[ ص: 485 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=32469_32486_28973ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ( 177 ) )
اشتملت هذه الآية الكريمة ، على جمل عظيمة ، وقواعد عميمة ، وعقيدة مستقيمة ، كما قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
عبيد بن هشام الحلبي ، حدثنا
عبيد الله بن عمرو ، عن
عامر بن شفي ، عن
عبد الكريم ، عن
مجاهد ، عن
أبي ذر : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=treesubj&link=28647ما الإيمان ؟ فتلا عليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ليس البر أن تولوا وجوهكم ) إلى آخر الآية . قال : ثم سأله أيضا ، فتلاها عليه ثم سأله . فقال : " إذا عملت حسنة أحبها قلبك ، وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك " .
وهذا منقطع ; فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا لم يدرك
أبا ذر ; فإنه مات قديما .
وقال
المسعودي : حدثنا
القاسم بن عبد الرحمن ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500812جاء رجل إلى أبي ذر ، فقال : ما الإيمان ؟ فقرأ عليه هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ليس البر أن تولوا وجوهكم ) حتى فرغ منها . فقال الرجل : ليس عن البر سألتك . فقال أبو ذر : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألتني عنه ، فقرأ عليه هذه الآية ، فأبى أن يرضى كما أبيت [ أنت ] أن ترضى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشار بيده : " المؤمن إذا عمل حسنة سرته ورجا ثوابها ، وإذا عمل سيئة أحزنته وخاف عقابها " .
رواه
ابن مردويه ، وهذا أيضا منقطع ، والله أعلم .
وأما الكلام على تفسير هذه الآية ، فإن الله تعالى لما أمر المؤمنين أولا بالتوجه إلى
بيت المقدس ، ثم حولهم إلى
الكعبة ، شق ذلك على نفوس طائفة من
أهل الكتاب وبعض المسلمين ، فأنزل الله تعالى بيان حكمته في ذلك ، وهو أن المراد إنما هو طاعة الله عز وجل ، وامتثال أوامره ، والتوجه حيثما وجه ، واتباع ما شرع ، فهذا هو البر والتقوى والإيمان الكامل ، وليس في لزوم التوجه إلى جهة من المشرق إلى المغرب بر ولا طاعة ، إن لم يكن عن أمر الله وشرعه ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ) الآية ، كما قال في الأضاحي والهدايا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) [ الحج : 37 ] .
وقال
العوفي عن
ابن عباس في هذه الآية : ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا . فهذا حين تحول من مكة إلى المدينة ونزلت الفرائض والحدود ، فأمر الله بالفرائض والعمل بها .
[ ص: 486 ]
وروي عن
الضحاك ومقاتل نحو ذلك .
وقال
أبو العالية : كانت اليهود تقبل قبل المغرب ، وكانت النصارى تقبل قبل المشرق ، فقال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ) يقول : هذا كلام الإيمان وحقيقته العمل . وروي عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس مثله .
وقال
مجاهد : ولكن البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله ، عز وجل .
وقال
الضحاك : ولكن البر والتقوى أن تؤدوا الفرائض على وجوهها .
وقال
الثوري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ولكن البر من آمن بالله ) الآية ، قال : هذه أنواع البر كلها . وصدق رحمه الله ; فإن من اتصف بهذه الآية ، فقد دخل في عرى الإسلام كلها ، وأخذ بمجامع الخير كله ، وهو الإيمان بالله ، وهو أنه لا إله إلا هو ، وصدق بوجود الملائكة الذين هم سفرة بين الله ورسله ) والكتاب ) وهو اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء ، حتى ختمت بأشرفها ، وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب ، الذي انتهى إليه كل خير ، واشتمل على كل سعادة في الدنيا والآخرة ، ونسخ [ الله ] به كل ما سواه من الكتب قبله ، وآمن بأنبياء الله كلهم من أولهم إلى خاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وآتى المال على حبه ) أي : أخرجه ، وهو محب له ، راغب فيه . نص على ذلك
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وغيرهما من السلف والخلف ، كما ثبت في الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820407 " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح ، تأمل الغنى ، وتخشى الفقر " .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه ، من حديث
شعبة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، عن
منصور ، عن
زبيد ، عن
مرة ، عن
ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وآتى المال على حبه ) أن تعطيه وأنت صحيح شحيح ، تأمل الغنى وتخشى الفقر " . ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .
قلت : وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
الأعمش ،
وسفيان عن
زبيد ، عن
مرة ، عن
ابن مسعود ، موقوفا ، وهو أصح ، والله أعلم .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) [ الإنسان : 8 ، 9 ] .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) [ آل عمران : 92 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) [ الحشر : 9 ] نمط آخر أرفع من هذا [ ومن هذا ] وهو أنهم آثروا بما هم مضطرون إليه ، وهؤلاء
nindex.php?page=treesubj&link=24476أعطوا وأطعموا ما هم محبون له .
وقوله : (
nindex.php?page=treesubj&link=8444ذوي القربى ) وهم : قرابات الرجل ، وهم أولى من أعطى من الصدقة ، كما ثبت في
[ ص: 487 ] الحديث : " الصدقة على المساكين صدقة ، وعلى ذوي الرحم ثنتان : صدقة وصلة " . فهم أولى الناس بك وببرك وإعطائك . وقد أمر الله تعالى بالإحسان إليهم في غير ما موضع من كتابه العزيز .
(
nindex.php?page=treesubj&link=8452واليتامى ) هم : الذين لا كاسب لهم ، وقد مات آباؤهم وهم ضعفاء صغار دون البلوغ والقدرة على التكسب ، وقد قال
عبد الرزاق : أنبأنا
معمر ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، عن
النزال بن سبرة ، عن
علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820408 " لا يتم بعد حلم " .
(
nindex.php?page=treesubj&link=3140والمساكين ) وهم : الذين لا يجدون ما يكفيهم في قوتهم وكسوتهم وسكناهم ، فيعطون ما تسد به حاجتهم وخلتهم . وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820409 " ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان ، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=3211وابن السبيل ) وهو : المسافر المجتاز الذي قد فرغت نفقته فيعطى ما يوصله إلى بلده ، وكذا الذي يريد سفرا في طاعة ، فيعطى ما يكفيه في ذهابه وإيابه ، ويدخل في ذلك الضيف ، كما قال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس أنه قال : ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين ، وكذا قال
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958وأبو جعفر الباقر ،
والحسن ،
وقتادة ،
والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان .
( والسائلين ) وهم : الذين يتعرضون للطلب فيعطون من الزكوات والصدقات ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وعبد الرحمن ، قالا حدثنا
سفيان ، عن
مصعب بن محمد ، عن
يعلى بن أبي يحيى ، عن
فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها - قال
عبد الرحمن : حسين بن علي - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820410 " nindex.php?page=treesubj&link=24717للسائل حق وإن جاء على فرس " . رواه
أبو داود .
( وفي الرقاب ) وهم : المكاتبون الذين لا يجدون ما يؤدونه في كتابتهم .
وسيأتي الكلام على كثير من هذه الأصناف في آية الصدقات من براءة ، إن شاء الله تعالى . وقد قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا
شريك ، عن
أبي حمزة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824355عن الشعبي ، حدثتني فاطمة بنت قيس : أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=treesubj&link=26727أفي المال حق سوى الزكاة ؟ قالت : فتلا علي ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وآتى المال على حبه ) .
ورواه
ابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس ،
ويحيى بن عبد الحميد ، كلاهما ، عن
شريك ،
[ ص: 488 ] عن
أبي حمزة عن
الشعبي ، عن
فاطمة بنت قيس ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824356 " في المال حق سوى الزكاة " ثم تلا ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وفي الرقاب )
[ وقد أخرجه
ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وضعف
أبا حمزة ميمونا الأعور ، قال : وقد رواه
بيان وإسماعيل بن سالم عن
الشعبي ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وأقام الصلاة وآتى الزكاة ) أي : وأتم أفعال الصلاة في أوقاتها بركوعها ، وسجودها ، وطمأنينتها ، وخشوعها على الوجه الشرعي المرضي .
وقوله : ( وآتى الزكاة ) يحتمل أن يكون المراد به زكاة النفس ، وتخليصها من الأخلاق الدنية الرذيلة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح من زكاها nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] وقول موسى لفرعون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=18هل لك إلى أن تزكى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=19وأهديك إلى ربك فتخشى ) [ النازعات : 18 ، 19 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=6وويل للمشركين nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=7الذين لا يؤتون الزكاة ) [ فصلت : 6 ، 7 ] .
