْكُمْ لِأَخِيهِ إِذَا أَقْبَلَ ، أَوْ إِذَا أُمِرَ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَ ، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي حَقِّهِ ، بَلْ هُوَ رِفْعَةٌ وَمَزِيَّةٌ عِنْدَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ ذَلِكَ لَهُ ، بَلْ يَجْزِيهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَإِنَّ مَنْ تَوَاضَعَ لِأَمْرِ اللَّهِ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَهُ ، وَنَشَرَ ذِكْرَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )
[ ص: 49 ] أَيْ : خَبِيرٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ وَبِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11871أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=823027أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي ؟ قَالَ : اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى . قَالَ : وَمَا ابْنُ أَبْزَى ؟ فَقَالَ : رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا . فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى ؟ . فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ ، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ ، قَاضٍ . فَقَالَ عُمَرُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ قَوْمًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ "
وَهَكَذَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ بِهِ . وَقَدْ ذَكَرْتُ فَضْلَ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ مُسْتَقْصَاةً فِي شَرْحِ " كِتَابِ الْعِلْمِ " مِنْ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .