(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=28999_32419_29468الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ( 52 )
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=53وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ( 53 )
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ( 54 )
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ( 55 ) ) .
[ ص: 244 ] يخبر تعالى عن العلماء الأولياء من أهل الكتاب أنهم يؤمنون بالقرآن ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ) [ البقرة : 121 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=199وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله ) [ آل عمران : 199 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=107إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=108ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) [ الإسراء : 107 ، 108 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون . وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ) [ المائدة : 82 ، 83 ] .
قال
سعيد بن جبير : نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم
النجاشي ، فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ عليهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس . والقرآن الحكيم ) حتى ختمها ، فجعلوا يبكون وأسلموا ، ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون . وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) يعني : من قبل هذا القرآن كنا مسلمين ، أي : موحدين مخلصين لله مستجيبين له .
قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ) أي : هؤلاء المتصفون بهذه الصفة الذين آمنوا بالكتاب الأول ثم بالثاني [ يؤتون أجرهم مرتين بإيمانهم بالرسول الأول ثم بالثاني ] ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54بما صبروا ) أي : على اتباع الحق ; فإن تجشم مثل هذا شديد على النفوس . وقد ورد في الصحيحين من حديث
عامر الشعبي ، عن
أبي بردة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822352 " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي ، وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه ، ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها فتزوجها " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17303يحيى بن إسحاق السيلحيني ، حدثنا
ابن لهيعة ، عن
سليمان بن عبد الرحمن ، عن
القاسم ، عن
أبي أمامة قال : إني لتحت راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ، فقال قولا حسنا جميلا وقال فيما قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822353من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين ، وله ما لنا وعليه ما علينا ، [ ومن أسلم من المشركين ، فله أجره ، وله ما لنا وعليه ما علينا ] " .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54ويدرءون بالحسنة السيئة ) أي : لا يقابلون السيئ بمثله ، ولكن يعفون ويصفحون . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54ومما رزقناهم ينفقون ) أي : ومن الذي رزقهم من الحلال ينفقون على خلق الله في النفقات الواجبة لأهلهم وأقاربهم ، والزكاة المفروضة والمستحبة من التطوعات ، وصدقات النفل والقربات .
[ ص: 245 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ) أي : لا يخالطون أهله ولا يعاشرونهم ، بل كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [ الفرقان : 72 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) أي : إذا سفه عليهم سفيه ، وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه ، أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح ، ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب . ولهذا قال عنهم : إنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) أي : لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها .
قال
محمد بن إسحاق في السيرة : ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو
بمكة عشرون رجلا أو قريب من ذلك ، من
النصارى ، حين بلغهم خبره من
الحبشة . فوجدوه في المسجد ، فجلسوا إليه وكلموه وساءلوه - ورجال من
قريش في أنديتهم حول
الكعبة - فلما فرغوا من مساءلة رسول الله عما أرادوا ، دعاهم إلى الله وتلا عليهم القرآن ، فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع ، ثم استجابوا لله وآمنوا به وصدقوه ، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره . فلما قاموا عنه اعترضهم
أبو جهل بن هشام في نفر من
قريش ، فقالوا لهم : خيبكم الله من ركب . بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل ، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال ; ما نعلم ركبا أحمق منكم . أو كما قالوا لهم . فقالوا [ لهم ] سلام عليكم ، لا نجاهلكم ، لنا ما نحن عليه ، ولكم ما أنتم عليه ، لم نأل أنفسنا خيرا .
قال : ويقال : إن النفر
النصارى من أهل
نجران ، فالله أعلم أي ذلك كان .
قال : ويقال - والله أعلم - إن فيهم نزلت هذه الآيات : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لا نبتغي الجاهلين ) .
قال : وقد سألت
الزهري عن هذه الآيات فيمن أنزلن ، قال : ما زلت أسمع من علمائنا أنهن أنزلن في
النجاشي وأصحابه ، رضي الله عنهم ، والآيات التي في سورة المائدة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=83فاكتبنا مع الشاهدين ) [ المائدة : 82 ، 83 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=28999_32419_29468الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ( 52 )
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=53وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ( 53 )
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ( 54 )
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ( 55 ) ) .
[ ص: 244 ] يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْعُلَمَاءِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 121 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=199وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 199 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=107إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=108وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 107 ، 108 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 82 ، 83 ] .
قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : نَزَلَتْ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْقِسِّيسِينَ بَعَثَهُمُ
النَّجَاشِيُّ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ عَلَيْهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس . وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) حَتَّى خَتَمَهَا ، فَجَعَلُوا يَبْكُونَ وَأَسْلَمُوا ، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ الْأُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ . وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) يَعْنِي : مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ كُنَّا مُسْلِمِينَ ، أَيْ : مُوَحِّدِينَ مُخْلِصِينَ لِلَّهِ مُسْتَجِيبِينَ لَهُ .
قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ) أَيْ : هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي [ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِإِيمَانِهِمْ بِالرَّسُولِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي ] ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54بِمَا صَبَرُوا ) أَيْ : عَلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ ; فَإِنَّ تَجَشُّمَ مِثْلِ هَذَا شَدِيدٌ عَلَى النُّفُوسِ . وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822352 " ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ ثُمَّ آمَنَ بِي ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17303يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ
الْقَاسِمِ ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : إِنِّي لَتَحْتَ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَقَالَ قَوْلًا حَسَنًا جَمِيلًا وَقَالَ فِيمَا قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822353مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا ، [ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَهُ أَجْرُهُ ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا ] " .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةِ ) أَيْ : لَا يُقَابِلُونَ السَّيِّئَ بِمِثْلِهِ ، وَلَكِنْ يَعْفُونَ وَيَصْفَحُونَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=54وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) أَيْ : وَمِنَ الَّذِي رَزَقَهُمْ مِنَ الْحَلَالِ يُنْفِقُونَ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ فِي النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ لِأَهْلِهِمْ وَأَقَارِبِهِمْ ، وَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ مِنَ التَّطَوُّعَاتِ ، وَصَدَقَاتِ النَّفْلِ وَالْقُرُبَاتِ .
[ ص: 245 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) أَيْ : لَا يُخَالِطُونَ أَهْلَهُ وَلَا يُعَاشِرُونَهُمْ ، بَلْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) [ الْفُرْقَانِ : 72 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) أَيْ : إِذَا سَفَّهَ عَلَيْهِمْ سَفِيهٌ ، وَكَلَّمَهُمْ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِمُ الْجَوَابُ عَنْهُ ، أَعْرَضُوا عَنْهُ وَلَمْ يُقَابِلُوهُ بِمِثْلِهِ مِنَ الْكَلَامِ الْقَبِيحِ ، وَلَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ إِلَّا كَلَامٌ طَيِّبٌ . وَلِهَذَا قَالَ عَنْهُمْ : إِنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) أَيْ : لَا نُرِيدُ طَرِيقَ الْجَاهِلِينَ وَلَا نُحِبُّهَا .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ : ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ
بِمَكَّةَ عِشْرُونَ رَجُلًا أَوْ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ ، مِنَ
النَّصَارَى ، حِينَ بَلَغَهُمْ خَبَرُهُ مِنَ
الْحَبَشَةِ . فَوَجَدُوهُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَجَلَسُوا إِلَيْهِ وَكَلَّمُوهُ وَسَاءَلُوهُ - وَرِجَالٌ مِنْ
قُرَيْشٍ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ
الْكَعْبَةِ - فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ مُسَاءَلَةِ رَسُولِ اللَّهِ عَمَّا أَرَادُوا ، دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ فَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ ، ثُمَّ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ ، وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا كَانَ يُوصَفُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِمْ مِنْ أَمْرِهِ . فَلَمَّا قَامُوا عَنْهُ اعْتَرَضَهُمْ
أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِي نَفَرٍ مِنْ
قُرَيْشٍ ، فَقَالُوا لَهُمْ : خَيَّبَكُمُ اللَّهُ مِنْ رَكْبٍ . بَعَثَكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ تَرْتَادُونَ لَهُمْ لِتَأْتُوهُمْ بِخَبَرِ الرَّجُلِ ، فَلَمْ تَطْمَئِنَّ مَجَالِسُكُمْ عِنْدَهُ حَتَّى فَارَقْتُمْ دِينَكُمْ وَصَدَّقْتُمُوهُ فِيمَا قَالَ ; مَا نَعْلَمُ رَكْبًا أَحْمَقَ مِنْكُمْ . أَوْ كَمَا قَالُوا لَهُمْ . فَقَالُوا [ لَهُمْ ] سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ، لَا نُجَاهِلُكُمْ ، لَنَا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، وَلَكُمْ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ، لَمْ نَأْلُ أَنْفُسَنَا خَيْرًا .
قَالَ : وَيُقَالُ : إِنَّ النَّفَرَ
النَّصَارَى مِنْ أَهْلِ
نَجْرَانَ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ .
قَالَ : وَيُقَالُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=52الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) .
قَالَ : وَقَدْ سَأَلْتُ
الزُّهْرِيَّ عَنْ هَذِهِ الْآيَاتِ فِيمَنْ أُنْزِلْنَ ، قَالَ : مَا زِلْتُ أَسْمَعُ مِنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُنَّ أُنْزِلْنَ فِي
النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَالْآيَاتُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=83فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 82 ، 83 ]