ويحتمل أن يكون المراد زكاة المال كما قاله
سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ، ويكون المذكور من إعطاء هذه الجهات والأصناف المذكورين إنما هو التطوع والبر والصلة ; ولهذا تقدم في الحديث عن
فاطمة بنت قيس : أن في المال حقا سوى الزكاة ، والله أعلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=20134_30945والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ) كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ) [ الرعد : 20 ] وعكس هذه الصفة النفاق ، كما صح في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820411 " nindex.php?page=treesubj&link=30563آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " . وفي الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820412 " إذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر " .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ) أي : في حال الفقر ، وهو البأساء ، وفي حال المرض والأسقام ، وهو الضراء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=32496وحين البأس ) أي : في حال القتال والتقاء الأعداء ، قاله
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17058ومرة الهمداني ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
وأبو مالك ،
والضحاك ، وغيرهم .
وإنما نصب ( والصابرين ) على المدح والحث على الصبر في هذه الأحوال لشدته وصعوبته ، والله أعلم ، وهو المستعان وعليه التكلان .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177أولئك الذين صدقوا ) أي : هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم ; لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال ، فهؤلاء هم الذين صدقوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وأولئك هم المتقون )
[ ص: 489 ] لأنهم اتقوا المحارم وفعلوا الطاعات .
[ ص: 485 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=32469_32486_28973لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ( 177 ) )
اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، عَلَى جُمَلٍ عَظِيمَةٍ ، وَقَوَاعِدَ عَمِيمَةٍ ، وَعَقِيدَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ ، كَمَا قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ ، حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ
عَامِرِ بْنِ شُفَيٍّ ، عَنْ
عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنْ
أَبِي ذَرٍّ : أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28647مَا الْإِيمَانُ ؟ فَتَلَا عَلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . قَالَ : ثُمَّ سَأَلَهُ أَيْضًا ، فَتَلَاهَا عَلَيْهِ ثُمَّ سَأَلَهُ . فَقَالَ : " إِذَا عَمِلْتَ حَسَنَةً أَحَبَّهَا قَلْبُكَ ، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً أَبْغَضَهَا قَلْبُكَ " .
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ; فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدًا لَمْ يُدْرِكْ
أَبَا ذَرٍّ ; فَإِنَّهُ مَاتَ قَدِيمًا .
وَقَالَ
الْمَسْعُودِيُّ : حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500812جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي ذَرٍّ ، فَقَالَ : مَا الْإِيمَانُ ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ) حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا . فَقَالَ الرَّجُلُ : لَيْسَ عَنِ الْبَرِّ سَأَلْتُكَ . فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ ، فَأَبَى أَنْ يَرْضَى كَمَا أَبَيْتَ [ أَنْتَ ] أَنْ تَرْضَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ : " الْمُؤْمِنُ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً سَرَّتْهُ وَرَجَا ثَوَابَهَا ، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً أَحْزَنَتْهُ وَخَافَ عِقَابَهَا " .
رَوَاهُ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا الْكَلَامُ عَلَى تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوَّلًا بِالتَّوَجُّهِ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ حَوَّلَهُمْ إِلَى
الْكَعْبَةِ ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى نُفُوسِ طَائِفَةٍ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانَ حِكْمَتِهِ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَامْتِثَالُ أَوَامِرِهِ ، وَالتَّوَجُّهُ حَيْثُمَا وَجَّهَ ، وَاتِّبَاعُ مَا شَرَعَ ، فَهَذَا هُوَ الْبِرُّ وَالتَّقْوَى وَالْإِيمَانُ الْكَامِلُ ، وَلَيْسَ فِي لُزُومِ التَّوَجُّهِ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ بِرٌّ وَلَا طَاعَةٌ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الْآيَةَ ، كَمَا قَالَ فِي الْأَضَاحِيِّ وَالْهَدَايَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) [ الْحَجِّ : 37 ] .
وَقَالَ
الْعَوْفِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : لَيْسَ الْبَرَّ أَنْ تُصَلُّوا وَلَا تَعْمَلُوا . فَهَذَا حِينَ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَنَزَلَتِ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِالْفَرَائِضِ وَالْعَمَلِ بِهَا .
[ ص: 486 ]
وَرُوِيَ عَنِ
الضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ نَحْوَ ذَلِكَ .
وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : كَانَتِ الْيَهُودُ تُقْبِلُ قِبَلَ الْمَغْرِبِ ، وَكَانَتِ النَّصَارَى تُقْبِلُ قِبَلَ الْمَشْرِقِ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) يَقُولُ : هَذَا كَلَامُ الْإِيمَانِ وَحَقِيقَتُهُ الْعَمَلُ . وَرُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُهُ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَا ثَبَتَ فِي الْقُلُوبِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : وَلَكِنَّ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى أَنْ تُؤَدُّوا الْفَرَائِضَ عَلَى وُجُوهِهَا .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ) الْآيَةَ ، قَالَ : هَذِهِ أَنْوَاعُ الْبِرِّ كُلُّهَا . وَصَدَقَ رَحِمَهُ اللَّهُ ; فَإِنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَدْ دَخَلَ فِي عُرَى الْإِسْلَامِ كُلِّهَا ، وَأَخَذَ بِمَجَامِعِ الْخَيْرِ كُلِّهِ ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَصَدَّقَ بِوُجُودِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ سَفَرَةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ) وَالْكِتَابِ ) وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، حَتَّى خُتِمَتْ بِأَشْرَفِهَا ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْمُهَيْمِنُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ ، الذِي انْتَهَى إِلَيْهِ كُلُّ خَيْرٍ ، وَاشْتَمَلَ عَلَى كُلِّ سَعَادَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَنَسَخَ [ اللَّهُ ] بِهِ كُلَّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْكُتُبِ قَبْلَهُ ، وَآمَنَ بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ كُلِّهِمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى خَاتَمِهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ) أَيْ : أَخْرَجَهُ ، وَهُوَ مُحِبٌّ لَهُ ، رَاغِبٌ فِيهِ . نَصَّ عَلَى ذَلِكَ
ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820407 " أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَأْمُلُ الْغِنَى ، وَتَخْشَى الْفَقْرَ " .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ، مِنْ حَدِيثِ
شُعْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
زُبَيْدٍ ، عَنْ
مُرَّةَ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ) أَنْ تُعْطِيَهُ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ " . ثُمَّ قَالَ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .
قُلْتُ : وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ عَنِ
الْأَعْمَشِ ،
وَسُفْيَانَ عَنْ
زُبَيْدٍ ، عَنْ
مُرَّةَ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، مَوْقُوفًا ، وَهُوَ أَصَحُّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ) [ الْإِنْسَانِ : 8 ، 9 ] .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 92 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) [ الْحَشْرِ : 9 ] نَمَطٌ آخَرُ أَرْفَعُ مِنْ هَذَا [ وَمِنْ هَذَا ] وَهُوَ أَنَّهُمْ آثَرُوا بِمَا هُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَيْهِ ، وَهَؤُلَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=24476أَعْطَوْا وَأَطْعَمُوا مَا هُمْ مُحِبُّونَ لَهُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=treesubj&link=8444ذَوِي الْقُرْبَى ) وَهُمْ : قَرَابَاتُ الرَّجُلِ ، وَهُمْ أَوْلَى مَنْ أَعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي
[ ص: 487 ] الْحَدِيثِ : " الصَّدَقَةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ ، وَعَلَى ذَوِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ : صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ " . فَهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِكَ وَبِبِرِّكَ وَإِعْطَائِكَ . وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=8452وَالْيَتَامَى ) هُمُ : الَّذِينَ لَا كَاسِبَ لَهُمْ ، وَقَدْ مَاتَ آبَاؤُهُمْ وَهُمْ ضُعَفَاءُ صِغَارٌ دُونَ الْبُلُوغِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّكَسُّبِ ، وَقَدْ قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَنْبَأَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820408 " لَا يُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ " .
(
nindex.php?page=treesubj&link=3140وَالْمَسَاكِينَ ) وَهُمُ : الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَكْفِيهِمْ فِي قُوتِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَسُكْنَاهُمْ ، فَيُعْطُونَ مَا تُسَدُّ بِهِ حَاجَتُهُمْ وَخَلَّتُهُمْ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820409 " لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=3211وَابْنَ السَّبِيلِ ) وَهُوَ : الْمُسَافِرُ الْمُجْتَازُ الذِي قَدْ فَرَغَتْ نَفَقَتُهُ فَيُعْطَى مَا يُوصِلُهُ إِلَى بَلَدِهِ ، وَكَذَا الذِي يُرِيدُ سَفَرًا فِي طَاعَةٍ ، فَيُعْطَى مَا يَكْفِيهِ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الضَّيْفُ ، كَمَا قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : ابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الضَّيْفُ الذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ ، وَكَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ .
( وَالسَّائِلِينَ ) وَهُمُ : الَّذِينَ يَتَعَرَّضُونَ لِلطَّلَبِ فَيُعْطَوْنَ مِنَ الزِّكْوَاتِ وَالصَّدَقَاتِ ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَا حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
يَعْلَى بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهَا - قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ : حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820410 " nindex.php?page=treesubj&link=24717لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ " . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ .
( وَفِي الرِّقَابِ ) وَهُمُ : الْمُكَاتَبُونَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُؤَدُّونَهُ فِي كِتَابَتِهِمْ .
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ مِنْ بَرَاءَةٍ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَدْ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، حَدَّثَنَا
شَرِيكٌ ، عَنْ
أَبِي حَمْزَةَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824355عَنِ الشَّعْبِيِّ ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ : أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : nindex.php?page=treesubj&link=26727أَفِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ ؟ قَالَتْ : فَتَلَا عَلِيَّ ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ) .
وَرَوَاهُ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ ،
وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، كِلَاهُمَا ، عَنْ
شَرِيكٍ ،
[ ص: 488 ] عَنْ
أَبِي حَمْزَةَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824356 " فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ " ثُمَّ تَلَا ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَفِي الرِّقَابِ )
[ وَقَدْ أَخْرَجَهُ
ابْنُ مَاجَهْ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَ
أَبَا حَمْزَةَ مَيْمُونًا الْأَعْوَرَ ، قَالَ : وَقَدْ رَوَاهُ
بَيَانٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ
الشَّعْبِيِّ ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) أَيْ : وَأَتَمَّ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا بِرُكُوعِهَا ، وَسُجُودِهَا ، وَطُمَأْنِينَتِهَا ، وَخُشُوعِهَا عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ الْمَرْضِيِّ .
وَقَوْلُهُ : ( وَآتَى الزَّكَاةَ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ زَكَاةَ النَّفْسِ ، وَتَخْلِيصَهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ الدَّنِيَّةِ الرَّذِيلَةِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) [ الشَّمْسِ : 9 ، 10 ] وَقَوْلُ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=18هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=19وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ) [ النَّازِعَاتِ : 18 ، 19 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=6وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=7الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) [ فُصِّلَتْ : 6 ، 7 ] .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ زَكَاةَ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ، وَيَكُونُ الْمَذْكُورُ مِنْ إِعْطَاءِ هَذِهِ الْجِهَاتِ وَالْأَصْنَافِ الْمَذْكُورِينَ إِنَّمَا هُوَ التَّطَوُّعُ وَالْبِرُّ وَالصِّلَةُ ; وَلِهَذَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ : أَنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=20134_30945وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=20الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) [ الرَّعْدِ : 20 ] وَعَكْسُ هَذِهِ الصِّفَةِ النِّفَاقُ ، كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820411 " nindex.php?page=treesubj&link=30563آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820412 " إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ) أَيْ : فِي حَالِ الْفَقْرِ ، وَهُوَ الْبَأْسَاءُ ، وَفِي حَالِ الْمَرَضِ وَالْأَسْقَامِ ، وَهُوَ الضَّرَّاءُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177nindex.php?page=treesubj&link=32496وَحِينَ الْبَأْسِ ) أَيْ : فِي حَالِ الْقِتَالِ وَالْتِقَاءِ الْأَعْدَاءِ ، قَالَهُ
ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17058وَمُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ،
وَأَبُو مَالِكٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ، وَغَيْرُهُمْ .
وَإِنَّمَا نُصِبَ ( وَالصَّابِرِينَ ) عَلَى الْمَدْحِ وَالْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِشِدَّتِهِ وَصُعُوبَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ) أَيْ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّصَفُوا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ هُمُ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي إِيمَانِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ حَقَّقُوا الْإِيمَانَ الْقَلْبِيَّ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ، فَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ صَدَقُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
[ ص: 489 ] لِأَنَّهُمُ اتَّقَوُا الْمَحَارِمَ وَفَعَلُوا الطَّاعَاتِ .